شبهة تسمية الامام الكاظم (ع) هارون اللارشيد بأمير المؤمنين والرد عليها .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وال محمد .
عظم الله لنا ولكم الاجر بذكرى استشهاد الامام موسى الكاظم (ع) .
قد يبحث الوهابي في كتبنا ومصادرنا لا لاجل البحث عن الحقيقة والاخذ بها بل ليحاول ان يجد نصا او شيئا ما يتمسك به للطعن في مذهب الحق مذهب الامامية الاثنى عشرية .
ومن هذه النصوص التي اعتبرها الوهابي الخبيث من الإشكالات والمؤاخذات العويصة التي يصعب على الشيعي الجواب عليها وحلها هو الرسالة التي وجهها الامام الكاظم (ع) للخيزران وهي ام هارون اللارشيد التي قال فيها :
( للخيزران أم أمير المؤمنين من موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين أما بعد أصلحك الله ، وأمتع بك ، وأكرمك ، وحفظك ، وأتم النعمة والعافية في الدنيا والآخرة لك برحمته ، ثم إن الأمور أطال الله بقاءك كلها بيد الله يمضيها ، ويقدرها ، بقدرته فيها ، والسلطان عليها توكل بحفظ ماضيها ، وتمام باقيها ، فلا مقدم لما أخر منها ، ولا مؤخر لما قدم ، استأثر بالبقاء ، وخلق خلقه للفناء ، أسكنهم دنيا سريعا زوالها ، قليلا بقاؤها ، وجعل لهم مرجعا إلى دار لا زوال لها ولا فناء ، لم يكن أطال الله بقاءك أحد من أهلي ، وقومك وخاصتك وحرمتك كان أشد لمصيبتك إعظاما ، وبها حزنا ولك بالأجر عليها دعاءا وبالنعمة التي أحدث الله لأمير المؤمنين أطال الله بقاءه دعاءا بتمامها ، ودوامها ، وبقائها ، ودفع المكروه فيها مني ، والحمد لله لما جعلني الله عليه بمعرفتي بفضلك ، والنعمة عليك ، وبشكري بلاءك ، وعظيم رجائي لك أمتع الله بك ، وأحسن جزاءك ، إن رأيت أطال الله بقاءك أن تكتبي إلي بخبرك في خاصة نفسك ، وحال جزيل هذه المصيبة ، وسلوتك عنها فعلت ، فإني بذلك مهتم والي ما جاءني من خبرك وحالك فيه متطلع ، أتم الله لك أفضل ما عودك من نعمته ، واصطنع عندك من كرامته . والسلام عليك ورحمة الله وبركاته . ) - 1 -
وبعد قراءة هذه الرسالة نتسائل كيف يسمي الامام الكاظم (ع) هارون اللارشيد باسم امير المؤمنين وخصوصا انه مختص بأمير المؤمنين الامام علي (ع) فقط دون سواه ولا يجوز لاحد بعده ان يتسمى به للروايات التي تنهى عن ذلك وتحرمه اشد حرمة ومن هذه الروايات هي :
*** في تفسير العياشي : عن محمد بن إسماعيل الرازي ، عن رجل سماه ، عن أبي عبد الله (ع) قال : دخل رجل على أبي عبد الله (ع) فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ، فقام على قدميه فقال : مه ، هذا اسم لا يصلح إلا لامير المؤمنين (ع) سماه الله به ، ولم يسم به أحد غيره فرضي به إلا كان منكوحا ، وإن لم يكن ابتلي به وهو قول الله في كتابه : ( إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا - 2 - ) .... ) - 3 -
*** روى الشيخ الكليني ، ( عن محمد بن يحيى ، عن جعفر بن محمد ، عن إبراهيم بن إسحاق الدينوري ، عن عمر بن أبي زاهر ، عن أبي عبد الله (ع) قال : سأله رجل عن القائم يسلم عليه بإمرة المؤمنين ؟ قال : لا ، ذاك اسم سمى الله به أمير المؤمنين ، لم يسم به أحد قبله ، ولا يسمى به بعده إلا كافر ، قلت جعلت فداك كيف يسلم عليه ؟ قال : تقول : السلام عليك يا بقية الله ، ثم قرأ : ( بقيتُ الله خير لكم إن كنتم مؤمنين - 4 - ) - 5 -
*** وروى الشيخ الكليني رواية طويلة معتبرة صحيحة الاسناد ناخذ منها محل الشاهد : (عن علي بن الحسن ، عن منصور ، عن حريز بن عبد الله ، عن الفضيل قال : دخلت مع أبي جعفر (ع) المسجد الحرام وهو متكئ علي فنظر إلى الناس ونحن على باب بني شيبة فقال : .... الى ان قال (ع) : يا فضيل لم يتسم بهذا الاسم غير علي (ع) إلا مفتر كذاب إلى يوم البأس هذا .... ) - 6 -
ويمكن الردّ على هذه الملابسات والاشكاليات من وجوه :
*** الوجه الأول : بيان سند الرسالة :
لقد ذكر هذه الرواية عبد الله بن جعفر الحميري في كتابه قرب الاسناد ص 306 ، ح 1201 هكذا :
( محمد بن عيسى ، عن بعض من ذكره ، أنه كتب أبو الحسن موسى عليه السلام إلى الخيزران أم أمير المؤمنين يعزيها بموسى ابنها ، ويهنؤها بهارون ابنها ......... الخ ) . والسند مجهول لجهالة الواسطة بين الراوي محمد بن عيسى وبين الامام الكاظم (ع) .
