بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
شاع التهريج حديثاً حول موضوع تسمية الأئمة (عليهم السلام) بأسماء أبي بكرٍ وعُمر وعثمان وغيرهم ، وصار يأخذ مساحات واسعة على شبكات الإنترنت والفضائيات ويُسْتَغَلُ استغلالاً سيئاً بتصور أنّ إثارة هكذا شبهات تربك الشيعي وتؤثر على عقيدته سلباً وتبرئ أفعال المجرمين بحجة ذكر اسمائهم ! ومن ثم هل تلك الأسماء سترجع الميراث المنهوب من النبي وعترته (صلّى الله عليهم وسلّم) ؟ أم سترجع آلاف القتلى والصرعى من قِبل عائشة في حرب الجمل ؟ أم ستخرج السم من جوف الإمام الحسن ؟ أم سترجع المحسن جنين بنت النبي الذي قتله هؤلاء ؟ أم أنّها ستجبر كسر ضلع فاطمة الزهراء ؟ أم أنّها ستمحو السقيفة ومؤامرتها العظيمة ؟ أم أنّها ستمحي البدع والسُّنن المكذوبة على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ؟ يكفي قول الصحاح ماتت فاطمة الزهراء (عليها الصلاة والسلام) وهي واجدةٌ أو غاضبة على أبي بكرٍ وعُمَر ، ولم ترض بأن يصلي عليها أبو بكر أو عائشة ، أو حتى أن تدخل لترى جنازتها .
ومع ذلك نجيبهم :-
انّ تسمية أيّ إنسان قائمة على أحد الأمرين :-
الأمر الأول :
التسمية من أجل حبِّ الشخص المتسمّى به ، فيحبّ أن يبقي ذكره بتسمية ابنه به ، كما في تسمية الشيعة أولادهم باسم : محمّد ، علي ، فاطمة ، زينب ، حسن ، حسين ، مهدي ، عباس ، مرتضى ... ، حيث أنّ النصّ ورد في استحباب التسمية بتلك الأسماء ، فضلاً عن الأجر والثواب عند الله في كُل من تسمّى بتلك الأسماء وأراد إحياء أمر أهل البيت (عليهم السلام) ، خصوصاً أنّ المرء يُحشر مع من أحبَّ .
الأمر الثاني :
التسمية من أجل حُبِّ الاسم ومعناه لا شخصه المتسمّى به ، فتسمية الشيعة أولادهم باسم خالد أو سعد - مع أنّ موقفهم معروف من خالد بن الوليد وسعد بن أبي وقّاص - لا يعني ذلك حبّهم لتلك الشخصيات بل لميلهم لتلك الأسماء ومعانيها . ومن جملة أصحاب الأئمّة (عليهم السلام) الثقات : أبو بكر الحضرمي ، عمر بن أذينة ، عمر بن أبي شعبة الحلبي ، عمر بن أبي زياد ، عمر بن أبان الكلبي ، عمر بن يزيد بياع السابري ، عثمان بن سعيد العَمري . فالأئمّة (عليهم السلام) أسمى من أن يتأثّروا بالهوى ويؤطّروا مواقفهم بأُطُر ضيقة ، فهم لا يسقطون خلافاتهم الجوهريّة على الأسماء الظاهريّة ، ولم يحاربوا الأشخاص على الهوية كما فعل معاوية ومروان وعبدالملك بن مروان والحجاج مع محبّي الإمام علي (عليه السلام) وقتل من تسمّى به أو قطع لسانه أو حذف اسمه من الديوان ! فعلى المؤمن أن يتبرأ من الأعمال لا الأسماء .
