كيف نبايع الامام المهدي (ع) وهو غائب ؟؟؟
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وال محمد .
اسعد الله اياكم بذكرى ولادة منقذ البشرية من الظلم والجور الامام المهدي (ع) .
ورد في دعاء العهد المروي عن الإمام الصادق (ع) هذا المقطع : ( .... اللهم إني أجدد له في صبيحة يومي هذا وما عشت من أيامي عهداً وعقداً وبيعةً له في عنقي لا أحول عنها ولا أزول أبداً .... ) - 1 -
وهنا قد يتسائل البعض : كيف نبايع الامام المهدي (ع) مع كون الامام غائب عن الأنظار ؟؟؟
ويمكن الجواب عن هذا التسائل بالتفصيل التالي :
ان للبيعة معنيان :
*** البيعة بالمعنى اللغوي :
البيعة مفردة عربية مأخوذة من الجذر (ب ي ع) بأن يصفق أحدهما بيد الآخر للدلالة على تمامية العقد (عقد البيع) ، وتصافَقُوا تبايعوا ، وصَفَقَ يَده بالبيعة والبيع وعلى يده صَفْقاً ضرب بيده على يده وذلك عند وجوب البيع . - 2 - وكانوا إذا بايعوا الأمير عقدوا عهده جعلوا أيديهم في يده تأكيداً للعهد، فأشبه ذلك فعل البائع والمشتري، فسمّي بيعة ، مصدر باع ، وصارت البيعة مصافحة بالأيدي - 3 - ومن هنا ذهب الكثير من المحققين إلى تعريف البيعة في الكتب التشريعة والقانونية الإسلامية بصفق اليد اليمنى للمبايِع باليد اليمنى للمبايَع علامّة على الطاعة والقبول بحكمه - 4 - ثم أخذت وبمرور الزمان تتغير الصورة الظاهرية للبيعة حيث أخذت تطلق على التعهد والعقد الذي تستلزمه تلك الحركة الظاهرية والصفق بالأكف وهو الرائج اليوم في معنى البيعة . فملخص البيعة بالمعنى اللغوي هي عبارة عن الفعل أي مصافحة يد بيد اخرى .
والبيعة بالمعنى اللغوي قد تكون صورية كمصافحة يد الشخص ليده الأخرى تشبيها بمصافحة يد الامام المفترض الطاعة ومثال عن هذه البيعة ما فعله الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان .
روي ان حذيفة كان عليلاً بالكوفة في سنة ست وثلاثين ، فبلغه قتل عثمان وبيعة الناس لعلي ، فقال : أخرجوني وادعوا الصلاة جامعةً ، فوُضع على المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على النبي وعلى آله ، ثم قَال : أيها الناس ! إنَّ الناس قد بايعوا عليّاً فعليكم بتقوى الله وانصروا عليّاً ووازروه ؛ فوالله إنه لعلى الحق آخِراً وأوَّلاً ، وإنه لخير مَن مضى بعد نبيِّكم ومَن بقي إلى يوم القيامة ، ثم أطبق يمينه على يساره ، ثم قال : اللهم اشهد أني قد بايعت عليّاً ، وقال : الحمد لله الذي أبقاني إلى هذا اليوم ، وقال لابنَيْهِ صفوان وسعد : احملاني وكونا معه ، فستكون له حروب كثيرة ، فيهلك فيها خلق من الناس ، فاجتهدا أن تستشهدا معه ، فإنه والله عَلَى الحق ، ومن خالفه عَلَى البَاطل ، ومَات حذيفة بعد هذا اليوم بسبعة أيام ) - 5 -
وقد تكون حقيقية كتقبيل جبرئيل (ع) ليد الامام المهدي (ع) عند ظهوره بمكة المكرمة . ففي الرواية المروية عن الامام الصادق (ع) التي أجاب فيها المفضل فقال له : ( يا مفضل كل بيعة قبل ظهور القائم عليه السلام فبيعته كفر ونفاق وخديعة ، .... الى ان يقول الامام : فيكون أول من يقبل يده جبرئيل عليه السلام ثم يبايعه وتبايعه الملائكة ونجباء الجن ، ثم النقباء ويصبح الناس بمكة ) - 6 -
*** البيعة بالمعنى الاصطلاحي :
المعنى الإصطلاحي الشائع للبيعة : هي عقد وتعهد من ناحية المبايع على أن يطيع لمن بايعه ويمتثل أوامره ويلتزم فيما بايعه عليه ولا يتخلف عن أمره - 7 -
فالبيعة بالمعنى الاصطلاحي هي من الاقوال التي لا يشترط في انشائها الأفعال كالمصافحة بالأيدي - صورة او حقيقة - بل يكفي ان نتعهد بامتثال أوامر الامام المفترض الطاعة ونواهيه بالحرف الواحد .
