إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(١)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(١)

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    ▪️ الأهمية

    🔹إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أحد دعامتي حياة الإنسان، وذلك أن حياة الإنسان ككائن مميز تبتني على دعامتين:

    الأولى: قوانين الحياة التي تنظم سلوك الإنسان وتحدد ميوله وغرائزه وانفعالاته تحرياً لصلاحه الفردي والجمعي في العاجل والآجل، وقد أودعت أصول تلك القوانين في النفس الإنسانية وعرفت على الإجمال بالمعروف والمنكر، فالنفس الإنسانية قد فطرت على الشعور بالانسجام مع سلوكيات معينة والاستئناس بها والركون إليها، وذلك كالعدل والصدق والعفاف والوفاء والإحسان والرحمة وأخواتها، وعلى الشعور بالحزازة من سلوكيات أخرى مضادة لها والضيق منها والرغبة في مباعدتها كالظلم والعدوان والكذب والخيانة والفواحش وأخواتها. ومن هنا سميت السلوكيات الحسنة بالمعروف لأنها مما تعرفه النفس وتجد صلة بها ووشيجة معها حتى كأنها عقدت عليها، والسلوكيات الأخرى بالمنكر لأن النفس تتنكر لها حتى كأنها غريبة عنها مستوحشة منها.

    والثانية: تنفيذ هذه القوانين من خلال الأدوات التربوية والعملية، وذلك ما يفي به الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهذه الخصلة هي دعامة الحياة الإنسانية، لأنها أداة تنفيذ المعروف والحيلولة دون المنكر، وإذا كان المعروف والمنكر يمثلان القانون الفطري للحياة والذي تسعى جميع القوانين إلى تضمينها وتحريها عند تشابه الموقف منها، فلا بد لهما من أداة لتنفيذهما وإلا لم يكونا قانوناً، وليست تلك الأداة إلا الحث على المعروف والترغيب عن المنكر بمراتبه المختلفة.
    وهذه الخصلة هي خصلة فطرية في الإنسان، فالشعور الفطري للإنسان كما يحفز ه فيما يتعلق بسلوكه الشخصي على الإتيان بالمعروف وتجنب المنكر فإنه يحفزه على حثّ الآخرين على المعروف والترغيب عن المنكر.
    🔹 ولأجل تنفيذ هذه الخصلة بُعث الأنبياء وجُعل الأوصياء، كما قال سبحانه: [الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ].
    كما أن إليها تنتمي وظيفة الدولة في إحقاق الحقوق وتطبيق القوانين العادلة، قال تعالى: [الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّـهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ].
    ووظيفة المجتمع والقيادات الاجتماعية في نصرة المظلوم ودفع الظالم، قال تعالى: [وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ].
    ووظيفة الوالدين في داخل الأسرة في صيانتها وحسن تربية الأولاد فيها، قال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّـهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ].
    ووظيفة المعلمين في توجيه تلامذتهم والمتعلمين منهم تجاه السلوكيات الصحيحة والسليمة: [لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ].
    فهذه الخصلة هي أساس إقامة العدل والإيفاء بالحق وهي مرتكز الحياة الإنسانية وقاعدتها.

    🔹وإن هذه الخصلة لهي خصلة رائعة حقاً من خصال الإنسان بما تمثله من اهتمام الإنسان بالسلوك الملائم من أخيه الإنسان وحرصه عليه، وتكاتف الناس فيما بينهم على البر والتقوى وتعاونهم على رفض الإثم والعدوان، ومحبة الإنسان لأخيه ما يحب لنفسه وكراهته له ما يكره لنفسه، وصيانته الجو العام عن التلوث بالأفعال الذميمة والسلوكيات غير الملائمة، ويتكاتف الناس من خلاله على المحافظة على قواعد الحياة وقوانينها ونواميسها وسنن الخير والصلاح والسعادة فيها.

    🔹 وإن الإنسان المؤمن المتقي كما هو حريص على إتيان المعروف وتجنب المنكر في سلوكه الشخصي فإنه لحريص على أداء هذه الفريضة على وجهها حسبما يفرضه موقعه في الحياة سواء كان حاكماً ومسؤولاً أو أباً أو أماً أو أخاً أو أختاً أو زوجاً أو زوجة أو رحماً أو جاراً أو صديقاً أو جليساً أو ناظراً، كما قال الله سبحانه: [وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ أُولَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّـهُ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ].