فلا توجد مشكلة ما دام أهل البيت (عليهم السلام) يعملون وفق الأمر الثاني وهو حبّهم لمعاني تلك الأسماء الواردة وليس حُبّاً في أشخاصها على فرض صحّة تلك الروايات الواردة بخصوص هذا الأمر . كما أَنّهُ لا يوجد دليل أو رواية حبذت ونصحت على تسمية المولود بأبي بكرٍ أو عُمَرٍ أو عثمان ؛ حتّى نلتزم بأنّ التسمية كانت من أجل حُبِّ تلك الشخصيات المخصوصة . فالاسماء العربية متداولة في ذلك المجتمع وليس هناك عثمان واحد فقط لا غير حتى اذا سمّى احدهم ابنه عثمان يقول الناس إنّما سماه على هذا عثمان الفريد ! بل هناك كثير من اسمهم عثمان وليس عثمان بن عفان هو العثمان الوحيد . وهكذا بالنسبة لبقية الأسماء فهي اسماء عربية متداولة قد يكون اشخاصها صالحين وقد يكونوا طالحين . قَالَ تَعَالَى : ﴿يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا﴾ - [سُّورَةُ مَرْيَمْ : 7.] ، فأصحاب هذه الأسماء ليست ربّانيّة حتى يسميها الله باختياره أو لا يجعل أحدٌ يتسمّى بها قبل مجيء أبو بكر وعُمَر وعثمان وغيرهم !
فمن أين للمدّعي أن يثبت أنّ أمير المؤمنين علي (عليه الصلاة والسلام) قد سمّى ولده أبا بكر حبّاً لأبي بكر ؟ وسمّى ابنه عمر حبّاً لعمر ؟ وسمّى ابنه عثمان حبّاً لعثمان ؟ فلا يوجد أيّ دليل على أنّ التسمية كانت بالترتيب ليوافق ترتيب الخلفاء بالتدرج لو سلمنا جدلاً أنّ اسم محمّد الأصغر بن أمير المؤمنين علي (عليه الصلاة والسلام) هو أبو بكر ، لا أنّ هذا كنيته ! فأنّ "أبا بكر" هي كنية وليست اسم علم ، ولا يجوز تسمية المولود بالكُنية ! وكانت شائعة لدى العرب على مستوى الأفراد واسماء القبائل ، وقد اختُلِفَ في اسم أبي بكرٍ الحقيقي فقالوا عبد الكعبة وقِيلَ إنّ أهله سمّوه عبد الله ويُقال له عتيق أيضاً . فأبو بكر كنية وليس اسم ولايسمي الوالد ابنه بكنية بل بأسم , فإذا كنّاه الناس بأبي بكر فهذا شأنهم وليس هذا اسمه .
فهل كان هناك من أولاد الإمام علي وسائر الأئمة (عليهم السلام) من اسمه عتيق ؟ لا يوجد طبعاً ! وهل يوجد دليل على أنّ تسمية علي (عليه الصلاة والسلام) أبناءه باسم أبي بكر وعُمَر وكذلك بقية الأئمة (عليهم السلام) كان لتعظيم شأن أبي بكر وعمر ؟ مع أنّ التاريخ ينقل وجود أفراد كانوا بنفس أسمائهما ، فقد نقل ابن الأثير في أُسد الغابة : (أنّ هناك ثلاثة وعشرين صحابياً باسم عمر ، سوى عمر بن الخطّاب ، ومنهم : عمر بن أبي سلمة القرشي) . وقد ذكر ابن الأثير في ترجمته (أُسد الغابة 4 / 79) : (ربيب رسول الله ، لأنّ أُمّه أُمّ سلمة زوج النبيّ ، وشهد مع علي الجمل ، واستعمله على البحرين وعلى فارس) .
فلماذا لا يكون المقصود عمر بن أبي سلمة القرشي بدلاً من عمر بن الخطاب ؟ بل وسائر تلك الأسماء المُسماة بِعُمر ؟ وهل هناك دليل على أنّ عمر بن الخطّاب هو المقصود ؟ كما أنَّ ابن الأثير نقل في باب الكنى عن الحافظ أبي مسعود : (أنّ هناك صحابياً آخر اسمه أبو بكر) . ثمّ أنّ أبا الفرج الأصفهاني نقل في (مقاتل الطالبيين : ص55.) وكما ورد زيارة الناحية المقدسة أيضاً : أنّ أمير المؤمنين علي (عليه الصلاة والسلام) قال في ابنه عثمان : "إنّما سمّيته باسم أخي عثمان بن مظعون" . وهذا والله تصريحٌ قويٌّ يُبين أنّ التسمية لم تكن لأجل عثمان بن عفّان ! وعثمان بن مظعون أحد كبار زهاد وتقاة الصحابة الذي توفّى في حياة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ودُفِنَ في البقيع ، ومن خلال هذا يتضح أنّ الإمام علي (عليه الصلاة والسلام) أراد أن يُذكر الأجيال التي ستأتي أن تلك التسميات لابدَّ أن تكون للصالحين من الحاملين لتلك الأسماء لا المنافقين والفاسقين والمرتدين والمنقلبين على أعقابهم ! فيعمّ ذلك جميع اسماء أبي بكرٍ وعُمَر وغيرهم .
