بسم الله الرحمن الرحيم
جاء هذا اللفظ في القرآن على ستة معان، هي:
الأول: بمعنى الإتمام، وهذا كثير في القرآن، منه قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة} (البقرة:43) أي: أتموها بحقوقها وحدودها. ومثله قوله سبحانه: {الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة} (البقرة:3). ولم يأمر تعالى بـ {الصلاة} حيثما أمر، ولا مدح بها حيثما مدح إلا بلفظ (الإقامة)؛ تنبيهاً على أن المقصود منها توفية شرائطها، لا الإتيان بهيئاتها، نحو: {وأقيموا الصلاة} (البقرة:43)، في غير موضع، وقوله سبحانه: {والمقيمين الصلاة} (النساء:162).
الثاني: بمعنى استقبال القبلة، ورد على هذا المعنى قوله عز من قائل: {وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد} (الأعراف:29) أي: استقبلوا القبلة بوجوهكم عند الصلاة.
الثالث: بمعنى الإخلاص في الدين، من ذلك قوله عز من قائل: {وأن أقم وجهك للدين حنيفا} (يونس:105) أي: أخلص عبادتك وطاعتك لله وحده لا شريك له.
الرابع: بمعنى أداء الفرائض التي فرضها الله على عباده في كتبه، جاء على هذا المعنى قوله تبارك وتعالى: {ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم} (المائدة:66) أي: عملوا بها. ومنه أيضاً قوله سبحانه: {قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل} (المائدة:68) أي: تعملوا بهما، فتأتمرون بما فيهما من الأوامر، وتنتهون عما فيهما من النواهي.
الخامس: بمعنى التسوية والعمارة، جاء بحسب هذا المعنى قوله تعالى في قصة موسى مع الخضر عليهما السلام: {فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه} (الكهف:77) أي: سواه وعمَّره.
السادس: بمعنى الاستقرار في الوطن: {يوم ظعنكم ويوم إقامتكم} أي: يوم سفركم ويوم استقراركم في أوطانكم.
ثم ها هنا آيات تضمنت هذا الجذر اللغوي، وردت على معان متعددة، نحاول تالياً الوقوف على معانيها، فمن ذلك:
قوله سبحانه: {فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان} (المائدة:107) أي: ينوبان منابهما، فـ (القيام) بمعنى النيابة، من قام فلان مقام فلان: إذا ناب عنه.
وقوله عز من قائل: {قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما} (الأنعام:161) أي: ديناً ثابتاً مقوماً لأمور معاشهم ومعادهم. وقال الطبري: ومعناه ديناً مستقيماً لا عوج فيه. ومثل هذا قوله جل جلاله: {ذلك الدين القيم} (يوسف:40) أي: الدين المستقيم، الذي لا عوج فيه.
وقوله سبحانه: {ولم يجعل له عوجا قيما} (الكهف:1-2) أي: (قيما) معتدلاً مستقيماً. وقيل: عنى به: أنه قيم على سائر الكتب، يصدقها ويحفظها.
وقوله عز وجل: {وذلك دين القيمة} (البينة:5) يعني بـ {القيمة}: المستقيمة العادلة، والمراد ملة الإسلام ملة مستقيمة عادلة. فـ {القيمة} ها هنا اسم للأمة القائمة بالقسط المشار إليهم بقوله سبحانه: {كنتم خير أمة} (آل عمران:110).
وقوله تعالى: {فيها كتب قيمة} (البينة:3) إشارة إلى ما في القرآن من معاني كتب الله تعالى؛ فإن القرآن مجمع ثمرة كتب الله تعالى المتقدمة.
وقد قال الطبري هنا: في الصحف المطهرة كتب من الله، قيمة عادلة مستقيمة، ليس فيها خطأ؛ لأنها من عند الله.
وقوله سبحانه: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} (البقرة:255) أي: القائم الحافظ لكل شيء، والمعطي له ما به قِوامه، وذلك هو المعنى المذكور في قوله عز وجل: {الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} (طه:50)، وفي قوله تبارك وتعالى: {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت} (الرعد:33).
وقوله سبحانه: {وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى} (النساء:142)، فإن هذا من القيام -الذي هو العزم- لا من الإقامة.
وقوله عز وجل: {رب اجعلني مقيم الصلاة} (إبراهيم:40) أي: وفقني لتوفية شرائطها، وقوله: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة} (التوبة:11) فقد قيل: عني بإقامتها الإقرار بوجوبها، لا بأدائها.
وقوله تعالى: {لا مُقام لكم فارجعوا} (الأحزاب:13)، من قام، أي: لا مستقر لكم، وقد قرئ: {لا مَقام لكم} من: أقام.
