بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ان الحياة الدنيا لا تخلو من المشاكل والمعاناة والمنغصات الكثيرة ، وبالتالي فان الإنسان يخرج بنتيجة ملموسة وواقعية ، وهي إن الهدف الرئيسي للإنسان لا يمكن أن يتحدد في إطار هذه الدنيا ؛ فهي ليست خاتمة المطاف ، وإن أولئك الذين يغالطون واقعهم ويزعمون أن الدنيا هي الهدف والغاية هم الأكثر بلاء . . والأشد عناء ومعاناة .
ولذلك فان الإنسان عندما يعيش الأمل بالراحة وصفاء البال وتوفر النعمة . . ثم إذا به يواجه وابلاً من المشاكل والعثرات ، فان من الطبيعي أن يحس بعنف الصدمة النفسية ، والغصة في أوج حالة التنعم والارتياح . أما إذا كان قد أعد العدة للمشاكل والصدمات النفسية والعثرات التي تعترض سبيل الراحة والاطمئنان والتنعم ، فحينئذ سيكون الأمر بالنسبة إليه عادياً ، وسيكون قادراً على إستيعاب تلك المشاكل والمعضلات ؛ لا كأولئك الذين يحسبون أن الدنيا دار أنس وراحة وتمتع واستقرار ، والذين ينهارون من الناحية النفسية والمعنوية لمجرد أبسط مشكلة تواجههم . ذلك لأنهم عاشوا الدنيا وهم يتصورون أنها الغاية والهدف المنشود ، فتراهم لا يعيرون أذنا صاغية الى ناصح ، متغافلين عن هتافات وتحذيرات الأنبياء والأوصياء .
فلنأخذ بعين الاعتبار دائماً البلايا والمصاعب ومواجهة العثرات ؛ فان جائتنا النعم والخيرات فرحنا بها ، وإن واجهتنا الأمور التي لا تبعث على الراحة ، وتسلب الاطمئنان ، فانها سوف لا تكون غريبة علينا ، لأننا كنا قد وضعناها في الحسبان ، وأعدنا العدة لمواجهتها .
وبناء على ذلك ، فلو نظرنا الى الحياة من خلال هذا المنظار ـ المنظار الواقعي ـ فان في ذلك مبعث النجاح والفلاح في هذه الحياة ، وفي كتاب الله العزيز نرى أن في كثير من آياته تأكيداً متواصلاً على حقيقة البلايا والمصائب والصراعات والمعضلات والعثرات والفتن والوساوس الشيطانية والموت ومواعظه البليغة . وعلى سبيل المثال فانه يذكّر بالموت ونزوله بالانسان ، ويحثه على العمل والجد والاجتهاد والسعي والانتشار في أرض الله الواسعة . . وبذلك فانه يؤكد لنا على أن هذه الحياة لم تخلق بهدف الدعة ، وبلوغ الراحة .
ومن خلال هذه النظرة الواقعية الصائبة الى الحياة ، يمكن للانسان السير نحو الكمال المطلق ؛ أي نحو الله سبحانه وتعالى ، ويتحول إلى ذلك الانسـان الذي يقول عنه : "كنت كالجبل لا تحرّكه العواصف ولا تزيله القواصف" . فالمؤمن أقوى وأكثر شموخاً من الجبل ، وأصلب من الحديد ، لا تنال من عزمه وهمته ولا تثبط حركته ونشاطه في الحياة عواصف الدنيا وقواصفها .