بـسـم الله الـرحـمـٰن الـرحـيـم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ورد في دعاء أبي حمزة الثمالي: فإن كرمك يجل عن مجازاة المذنبين» 1.
يتعلق العبد الراجي عفو ربه بكل أوجه الجمال الإلهي ليستضيء بأنوار هدايتها، فتارة يتأمل في علمه تعالى أو حلمه أو سعة رحمته أو لطفه أو مغفرته، وهاهنا ينظر للكرم الإلهي بأن يتجاوز الجبار عز وجل ويصفح عما اقترفه من سيئات، فالكريم من العباد يأمل صفحه في حق من أخطأ بحقه وأساء له، وغير معهود منه توفية حقه والاقتصاص منه، بل يتحرك كرام الناس من منطلق ترفعهم عن روح الانتقام، وإنما يثبتون بعظيم مواقفهم أنهم أكبر من مجازاة المسيء والاقتصاص منه، وحينما يخاف المسيء من المبادرة للقاء من أخطأ بحقه خوفا من المعاقبة يطمئنه الآخرون بأن فلانا من الكرماء، فكيف بمن يقدم بذنوبه على أكرم الأكرمين معترفا بها وراجيا الصفح عنه؟!
أي مصير يواجهه من أصر على الاستمرار في طريق الشهوات والأهواء فلم يتوقف عن غيه وإيغاله في عالم الشهوات واقتحام المحرمات، إنه الاستيطان في مواقع السخط الإلهي الذي يعريه من ظلال الرحمة الواسعة، ومتى ما استشعر بالاستيحاش من ظلمة الذنوب فعليه التحرك نحو الانتقال من هذا الحال السيء، وتبصر تلك العوامل التي أسقطته وهتكت أستاره.
ارتكاب الذنوب من المؤمن ضعف إرادة أمام إغراء الشيطان وتزيين الأهواء ولم يكن مناددة للمولى الجليل، وغفلة غلفت عقله عن لقاء الله تعالى والجزاء الأخروي فلم يرعو عن الخطايا، ولكن الكرم الإلهي ما تركه صريعا لليأس من الخلاص ولكن فتح له باب التوبة على مصراعيه، فليتأمل في حاله ومآله وعواقب أمره ويعترف بما أجرم في حق نفسه، فالندم الحقيقي قطع العلائق مع كل أسباب المعصية، وألم نفسي ينتابه كلما خطر في باله مقارفته للمعصية وغفلته عن رقابة الله تعالى عليه، فتتلقفه يد الكرم الإلهي لتسبغ عليه محبة وتحنانا لانتمائه لزمرة التائبين، ويبسط له عز وجل الصفح عن ذنوبه.
وهذا الكرم الإلهي الذي يترفع عن معاقبة المسيء على ما فعل ينبغي أن يكون مدعاة للأوبة، لا للتمادي والتجريء على المحارم اعتقادا بأن هذا الكرم بلا قيود أو شروط، هذا الكرم هبة ربانية غايته أن يستشعر المذنب نسمات الأمل ولا يفقد التطلع إلى يوم يتخلص فيه مما هو عاكف عليه، يسارع إلى التوبة هاربا من كل ما يلحق به الأذى وسخط مولاه، ويستحث الخطى نحو تنزيه نفسه ومواقفه من السقوط في وحل الشهوات.
والإمعان في غي النفس واستمراء الزلل والافتتان بالنزوات اعتمادا على فكرة القدوم بدون زاد على الكريم، والتيقن من قضاء حاجته أو صفحه عن خطأه فكرة خاطئة ووهم، فيد الكرم لا تمتد لعمى فوق عمى بصيرته أو لإرسال رسالة يفهم منها التأييد لاستمراره في طريق التفلت والمعصية، وإنما هو كرم وتفضل يحظى به من استيقظت روحه وأنبه ضميره وندم على ما مضى وعزم على التغيير الإيجابي، ويدعوه هذا الصفح عن ذنوبه إلى الإقلاع عن المعصية والتزين بالأعمال الصالحة والوقوف بين يديه تعالى ليعيد لنفسه نضارة وجمال الإيمان.
هذه الومضة في الدعاء تؤكد على عظمة الباري إذ يتنزه عن إغلاق باب التوبة والرجوع، وإنما يتكرم على العصاة من عباده بالعفو عن ارتكابهم السيئات، وسبيل الكرم الذي عليهم أن يسلكوه هو التوبة النصوح والتفكر في اليوم الأخروي وما يلاقونه هناك من حساب وجزاء.
