بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دور الشخص الثاني في مسيرة الدفاع عن الرسالة دور هام وجدي ، ألا ترى كيف ان الإمام أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ كان دوره العظيم في الدفاع عن الاسلام ، وعن القرآن ، وعن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ دورا اساسيا ؟ وكذلك كان دور أبي الفضل العباس ـ عليه السلام ـ بالنسبة إلى أخيه الإمام الحسين ـ عليه السلام ـ ، وكما كان دور مالك الاشتر للدفاع عن الإمام أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ ، وفيما يتصل في حياة الانبياء كان هكذا دور هارون بالنسبة إلى موسى ابن عمران ـ عليهما السلام ـ .
ان الشخص الثاني في مسيرة الرسالة حينما يذوب وينصهر في شخصية القائد الاول ويدافع عنه ، ويبالغ في احترامه ، ونصرته والنصيحة له ، يضرب المثل الصالح للآخرين ، ولما يجب ان يكونوا عليه تجاه القائد . فلقد ضرب الإمام علي ـ عليه السلام ـ أروع الأمثلة للمنهج الذي كان ينبغي للمسلمين ان يتعاملوا به مع رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ . وهذا كان أمرا مهما ، لان الناس يمكنهم ان يقتدوا برسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ في أمور كثيرة ، ما عدا أمر واحد ، وهو كيفية احترام الرسول الأعظم ـ صلى الله عليه وآله ـ ، ونوعية الدفاع عنه ، ومنهجية التعامل معه . ففيما يتصل بهذا الجانب ، تحتاج الامة إلى قدوة عملية ، وكان الإمام علي ـ عليه السلام ـ هو ذلك القدوة ، حيث علم الناس كيفية التعامل مع رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ ، وكيف ينبغي احترام مقامه ، وكيف ينبغي انه يفديه بنفسه في منامه في فراشه في ليلة الهجرة ، وفي دفاعه عنه في الحروب وكيف كان يذب عنه ، ويقي نفسه بنفسه .. ولولا الإمام علي ـ عليه السلام ـ وهذه المنهجية ، لم يعلم المسلمون كيف يتعاملون مع رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ ، ولعلهم كانوا يرفعون أصواتهم فوق صوته ، ويتقدمون عليه ، وربما يخاطبونه كما يخاطب بعضهم بعضا ، وقد مرت عشرات السنين على رحيل رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ . وسئل الإمام علي ـ عليه السلام ـ لم لا يختضب ؟ فقال ـ عليه السلام ـ : نحن في عزاء رسول الله .
وقبيل شهادته يسأله اصبغ بن نباته ويقول له : أنت أفضل أم محمد ؟ فيقول الإمام علي ـ عليه السلام ـ له : انا عبد من عبيد محمد .
لقد كان الإمام علي تجليا لشخصية رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ واخلاقه وعلمه ، وآية لصدق رسالته ، ومبالغا في الدفاع عن رسالته ..
وهكذا كان سيدنا العباس ـ عليه السلام ـ بالنسبة إلى اخيه وامامه وحجة الله عليه والسبط المنتجب الحسين ـ عليه السلام ـ .
كان العباس ـ عليه السلام ـ فقيها من فقهاء أهل البيت ـ عليهم السلام ـ ، وكان القائد الشجاع والكريم المضياف ، والعــابد الزاهد ، وكان بالتالي شخصية متكاملة من جميع الجهات ، ولكنه كان منصهرا في شخصية أخيه الحسين ـ عليه السلام ـ ، ومبالغا في طاعته والنصيحة له ، وهكذا عرف الناس كيف ينبغي ان يتعاملوا مع الإمام ـ عليه السلام ـ .
لقد عرفهم عمليا مقام أبي عبد الله الحسين ـ عليه السلام ـ ، ذلك لان أكثر الناس لا تسمو البصيرة بهم إلى معرفة مقام الأئمة المعصومين ، ومقام ولايتهم . وهكذا نجد النبي موسى ـ عليه السلام ـ يدعو ربه ان يجعل له وزيرا من أهله حيث يذكر لنا القرآن ذلك بالقول :
﴿ قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ﴾ وهكذا علينا ان نفقه مقام الأئمة المعصومين ـ عليهم السلام ـ ، ومن نصبهم الأئمة من العلماء الربانيين ، نفقه مقامهم ، ومنهج التعامل معهم من خلال معرفة سيرة أبي الفضل العباس ـ عليه السلام ـ والتي نعرفها من خلال زيارته التي تلوناها آنفا . ذلك لانه لا يسمو كل الناس إلى مستوى القيادة ، ولكن كل الناس يتعاملون مع القيادة ؛ وأبو الفضل العباس ـ عليه السلام ـ يعطيك المنهج الأمثل في الدفاع عن الدين ، وعن أهل بيت الرسالة ، وعن القيادات الشرعية التي فرض عليك طاعتهم واتباعهم والدفاع عنهم . وهذا درس عظيم نتعلمه من أبي الفضل ، وانه لدرس هام لانه يساهم في بناء التجمع الرسالي ، والبنيان التوحيدي بناءا رصينا قويا قادرا على تحدي اعاصير الفتنة ، وعواصف الشهوات .
فسلام الله عليك يا أبا الفضل العباس يوم ولدت للدفاع عن الحسين ويوم استشهدت في سبيل الإسلام تحت راية الحسين ، وحين تبعث حيا مع الحسين سلام الله عليكما ورحمته وبركاته .