يُزعم أنّ الأبواب في عهد النبي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كانت من ورق النخيل والسعف ولم يكن يوجد في ذلك الوقت مسمارٌ أو خشبٌ ! فإذا كانت كذلك فكيف تقولون يا شيعة أنّ عُمَر بن الخطاب اقتحم باب فاطمة الزهراء (عليها السلام) وأحرق دارها وكسر ضلعها ورفسها على بطنها الحامل حتى أسقطت جنينها المحسن (عليه السلام) ؟!
الإجابة :-
حصر صناعة الأبواب من ورق النخيل فقط بحاجة إلى دليل قطعي ، حيث أنّه لم يرد ذلك بل قد ورد في أخبارٍ كثيرة في مصادر الفريقين وقد تجاوزت التواتر هي أنّ بيوت المدينة المنورة ومكّة المكرمة كان لها أبواب تُطرق وتُغلق وتفتح ، ولا يتحقق ذلك إلّا في الأبواب الخشبية لا الأبواب الورقية النخيلية . ومن ثم أنّه هناك فرقٌ بين ورق النخيل وبين أغصان النخيل ، فورق النخيل يصلح أن يكون ستاراً كغيره من الستائر القماشية والجلدية ولا يصلح للطرق والتكسير ، إذ كيف يطرق الطارق على الورق ؟ فوحدها أغصان النخيل أو جذوع النخل يصنع منها الأبواب ، وهي قابلة للتكسير والطرق عليها لا سيما إذا كان بعضها مصفوفاً فوق بعض أو إلى جانب بعضها الآخر ، ما يعني أنّه كان مصنوعاً من الخشب وفيه مسامير لتثبيت خشبه المصفوف بإحكامٍ ، فيتشكل منها بابٌ يُتكأ عليه وتلتجئ خلفه من لاذت خلف الباب من عُمَر بن الخطاب اللعين الذي لم يراعِ لها أي حُرمة ! للمزيد حول هذا الموضوع تفضل هنا :-
https://justpaste.it/9fexx

ومن ثم أين أنت عن الأسلحة الحديدية والخشبية ؟ كالسيوف الحديدية والخشبية والرماح والسهام والخناجر وغيرها ! خصوصاً أنّ قريش في ذلك الوقت كانوا تجاراً ورعاةً فتصلهم الكثير من المنتوجات ، فاختراع الباب يعود جذوره إلى 2000 سنة قبل الميلاد ! حيث تم تركيب أقدم الأبواب في مصر في المقابر الموجودة في الأهرامات ، وتمت صناعة أبواب القبور القديمة من لوح باب واحد كما تم نقشها بزخرفة عصرية متقنة ، كان بعضها مغطى بالحديد أو البرونز وزُخرف بأنماط معقدة ، والبعض الآخر مصنوع من الخشب ومزخرف بأشكال قبطية ، وهو ما أشار إليها القرآن الكريم :-
قَالَ تَعَالَى : ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ - [سُّورَةُ يُوسُفَ : 23.] وَقَالَ تَعَالَى : ﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾ - [سُّورَةُ يُوسُفَ : 67.]
ولو فرضنا أنّ باب دار مولاتنا المقدّسة فاطمة الزهراء (عليها السلام) كان من ورق النخيل ، فهذا الباب لا يكفي في الحجب والستر ! فالأبواب المصنوعة من ورق النخيل لا تستر العورة ولا تمنع الرياح العاتية من الدخول إلى أهل الدار ، كما أنّها لا تمنع من دخول العقارب والأفاعي والجرذان والفئران وبقية الحشرات ، فالباب الورقي يضر أهل الدار كثيراً .. وحاشا لله تعالى أن يكتفي أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) في ستر عياله بورق النخلة ليحافظ على ناموسه وشرفه ! لذا يتوجب على العقلاء فضلاً عن المؤمنين الأتقياء ذوي الحمية والغيرة على الشرف والعرض أن تكون أبوابهم موصدة بإحكام ، ولا بدَّ فيها من أن تكون من خشبٍ صلب يمنع من سماع صوت المرأة عن غير المحارم ويمنع من دخول الأجانب عليها خلسة ، كما تمنع الأبواب الخشبية من تجسس الأجانب على نساء الدار ومنع دخول الغبار الدقيق الذي لا يصده ورق النخيل .