*** هل تجب البيعة على النساء :
كانت الطريقة التي استعملها النبي الاكرم (ص) في بيعتهن أن وضع بين يديه إناء فيه ماء ، فإذا أسلمن يدخل يده في الماء ثم يخرجها منه فيدخلن أيديهن فيه - 8 - ، وفي رواية أخرى أنّه (ص) كان يضع على يده ثوباً وبعد الإقرار بالشهادتين يمسحن أيديهن على ذلك الثوب - 9 - وهناك من ذهب إلى القول بأنّ بيعة النساء كانت بالقول فقط دون الفعل - 10 - وهناك صور أخرى ذكرت في المصادر الحديثية لبيان كيفية بيعة النساء يمكن رصدها في المصادر التاريخية والحديثية - 11 - علماً أنّ القاسمي - 12 - يرى أن مبايعة النساء لم تحصل إلا في حياة النبي (ص) في كل من بيعة العقبة الثانية وبيعة الرضوان والفتح في مكة ، ولم نجد لمبايعة النساء ذكراً في تاريخ الخلفاء والحكّام من بعده (ص) بل انحصرت البيعة بالرجال فقط - 13 -
********************
الهوامش :
1 - مفاتيح الجنان ، دعاء العهد .
2 - شهيدي ، بيعت وچگونگي آن در تاريخ اسلام ، ص 125.
3 - ابن خلدون ، المقدمة ، ص 209.
4 - الشهرستاني ، مدخل الى علم الفقه ، ص 155.
5 - مروج الذهب ، للمسعودي ، ج 2 ، ص 23 ، المطبعة البهية – مصر .
6 - بحار الأنوار ، العلامة المجلسي ، ج 52 ، ص 369 .
7 - انوار الفقاهة ، مكارم الشيرازي ، كتاب البيع ، ج 1 ، ص 517 .
8 - تاريخ الطبري ، لابن جرير ، ج 3، ص 62.
9 - تفسير الكشاف ، للزمخشري ، ذيل الآية 12 سوره الممتحنة .
10 - نظام الحكومة النبّوية ، للكتاني ، ج 1 ، ص 222.
11 - الارشاد ، للشيخ المفيد ، ص 63.
12 - نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الإسلامي ، للقاسمي ، ج 1 ، ص 277 - 278 .
13 - تاريخ الطبري ، لابن جرير ، ج 2 ، ص 361 - 366 .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وال محمد .
اسعد الله اياكم بذكرى ولادة منقذ البشرية من الظلم والجور الامام المهدي (ع) .
ورد في دعاء العهد المروي عن الإمام الصادق (ع) هذا المقطع : ( .... اللهم إني أجدد له في صبيحة يومي هذا وما عشت من أيامي عهداً وعقداً وبيعةً له في عنقي لا أحول عنها ولا أزول أبداً .... ) - 1 -
وهنا قد يتسائل البعض : كيف نبايع الامام المهدي (ع) مع كون الامام غائب عن الأنظار ؟؟؟
ويمكن الجواب عن هذا التسائل بالتفصيل التالي :
ان للبيعة معنيان :
*** البيعة بالمعنى اللغوي :
البيعة مفردة عربية مأخوذة من الجذر (ب ي ع) بأن يصفق أحدهما بيد الآخر للدلالة على تمامية العقد (عقد البيع) ، وتصافَقُوا تبايعوا ، وصَفَقَ يَده بالبيعة والبيع وعلى يده صَفْقاً ضرب بيده على يده وذلك عند وجوب البيع . - 2 - وكانوا إذا بايعوا الأمير عقدوا عهده جعلوا أيديهم في يده تأكيداً للعهد، فأشبه ذلك فعل البائع والمشتري، فسمّي بيعة ، مصدر باع ، وصارت البيعة مصافحة بالأيدي - 3 - ومن هنا ذهب الكثير من المحققين إلى تعريف البيعة في الكتب التشريعة والقانونية الإسلامية بصفق اليد اليمنى للمبايِع باليد اليمنى للمبايَع علامّة على الطاعة والقبول بحكمه - 4 - ثم أخذت وبمرور الزمان تتغير الصورة الظاهرية للبيعة حيث أخذت تطلق على التعهد والعقد الذي تستلزمه تلك الحركة الظاهرية والصفق بالأكف وهو الرائج اليوم في معنى البيعة . فملخص البيعة بالمعنى اللغوي هي عبارة عن الفعل أي مصافحة يد بيد اخرى .
والبيعة بالمعنى اللغوي قد تكون صورية كمصافحة يد الشخص ليده الأخرى تشبيها بمصافحة يد الامام المفترض الطاعة ومثال عن هذه البيعة ما فعله الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان .
روي ان حذيفة كان عليلاً بالكوفة في سنة ست وثلاثين ، فبلغه قتل عثمان وبيعة الناس لعلي ، فقال : أخرجوني وادعوا الصلاة جامعةً ، فوُضع على المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على النبي وعلى آله ، ثم قَال : أيها الناس ! إنَّ الناس قد بايعوا عليّاً فعليكم بتقوى الله وانصروا عليّاً ووازروه ؛ فوالله إنه لعلى الحق آخِراً وأوَّلاً ، وإنه لخير مَن مضى بعد نبيِّكم ومَن بقي إلى يوم القيامة ، ثم أطبق يمينه على يساره ، ثم قال : اللهم اشهد أني قد بايعت عليّاً ، وقال : الحمد لله الذي أبقاني إلى هذا اليوم ، وقال لابنَيْهِ صفوان وسعد : احملاني وكونا معه ، فستكون له حروب كثيرة ، فيهلك فيها خلق من الناس ، فاجتهدا أن تستشهدا معه ، فإنه والله عَلَى الحق ، ومن خالفه عَلَى البَاطل ، ومَات حذيفة بعد هذا اليوم بسبعة أيام ) - 5 -
وقد تكون حقيقية كتقبيل جبرئيل (ع) ليد الامام المهدي (ع) عند ظهوره بمكة المكرمة . ففي الرواية المروية عن الامام الصادق (ع) التي أجاب فيها المفضل فقال له : ( يا مفضل كل بيعة قبل ظهور القائم عليه السلام فبيعته كفر ونفاق وخديعة ، .... الى ان يقول الامام : فيكون أول من يقبل يده جبرئيل عليه السلام ثم يبايعه وتبايعه الملائكة ونجباء الجن ، ثم النقباء ويصبح الناس بمكة ) - 6 -
*** البيعة بالمعنى الاصطلاحي :
المعنى الإصطلاحي الشائع للبيعة : هي عقد وتعهد من ناحية المبايع على أن يطيع لمن بايعه ويمتثل أوامره ويلتزم فيما بايعه عليه ولا يتخلف عن أمره - 7 -
فالبيعة بالمعنى الاصطلاحي هي من الاقوال التي لا يشترط في انشائها الأفعال كالمصافحة بالأيدي - صورة او حقيقة - بل يكفي ان نتعهد بامتثال أوامر الامام المفترض الطاعة ونواهيه بالحرف الواحد .
*** هل تجب البيعة على النساء :
كانت الطريقة التي استعملها النبي الاكرم (ص) في بيعتهن أن وضع بين يديه إناء فيه ماء ، فإذا أسلمن يدخل يده في الماء ثم يخرجها منه فيدخلن أيديهن فيه - 8 - ، وفي رواية أخرى أنّه (ص) كان يضع على يده ثوباً وبعد الإقرار بالشهادتين يمسحن أيديهن على ذلك الثوب - 9 - وهناك من ذهب إلى القول بأنّ بيعة النساء كانت بالقول فقط دون الفعل - 10 - وهناك صور أخرى ذكرت في المصادر الحديثية لبيان كيفية بيعة النساء يمكن رصدها في المصادر التاريخية والحديثية - 11 - علماً أنّ القاسمي - 12 - يرى أن مبايعة النساء لم تحصل إلا في حياة النبي (ص) في كل من بيعة العقبة الثانية وبيعة الرضوان والفتح في مكة ، ولم نجد لمبايعة النساء ذكراً في تاريخ الخلفاء والحكّام من بعده (ص) بل انحصرت البيعة بالرجال فقط - 13 -
********************
الهوامش :
1 - مفاتيح الجنان ، دعاء العهد .
2 - شهيدي ، بيعت وچگونگي آن در تاريخ اسلام ، ص 125.
3 - ابن خلدون ، المقدمة ، ص 209.
4 - الشهرستاني ، مدخل الى علم الفقه ، ص 155.
5 - مروج الذهب ، للمسعودي ، ج 2 ، ص 23 ، المطبعة البهية – مصر .
6 - بحار الأنوار ، العلامة المجلسي ، ج 52 ، ص 369 .
7 - انوار الفقاهة ، مكارم الشيرازي ، كتاب البيع ، ج 1 ، ص 517 .
8 - تاريخ الطبري ، لابن جرير ، ج 3، ص 62.
9 - تفسير الكشاف ، للزمخشري ، ذيل الآية 12 سوره الممتحنة .
10 - نظام الحكومة النبّوية ، للكتاني ، ج 1 ، ص 222.
11 - الارشاد ، للشيخ المفيد ، ص 63.
12 - نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الإسلامي ، للقاسمي ، ج 1 ، ص 277 - 278 .
13 - تاريخ الطبري ، لابن جرير ، ج 2 ، ص 361 - 366 .
تعليق