ومن ثمَّ أنّ القاصي والداني يعلم جيداً بالمصائب والمشاكل التي مرّ بها النبي محمد وعترته (صلّى الله عليهم وسلّم) ! فمن دولة الانقلاب على الأعقاب إلى دولة الأمويين ومن تلك الدولة الظالمة إلى دولة العباسيين الأشد عتواً وجُرماً على أهل بيت النُّبوة ! فمن دولةٍ إلى دولةٍ وأهل البيت (عليه السلام) مشردين مقتولين مسموين يشكون قلّة عدد الناصر والمُعين ! فلقد حصلت تحريفات كثيرة جداً في الروايات السنية والشيعية , ومن التحريفات وتصحيفات الحكّام والمؤرّخين هو ما حصل مع أحد وُلدِ المعصومين (عليهم السلام) اسمه (عَمْرْ ، بفتح العين وسكون الميم والراء) ، فحرفوها العباسيين باسم (عُمر ، بضم العين) ! وهنالك مصادر تروي أنّ تسمية أهل البيت (عليه السلام) لابنائهم باسماء مثل هذه لم تكن منهم بل كانت من قِبل الدولة العباسية عن طريق أُمهات الأولاد والأجداد الأميين أو أحد الخلفاء والحكام ، قد وضعوا تلك الأسماء عليهم قصراً والإمام أقرّها لسبب وآخر ! أو أنّها كانت كُنى لأولاد الأئمة (عليهم السلام) ثمّ حُرفت إلى أسماء لهم من قبل المؤرخين والنسّابين كما هو في ما قالوه من وجود اسم «أبي بكر» بين ولد الإمام علي (عليه الصلاة والسلام) وهو أمر لا صحّة له ! إنما هو كنية لمن سمّي بمحمد أو عبد الله من أولاد علي بن أبي طالب وليلى النهشلية ، فأبدلوا الإسم بالكنية فقالوا : "أبو بكر بن علي" !
وليس هذا الأمر فقط ! بل كان أعداء أهل البيت (عليهم السلام) يسبون ويلعنون أمير المؤمنين علي (عليه الصلاة والسلام) وسائر أهل بيته على المنابر في كل مسجدٍ من مساجد المسلمين وسائر القرى والمدن ! فدامت تلك البدعة ثمانين سنة ، حتى كان خطيبهم إذا نزل للصلاة قبل أن يلعن علي بن أبي طالب صاح به من في المسجد : (تركت السنة .. تركت السنة) . وقد حصل ذلك في دولة الأمويين ! وبعد سقوط الدولة الأموية ، جاء العباسيون فنكلوا بدورهم بأئمة أهل البيت وشيعتهم إلى أن جاء دور الخليفة جعفر بن المعتصم الملقب بالمتوكل الذي كان متمذهباً بمذهب الشافعي ، فكان من أشد الناس عداوة لعلي وأولاده (عليهم السلام) ! ووصل به البغض والحقد إلى نبش قبر الحسين (عليه السلام) في كربلاء ومنع الناس من زيارته ! وكان لا يعطي عطاءً ولا يبذل مالاً إلّا لمن شتم علياً وولده . حتى بلغ حقد المتوكل ونصبه أن أمر بقتل كل مولود يسميه أبواه باسم علي (عليه السلام) ؛ لأنه أبغض الأسماء إليه ! حتى أنّ علي بن الجهم الشاعر لمّا تقابل مع المتوكل قال له : يا أمير المؤمنين ، إن أهلي عقوني ! قال المتوكل : لماذا ؟ قال : لأنّهم سموني عليّاً وأنا أكره هذا الاسم وأكره من يتسمى به .! فضحك المتوكل وأمر له بجائزة . وكان المتوكل يُقيم في مجلسه رجلاً يتشبّه بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فيضحك الناس عليه ويقولون : قد أقبل الأصلع البطين , فيسخر منه أهل المجلس ويتسلّى بذلك الخليفة !