فيتعين أن يكون باب دار أمير المؤمنين علي (عليه السلام) كالحصن الذي لا تحركه العواصف ولا تهزه الرياح العاتية ، إلّا إذا كانت تلك الرياح كرفسة عمر للباب بعد إحراقه ! وإلّا لما أمكنه كسره قبل الإحراق لو كان من خشب الساج أو العرعر ! فلقد كان باب دار عائشة مصنوعاً من خشب الساج أو العرعر ، ومن المعلوم عند علماء النبات إنّ خشب العرعر أو الساج هما من أفضل أصناف الأشجار ، ويعتبر خشب الساج من أقوى أصناف الخشب على الإطلاق ! فلقد روى البخاري في كتابه الأدب المفرد - الصفحة (272) - الحلقة (776) :- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هِلَالٍ، أَنَّهُ رَأَى حُجَرَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَرِيدٍ مَسْتُورَةً بِمُسُوحِ الشَّعْرِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ بَيْتِ عَائِشَةَ، فَقَالَ: «كَانَ بَابُهُ مِنْ وِجْهَةِ الشَّامِ»، فَقُلْتُ: مِصْرَاعًا كَانَ أَوْ مِصْرَاعَيْنِ؟ قَالَ: «كَانَ بَابًا وَاحِدًا»، قُلْتُ: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ؟ قَالَ: «مِنْ عَرْعَرٍ أَوْ سَاجٍ» (صحيح) . راجع أيضاً : (الجامع الصحيح للسنن والمسانيد : ج10، ص466.)

فباب عائشة كان مصنوعاً من خشب العرعر أو الساج ! فإذا جاز لعائشة أن يكون بابها من عرعر أو ساج فلماذا لا يكون مثله لبيت مولاتنا فاطمة الزهراء البتول (عليها السلام) صيانةً للستر والعفاف وصلابته لا تمنع من إحراقه أو تكسيره وتحطيمه ؟! خصوصاً أنّ مولاتنا المقدّسة فاطمة الزهراء (عليها السلام) سيّدة نساء العالمين التي باهل الله بها :-
1- صحيح الترمذي - الجزء (5) - الصفحة (703) - الحلقة (3878) :- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ زَنْجُوَيْهِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ العَالَمِينَ: مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ» : «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ» .
2- صحيح ابن حبان - الجزء (15) - الصفحة (464) - الحلقة (7003) :- أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُفْيَانَ أَبُو سُفْيَانَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ فَضَالَةَ أَبُو قُدَيْدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ» .
3- المستدرك على الصحيحين للحاكم - الجزء (2) - الصفحة (650) - الحلقة (4160) :- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَ هِشَامُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا دَاودُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ، ثنا عِلْبَاءُ بْنُ أَحْمَرَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ» هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ بِهَذَا اللَّفْظِ .
4- المستدرك على الصحيحين للحاكم - الجزء (3) - الصفحة (170) - الحلقة (4740) :- زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدٍ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَهُوَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ: «يَا فَاطِمَةُ، أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ وَسَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَسَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ؟» هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ هَكَذَا .
5- تاريخ الإسلام للذهبي - الجزء (3) - الصفحة (46) :- وَقَالَ مَيْسَرَةُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشْبَهَ كَلَامًا وَحَدِيثًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَاطِمَةَ، وَكَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَامَ إِلَيْهَا فَقَبَّلَهَا وَرَحَّبَ بِهَا كَمَا كَانَتْ هِيَ تَصْنَعُ بِهِ، وَقَدْ شَبَّهَتْ عَائِشَةُ مِشْيَتَهَا بِمِشْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» . رواه أبو داود في الأدب 4/ 355 رقم (5217) باب ما جاء في القيام، والترمذي في المناقب 5/ 361، 362 رقم (3964) باب ما جاء في فضل فاطمة رضي الله عنها، والحاكم في المستدرك 3/ 154 وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ورواه أيضا في ج 3/ 160، وابن سعد في الطبقات 8/ 26، 27.
