هي ولادة العباس بن علي(ع)، أخ الحسين(ع)؛ هذا العبد الصالح المطيع لله ولرسوله ولأمير المؤمنين والحسن والحسين(ع)، وقد كان كما يقول الإمام الصادق(ع): "نافذ البصيرة، صلب الإيمان"[10]، وقد عبّر عن ذلك بقوله: واللـه إن قطعتم يمينـي إنّـي أحامي أبداً عن دينـي
فهل تحبّونه؟ قد تذرفون الدّموع عليه، وقد تعيشون العنفوان في الحديث عن بطولته، ولكن كم من عباس عندنا يحامي عن دينه؟ وكم من عباس نافذ البصيرة في معنى الإسلام على مستوى الفكر والعاطفة والحياة؟ وكم من عباس يقف في الساحة قويّاً صلباً، فحتى لو أصيبت الساحة كلّها بالهزاهز والزلازل، فإنه لا تأخذه في الله لومة لائم؟
كان العباس(ع) فرحاً بشهادته وبجهاده، وكان يعيش الفرح في إرادته القوية الرائعة، عندما كان العطش يفترس شرايينه كلها، والماء البارد بين يديه، ولكنّه رفض أن يشرب منه، لأنه عاش الحسين(ع) في عطشه كلّه، وعاش أولئك العطاشى من أهل بيته، وتلك قمة الإيثار في حركة الإحساس بالآخر، وهو أن تعيش الإيثار للآخر في منطقة الشعور، فتمنع نفسك مما هو محروم منه، لأنك لا تستطيع أن تقدّم له شيئاً.
إنّ المشكلة في التاريخ، أنّه لا يحدّثك عن العباس إلا في بعض مواقع كربلاء، ولكنك عندما تنفذ إلى هذه الشخصيّة من خلال كلمة هنا وكلمة هناك، وموقف هنا وموقف هناك، فإنك تشعر بأنّك عندما تذكر العباس ترتفع، لتجد معنى شباب الإسلام في شبابه، ومعنى عنفوان الإسلام في عنفوانه، ومعنى إيثار الإسلام في إيثاره، ومعنى الأخلاقيّة المنفتحة على الله والمتحرّكة في حياة النّاس في أخلاقيّاته.
إني أتصوّره وهو يخرج للجهاد، يناجي ربّه، ويبتهل إليه، ويستعدّ للقائه، أتصوّره في إنسانيّته يبكي قلبه لضلال هؤلاء، لأنهم لم ينفتحوا على الحقّ، ولأنهم لم يلتقوا بما يقرّبهم من الله تبارك وتعالى ومن رحمته، ولأنهم لم يفهموا ما معنى الحسين(ع)، ولم يفهموا معنى أن يعيش موقف الإنسان مع خفقات قلبه، فلا تكون قلوبهم معه وسيوفهم عليه، بل تكون سيوفهم في اتجاه إخلاص قلوبهم.
كان العبّاس(ع) كالحسين(ع) يبكي على هؤلاء، لأنه كأبيه عليّ(ع)، ليس محارباً يهوى الحرب، ويحبّ أن يقتل أعداءه، حتى لو كانوا يستحقّون ذلك، بل كان يريد أن يهدي أعداءه، ليكونوا الأصدقاء للحقيقة كما هو صديق لها، كما قال عليّ(ع)، والعباس هو ابن علي(ع) جسداً وعقلاً وروحاً وحركةً وجهاداً وتطلّعاً: "والله ما دفعت الحرب يوماً إلا وأنا أطمع أن تلحق بي طائفة فتهتدي بي وتعشو إلى ضوئي، فهو أحبّ إليّ من أن أقتلها على ضلالها وإن كانت تبوء بآثامها"[11]. وكان عليّ(ع) سيّد الأبطال، ولكن بطولته كانت في معنى إنسانيته، وكان الإنسان في حربه كما كان الإنسان في سلمه، وقد تعلّم العباس(ع) ذلك من أبيه. لذلك، فإنّ علينا ـ أيها الأحبة ـ عندما نتذكّر العباس، أن لا نبكيه فقط، ولكن أن نحتذي به، وأن ننهج نهجه، ونعيش أفقه، ونحلّق مع روحه، وننطلق في خطّ رسالته.