شاع التهريج حديثاً حول موضوع تسمية الأئمة (عليهم السلام) بأسماء أبي بكرٍ وعُمر وعثمان وغيرهم ، وصار يأخذ مساحات واسعة على شبكات الإنترنت والفضائيات ويُسْتَغَلُ استغلالاً سيئاً بتصور أنّ إثارة هكذا شبهات تربك الشيعي وتؤثر على عقيدته سلباً وتبرئ أفعال المجرمين بحجة ذكر اسمائهم ! ومن ثم هل تلك الأسماء سترجع الميراث المنهوب من النبي وعترته (صلّى الله عليهم وسلّم) ؟ أم سترجع آلاف القتلى والصرعى من قِبل عائشة في حرب الجمل ؟ أم ستخرج السم من جوف الإمام الحسن ؟ أم سترجع المحسن جنين بنت النبي الذي قتله هؤلاء ؟ أم أنّها ستجبر كسر ضلع فاطمة الزهراء ؟ أم أنّها ستمحو السقيفة ومؤامرتها العظيمة ؟ أم أنّها ستمحي البدع والسُّنن المكذوبة على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ؟ يكفي قول الصحاح ماتت فاطمة الزهراء (عليها الصلاة والسلام) وهي واجدةٌ أو غاضبة على أبي بكرٍ وعُمَر ، ولم ترض بأن يصلي عليها أبو بكر أو عائشة ، أو حتى أن تدخل لترى جنازتها .
ومع ذلك نجيبهم :-
انّ تسمية أيّ إنسان قائمة على أحد الأمرين :-
الأمر الأول :
التسمية من أجل حبِّ الشخص المتسمّى به ، فيحبّ أن يبقي ذكره بتسمية ابنه به ، كما في تسمية الشيعة أولادهم باسم : محمّد ، علي ، فاطمة ، زينب ، حسن ، حسين ، مهدي ، عباس ، مرتضى ... ، حيث أنّ النصّ ورد في استحباب التسمية بتلك الأسماء ، فضلاً عن الأجر والثواب عند الله في كُل من تسمّى بتلك الأسماء وأراد إحياء أمر أهل البيت (عليهم السلام) ، خصوصاً أنّ المرء يُحشر مع من أحبَّ .
الأمر الثاني :
التسمية من أجل حُبِّ الاسم ومعناه لا شخصه المتسمّى به ، فتسمية الشيعة أولادهم باسم خالد أو سعد - مع أنّ موقفهم معروف من خالد بن الوليد وسعد بن أبي وقّاص - لا يعني ذلك حبّهم لتلك الشخصيات بل لميلهم لتلك الأسماء ومعانيها . ومن جملة أصحاب الأئمّة (عليهم السلام) الثقات : أبو بكر الحضرمي ، عمر بن أذينة ، عمر بن أبي شعبة الحلبي ، عمر بن أبي زياد ، عمر بن أبان الكلبي ، عمر بن يزيد بياع السابري ، عثمان بن سعيد العَمري . فالأئمّة (عليهم السلام) أسمى من أن يتأثّروا بالهوى ويؤطّروا مواقفهم بأُطُر ضيقة ، فهم لا يسقطون خلافاتهم الجوهريّة على الأسماء الظاهريّة ، ولم يحاربوا الأشخاص على الهوية كما فعل معاوية ومروان وعبدالملك بن مروان والحجاج مع محبّي الإمام علي (عليه السلام) وقتل من تسمّى به أو قطع لسانه أو حذف اسمه من الديوان ! فعلى المؤمن أن يتبرأ من الأعمال لا الأسماء .
