كلّ يعلم أنّ العمل متعب ، وربما يصاب المرء بالكسل والتضجّر والتعب ، وربما يكون ذلک كاذبآ. فلا تلقِ نفسک في أحضان التعب ، لا سيّما الكاذب منه ، ولا تنتظر منه العطوفة ، بل لا بدّ من مصارعة مثل هذه الأتعاب حتّى الوصول إلى النهاية المقصودة ، وعلينا أن نفكّر بالانتصار دائمآ، فإنّ نابليون قبل انتصاراته في الحروب كان يفكّر في النصر ويخطّط لذلک ، إذ علم أنّ النصر لمن فكّر بالنصر، والفكر إمّا من مقولة الفعل وذلک ما نخلقه ، وإمّا من مقولة الانفعال وذلک ما نتأثّر به من الآخرين ، والأوّل أفضل من الثاني ، والعاقل من يفكّر في أعماله ليل نهار، ويعجز منه التعب ، ويملّ الصبر من صبره ، لقوّة إرادته وحدّة نشاطه وديموميّة عمله ، وضعيف النفس يبرء نفسه في كسله وانحطاطه ، بمثل هذه الكلمات : (أتصوّر أنّ الحظّ لا يكون حليفي )، (الأحوال ليست على ما يُرام )، (لا وقت لي )، (ما الفائدة من العمل في مثل هذه الظروف )، (ما الفائدة من السعي والجهود إذا لم يكن التوفيق )، وأمثال ذلک .
ومن اعتقد أن التقدير هو الحاكم المطلق في حياته ، فإنّه اعترف بضعف إرادته . فلا جبر ولا تفويض ، إنّما هو أمرٌ بين الأمرين .
أديسون المخترع امتحن اختراع الكهرباء أربعين مرّة ، حتّى أضاء الدنيا بصبره وضوئه .
وكبلر بعد تسعة عشر مرّة من إصلاح نظريّته أثبت حركة السيّارات ، وهذا بمعنى أنّه انتصر بعد سقوطه ثمانية عشر مرّة . وأخيرآ لا بدّ من الفوز على الأتعاب بكلّ حيلة ووسيلة .