إني أحامي أبداً عن ديني وعن إمام صادق اليقيـن
إني أحامي عن الخطّ كما أحامي عن القيادة الصالحة
فهل تحبّونه؟ قد تذرفون الدّموع عليه، وقد تعيشون العنفوان في الحديث عن بطولته، ولكن كم من عباس عندنا يحامي عن دينه؟ وكم من عباس نافذ البصيرة في معنى الإسلام على مستوى الفكر والعاطفة والحياة؟ وكم من عباس يقف في الساحة قويّاً صلباً، فحتى لو أصيبت الساحة كلّها بالهزاهز والزلازل، فإنه لا تأخذه في الله لومة لائم؟
كان العباس(ع) فرحاً بشهادته وبجهاده، وكان يعيش الفرح في إرادته القوية الرائعة، عندما كان العطش يفترس شرايينه كلها، والماء البارد بين يديه، ولكنّه رفض أن يشرب منه، لأنه عاش الحسين(ع) في عطشه كلّه، وعاش أولئك العطاشى من أهل بيته، وتلك قمة الإيثار في حركة الإحساس بالآخر، وهو أن تعيش الإيثار للآخر في منطقة الشعور، فتمنع نفسك مما هو محروم منه، لأنك لا تستطيع أن تقدّم له شيئاً.
إنّ المشكلة في التاريخ، أنّه لا يحدّثك عن العباس إلا في بعض مواقع كربلاء، ولكنك عندما تنفذ إلى هذه الشخصيّة من خلال كلمة هنا وكلمة هناك، وموقف هنا وموقف هناك، فإنك تشعر بأنّك عندما تذكر العباس ترتفع، لتجد معنى شباب الإسلام في شبابه، ومعنى عنفوان الإسلام في عنفوانه، ومعنى إيثار الإسلام في إيثاره، ومعنى الأخلاقيّة المنفتحة على الله والمتحرّكة في حياة النّاس في أخلاقيّاته.
إني أتصوّره وهو يخرج للجهاد، يناجي ربّه، ويبتهل إليه، ويستعدّ للقائه، أتصوّره في إنسانيّته يبكي قلبه لضلال هؤلاء، لأنهم لم ينفتحوا على الحقّ، ولأنهم لم يلتقوا بما يقرّبهم من الله تبارك وتعالى ومن رحمته، ولأنهم لم يفهموا ما معنى الحسين(ع)، ولم يفهموا معنى أن يعيش موقف الإنسان مع خفقات قلبه، فلا تكون قلوبهم معه وسيوفهم عليه، بل تكون سيوفهم في اتجاه إخلاص قلوبهم.
كان العبّاس(ع) كالحسين(ع) يبكي على هؤلاء، لأنه كأبيه عليّ(ع)، ليس محارباً يهوى الحرب، ويحبّ أن يقتل أعداءه، حتى لو كانوا يستحقّون ذلك، بل كان يريد أن يهدي أعداءه، ليكونوا الأصدقاء للحقيقة كما هو صديق لها، كما قال عليّ(ع)، والعباس هو ابن علي(ع) جسداً وعقلاً وروحاً وحركةً وجهاداً وتطلّعاً: "والله ما دفعت الحرب يوماً إلا وأنا أطمع أن تلحق بي طائفة فتهتدي بي وتعشو إلى ضوئي، فهو أحبّ إليّ من أن أقتلها على ضلالها وإن كانت تبوء بآثامها"[11]. وكان عليّ(ع) سيّد الأبطال، ولكن بطولته كانت في معنى إنسانيته، وكان الإنسان في حربه كما كان الإنسان في سلمه، وقد تعلّم العباس(ع) ذلك من أبيه. لذلك، فإنّ علينا ـ أيها الأحبة ـ عندما نتذكّر العباس، أن لا نبكيه فقط، ولكن أن نحتذي به، وأن ننهج نهجه، ونعيش أفقه، ونحلّق مع روحه، وننطلق في خطّ رسالته.
إني أحامي أبداً عن ديني وعن إمام صادق اليقيـن
إني أحامي عن الخطّ كما أحامي عن القيادة الصالحة
تعليق