بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد واله الطيبين الطاهرين المعصومين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مَرَّ عِيسَى عليه السلام بِقَرْيَةٍ فَإِذَا أَهْلُهَا مَوْتَى فِي الْأَفْنِيَةِ وَ الطُّرُقِ، فَقَالَ لَهُمْ: "يَا مَعْشَرَ الْحَوَارِيِّينَ إِنَّ هَؤُلَاءِ مَاتُوا عَنْ سَخْطَةٍ، وَ لَوْ مَاتُوا عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ لَتَدَافَنُوا".
فَقَالُوا: يَا رُوحَ اللَّهِ، وَدِدْنَا لَوْ عَلِمْنَا خَبَرَهُمْ ؟!
فَسَأَلَ رَبَّهُ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: إِذَا كَانَ اللَّيْلُ فَنَادِهِمْ يُجِيبُوكَ.
فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ أَشْرَفَ عَلَى نَشَزٍ 1 ثُمَّ نَادَى: "يَا أَهْلَ الْقَرْيَةِ"؟
فَأَجَابَهُ مُجِيبٌ: لَبَّيْكَ يَا رُوحَ اللَّهِ.
فَقَالَ: "مَا حَالُكُمْ وَ مَا قِصَّتُكُمْ"؟!
قَالَ: بِتْنَا فِي عَافِيَةٍ وَ أَصْبَحْنَا فِي الْهَاوِيَةِ.
قَالَ: "وَ كَيْفَ ذَلِكَ"؟
قَالَ: لِحُبِّنَا الدُّنْيَا وَ طَاعَتِنَا أَهْلَ الْمَعَاصِي.
قَالَ: "وَ كَيْفَ كَانَ حُبُّكُمُ الدُّنْيَا"؟
قَالَ: حُبُّ الصَّبِيِّ لِأُمِّهِ، إِذَا أَقْبَلَتْ فَرِحْنَا، وَ إِذَا أَدْبَرَتْ حَزِنَّا وَ بَكَيْنَا.
قَالَ: "فَمَا بَالُ أَصْحَابِكَ لَمْ يُجِيبُونِي"؟
قَالَ: لِأَنَّهُمْ مُلْجَمُونَ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ بِأَيْدِي مَلَائِكَةٍ غِلَاظٍ شِدَادٍ.
قَالَ: "كَيْفَ أَجَبْتَنِي مِنْ بَيْنِهِمْ".
قَالَ: لِأَنِّي كُنْتُ فِيهِمْ وَ لَمْ أَكُنْ مِنْهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَ الْعَذَابُ أَصَابَنِي مَعَهُمْ، فَأَنَا مُعَلَّقٌ عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ لَا أَدْرِي أَنْجُو مِنْهَا أَمْ أُكَبْكَبُ فِيهَا.
فَقَالَ الْمَسِيحُ عليه السلام لِلْحَوَارِيِّينَ: "أَكْلُ خُبْزِ الشَّعِيرِ بِالْمِلْحِ الْجَرِيشِ 2، وَ لُبْسُ الْمُسُوحِ 3، وَ النَّوْمُ عَلَى الْمَزَابِلِ خَيْرٌ كَثِيرٌ مَعَ عَافِيَةِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ" 4.
المصادر
1. النشز- بالتحريك و بسكون الشين-: المكان المرتفع و الجمع نشوز و أنشاز.
2. الجريش: المدقوق و المطحون طحناً غير ناعم.
3. المسوح: جمع المسح و المِسْحُ هو الكِساءُ من شَعَرٍ، و المِسْحُ: ثَوبُ الرَّاهب.
4. تنبيه الخواطر و نزهة النواظر (مجموعة ورام): 1 / 133 ، لورّام بن أبي فراس، مسعود بن عيسى، المتوفى سنة: 605 هجرية،