المصدر
1. المصباح ص 590.
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ورد في دعاء أبي حمزة الثمالي: فإن كرمك يجل عن مجازاة المذنبين» 1.
يتعلق العبد الراجي عفو ربه بكل أوجه الجمال الإلهي ليستضيء بأنوار هدايتها، فتارة يتأمل في علمه تعالى أو حلمه أو سعة رحمته أو لطفه أو مغفرته، وهاهنا ينظر للكرم الإلهي بأن يتجاوز الجبار عز وجل ويصفح عما اقترفه من سيئات، فالكريم من العباد يأمل صفحه في حق من أخطأ بحقه وأساء له، وغير معهود منه توفية حقه والاقتصاص منه، بل يتحرك كرام الناس من منطلق ترفعهم عن روح الانتقام، وإنما يثبتون بعظيم مواقفهم أنهم أكبر من مجازاة المسيء والاقتصاص منه، وحينما يخاف المسيء من المبادرة للقاء من أخطأ بحقه خوفا من المعاقبة يطمئنه الآخرون بأن فلانا من الكرماء، فكيف بمن يقدم بذنوبه على أكرم الأكرمين معترفا بها وراجيا الصفح عنه؟!
أي مصير يواجهه من أصر على الاستمرار في طريق الشهوات والأهواء فلم يتوقف عن غيه وإيغاله في عالم الشهوات واقتحام المحرمات، إنه الاستيطان في مواقع السخط الإلهي الذي يعريه من ظلال الرحمة الواسعة، ومتى ما استشعر بالاستيحاش من ظلمة الذنوب فعليه التحرك نحو الانتقال من هذا الحال السيء، وتبصر تلك العوامل التي أسقطته وهتكت أستاره.
ارتكاب الذنوب من المؤمن ضعف إرادة أمام إغراء الشيطان وتزيين الأهواء ولم يكن مناددة للمولى الجليل، وغفلة غلفت عقله عن لقاء الله تعالى والجزاء الأخروي فلم يرعو عن الخطايا، ولكن الكرم الإلهي ما تركه صريعا لليأس من الخلاص ولكن فتح له باب التوبة على مصراعيه، فليتأمل في حاله ومآله وعواقب أمره ويعترف بما أجرم في حق نفسه، فالندم الحقيقي قطع العلائق مع كل أسباب المعصية، وألم نفسي ينتابه كلما خطر في باله مقارفته للمعصية وغفلته عن رقابة الله تعالى عليه، فتتلقفه يد الكرم الإلهي لتسبغ عليه محبة وتحنانا لانتمائه لزمرة التائبين، ويبسط له عز وجل الصفح عن ذنوبه.
وهذا الكرم الإلهي الذي يترفع عن معاقبة المسيء على ما فعل ينبغي أن يكون مدعاة للأوبة، لا للتمادي والتجريء على المحارم اعتقادا بأن هذا الكرم بلا قيود أو شروط، هذا الكرم هبة ربانية غايته أن يستشعر المذنب نسمات الأمل ولا يفقد التطلع إلى يوم يتخلص فيه مما هو عاكف عليه، يسارع إلى التوبة هاربا من كل ما يلحق به الأذى وسخط مولاه، ويستحث الخطى نحو تنزيه نفسه ومواقفه من السقوط في وحل الشهوات.
والإمعان في غي النفس واستمراء الزلل والافتتان بالنزوات اعتمادا على فكرة القدوم بدون زاد على الكريم، والتيقن من قضاء حاجته أو صفحه عن خطأه فكرة خاطئة ووهم، فيد الكرم لا تمتد لعمى فوق عمى بصيرته أو لإرسال رسالة يفهم منها التأييد لاستمراره في طريق التفلت والمعصية، وإنما هو كرم وتفضل يحظى به من استيقظت روحه وأنبه ضميره وندم على ما مضى وعزم على التغيير الإيجابي، ويدعوه هذا الصفح عن ذنوبه إلى الإقلاع عن المعصية والتزين بالأعمال الصالحة والوقوف بين يديه تعالى ليعيد لنفسه نضارة وجمال الإيمان.
هذه الومضة في الدعاء تؤكد على عظمة الباري إذ يتنزه عن إغلاق باب التوبة والرجوع، وإنما يتكرم على العصاة من عباده بالعفو عن ارتكابهم السيئات، وسبيل الكرم الذي عليهم أن يسلكوه هو التوبة النصوح والتفكر في اليوم الأخروي وما يلاقونه هناك من حساب وجزاء.
المصدر
1. المصباح ص 590.
تعليق