قد يُقال لنا أنّه قد ورد في أحد الأخبار التاريخية المروية عن غير المعصوم أنّ باب دار فاطمة الزهراء (عليها السلام) كان من سعف النخيل وكان عُمَر بن الخطاب قد كسر الباب برجله ودخل البيت كما أشار إليه خبر العياشي (ج2، ص67) وخبر الاختصاص للمفيد (ص186) والجواب على هذا التساؤل بسيطٌ جداً فلو فرضنا صحّة ما ورد في خبر العياشي الذي رواه عمرو بن أبي المقدام عن أبيه عن جدّه .. من أنّ باب دارها (عليها السلام) كان من السعف بأحد معنييه وهو الورق ، فهذا الورق لا يمكن أن يتكسر بل يتفتت أو يتمزق ! فثمة قرينة واضحة تدل على أنّ هذا السعف ليس ورقاً بل هو أغصان النخيل وعيدانه ، فقد جاء في ذلك الخبر نفسه أنّ عمر ضرب الباب برجله فكسره ، وإلّا لما صحّ أن يتكسر لو كان ورقاً كما أسلفنا ، ما يعني أنّ الباب كان مصنوعاً من خشبٍ ، وسواءٌ أكان الباب من الخشب العادي أو من أغصان النخيل فلا يمنع ذلك من تغطيته بسعف النخيل .
والسعف كما يحمل لغةً على ورق النخلة يُحمل أيضاً على أغصان النخلة (جريد النخل) ، وهو ما أوضحه أعلام اللغة العربية كابن منظور في لسان العرب - الجزء (9) - الصفحة (151) :- «سعف: السَّعْفُ: أَغصانُ النَّخْلَةِ، وأَكثر مَا يُقَالُ إِذَا يَبِسَتْ، وَإِذَا كَانَتْ رَطْبة، فَهِيَ الشَّطْبةُ» . قَالَ الأَزهري: «والسَّعَفُ ورَقُ جَرِيدِ النَّخْلِ الَّذِي يُسَفُّ مِنْهُ الزُّبْلانُ والجلالُ والمَرَاوِحُ وَمَا أَشبهها، وَيَجُوزُ السعفُ وَالْوَاحِدَةُ سَعفةٌ، وَيُقَالُ لِلْجَرِيدِ نَفسِه سَعَفٌ أَيضاً» .
فلا حرج على الراوي عندما ذكر أنّ باب دار مولاتنا المقدّسة فاطمة الزهراء (عليها السلام) كان من سعف النخيل ؛ لأنّ جريد النخيل الذي هو أغصان النخيل يُسمّى سعف أيضاً كما بيّن ذلك علماء اللغة العربية . وهذا الجريد إذا يبس يُسمّى بالخشب ؛ لأنّ كل عود نبات إذا يبس سُمّي خشباً ؛ والخشب يُصنع منه الكراسي والأبواب والسقوف والأواني والطاولات والجرار وغيرها .
هذا بالأضافة إلى ذلك كلّه هي أنّ إسقاط جنين المرأة لا يحتاج إلى قوّة شديدة ! فقد يتحقق بالفزعة والصيحة فضلاً عن الغمز بالأصبع أو الرفسة أو اللكمة . فهل هبار بن الأسود استخدم القوّة الشديدة بإسقاط جنين زينب ربيبة النبيّ مُحَمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أم أنّه أسقط جنينها بسبب خوفها منه عندما صرخ عليها ؟ ويتم الإسقاط أيضاً بالضغط على امرأة مقهورة بين الحائط والباب أو بالرفس على البطن كما فعل عمر بن الخطاب فأسقط جنين المقدّسة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ! للمزيد حول قضية الشهيد محسن (عليه السلام) تفضل هنا :-
https://justpaste.it/4pivr
والعقل لا يمنع من أن يكون باب سيّدة نساء العالمين (سلام الله عليها) من عرعر أو ساج كما كان باب دار عائشة ، إلّا أنّ تقى وورع مولاتنا الصدّيقة الكبرى وبعلها أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليهما) منعاهما من مخالفة سائر الفقراء والمساكين الذين لم يتمكنوا من شراء خشب الساج أو العرعر لتحصين بيوتهم به ، إذ إنّ أهل البيت (عليهم السلام) قدوة للفقراء والكادحين لذا كانت بيوتهم متواضعة في كلّ مظاهرها ولوازمها ، فلا يشذون عن سائر الفقراء من المسلمين فيجارونهم في المسكن والمطعم والملبس .