*** الوجه الثاني : لو سلمنا بصحة السند فلا يوجد أي محذور في اطلاق الامام الكاظم (ع) لقب أمير المؤمنين على هارون اللارشيد ويمكننا التوفيق بين تسمية الامام الكاظم (ع) لهارون اللارشيد بإمرة المؤمنين وبين الروايات المتقدمة التي تذم وتحذر من يتسمى بإمرة المؤمنين غير الإمام علي (ع) من خلال النقاط التالية :
1 - ان قول الامام الكاظم (ع) محمول على التقية : قال العلامة المجلسي في البحار تعقيبا على هذا الحديث في ج 48 ، ص 135: ( أقول : انظر إلى شدة التقية في زمانه (ع) حتى أحوجته إلى أن يكتب مثل هذا الكتاب لموت كافر لا يؤمن بيوم الحساب ، فهذا يفتح لك من التقية كل باب ) . فلو لم يسمِ الامام موسى بن جعفر (ع) هارون اللارشيد بهذا الاسم للحقه الضرر لا محالة .
2 - ان تسمية الامام الكاظم (ع) لهارون اللارشيد بأمير المؤمنين إنّما هو منقصة وذم وتعريض لهارون وليس لرفع شأنه وعلو مقامه لعلم الامام الكاظم (ع) أنّه لا يُتسمى شخص بأمير المؤمنين إلا وكان ذلك الشخص كافرا او منكوحا به أو كذاب .
******************************
الهوامش :
1 - قرب الاسناد ، الحميري القمي ، ص 306 .
2 - النساء ، الاية 117.
3 - تفسير العياشي ، ج 1 ، ص 276 - 274 ، ح 19899 .
4 - هود ، الاية 86.
5 - الكافي ، للكليني ، ج 1 ، ب 2 ، ص 340 ، ح 19900 .
6 - الكافي ، للكليني ، ج 8 ، ص 288 ، ح 434 .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وال محمد .
عظم الله لنا ولكم الاجر بذكرى استشهاد الامام موسى الكاظم (ع) .
قد يبحث الوهابي في كتبنا ومصادرنا لا لاجل البحث عن الحقيقة والاخذ بها بل ليحاول ان يجد نصا او شيئا ما يتمسك به للطعن في مذهب الحق مذهب الامامية الاثنى عشرية .
ومن هذه النصوص التي اعتبرها الوهابي الخبيث من الإشكالات والمؤاخذات العويصة التي يصعب على الشيعي الجواب عليها وحلها هو الرسالة التي وجهها الامام الكاظم (ع) للخيزران وهي ام هارون اللارشيد التي قال فيها :
( للخيزران أم أمير المؤمنين من موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين أما بعد أصلحك الله ، وأمتع بك ، وأكرمك ، وحفظك ، وأتم النعمة والعافية في الدنيا والآخرة لك برحمته ، ثم إن الأمور أطال الله بقاءك كلها بيد الله يمضيها ، ويقدرها ، بقدرته فيها ، والسلطان عليها توكل بحفظ ماضيها ، وتمام باقيها ، فلا مقدم لما أخر منها ، ولا مؤخر لما قدم ، استأثر بالبقاء ، وخلق خلقه للفناء ، أسكنهم دنيا سريعا زوالها ، قليلا بقاؤها ، وجعل لهم مرجعا إلى دار لا زوال لها ولا فناء ، لم يكن أطال الله بقاءك أحد من أهلي ، وقومك وخاصتك وحرمتك كان أشد لمصيبتك إعظاما ، وبها حزنا ولك بالأجر عليها دعاءا وبالنعمة التي أحدث الله لأمير المؤمنين أطال الله بقاءه دعاءا بتمامها ، ودوامها ، وبقائها ، ودفع المكروه فيها مني ، والحمد لله لما جعلني الله عليه بمعرفتي بفضلك ، والنعمة عليك ، وبشكري بلاءك ، وعظيم رجائي لك أمتع الله بك ، وأحسن جزاءك ، إن رأيت أطال الله بقاءك أن تكتبي إلي بخبرك في خاصة نفسك ، وحال جزيل هذه المصيبة ، وسلوتك عنها فعلت ، فإني بذلك مهتم والي ما جاءني من خبرك وحالك فيه متطلع ، أتم الله لك أفضل ما عودك من نعمته ، واصطنع عندك من كرامته . والسلام عليك ورحمة الله وبركاته . ) - 1 -
وبعد قراءة هذه الرسالة نتسائل كيف يسمي الامام الكاظم (ع) هارون اللارشيد باسم امير المؤمنين وخصوصا انه مختص بأمير المؤمنين الامام علي (ع) فقط دون سواه ولا يجوز لاحد بعده ان يتسمى به للروايات التي تنهى عن ذلك وتحرمه اشد حرمة ومن هذه الروايات هي :
