اللهم صل على محمد وآل محمد
دَخَلَ ضِرَارُ بْنُ ضَمْرَةَ عَلَى مُعَاوِيَةَ ، فَقَالَ لَهُ ـ معاوية ـ : صِفْ لِي عَلِيّاً ؟...
فَقَالَ لَهُ : أَوَ تُعْفِينِي مِنْ ذَلِكَ ؟، فَقَالَ : لَا أُعْفِيكَ .
فَقَالَ :
- كَانَ وَاللَّهِ بَعِيدَ الْمُدَى .
- شَدِيدَ الْقُوَى .
- يَقُولُ فَصْلًا .
- وَيَحْكُمُ عَدْلًا .
- يَتَفَجَّرُ الْعِلْمُ مِنْ جَوَانِبِهِ .
- وَتَنْطِفُ الْحِكْمَةُ مِنْ نَوَاحِيهِ .
- يَسْتَوْحِشُ مِنَ الدُّنْيَا وَزَهْرَتِهَا .
- وَيَسْتَأْنِسُ بِاللَّيْلِ وَوَحْشَتِهِ .
- كَانَ وَاللَّهِ غَزِيرَ الْعَبْرَةِ .
- طَوِيلَ الْفِكْرَةِ .
- يُقَلِّبُ كَفَّهُ .
- وَيُخَاطِبُ نَفْسَهُ .
- وَيُنَاجِي رَبَّهُ .
- يُعْجِبُهُ مِنَ اللِّبَاسِ مَا خَشُنَ .
- وَمِنَ الطَّعَامِ مَا جَشَبَ .
- كَانَ وَاللَّهِ فِينَا كَأَحَدِنَا .
- يُدْنِينَا إِذَا أَتَيْنَاهُ .
- وَيُجِيبُنَا إِذَا سَأَلْنَاهُ .
- وَكُنَّا مَعَ دُنُوِّهِ مِنَّا وَقُرْبِنَا مِنْهُ لَا نُكَلِّمُهُ لِهَيْبَتِهِ .
- وَلَا نَرْفَعُ أَعْيُنَنَا إِلَيْهِ لِعَظَمَتِهِ .
- فَإِنْ تَبَسَّمَ فَعَنْ مِثْلِ اللُّؤْلُؤِ الْمَنْظُومِ .
- يُعَظِّمُ أَهْلَ الدِّينِ .
- وَيُحِبُّ الْمَسَاكِينَ .
- لَا يَطْمَعُ الْقَوِيُّ فِي بَاطِلِهِ .
- وَلَا يَيْأَسُ الضَّعِيفَ مِنْ عَدْلِهِ .
(وَأَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي بَعْضِ مَوَاقِفِهِ ، وَقَدْ أَرْخَى اللَّيْلُ سُدُولَهُ ، وَغَارَتْ نُجُومُهُ ، وَهُوَ قَائِمٌ فِي مِحْرَابِهِ ، قَابِضٌ عَلَى لِحْيَتِهِ ، يَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّلِيمِ ، وَيَبْكِي بُكَاءَ الْحَزِينِ ، فَكَأَنِّي الْآنَ أَسْمَعُهُ وَهُوَ يَقُولُ : يَا دُنْيَا ، يَا دُنْيَا ، أَبِي تَعَرَّضْتِ ؟ أَمْ إِلَيَّ تَشَوَّقْتِ ؟ هَيْهَاتَ ، هَيْهَاتَ ، غُرِّي غَيْرِي ، لَا حَاجَةَ لِي فِيكِ ، قَدْ أَبَنْتُكِ ثَلَاثاً لَا رَجْعَةَ لِي فِيهَا ، فَعُمُرُكِ قَصِيرٌ ، وَخَطَرُكِ يَسِيرٌ ، وَأَمَلُكِ حَقِيرٌ، آهِ آهِ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ ، وَبُعْدِ السَّفَرِ ، وَوَحْشَةِ الطَّرِيقِ ، وَعِظَمِ الْمَوْرِدِ .
------------------------------
بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٨٤ - الصفحة ١٥٦
تعليق