إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أسوة السجناء

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أسوة السجناء

    بقلمي /
    السجنُ عقوبة كما هو عنوانه الأول ، وهو ضريبة يدفعها المجرمون ، ومصير يواجههُ المذنبون .. هو إجراء تأديبي وتارةً إنتقامي ، هذا هو مختصر تعريفه وجوهر فلسفته ..

    ولكن .. عندما يُبتلى به شخص ليس مذنباً - بل ممن لا يعرف الذنب له بابا - وليس ممن تبقّى في نفسه وشخصيته مساحة تحتاج الى ترميم أو تعديل ، هو في أعلى درجات الرقي ، وعلى قمة معدّلات الكمال .. عندها سيكون للسجن فلسفةٌ أخرى .. !!

    في هذه الحالة سيكون السجّان هو من يعاني نقصاً في تركيبتهِ ، وضيقاً في عقلهِ ووعيه ، هنا تُقرأ المعادلة من طرف النتيجة الى مقدماتها وليس العكس كما هو المُقرر ، تُقرأ كما يقرأها موسى بن جعفر ع في رسالتهِ لهارون : ( إنه لن ينقضي عنّي يوم من البلاء إلّا انقضى عنك معه يوم من الرخاء حتّى نفضي جميعاً إلى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون ) .

    هذه الحالة التي قلبت لنا السجّان الى سجين ، في خضّم هذا الإضطراب وهذه اللفتة الزمنية غير الإعتيادية ، لا بدّ لنا من أن نبحث عن جوهرة ثمينة ودرّة مخفية بين أنقاض هذا الإنقلاب ، لا بد أن يكون هنالك رقماً صعباً تنتظره عدّة أصفار لينفجر لنا ذلك العدد الهائل ..!!

    إنّه المبدأ .. العقيدة .. الإيمان .. الإرتباط بالله .. كل هذه - وغيرها بنفس الوزن - تجعل من القانون اليوسفي ( .. رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ ) قانوناً ناجزاً ونافذا .. السجنُ أحب ..! ، بالله عليكم ، أي منّا يكون السجن لديه أحب من نزوة نفس وإسكات غريزة ..!

    نعم .. يوسف الصديق فضّل السجن على أن يعصي الله وهو يعلم أن مستقبله في الدنيا سيكون أفضل ، وستركع له الشمس والقمر والكواكب ذات يوم ، يوجد أمل في هذه الحياة على الأقل .. ولكن موسى بن جعفر أحبّ السجن ليس هروباً من معصية فقط - محاباة الظالم - وإنما سعياً لعبادة ( اللهم إنّك تعلم أنّي كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك ، اللهم وقد فعلت ، فلك الحمد ) ، أحبَّ السجن وهو ليس له أمل في حياة ولا منصب ..!

    في لحظة غفلة أراد يوسف الصديق مخرجاً من السجن بالتوسط عند الملك عندما قال لصاحبه الذي فُرّج عنه (وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ ) ، بينما إمامنا أبى واستعصم ان يتزلف لغير الله ، فعندما قيل له عليه السلام : لو كتبت إلى فلان يكلّم فيك الرشيد ؟ فقال : ( حدّثني أبي عن آبائه : أن الله عزّ وجلّ أوحى إلى داود : يا داود ، إنّه ما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي دوني ... إلّا وقطعت عنه أسباب السماء ، وأسخت الأرض من تحته ) ..

    خرج يوسف الصديق ع وفي باب السجن ينتظره نعش الملوك ، ومركب الأمراء ، أمّا موسى بن جعفر فينتظره نعش المنية يحمله أربعة من السجانين ..

    أمام أي سجينٍ عظيم نقف نحن ، وخلف أي قضبان نراه .. موسى بن جعفر .. أسوة السجناء

  • #2
    اللهم صل على محمد وال محمد
    احسنتم ويبارك الله بكم
    شكرا لكم كثير
    مأجورين

    تعليق


    • #3
      آجركم الله

      تعليق


      • #4

        الأخ الفاضل يحيى غالي ياسين . أعظم الله لنا ولكم الأجر بذكرى إستشهاد الإمام المسجون المظلوم المسموم موسى إبن جعفر الكاظم (عليه السلام) . وأحسنتم وأجدتم وسلمت أناملكم على كتابة ونشر هذا الموضوع القيم عنه . جعل الله عملكم هذا في ميزان حسناتكم . ودمتم في رعاية الله تعالى وحفظه .

        تعليق


        • #5
          آجركم الله

          تعليق

          المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
          حفظ-تلقائي
          Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
          x
          يعمل...
          X