    : السيد محمد باقر السيستاني.

    السَّلامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ ، وَمَسَاكِنِ بَرَكَةِ اللهِ ، وَمَعَادِنِ حِكْمَةِ اللهِ ، وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ ، وَحَمَلَةِ كِتَابِ اللهِ ، وَأَوْصِيَاءِ نَبِيِّ اللهِ ، وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ .

  • #2
    الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(٢)

    ▪️منطلقاته بحسب الفطرة والدين

    🔹إنّ خصلة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر خصلة نابعة من فطرة الانسان ، ومتجذرة فيه كما هو الحال في المعروف والمنكر نفسهما كما سبق ذكر ذلك ، فالمرء يجد شعورا ايجابياً واضحاً تجاه فعل الاخرين للمعروف مما يؤدي الى سعيه في حثهم على ذلك، كما يجد شعورا سلبياً ظاهراً في صدور المنكر منهم مما يؤدي إلى تحذيرهم منه، وذلك أمر نجده من أنفسنا جميعاً

    🔹 وينطلق هذا الشعور من عدة مبانٍ فطرية أكد عليها الدين:
    ١ ــ الحفاظ على وقع المعروف والمنكر في النفس وحمايته من الضعف والفتور، وذلك لأن مشهد إهمال المعروف وممارسة المنكر لو تكرر أمام الإنسان أدى إلى وهن الشعور الفطري بأهمية فعل المعروف وترك المنكر وبما أن النفس تأنف التطبيع مع ما يناقض ذلك ويقاوم وقوعه في الخارج فإنها ترغب في وقوع المعروف دون المنكر حفاظاً على سلامة الفطرة وهو حق له، وهذا المعنى في الضمير الإنساني يشبه أسلوب صيانة جسد الإنسان إياه عن الجراثيم التي تريد أن تخل بنظامه السليم، من خلال مقاومتها ومن خلال الإيعازات المتمثلة في التألم والشعور بالأذى.

    ٢ ــ وجود حق للإنسان في صيانة الجو الاجتماعي العام عن السلوك غير اللائق، فكل محضر اجتماعي فهو محل استحقاق عام، ويجب على الناس صيانة هذا المحضر عن أي سلوك غير ملائم رعايةً للاستحقاق الاجتماعي، ولا سيما إذا حضر هذا المشهد من يمكن أن يتأثر بما يقع فيه تأثراً سلبياً من الناحية التربوية. ولذلك كان المرتكب للخطيئة في مشهد آخرين أكثر إثماً ممن يرتكبها بانفراد، لانتهاك الأول للحق العام.
    وهذا أساس منع ارتكاب ما يخالف الذوق العام والآداب العامة في المشهد الاجتماعي، وهو ينطبق بنحوٍ على كل خطيئة، فكل خطيئة ترتكب في محضر آخرين نحو انتهاك لاستحقاق عام.

    ٣ ــ حق التارك للمعروف والفاعل للمنكر نفسه في صيانته عن ذلك، لأن ذلك أذى يلحق الشخص وفق المنظور الفطري، فالمنكر انما هو بمثابة الشوكة التي تكاد تصيب الآخر والحفرة التي يكاد أن ينزلق إليها، فحق على الإنسان أن يتأذى بذلك ويصون الآخر من ذلك حتى لو أراد هذا الآخر أن يفعل ذلك متعمداً، فحال الآخر في مثل ذلك حاله إذا أراد عمداً أن ينتحر أو يتصرف تصرفاً خطيراً يتأذى منه، ولذلك تنتفض فطرة الإنسان لإسعاف الآخر في هذه الحالة ولو اقتضى بعض الشدة معه مثل جذبه بقوة مثلاً.
    ٤ ــ حق من يقع التفريط بحقه بترك المعروف وفعل المنكر في صيانته إذا كان في فعل المنكر وترك المعروف مساس باستحقاقات فطرية للآخرين مثل حق الناس في سلامتهم من الأذى والعدوان، إعانةً للضعيف وانتصاراً للمظلوم وإغاثةً للملهوف وجبراً للكسير، فإذا وجد الإنسان ظلماً انتفض بفطرته وسعى في صد الظالم وحماية المظلوم.