فباب دار مولاتنا المقدّسة فاطمة الزهراء (عليها السلام) كان مصنوعاً من خشب النخيل ، ولعلَّه كان مغطىً بورق النخيل الذي ساعد في سرعة إشتعال النار فيه حتى استعرت وسفعت على وجهها المبارك ! كما أورد المجلسي في بحار الأنوار - الجزء (30) - الصفحة (348) :- وَرُوِيَ أَنَّهَا تُوُفِّيَتْ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِا) بَعْدَ غُسْلِهَا وَتَكْفِينِهَا وَحَنُوطِهَا ؛ لِأَنَّهَا طَاهِرَةٌ لَا دَنَسَ فِيهَا ، وَأَنَّهَا أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ مِنْهَا غَيْرُهَا ، وَأَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْهَا إِلَّا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَزَيْنَبُ وَأُمُّ كُلْثُومٍ وَفِضَّةُ جَارِيَتُهَا وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ ، وَأَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) أَخْرَجَهَا وَمَعَهُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ فِي اللَّيْلِ وَصَلَّوْا عَلَيْهَا ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَحَدٌ ، وَلَا حَضَرُوا وَفَاتَهَا وَلَا صَلَّى عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ غَيْرُهُمْ ؛ لِأَنَّهَا (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِا) أَوْصَتْ بِذَلِكَ ، وَقَالَتْ : «لَا تُصَلِّ عَلَيَّ أُمَّةٌ نَقَضَتْ عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ أَبِي رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) ، وَظَلَمُونِي حَقِّي ، وَأَخَذُوا إِرْثِي ، وَخَرَقُوا صَحِيفَتِيَ الَّتِي كَتَبَهَا لِي أَبِي بِمِلْكِ فَدَكٍ ، وَكَذَّبُوا شُهُودِي وَهُمْ وَاللَّهِ جَبْرَئِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) وَأُمُّ أَيْمَنَ ، وَطُفْتُ عَلَيْهِمْ فِي بُيُوتِهِمْ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَحْمِلُنِي وَمَعِيَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ لَيْلًا وَنَهَاراً إِلَى مَنَازِلِهِمْ ! أُذَكِّرُهُمْ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ أَلَّا تَظْلِمُونَا وَلَا تَغْصِبُونَا حَقَّنَا الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لَنَا ، فَيُجِيبُونَّا لَيْلًا وَيَقْعُدُونَ عَنْ نُصْرَتِنَا نَهَاراً ، ثُمَّ يُنْفِذُونَ إِلَى دَارِنَا قُنْفُذاً وَمَعَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ لِيُخْرِجُوا ابْنَ عَمِّي عَلِيّاً إِلَى سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ لِبَيْعَتِهِمُ الْخَاسِرَةِ ! فَلَا يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ مُتَشَاغِلًا بِمَا أَوْصَاهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَبِأَزْوَاجِهِ وَبِتَأْلِيفِ الْقُرْآنِ وَقَضَاءِ ثَمَانِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَصَّاهُ بِقَضَائِهَا عَنْهُ عِدَاتٍ وَدَيْناً ، فَجَمَعُوا الْحَطَبَ الْجَزْلَ عَلَى بَابِنَا وَأَتَوْا بِالنَّارِ لِيُحْرِقُوهُ وَيُحْرِقُونَا ، فَوَقَفْتُ بِعَضَادَةِ الْبَابِ وَنَاشَدْتُهُمْ بِاللَّهِ وَبِأَبِي أَنْ يَكُفُّوا عَنَّا وَيَنْصُرُونَا ! فَأَخَذَ عُمَرُ السَّوْطَ مِنْ يَدِ قُنْفُذٍ - مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ - فَضَرَبَ بِهِ عَضُدِي فَالْتَوَى السَّوْطُ عَلَى عَضُدِي حَتَّى صَارَ كَالدُّمْلُجِ ! وَرَكَلَ الْبَابَ بِرِجْلِهِ فَرَدَّهُ عَلَيَّ وَأَنَا حَامِلٌ فَسَقَطْتُ لِوَجْهِي وَالنَّارُ تُسْعَرُ وَتَسْفَعُ وَجْهِي ، فَضَرَبَنِي بِيَدِهِ حَتَّى انْتَثَرَ قُرْطِي مِنْ أُذُنِي وَجَاءَنِي الْمَخَاضُ فَأَسْقَطْتُ مُحَسِّناً قَتِيلًا بِغَيْرِ جُرْمٍ ! فَهَذِهِ أُمَّةٌ تُصَلِّي عَلَيَّ ؟! وَقَدْ تَبَرَّأَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْهُمْ» .

