بقلمي :
ذكرنا في المقال السابق ثلاثة اختلافات واضحة بين بدء بعثات انبياء الديانات السماوية الكبرى ( اليهودية والمسيحية والإسلام ) ، وقلنا أن ثمّة استنتاجات معرفية مهمّة يمكن للباحث ان يستنتجها من هذه الاختلافات ، وسنحاول نحن بدورنا أن ننتزع استنتاجين مهمّين هنا :
١. ان الإيمان والتصديق بالإنجيل والتوراة لم يكن ذاتياً وانما جاء تبعاً للتصديق بنبوّة موسى وعيسى عليهما السلام السابقة لنزول كتبهما المقدّسة ، فبعد أن ثبتت نبوتهم بالمعجزات والآيات نزلت كل من التوراة والإنجيل ، فالإيمان بهما من تحصيل الحاصل .. بينما يختلف الأمر مع القرآن الكريم ، حيث ساعد اقتران القرآن مع بعثة النبي على التصديق بنبوّته صلوات الله عليه ، فالقرآن هو معجزة نبي الإسلام والحجّة الدامغة على نبوّته ولم تكن التوراة والإنجيل كذلك . فمعاجز نبوّة رسلهما كانت آيات أخرى فصلّها القرآن الكريم لنا ، قال تعالى ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَىٰ مَسْحُورًا ) الاسراء ١٠١ ، وقال تعالى في عيسى ع ( وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) ال عمران ٤٩ ..
من هنا نستنتج قوّة وقداسة وعلوّ كعب نصّ القرآن الكريم على نصوص كل من التوراة والإنجيل ، ففي القرآن إثبات النبوّة ، وأي نبوّة .. أكمل واشرف النبوّات ، النبوّة الخاتمة .
٢. بعثة الرسول محمد في انطلاق الرسالة كانت الى عشيرته ، وموسى الى ملك ورئيس دولته ، وعيسى الى أهل ديانته .. يبيّن لنا ذلك الحالة الاجتماعية المؤثرة في المجتمع الذي بُعثوا اليه .. فالقَبلية والعصبية والعشائرية كانت سلاحاً فتاكاً ومؤثراً للرجل في وقت نبي الاسلام صلوات الله عليه وبدونها لا يستطيع أن ينهض بأي مهمة فضلاً عن الرسالة السماوية .. بينما كانت مصر دولة ولها رئيسها وسلطتها وقوانينها ، والتمرد فيها مجازفة وغير مجدية في ظل سلطة قوية وظالمة ومتجبرة مثل سلطة فرعون ، فالبدء من الاعلى الى الادنى هو الاجدى .. وأما عيسى ع فهو مُرسل الى مجتمع ينتسب اليهم من أمّه ولم يأت بدين وعقيدة جديدة وانما جاء بشريعة وتعاليم ووصايا جديدة .
وهذا قد يستفاد منه : أن الدعوات الدينية ينبغي لها ان تستثمر في أول أمرها العوامل المؤثرة في مجتمعها وتنهض بها في رسالتها ومهمتها ..
ويستطيع المتأمل أن يجد فوائد في بعض الفوارق ( والتشابه ) في بعثة انبياء الديانات الثلاث ونزول كتبها المقدّسة ، كنزول الواح موسى ع مكتوبة ونزول القرآن مقروءا ، وكنزول كل من التوراة وأول القرآن على جبل ( الطور والنور ) .. الخ .
#المبعث_النبوي
ذكرنا في المقال السابق ثلاثة اختلافات واضحة بين بدء بعثات انبياء الديانات السماوية الكبرى ( اليهودية والمسيحية والإسلام ) ، وقلنا أن ثمّة استنتاجات معرفية مهمّة يمكن للباحث ان يستنتجها من هذه الاختلافات ، وسنحاول نحن بدورنا أن ننتزع استنتاجين مهمّين هنا :
١. ان الإيمان والتصديق بالإنجيل والتوراة لم يكن ذاتياً وانما جاء تبعاً للتصديق بنبوّة موسى وعيسى عليهما السلام السابقة لنزول كتبهما المقدّسة ، فبعد أن ثبتت نبوتهم بالمعجزات والآيات نزلت كل من التوراة والإنجيل ، فالإيمان بهما من تحصيل الحاصل .. بينما يختلف الأمر مع القرآن الكريم ، حيث ساعد اقتران القرآن مع بعثة النبي على التصديق بنبوّته صلوات الله عليه ، فالقرآن هو معجزة نبي الإسلام والحجّة الدامغة على نبوّته ولم تكن التوراة والإنجيل كذلك . فمعاجز نبوّة رسلهما كانت آيات أخرى فصلّها القرآن الكريم لنا ، قال تعالى ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَىٰ مَسْحُورًا ) الاسراء ١٠١ ، وقال تعالى في عيسى ع ( وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) ال عمران ٤٩ ..
من هنا نستنتج قوّة وقداسة وعلوّ كعب نصّ القرآن الكريم على نصوص كل من التوراة والإنجيل ، ففي القرآن إثبات النبوّة ، وأي نبوّة .. أكمل واشرف النبوّات ، النبوّة الخاتمة .
٢. بعثة الرسول محمد في انطلاق الرسالة كانت الى عشيرته ، وموسى الى ملك ورئيس دولته ، وعيسى الى أهل ديانته .. يبيّن لنا ذلك الحالة الاجتماعية المؤثرة في المجتمع الذي بُعثوا اليه .. فالقَبلية والعصبية والعشائرية كانت سلاحاً فتاكاً ومؤثراً للرجل في وقت نبي الاسلام صلوات الله عليه وبدونها لا يستطيع أن ينهض بأي مهمة فضلاً عن الرسالة السماوية .. بينما كانت مصر دولة ولها رئيسها وسلطتها وقوانينها ، والتمرد فيها مجازفة وغير مجدية في ظل سلطة قوية وظالمة ومتجبرة مثل سلطة فرعون ، فالبدء من الاعلى الى الادنى هو الاجدى .. وأما عيسى ع فهو مُرسل الى مجتمع ينتسب اليهم من أمّه ولم يأت بدين وعقيدة جديدة وانما جاء بشريعة وتعاليم ووصايا جديدة .
وهذا قد يستفاد منه : أن الدعوات الدينية ينبغي لها ان تستثمر في أول أمرها العوامل المؤثرة في مجتمعها وتنهض بها في رسالتها ومهمتها ..
ويستطيع المتأمل أن يجد فوائد في بعض الفوارق ( والتشابه ) في بعثة انبياء الديانات الثلاث ونزول كتبها المقدّسة ، كنزول الواح موسى ع مكتوبة ونزول القرآن مقروءا ، وكنزول كل من التوراة وأول القرآن على جبل ( الطور والنور ) .. الخ .
#المبعث_النبوي
تعليق