    🔹 وهذه المنطلقات كما هي فطرية فإنها دينية أيضاً، لاهتمام الدين بها، فالدين معني بحفاظ الإنسان على وقع القيم الفاضلة والحقائق الخطيرة في نفسه وبصيانة الاجتماع الانساني عن الخطايا، ومن ثَمَّ جاء في الحديث والفتاوى أنّ أوّل مراتب النهي عن المنكر أن ينكر المرء بقلبه المنكر الذي يطلع عليه أو يتفق أمامه ، كما نهي المؤمنين الحضور في مجالس المعصية، كما قال سبحانه: [وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّـهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ]، ولذلك أيضاً ورد في الحديث النهي عن التعرب بعد الهجرة والمراد به الانتقال من البيئات الملائمة للقيم والدين إلى بيئات غير ملائمة تقلل بصيرة الإنسان وتهوّن له المنكرات.

    وكذلك يعنى الدين بعناية الإنسان بأخيه الإنسان ودعوته إلى الخير وصيانته عن الإثم والخطيئة، ولذلك اعتبر هذه الفريضة مترتبة على الولاء بين المؤمنين، كما قال سبحانه: [وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ].
    ويعنى الدين أيضاً بعون الضعيف والانتصار للمستضعف والمظلوم، كما قال سبحانه: [وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا]

    🔹وبعد فإن الإنسان المؤمن والمتقي أولى الناس بالاهتمام بهذه الحقوق والإيفاء بها، وكذلك المجتمع المؤمن والمتقي فإنه يتضامن فيما بينه على البر والصلاح، وقال تعالى في وصف المؤمنين: [التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّـهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ].

    : السيد محمد باقر السيستاني.
    السَّلامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ ، وَمَسَاكِنِ بَرَكَةِ اللهِ ، وَمَعَادِنِ حِكْمَةِ اللهِ ، وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ ، وَحَمَلَةِ كِتَابِ اللهِ ، وَأَوْصِيَاءِ نَبِيِّ اللهِ ، وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ .

    تعليق


    • #3
      الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(٣)