فلا توجد مشكلة ما دام أهل البيت (عليهم السلام) يعملون وفق الأمر الثاني وهو حبّهم لمعاني تلك الأسماء الواردة وليس حُبّاً في أشخاصها على فرض صحّة تلك الروايات الواردة بخصوص هذا الأمر . كما أَنّهُ لا يوجد دليل أو رواية حبذت ونصحت على تسمية المولود بأبي بكرٍ أو عُمَرٍ أو عثمان ؛ حتّى نلتزم بأنّ التسمية كانت من أجل حُبِّ تلك الشخصيات المخصوصة . فالاسماء العربية متداولة في ذلك المجتمع وليس هناك عثمان واحد فقط لا غير حتى اذا سمّى احدهم ابنه عثمان يقول الناس إنّما سماه على هذا عثمان الفريد ! بل هناك كثير من اسمهم عثمان وليس عثمان بن عفان هو العثمان الوحيد . وهكذا بالنسبة لبقية الأسماء فهي اسماء عربية متداولة قد يكون اشخاصها صالحين وقد يكونوا طالحين . قَالَ تَعَالَى : ﴿يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا﴾ - [سُّورَةُ مَرْيَمْ : 7.] ، فأصحاب هذه الأسماء ليست ربّانيّة حتى يسميها الله باختياره أو لا يجعل أحدٌ يتسمّى بها قبل مجيء أبو بكر وعُمَر وعثمان وغيرهم !
فمن أين للمدّعي أن يثبت أنّ أمير المؤمنين علي (عليه الصلاة والسلام) قد سمّى ولده أبا بكر حبّاً لأبي بكر ؟ وسمّى ابنه عمر حبّاً لعمر ؟ وسمّى ابنه عثمان حبّاً لعثمان ؟ فلا يوجد أيّ دليل على أنّ التسمية كانت بالترتيب ليوافق ترتيب الخلفاء بالتدرج لو سلمنا جدلاً أنّ اسم محمّد الأصغر بن أمير المؤمنين علي (عليه الصلاة والسلام) هو أبو بكر ، لا أنّ هذا كنيته ! فأنّ "أبا بكر" هي كنية وليست اسم علم ، ولا يجوز تسمية المولود بالكُنية ! وكانت شائعة لدى العرب على مستوى الأفراد واسماء القبائل ، وقد اختُلِفَ في اسم أبي بكرٍ الحقيقي فقالوا عبد الكعبة وقِيلَ إنّ أهله سمّوه عبد الله ويُقال له عتيق أيضاً . فأبو بكر كنية وليس اسم ولايسمي الوالد ابنه بكنية بل بأسم , فإذا كنّاه الناس بأبي بكر فهذا شأنهم وليس هذا اسمه .
فهل كان هناك من أولاد الإمام علي وسائر الأئمة (عليهم السلام) من اسمه عتيق ؟ لا يوجد طبعاً ! وهل يوجد دليل على أنّ تسمية علي (عليه الصلاة والسلام) أبناءه باسم أبي بكر وعُمَر وكذلك بقية الأئمة (عليهم السلام) كان لتعظيم شأن أبي بكر وعمر ؟ مع أنّ التاريخ ينقل وجود أفراد كانوا بنفس أسمائهما ، فقد نقل ابن الأثير في أُسد الغابة : (أنّ هناك ثلاثة وعشرين صحابياً باسم عمر ، سوى عمر بن الخطّاب ، ومنهم : عمر بن أبي سلمة القرشي) . وقد ذكر ابن الأثير في ترجمته (أُسد الغابة 4 / 79) : (ربيب رسول الله ، لأنّ أُمّه أُمّ سلمة زوج النبيّ ، وشهد مع علي الجمل ، واستعمله على البحرين وعلى فارس) .
فلماذا لا يكون المقصود عمر بن أبي سلمة القرشي بدلاً من عمر بن الخطاب ؟ بل وسائر تلك الأسماء المُسماة بِعُمر ؟ وهل هناك دليل على أنّ عمر بن الخطّاب هو المقصود ؟ كما أنَّ ابن الأثير نقل في باب الكنى عن الحافظ أبي مسعود : (أنّ هناك صحابياً آخر اسمه أبو بكر) . ثمّ أنّ أبا الفرج الأصفهاني نقل في (مقاتل الطالبيين : ص55.) وكما ورد زيارة الناحية المقدسة أيضاً : أنّ أمير المؤمنين علي (عليه الصلاة والسلام) قال في ابنه عثمان : "إنّما سمّيته باسم أخي عثمان بن مظعون" . وهذا والله تصريحٌ قويٌّ يُبين أنّ التسمية لم تكن لأجل عثمان بن عفّان ! وعثمان بن مظعون أحد كبار زهاد وتقاة الصحابة الذي توفّى في حياة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ودُفِنَ في البقيع ، ومن خلال هذا يتضح أنّ الإمام علي (عليه الصلاة والسلام) أراد أن يُذكر الأجيال التي ستأتي أن تلك التسميات لابدَّ أن تكون للصالحين من الحاملين لتلك الأسماء لا المنافقين والفاسقين والمرتدين والمنقلبين على أعقابهم ! فيعمّ ذلك جميع اسماء أبي بكرٍ وعُمَر وغيرهم .
