بسم الله الرحمن الرحيم
روي إن هارون الرشيد أنفذ إلى موسى بن جعفر جارية حصيفة لها جمال ووضاءة ، لتخدمه في السجن ، فقال ( عليه السلام ) : قل له : بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ، لا حاجة لي في هذه ولا في أمثالها ! قال : فاستطار هارون غضباً وقال : إرجع إليه وقل له : ليس برضاك حبسناك ، ولا برضاك أخدمناك ، واترك الجارية عنده وانصرف !
قال فمضى ورجع ، ثم قام هارون عن مجلسه . وأنفذ الخادم إليه ليتفحص عن حالها فرآها ساجدة لربها لا ترفع رأسها تقول : قدوس سبحانك سبحانك ، فقال هارون : سحرها والله موسى بن جعفر بسحره ، عليَّ بها ! فأتيَ بها وهي ترتعد شاخصة نحو السماء بصرها ، فقال : ما شأنك ؟ قالت : شأني الشأن البديع إني كنت عنده واقفة وهو قائم يصلي ليله ونهاره ، فلما انصرف من صلاته بوجهه وهو يسبح الله ويقدسه قلت : يا سيدي هل لك حاجة أعطيكها ؟ قال : وما حاجتي إليك ! قلت : إني أدخلت عليك لحوائجك ، قال : فما بال هؤلاء قالت : فالتفتُّ فإذا روضةٌ مزهرة لا أبلغ آخرها من أولها بنظري ، ولا أولها من آخرها ، فيها مجالس مفروشة بالوشي والديباج ، وعليها وصفاء ووصايف ، لم أر مثل
وجوههم حسناً ، ولا مثل لباسهم لباساً ، عليهم الحرير الأخضر والأكاليل والدر والياقوت ، وفي أيديهم الأباريق والمناديل ، ومن كل الطعام ، فخررت ساجدة حتى أقامني هذا الخادم ، فرأيت نفسي حيث كنت !
قال فقال هارون : يا خبيثة لعلك سجدت فنمت ، فرأيت هذا في منامك !
قالت : لا والله يا سيدي إلا قبل سجودي رأيت ، فسجدت من أجل ذلك !
فقال الرشيد : إقبض هذه الخبيثة إليك ، فلا يسمع هذا منها أحد !
فأقبلت في الصلاة ، فإذا قيل لها في ذلك قالت : هكذا رأيت العبد الصالح ، فسئلت عن قولها ؟ قالت : إني لما عاينت من الأمر نادتني الجواري يا فلانة إبعدي عن العبد الصالح حتى ندخل عليه ، فنحن له دونك !
فما زالت كذلك حتى ماتت ! وذلك قبل موت موسى ( عليه السلام ) بأيام يسيرة » !
-----------------------
مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٣ - الصفحة ٤١٦
روي إن هارون الرشيد أنفذ إلى موسى بن جعفر جارية حصيفة لها جمال ووضاءة ، لتخدمه في السجن ، فقال ( عليه السلام ) : قل له : بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ، لا حاجة لي في هذه ولا في أمثالها ! قال : فاستطار هارون غضباً وقال : إرجع إليه وقل له : ليس برضاك حبسناك ، ولا برضاك أخدمناك ، واترك الجارية عنده وانصرف !
قال فمضى ورجع ، ثم قام هارون عن مجلسه . وأنفذ الخادم إليه ليتفحص عن حالها فرآها ساجدة لربها لا ترفع رأسها تقول : قدوس سبحانك سبحانك ، فقال هارون : سحرها والله موسى بن جعفر بسحره ، عليَّ بها ! فأتيَ بها وهي ترتعد شاخصة نحو السماء بصرها ، فقال : ما شأنك ؟ قالت : شأني الشأن البديع إني كنت عنده واقفة وهو قائم يصلي ليله ونهاره ، فلما انصرف من صلاته بوجهه وهو يسبح الله ويقدسه قلت : يا سيدي هل لك حاجة أعطيكها ؟ قال : وما حاجتي إليك ! قلت : إني أدخلت عليك لحوائجك ، قال : فما بال هؤلاء قالت : فالتفتُّ فإذا روضةٌ مزهرة لا أبلغ آخرها من أولها بنظري ، ولا أولها من آخرها ، فيها مجالس مفروشة بالوشي والديباج ، وعليها وصفاء ووصايف ، لم أر مثل
وجوههم حسناً ، ولا مثل لباسهم لباساً ، عليهم الحرير الأخضر والأكاليل والدر والياقوت ، وفي أيديهم الأباريق والمناديل ، ومن كل الطعام ، فخررت ساجدة حتى أقامني هذا الخادم ، فرأيت نفسي حيث كنت !
قال فقال هارون : يا خبيثة لعلك سجدت فنمت ، فرأيت هذا في منامك !
قالت : لا والله يا سيدي إلا قبل سجودي رأيت ، فسجدت من أجل ذلك !
فقال الرشيد : إقبض هذه الخبيثة إليك ، فلا يسمع هذا منها أحد !
فأقبلت في الصلاة ، فإذا قيل لها في ذلك قالت : هكذا رأيت العبد الصالح ، فسئلت عن قولها ؟ قالت : إني لما عاينت من الأمر نادتني الجواري يا فلانة إبعدي عن العبد الصالح حتى ندخل عليه ، فنحن له دونك !
فما زالت كذلك حتى ماتت ! وذلك قبل موت موسى ( عليه السلام ) بأيام يسيرة » !
-----------------------
مناقب آل أبي طالب - ابن شهر آشوب - ج ٣ - الصفحة ٤١٦
تعليق