      ▪️الأسلوب المناسب

      🔹إن للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أساليب مختلفة لكلٍ موضعها، ومن استعمل أحدها في موضع الآخر فقد أفسد، بل ربما أوجب نهيه إصرار صاحب المنكر عليه وتحمسه له، بل قد يؤدي إلى اعتباره المنكر معروفاً من جهة الانفعال أو التبرير أو الدفاع عن النفس، وإنما مثل أساليب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثل الأدوية وجرعاتها حيث لا ينفع دواء في محل دواء آخر، ورب جرعة ناقصة ليست فاعلة، أو زائدة موجبة لمفاسد أخرى قد تزيد على مفاسد الداء الذي أريد علاجه.
      🔹ولذلك ينبغي أن يتصف المرء بالحكمة في معالجة الأمور حتى يأتي بكل شيء في محله، ولا يأتي الأمور من غير وجهتها، ولا يزيد المفسدة في مقام علاجها، ومن وجوه الحكمة ما يلي:
      ١ــ تجنب الفوقية والاستعلاء، وذلك أنه لا يراد بالأمر والنهي ان يتكلف المرء حالة من التأمّر والاستعلاء والتحكم والشدة والغلظة وإعمال القوة، كما قد يستوحى ذلك من مفهوم الأمر والنهي، بل المراد بالأمر والنهي هو ما يشمل جميع الأساليب التربوية والملائمة ولو كان على وجه الإرشاد واللين والتقريب والإقناع، ومفهوم الأمر والنهي في اللغة قد يطلق على المشورة، كقول فرعون: [إِنَّ هَـذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ].
      وعليه ينبغي حذر المرء من أن يجعل من هذه الفريضة الفطرية وسيلة إلى فرض الشخصية والانطلاق من موضع العلو والكبرياء، فلا يظهرنّ بمظهر التكبر والأنانية، وليحذر من التوسل بها إلى احتقار الآخر وكسر شخصيته، فإنه يؤدي إلى نقيض المقصود.
      ٢ ــ تحري الأسلوب الأمثل للتأثير الإيجابي، وذلك لأن الغاية من هذه الفريضة هي التأثير الإيجابي على الآخر ولذلك ينبغي للمرء أن لا ينطلق من كون الأمر والنهي غاية لذاتهما، بل يتحرى الأسلوب الأمثل للتأثير والنفوذ في عقل الآخر ومشاعره وسلوكه، وليتأمله تأملاً كافياً قبل الإقدام عليه، إذ لايتأتى للمرء إصلاح ما صدر منه بعد صدوره، ورب قاصد للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس له منهما إلا الاسم والعناء، ولو صمت لكان أولى.
      ٣ ــ الانتباه إلى اختلاف الأسلوب المناسب للآمر، وذلك أنه قد يختلف الأسلوب اللائق بحسب المتصدي لهذه الفريضة..
      أ.فهناك ما يليق بالدولة وفق وظيفتها في تشريع القوانين العادلة وتنفيذها، ولا يصح لسائر الناس المبادرة إليها.
      ب.كما أن منها ما يليق بعامة الناس فيما بينهم.
      ج.ومنها ما يليق بذوي المكانة الخاصة أو الاستحقاقات المعينة كالوجهاء النافذين والوالدين والتلاميذ والأزواج والأصدقاء.
      فإنّ كلاً راعٍ وكلٌ مسؤول عن رعيته.
      ٤ــ رعاية الرفق وتجنب الخشونة، فلا يظنن ان كل أسلوب كان أشد فإنه سيكون أكثر تأثيراً بالضرورة، بل ربّ لين أنفع من شدة، وحلم أنفع من التعجل، وكناية أنفع من تصريح، وتثبت خير من تسرع، وعمل أوفى من قول، وصمت أبلغ من كلام، ورب أسلوب غير مباشر أوقع في النفس من الأساليب المباشرة، بل قد يوجب الأسلوب الأشد في غير موضعه إلى العناد والإصرار والمكابرة، فيكون نقضاً للغرض وإفساداً لهذه الفريضة.
      ٥ــ ــ ملاءمة الأسلوب للبيئة، وذلك أن للبيئات والأعراف المختلفة زماناً ومكاناً أثراً كبيراً في ملاءمة بعض الأساليب دون بعض، فلا يصح قياس الزمان الحاضر بالأزمنة السابقة، ولا البيئات الاجتماعية المختلفة في مقوماتها وإمكاناتها وأعرافها بعضها ببعض آخر، ومن غفل عن ذلك لم يصلح بأمره ونهيه شيئاً، بل ربما زاد في المشكلة وأوجب تعقيداً مضافاً أو أدى إلى مفسدة أكبر.
      ٦ ــ تجنب طلب العدل بالجور، بأن يعلم المرء حدود هذه الفريضة، فلا يكره الآخرين فيما أنيطت مسؤولية تصرفاتهم بهم، ولا يتوسل لتحقيق العدل إلى الجور، ولا يبرر الوسيلة بالغاية.
      ٧ ــ الدعوة الصامتة، وذلك لان افضل وجوه هذه الفريضة وأكثرها تأثيراً هو الأداء الصامت من خلال العمل السليم والسلوك المعبّر والسيرة الحسنة ورسم القدوة الصالحة والأسوة المثلى، ورب آمر بالمعروف وناهٍ عن المنكر ذميم عند الله سبحانه بتركه للمعروف وإتيانه للمنكر.
      ٨ــ تحري الحكمة في كل ما تقدم مستعيناً عليه بالاطلاع على سنن الحياة والاعتبار بالأخطاء والأخذ بتجارب الآخرين، ومقارنة الآخر مع النفس فيما لو كان في نفس الموقف، وروح الإنصاف والالتفات إلى المعاذير وتزكية النفس عن الأهواء، وقد قال سبحانه: [وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا].

      🔹وبعد فإن الإنسان المؤمن والمتقي لهو أحرص على أداء هذه الفريضة على وجهها، وأبعد في الذهاب بها إلى غير مذاهبها، وأكثر تحرياً في أسلوب أدائها وسلامة أدواتها، استنارةً منه بنور الفطرة
      ويقظة الإيمان وبصائر الدين.

      : السيد محمد باقر السيستاني.
      السَّلامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ ، وَمَسَاكِنِ بَرَكَةِ اللهِ ، وَمَعَادِنِ حِكْمَةِ اللهِ ، وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ ، وَحَمَلَةِ كِتَابِ اللهِ ، وَأَوْصِيَاءِ نَبِيِّ اللهِ ، وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ .

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X