السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد
🚩✖🚩✖🚩✖🚩✖🚩
لقد بعث اللـه تعالى إلينا رسالته ، ترى كيف نستجيب له . ونرد إلى ربِّنا الرحمن التحية ؟.
نردُّها بالدعاء . فإنه منهج حديث العبد مع ربِّه عزَّ وجلَّ ، كما أن الوحي ذروة حديث الرب مع عباده .
والدعاء مخ العبادة ، ولباب التواصل ، وجوهر الصلاة . وكل دعاء حميد إلاّ أن اللـه تعالى أنعم علينا بأن هدانا لتعلم أدعية أوليائه ، وبما أورثنا من أدعية النبيِّ وأهل بيته عليه وعليهم الصلاة والسلام . ويبدو أنها جميعاً أدعية تَوارثها عباد اللـه من الأنبياء ، ومن ثم من الوحي الإلهي ؛ أولا أقل هي تجليِّات الوحي على أفئدة الهداة من عباد اللـه المقرَّبين ، وانعكاسٌ لمعارف الوحي على قلوبهم الزكية وألسنتهم الصادقة .
فالأدعية المأثورة - إذاً - هي الوجه الآخر للوحي ، وهي ظلاله الوارفة ، وأشعته المنيرة ، وتفسيراته وتأويلاته .
وهكذا كانت الأدعية كنوز المعارف الربانية ، وتلاد الحكم التي لاتنفذ ، وفي طليعتها أدعية الصحيفة السجادية التي جمعت من كلمات الإمام زين العابدين (ع) .
فإلى ماذا كان يهدف الإمام من تلك الأدعية ؟. لا ريب أنها كانت شعاعاً من قلبه المنير بالإيمان ، وفيضاً من فؤاده المتقد بحب اللـه ، وكانت كلماتُها تتزاحم على شفاه رجل كاد يذوب في هيام ربِّهِ ، ولم تكن تَكَلُّفاً منه .
بلى ، قد حققت أهدافاً عديدة أبرزها تعليم عباد اللـه كيف يدعون ربَّهم العظيم ، وكيف يتضرعون إليه ، ويتحببون إليه ، ويلتمسون رضاه . ويتوافون على أسمائه الحسنى .. وكيف يطلبون منـه حوائجهـم ، وماذا يطلبون ؟.
وهذا الهدف الرباني تفرّع بدوره إلى عدة أمور حياتية يذكرها المؤرخون عادةً عند بيان حكمة الصحيفة السجادية ، ونحن نشير إليها باختصار شديد .
أ : أن الضغوط كانت بالغة الشدة في عهد الإمام السجَّاد (ع) إلى درجة أن عقيلة الهاشميين زينب الكبرى (ع) أصبحت لفترة ، وسيطة في شؤون الإمامة بين الإمام والمؤمنين . وفي مثل تلك الظروف العصيبة كان من الطبيعي أن يبث الإمام بصائر الوحي وقيم الرسالة عبر الأدعية التي مشت في الأمة ولا تزال كما يمشي الشذى عند نسيم عليل !!
ب - والإمام كثائر رباني لم يدع معارضة الطواغيت والوقوف بوجه الفساد الذي أوجدوه بسبب الظروف الصعبة ، بل عارضهم بالأدعية التي لم تستطع أجهزة النظام برغم قوتها صد الإمام عنها .
وهكذا أتم اللـه سبحانه الحجة علينا ، كي لاندع الوقوف بوجه الطغاة بأية وسيلةٍ ممكنة ، حتى في أشد العصور إرهاباً وقمعاً .
ج : وكانت الأدعية - إلى ذلك - وسيلة تربية الناس على التقوى والفضيلة والإيثار والجهاد وذلك بما تضمنت من مفاهيم متسامية ، ومواعظ ربانية ، فكان النخبة من أبناء الأمة يتغذون عليها كما يتغذى النبات الزاكي من أشعة الشمس . فإن حركات المعارضة تحتاج إلى زخم ثوري يدفع أبناءها قُدُماً في طريق المعارضة كالنشرات السرية والجلسات الخاصة ، والشعارات والبيانات ، فإن تلك الصحف المطهرة كانت غذاءً رساليّاً لتلك النخبة المؤمنة في مواجهة النظام الأموي .
ولا تزال أدعية الإمام (ع) التي جمعت في الصحيفة السجادية ، لاتزال هذه الأدعية ذلك الزخم الإيماني الذي يوفر لنا الروح الإيمانية في الأيام العصيبة . ولا أظن - بعد القرآن - أنَّ كتاباً يكون تسلية لفؤاد المحرومين ، وثورة في دماء المستضعفين ، ونوراً في افئدة المجاهدين وهدى على طريق الثائرين كالصحيفـة السجاديـة ، فسلام اللـه على تلك النفس الزكية التي فاضت بها ، وسلام اللـه على من تبتـل
بها مع كل صباح ومساء
تعليق