ومن ثمَّ أنّ القاصي والداني يعلم جيداً بالمصائب والمشاكل التي مرّ بها النبي محمد وعترته (صلّى الله عليهم وسلّم) ! فمن دولة الانقلاب على الأعقاب إلى دولة الأمويين ومن تلك الدولة الظالمة إلى دولة العباسيين الأشد عتواً وجُرماً على أهل بيت النُّبوة ! فمن دولةٍ إلى دولةٍ وأهل البيت (عليه السلام) مشردين مقتولين مسموين يشكون قلّة عدد الناصر والمُعين ! فلقد حصلت تحريفات كثيرة جداً في الروايات السنية والشيعية , ومن التحريفات وتصحيفات الحكّام والمؤرّخين هو ما حصل مع أحد وُلدِ المعصومين (عليهم السلام) اسمه (عَمْرْ ، بفتح العين وسكون الميم والراء) ، فحرفوها العباسيين باسم (عُمر ، بضم العين) ! وهنالك مصادر تروي أنّ تسمية أهل البيت (عليه السلام) لابنائهم باسماء مثل هذه لم تكن منهم بل كانت من قِبل الدولة العباسية عن طريق أُمهات الأولاد والأجداد الأميين أو أحد الخلفاء والحكام ، قد وضعوا تلك الأسماء عليهم قصراً والإمام أقرّها لسبب وآخر ! أو أنّها كانت كُنى لأولاد الأئمة (عليهم السلام) ثمّ حُرفت إلى أسماء لهم من قبل المؤرخين والنسّابين كما هو في ما قالوه من وجود اسم «أبي بكر» بين ولد الإمام علي (عليه الصلاة والسلام) وهو أمر لا صحّة له ! إنما هو كنية لمن سمّي بمحمد أو عبد الله من أولاد علي بن أبي طالب وليلى النهشلية ، فأبدلوا الإسم بالكنية فقالوا : "أبو بكر بن علي" !
وليس هذا الأمر فقط ! بل كان أعداء أهل البيت (عليهم السلام) يسبون ويلعنون أمير المؤمنين علي (عليه الصلاة والسلام) وسائر أهل بيته على المنابر في كل مسجدٍ من مساجد المسلمين وسائر القرى والمدن ! فدامت تلك البدعة ثمانين سنة ، حتى كان خطيبهم إذا نزل للصلاة قبل أن يلعن علي بن أبي طالب صاح به من في المسجد : (تركت السنة .. تركت السنة) . وقد حصل ذلك في دولة الأمويين ! وبعد سقوط الدولة الأموية ، جاء العباسيون فنكلوا بدورهم بأئمة أهل البيت وشيعتهم إلى أن جاء دور الخليفة جعفر بن المعتصم الملقب بالمتوكل الذي كان متمذهباً بمذهب الشافعي ، فكان من أشد الناس عداوة لعلي وأولاده (عليهم السلام) ! ووصل به البغض والحقد إلى نبش قبر الحسين (عليه السلام) في كربلاء ومنع الناس من زيارته ! وكان لا يعطي عطاءً ولا يبذل مالاً إلّا لمن شتم علياً وولده . حتى بلغ حقد المتوكل ونصبه أن أمر بقتل كل مولود يسميه أبواه باسم علي (عليه السلام) ؛ لأنه أبغض الأسماء إليه ! حتى أنّ علي بن الجهم الشاعر لمّا تقابل مع المتوكل قال له : يا أمير المؤمنين ، إن أهلي عقوني ! قال المتوكل : لماذا ؟ قال : لأنّهم سموني عليّاً وأنا أكره هذا الاسم وأكره من يتسمى به .! فضحك المتوكل وأمر له بجائزة . وكان المتوكل يُقيم في مجلسه رجلاً يتشبّه بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فيضحك الناس عليه ويقولون : قد أقبل الأصلع البطين , فيسخر منه أهل المجلس ويتسلّى بذلك الخليفة !
تعليق