الإجابة :-
حصر صناعة الأبواب من ورق النخيل فقط بحاجة إلى دليل قطعي ، حيث أنّه لم يرد ذلك بل قد ورد في أخبارٍ كثيرة في مصادر الفريقين وقد تجاوزت التواتر هي أنّ بيوت المدينة المنورة ومكّة المكرمة كان لها أبواب تُطرق وتُغلق وتفتح ، ولا يتحقق ذلك إلّا في الأبواب الخشبية لا الأبواب الورقية النخيلية . ومن ثم أنّه هناك فرقٌ بين ورق النخيل وبين أغصان النخيل ، فورق النخيل يصلح أن يكون ستاراً كغيره من الستائر القماشية والجلدية ولا يصلح للطرق والتكسير ، إذ كيف يطرق الطارق على الورق ؟ فوحدها أغصان النخيل أو جذوع النخل يصنع منها الأبواب ، وهي قابلة للتكسير والطرق عليها لا سيما إذا كان بعضها مصفوفاً فوق بعض أو إلى جانب بعضها الآخر ، ما يعني أنّه كان مصنوعاً من الخشب وفيه مسامير لتثبيت خشبه المصفوف بإحكامٍ ، فيتشكل منها بابٌ يُتكأ عليه وتلتجئ خلفه من لاذت خلف الباب من عُمَر بن الخطاب اللعين الذي لم يراعِ لها أي حُرمة ! للمزيد حول هذا الموضوع تفضل هنا :-
https://justpaste.it/9fexx
ومن ثم أين أنت عن الأسلحة الحديدية والخشبية ؟ كالسيوف الحديدية والخشبية والرماح والسهام والخناجر وغيرها ! خصوصاً أنّ قريش في ذلك الوقت كانوا تجاراً ورعاةً فتصلهم الكثير من المنتوجات ، فاختراع الباب يعود جذوره إلى 2000 سنة قبل الميلاد ! حيث تم تركيب أقدم الأبواب في مصر في المقابر الموجودة في الأهرامات ، وتمت صناعة أبواب القبور القديمة من لوح باب واحد كما تم نقشها بزخرفة عصرية متقنة ، كان بعضها مغطى بالحديد أو البرونز وزُخرف بأنماط معقدة ، والبعض الآخر مصنوع من الخشب ومزخرف بأشكال قبطية ، وهو ما أشار إليها القرآن الكريم :-
قَالَ تَعَالَى : ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ - [سُّورَةُ يُوسُفَ : 23.] وَقَالَ تَعَالَى : ﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾ - [سُّورَةُ يُوسُفَ : 67.]
ولو فرضنا أنّ باب دار مولاتنا المقدّسة فاطمة الزهراء (عليها السلام) كان من ورق النخيل ، فهذا الباب لا يكفي في الحجب والستر ! فالأبواب المصنوعة من ورق النخيل لا تستر العورة ولا تمنع الرياح العاتية من الدخول إلى أهل الدار ، كما أنّها لا تمنع من دخول العقارب والأفاعي والجرذان والفئران وبقية الحشرات ، فالباب الورقي يضر أهل الدار كثيراً .. وحاشا لله تعالى أن يكتفي أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) في ستر عياله بورق النخلة ليحافظ على ناموسه وشرفه ! لذا يتوجب على العقلاء فضلاً عن المؤمنين الأتقياء ذوي الحمية والغيرة على الشرف والعرض أن تكون أبوابهم موصدة بإحكام ، ولا بدَّ فيها من أن تكون من خشبٍ صلب يمنع من سماع صوت المرأة عن غير المحارم ويمنع من دخول الأجانب عليها خلسة ، كما تمنع الأبواب الخشبية من تجسس الأجانب على نساء الدار ومنع دخول الغبار الدقيق الذي لا يصده ورق النخيل .