*** في تفسير العياشي : عن محمد بن إسماعيل الرازي ، عن رجل سماه ، عن أبي عبد الله (ع) قال : دخل رجل على أبي عبد الله (ع) فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ، فقام على قدميه فقال : مه ، هذا اسم لا يصلح إلا لامير المؤمنين (ع) سماه الله به ، ولم يسم به أحد غيره فرضي به إلا كان منكوحا ، وإن لم يكن ابتلي به وهو قول الله في كتابه : ( إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا - 2 - ) .... ) - 3 -
*** روى الشيخ الكليني ، ( عن محمد بن يحيى ، عن جعفر بن محمد ، عن إبراهيم بن إسحاق الدينوري ، عن عمر بن أبي زاهر ، عن أبي عبد الله (ع) قال : سأله رجل عن القائم يسلم عليه بإمرة المؤمنين ؟ قال : لا ، ذاك اسم سمى الله به أمير المؤمنين ، لم يسم به أحد قبله ، ولا يسمى به بعده إلا كافر ، قلت جعلت فداك كيف يسلم عليه ؟ قال : تقول : السلام عليك يا بقية الله ، ثم قرأ : ( بقيتُ الله خير لكم إن كنتم مؤمنين - 4 - ) - 5 -
*** وروى الشيخ الكليني رواية طويلة معتبرة صحيحة الاسناد ناخذ منها محل الشاهد : (عن علي بن الحسن ، عن منصور ، عن حريز بن عبد الله ، عن الفضيل قال : دخلت مع أبي جعفر (ع) المسجد الحرام وهو متكئ علي فنظر إلى الناس ونحن على باب بني شيبة فقال : .... الى ان قال (ع) : يا فضيل لم يتسم بهذا الاسم غير علي (ع) إلا مفتر كذاب إلى يوم البأس هذا .... ) - 6 -
ويمكن الردّ على هذه الملابسات والاشكاليات من وجوه :
*** الوجه الأول : بيان سند الرسالة :
لقد ذكر هذه الرواية عبد الله بن جعفر الحميري في كتابه قرب الاسناد ص 306 ، ح 1201 هكذا :
( محمد بن عيسى ، عن بعض من ذكره ، أنه كتب أبو الحسن موسى عليه السلام إلى الخيزران أم أمير المؤمنين يعزيها بموسى ابنها ، ويهنؤها بهارون ابنها ......... الخ ) . والسند مجهول لجهالة الواسطة بين الراوي محمد بن عيسى وبين الامام الكاظم (ع) .
*** الوجه الثاني : لو سلمنا بصحة السند فلا يوجد أي محذور في اطلاق الامام الكاظم (ع) لقب أمير المؤمنين على هارون اللارشيد ويمكننا التوفيق بين تسمية الامام الكاظم (ع) لهارون اللارشيد بإمرة المؤمنين وبين الروايات المتقدمة التي تذم وتحذر من يتسمى بإمرة المؤمنين غير الإمام علي (ع) من خلال النقاط التالية :
1 - ان قول الامام الكاظم (ع) محمول على التقية : قال العلامة المجلسي في البحار تعقيبا على هذا الحديث في ج 48 ، ص 135: ( أقول : انظر إلى شدة التقية في زمانه (ع) حتى أحوجته إلى أن يكتب مثل هذا الكتاب لموت كافر لا يؤمن بيوم الحساب ، فهذا يفتح لك من التقية كل باب ) . فلو لم يسمِ الامام موسى بن جعفر (ع) هارون اللارشيد بهذا الاسم للحقه الضرر لا محالة .
2 - ان تسمية الامام الكاظم (ع) لهارون اللارشيد بأمير المؤمنين إنّما هو منقصة وذم وتعريض لهارون وليس لرفع شأنه وعلو مقامه لعلم الامام الكاظم (ع) أنّه لا يُتسمى شخص بأمير المؤمنين إلا وكان ذلك الشخص كافرا او منكوحا به أو كذاب .
******************************
الهوامش :
1 - قرب الاسناد ، الحميري القمي ، ص 306 .
2 - النساء ، الاية 117.
3 - تفسير العياشي ، ج 1 ، ص 276 - 274 ، ح 19899 .
4 - هود ، الاية 86.
5 - الكافي ، للكليني ، ج 1 ، ب 2 ، ص 340 ، ح 19900 .
6 - الكافي ، للكليني ، ج 8 ، ص 288 ، ح 434 .
تعليق