-------------
منقول
جاء هذا اللفظ في القرآن على ستة معان، هي:
الأول: بمعنى الإتمام، وهذا كثير في القرآن، منه قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة} (البقرة:43) أي: أتموها بحقوقها وحدودها. ومثله قوله سبحانه: {الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة} (البقرة:3). ولم يأمر تعالى بـ {الصلاة} حيثما أمر، ولا مدح بها حيثما مدح إلا بلفظ (الإقامة)؛ تنبيهاً على أن المقصود منها توفية شرائطها، لا الإتيان بهيئاتها، نحو: {وأقيموا الصلاة} (البقرة:43)، في غير موضع، وقوله سبحانه: {والمقيمين الصلاة} (النساء:162).
الثاني: بمعنى استقبال القبلة، ورد على هذا المعنى قوله عز من قائل: {وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد} (الأعراف:29) أي: استقبلوا القبلة بوجوهكم عند الصلاة.
الثالث: بمعنى الإخلاص في الدين، من ذلك قوله عز من قائل: {وأن أقم وجهك للدين حنيفا} (يونس:105) أي: أخلص عبادتك وطاعتك لله وحده لا شريك له.
الرابع: بمعنى أداء الفرائض التي فرضها الله على عباده في كتبه، جاء على هذا المعنى قوله تبارك وتعالى: {ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم} (المائدة:66) أي: عملوا بها. ومنه أيضاً قوله سبحانه: {قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل} (المائدة:68) أي: تعملوا بهما، فتأتمرون بما فيهما من الأوامر، وتنتهون عما فيهما من النواهي.
الخامس: بمعنى التسوية والعمارة، جاء بحسب هذا المعنى قوله تعالى في قصة موسى مع الخضر عليهما السلام: {فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه} (الكهف:77) أي: سواه وعمَّره.
السادس: بمعنى الاستقرار في الوطن: {يوم ظعنكم ويوم إقامتكم} أي: يوم سفركم ويوم استقراركم في أوطانكم.
ثم ها هنا آيات تضمنت هذا الجذر اللغوي، وردت على معان متعددة، نحاول تالياً الوقوف على معانيها، فمن ذلك:
قوله سبحانه: {فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان} (المائدة:107) أي: ينوبان منابهما، فـ (القيام) بمعنى النيابة، من قام فلان مقام فلان: إذا ناب عنه.
وقوله عز من قائل: {قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما} (الأنعام:161) أي: ديناً ثابتاً مقوماً لأمور معاشهم ومعادهم. وقال الطبري: ومعناه ديناً مستقيماً لا عوج فيه. ومثل هذا قوله جل جلاله: {ذلك الدين القيم} (يوسف:40) أي: الدين المستقيم، الذي لا عوج فيه.
وقوله سبحانه: {ولم يجعل له عوجا قيما} (الكهف:1-2) أي: (قيما) معتدلاً مستقيماً. وقيل: عنى به: أنه قيم على سائر الكتب، يصدقها ويحفظها.
وقوله عز وجل: {وذلك دين القيمة} (البينة:5) يعني بـ {القيمة}: المستقيمة العادلة، والمراد ملة الإسلام ملة مستقيمة عادلة. فـ {القيمة} ها هنا اسم للأمة القائمة بالقسط المشار إليهم بقوله سبحانه: {كنتم خير أمة} (آل عمران:110).
وقوله تعالى: {فيها كتب قيمة} (البينة:3) إشارة إلى ما في القرآن من معاني كتب الله تعالى؛ فإن القرآن مجمع ثمرة كتب الله تعالى المتقدمة.
وقد قال الطبري هنا: في الصحف المطهرة كتب من الله، قيمة عادلة مستقيمة، ليس فيها خطأ؛ لأنها من عند الله.
وقوله سبحانه: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} (البقرة:255) أي: القائم الحافظ لكل شيء، والمعطي له ما به قِوامه، وذلك هو المعنى المذكور في قوله عز وجل: {الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} (طه:50)، وفي قوله تبارك وتعالى: {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت} (الرعد:33).
وقوله سبحانه: {وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى} (النساء:142)، فإن هذا من القيام -الذي هو العزم- لا من الإقامة.
وقوله عز وجل: {رب اجعلني مقيم الصلاة} (إبراهيم:40) أي: وفقني لتوفية شرائطها، وقوله: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة} (التوبة:11) فقد قيل: عني بإقامتها الإقرار بوجوبها، لا بأدائها.
وقوله تعالى: {لا مُقام لكم فارجعوا} (الأحزاب:13)، من قام، أي: لا مستقر لكم، وقد قرئ: {لا مَقام لكم} من: أقام.
-------------
منقول