فيتعين أن يكون باب دار أمير المؤمنين علي (عليه السلام) كالحصن الذي لا تحركه العواصف ولا تهزه الرياح العاتية ، إلّا إذا كانت تلك الرياح كرفسة عمر للباب بعد إحراقه ! وإلّا لما أمكنه كسره قبل الإحراق لو كان من خشب الساج أو العرعر ! فلقد كان باب دار عائشة مصنوعاً من خشب الساج أو العرعر ، ومن المعلوم عند علماء النبات إنّ خشب العرعر أو الساج هما من أفضل أصناف الأشجار ، ويعتبر خشب الساج من أقوى أصناف الخشب على الإطلاق ! فلقد روى البخاري في كتابه الأدب المفرد - الصفحة (272) - الحلقة (776) :- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هِلَالٍ، أَنَّهُ رَأَى حُجَرَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَرِيدٍ مَسْتُورَةً بِمُسُوحِ الشَّعْرِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ بَيْتِ عَائِشَةَ، فَقَالَ: «كَانَ بَابُهُ مِنْ وِجْهَةِ الشَّامِ»، فَقُلْتُ: مِصْرَاعًا كَانَ أَوْ مِصْرَاعَيْنِ؟ قَالَ: «كَانَ بَابًا وَاحِدًا»، قُلْتُ: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ؟ قَالَ: «مِنْ عَرْعَرٍ أَوْ سَاجٍ» (صحيح) . راجع أيضاً : (الجامع الصحيح للسنن والمسانيد : ج10، ص466.)
فباب عائشة كان مصنوعاً من خشب العرعر أو الساج ! فإذا جاز لعائشة أن يكون بابها من عرعر أو ساج فلماذا لا يكون مثله لبيت مولاتنا فاطمة الزهراء البتول (عليها السلام) صيانةً للستر والعفاف وصلابته لا تمنع من إحراقه أو تكسيره وتحطيمه ؟! خصوصاً أنّ مولاتنا المقدّسة فاطمة الزهراء (عليها السلام) سيّدة نساء العالمين التي باهل الله بها :-
1- صحيح الترمذي - الجزء (5) - الصفحة (703) - الحلقة (3878) :- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ زَنْجُوَيْهِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ العَالَمِينَ: مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ» : «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ» .
2- صحيح ابن حبان - الجزء (15) - الصفحة (464) - الحلقة (7003) :- أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُفْيَانَ أَبُو سُفْيَانَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ فَضَالَةَ أَبُو قُدَيْدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ» .
3- المستدرك على الصحيحين للحاكم - الجزء (2) - الصفحة (650) - الحلقة (4160) :- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَ هِشَامُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا دَاودُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ، ثنا عِلْبَاءُ بْنُ أَحْمَرَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ» هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ بِهَذَا اللَّفْظِ .
4- المستدرك على الصحيحين للحاكم - الجزء (3) - الصفحة (170) - الحلقة (4740) :- زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدٍ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَهُوَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ: «يَا فَاطِمَةُ، أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ وَسَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَسَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ؟» هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ هَكَذَا .
5- تاريخ الإسلام للذهبي - الجزء (3) - الصفحة (46) :- وَقَالَ مَيْسَرَةُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشْبَهَ كَلَامًا وَحَدِيثًا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَاطِمَةَ، وَكَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَامَ إِلَيْهَا فَقَبَّلَهَا وَرَحَّبَ بِهَا كَمَا كَانَتْ هِيَ تَصْنَعُ بِهِ، وَقَدْ شَبَّهَتْ عَائِشَةُ مِشْيَتَهَا بِمِشْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» . رواه أبو داود في الأدب 4/ 355 رقم (5217) باب ما جاء في القيام، والترمذي في المناقب 5/ 361، 362 رقم (3964) باب ما جاء في فضل فاطمة رضي الله عنها، والحاكم في المستدرك 3/ 154 وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ورواه أيضا في ج 3/ 160، وابن سعد في الطبقات 8/ 26، 27.
