بسم الله الرحمن الرحيم
{ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ }* ﴿آية ٨٥ – سورة القصص ﴾

معاني الكلمات:
إن الذي فرض عليك القرآن:* أنزله.
لرادّك:* لمرجعك.
إلى معاد:* إلى مكة المكرمة فاتحا وكان قد اشتاقها.
قل ربي أعلم من جاء بالهدى، ومن هو في ضلال مبين:* نزل جواباً لقول كفار مكة له: إنك في ضلال، أي فهو الجائي بالهدى، وهم في ضلال، *وأعلم* بمعنى عالم.
فسير الآية:* الله تعالى يخاطبُ *الرسولَ محمد صل الله عليه وآله:* إن الذي أنزلَ عليك القرآن، وفرضَ عليك تبليغه والتمسُّك به، لمرجعِك إلى الموضعِ الذي خرجتَ منه، وهو *مكة*، قلْ لهؤلاء المشركين: ربي أعلمُ مَن جاءَ بالهدى، ومن هو في ذهابٍ واضحٍ عن الحقِ.
توضيح:* أختلف أهل التأويل في تأويل قوله "لرادك إلى معاد" فقال بعضهم: معناه: لمصيرك إلى الجنة، او الى الموت..
لكن المشهور بان هذه الآية تعتبر من المبشرات ومن أخبار الغيب في ذلك الوقت، حين اضطر *النبي صلى الله عليه وآله* الخروج من مكة الى المدينة، في الطريق وقف ينظر اليها وهو حزين على فراقها لانها موطنه، فبشره *الله تعالى* بالعودة إليها من خلال هذه الآية. وقد كان هذا بعد سبع سنين معتمرا (عمرة القضاء)، وبعد ثماني سنين فاتحا، وشتان بين حال الخروج، خائفا شريدا طريدا فريدا، وبين حال العودة فاتحا بجيش إسلامي كبير، ليقول (ص) للذين أخرجوه: *(يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم؟)*. قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، قال (ص): *(فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوانه: {لا تثريب عليكم اليوم} اذهبوا فأنتم الطلقاء).*
درس وعبرة:* تعلمنا هذه الآية بان الوطن عزيزٌ، ولكن تبقى اهمية التضحية بالوطن من أجل الدين، رغم خروج *الرسول صلى الله عليه وآله* من موطنه، ولكنه ليس الخروج النهائي بمعنى نسيان الوطن، بل كان مهاجرا في سبيل الله والدعوة الى الإسلام، ينشر دين الله ويبلغ الرسالة وما أُنزِل عليه، وفي الوقت نفسه يريد العودة وتحرير الانسان والوطن. وهذا ما فعله *الإمام الحسين عليه السلام* بالخروج من مكة الى العراق لنصرة الدين ولحفظ القيم الإسلامية والانسانية، ولمواجهة الحكم الأموي الظالم والفاسد، والتضحية واهل بيته واصحابه بكل ما يملكون من غالٍ ونفيس من أجل تحقيق هذا الاهداف النبيلة.