قد يُقال لنا أنّه قد ورد في أحد الأخبار التاريخية المروية عن غير المعصوم أنّ باب دار فاطمة الزهراء (عليها السلام) كان من سعف النخيل وكان عُمَر بن الخطاب قد كسر الباب برجله ودخل البيت كما أشار إليه خبر العياشي (ج2، ص67) وخبر الاختصاص للمفيد (ص186) والجواب على هذا التساؤل بسيطٌ جداً فلو فرضنا صحّة ما ورد في خبر العياشي الذي رواه عمرو بن أبي المقدام عن أبيه عن جدّه .. من أنّ باب دارها (عليها السلام) كان من السعف بأحد معنييه وهو الورق ، فهذا الورق لا يمكن أن يتكسر بل يتفتت أو يتمزق ! فثمة قرينة واضحة تدل على أنّ هذا السعف ليس ورقاً بل هو أغصان النخيل وعيدانه ، فقد جاء في ذلك الخبر نفسه أنّ عمر ضرب الباب برجله فكسره ، وإلّا لما صحّ أن يتكسر لو كان ورقاً كما أسلفنا ، ما يعني أنّ الباب كان مصنوعاً من خشبٍ ، وسواءٌ أكان الباب من الخشب العادي أو من أغصان النخيل فلا يمنع ذلك من تغطيته بسعف النخيل .
والسعف كما يحمل لغةً على ورق النخلة يُحمل أيضاً على أغصان النخلة (جريد النخل) ، وهو ما أوضحه أعلام اللغة العربية كابن منظور في لسان العرب - الجزء (9) - الصفحة (151) :- «سعف: السَّعْفُ: أَغصانُ النَّخْلَةِ، وأَكثر مَا يُقَالُ إِذَا يَبِسَتْ، وَإِذَا كَانَتْ رَطْبة، فَهِيَ الشَّطْبةُ» . قَالَ الأَزهري: «والسَّعَفُ ورَقُ جَرِيدِ النَّخْلِ الَّذِي يُسَفُّ مِنْهُ الزُّبْلانُ والجلالُ والمَرَاوِحُ وَمَا أَشبهها، وَيَجُوزُ السعفُ وَالْوَاحِدَةُ سَعفةٌ، وَيُقَالُ لِلْجَرِيدِ نَفسِه سَعَفٌ أَيضاً» .
فلا حرج على الراوي عندما ذكر أنّ باب دار مولاتنا المقدّسة فاطمة الزهراء (عليها السلام) كان من سعف النخيل ؛ لأنّ جريد النخيل الذي هو أغصان النخيل يُسمّى سعف أيضاً كما بيّن ذلك علماء اللغة العربية . وهذا الجريد إذا يبس يُسمّى بالخشب ؛ لأنّ كل عود نبات إذا يبس سُمّي خشباً ؛ والخشب يُصنع منه الكراسي والأبواب والسقوف والأواني والطاولات والجرار وغيرها .
هذا بالأضافة إلى ذلك كلّه هي أنّ إسقاط جنين المرأة لا يحتاج إلى قوّة شديدة ! فقد يتحقق بالفزعة والصيحة فضلاً عن الغمز بالأصبع أو الرفسة أو اللكمة . فهل هبار بن الأسود استخدم القوّة الشديدة بإسقاط جنين زينب ربيبة النبيّ مُحَمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أم أنّه أسقط جنينها بسبب خوفها منه عندما صرخ عليها ؟ ويتم الإسقاط أيضاً بالضغط على امرأة مقهورة بين الحائط والباب أو بالرفس على البطن كما فعل عمر بن الخطاب فأسقط جنين المقدّسة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ! للمزيد حول قضية الشهيد محسن (عليه السلام) تفضل هنا :-
https://justpaste.it/4pivr
والعقل لا يمنع من أن يكون باب سيّدة نساء العالمين (سلام الله عليها) من عرعر أو ساج كما كان باب دار عائشة ، إلّا أنّ تقى وورع مولاتنا الصدّيقة الكبرى وبعلها أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليهما) منعاهما من مخالفة سائر الفقراء والمساكين الذين لم يتمكنوا من شراء خشب الساج أو العرعر لتحصين بيوتهم به ، إذ إنّ أهل البيت (عليهم السلام) قدوة للفقراء والكادحين لذا كانت بيوتهم متواضعة في كلّ مظاهرها ولوازمها ، فلا يشذون عن سائر الفقراء من المسلمين فيجارونهم في المسكن والمطعم والملبس .
فباب دار مولاتنا المقدّسة فاطمة الزهراء (عليها السلام) كان مصنوعاً من خشب النخيل ، ولعلَّه كان مغطىً بورق النخيل الذي ساعد في سرعة إشتعال النار فيه حتى استعرت وسفعت على وجهها المبارك ! كما أورد المجلسي في بحار الأنوار - الجزء (30) - الصفحة (348) :- وَرُوِيَ أَنَّهَا تُوُفِّيَتْ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِا) بَعْدَ غُسْلِهَا وَتَكْفِينِهَا وَحَنُوطِهَا ؛ لِأَنَّهَا طَاهِرَةٌ لَا دَنَسَ فِيهَا ، وَأَنَّهَا أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ مِنْهَا غَيْرُهَا ، وَأَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْهَا إِلَّا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَزَيْنَبُ وَأُمُّ كُلْثُومٍ وَفِضَّةُ جَارِيَتُهَا وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ ، وَأَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) أَخْرَجَهَا وَمَعَهُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ فِي اللَّيْلِ وَصَلَّوْا عَلَيْهَا ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَحَدٌ ، وَلَا حَضَرُوا وَفَاتَهَا وَلَا صَلَّى عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ غَيْرُهُمْ ؛ لِأَنَّهَا (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِا) أَوْصَتْ بِذَلِكَ ، وَقَالَتْ : «لَا تُصَلِّ عَلَيَّ أُمَّةٌ نَقَضَتْ عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ أَبِي رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) ، وَظَلَمُونِي حَقِّي ، وَأَخَذُوا إِرْثِي ، وَخَرَقُوا صَحِيفَتِيَ الَّتِي كَتَبَهَا لِي أَبِي بِمِلْكِ فَدَكٍ ، وَكَذَّبُوا شُهُودِي وَهُمْ وَاللَّهِ جَبْرَئِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) وَأُمُّ أَيْمَنَ ، وَطُفْتُ عَلَيْهِمْ فِي بُيُوتِهِمْ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَحْمِلُنِي وَمَعِيَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ لَيْلًا وَنَهَاراً إِلَى مَنَازِلِهِمْ ! أُذَكِّرُهُمْ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ أَلَّا تَظْلِمُونَا وَلَا تَغْصِبُونَا حَقَّنَا الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لَنَا ، فَيُجِيبُونَّا لَيْلًا وَيَقْعُدُونَ عَنْ نُصْرَتِنَا نَهَاراً ، ثُمَّ يُنْفِذُونَ إِلَى دَارِنَا قُنْفُذاً وَمَعَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ لِيُخْرِجُوا ابْنَ عَمِّي عَلِيّاً إِلَى سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ لِبَيْعَتِهِمُ الْخَاسِرَةِ ! فَلَا يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ مُتَشَاغِلًا بِمَا أَوْصَاهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَبِأَزْوَاجِهِ وَبِتَأْلِيفِ الْقُرْآنِ وَقَضَاءِ ثَمَانِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَصَّاهُ بِقَضَائِهَا عَنْهُ عِدَاتٍ وَدَيْناً ، فَجَمَعُوا الْحَطَبَ الْجَزْلَ عَلَى بَابِنَا وَأَتَوْا بِالنَّارِ لِيُحْرِقُوهُ وَيُحْرِقُونَا ، فَوَقَفْتُ بِعَضَادَةِ الْبَابِ وَنَاشَدْتُهُمْ بِاللَّهِ وَبِأَبِي أَنْ يَكُفُّوا عَنَّا وَيَنْصُرُونَا ! فَأَخَذَ عُمَرُ السَّوْطَ مِنْ يَدِ قُنْفُذٍ - مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ - فَضَرَبَ بِهِ عَضُدِي فَالْتَوَى السَّوْطُ عَلَى عَضُدِي حَتَّى صَارَ كَالدُّمْلُجِ ! وَرَكَلَ الْبَابَ بِرِجْلِهِ فَرَدَّهُ عَلَيَّ وَأَنَا حَامِلٌ فَسَقَطْتُ لِوَجْهِي وَالنَّارُ تُسْعَرُ وَتَسْفَعُ وَجْهِي ، فَضَرَبَنِي بِيَدِهِ حَتَّى انْتَثَرَ قُرْطِي مِنْ أُذُنِي وَجَاءَنِي الْمَخَاضُ فَأَسْقَطْتُ مُحَسِّناً قَتِيلًا بِغَيْرِ جُرْمٍ ! فَهَذِهِ أُمَّةٌ تُصَلِّي عَلَيَّ ؟! وَقَدْ تَبَرَّأَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْهُمْ» .
تعليق