بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته
ولادة السيدة فاطمة المعصومة
في ذلك البيت الطاهر ولدت سليلة الطهر والعفاف فاطمة المعصومة، وكانت الظروف التي ألمّت بأهل البيت (عليهم السلام) آنذاك عصيبة جداً إلى حدّ غاب فيها عن المؤرخين والرواة تسجيل أحداث الولادة وتأريخها، أو ذكر شيء ممّا يتعلّق بها، إذ كانت السلطة العباسية قد أحكمت قبضتها وأخذت تتّبع مناوئيها ممن تتوجس منهم وترى أنّهم سبب إزعاج لهم ومصدر قلق لسياستهم، وهم العلويّون وفي طليعتهم الإمام الكاظم (عليه السلام) صاحب الحق الشّرعي الذي ما فتئ يلمّح بل ويصرّح بأنّه صاحب الحق، وأن العباسيين خدعوا الأمّة بسياستهم الملتوية حيث أعلنوا للناس أن حركتهم ضد بني أمية إنما كانت غضباً لبني هاشم ممّا حل بهم من خصومهم الأمويين، وطلباً لثأرهم منهم، وأنّ دعوتهم كانت للرضا من آل محمد (عليهم السلام)، وبذلك استطاعوا أن يسيّروا عواطف الناس ومشاعرهم نحو تأييدهم، وانطلقت اللعبة على أكثر الناس فاستجابوا لهم في سذاجة وحسن نيّة، وفي غفلة عما بيّته العباسيون، حتى انخدع بذلك القوّاد الذين كان لهم الدور في توطيد الملك والقضاء على بني أمية وإخضاع البلاد، في ظنّ منهم أن الدعوة للرّضا من آل محمد (عليهم السلام) دعوة صادقة وما علموا أن بني العباس إنما استخدموهم آلات لتحقيق أغراضهم ، ولذا ما إن استلم العباسيون زمام الأمر واكتشف هؤلاء القوّاد أنّهم خدعوا فأعلنوا سخطهم حتى فتكوا بهم واستأصلوهم كأبي سلمة الخلاّل، وأبي مسلم الخراساني وغيرهما من القادة العسكريين.
ولم تكن هذه اللعبة لتخفى على آل محمد (عليهم السلام) الذين اتخذهم العباسيون درعاً تترّسوا به من أجل الوصول إلى أغراضهم، وقد كشف الإمام الصادق (عليه السلام) هذه المهزلة العباسية وأخذ حذره ولم يتورّط في أحداث هذه الحركة المبيّتة في حين قد تورّط غيره من بني عمّه فانساق معهم، وكان مآله أن فتك به كما فتك بغيره.
وفي هذه الحقبة الزمنيّة من التاريخ أحداث كبيرة، وهي جديرة بالبحث، ولسنا في صدد الحديث عنها، ولعلّنا نشير إلى بعضها في موضع آخر.
أقول: من أجل هذا تحاشى الرواة والمؤرخون من الدنوّ من أهل البيت (عليهم السلام) في هذه الفترة لتسجيل ونقل بعض الأحداث التي ترتبط بتاريخهم خوفاً على أنفسهم من بطش الحكّام وغضبهم بل انضمّ بعضهم إلى صفوف الحكّام تزلفاً وطمعاً.
وقد غاب عنا كثير من الحقائق وخفيت علينا وقائع كثيرة، وذهبت في طي النسيان، ومنها تاريخ ولادة السيدة المعصومة (عليها السلام)، فلم يرد في شيء من الروايات ذكر السنة التي ولدت فيها فضلاً عن اليوم أو الشهر.
.
ذكر بعض المؤلفين ـ ونسبه إلى المؤرخين ـ أنّ ولادتها (عليها السلام) كانت سنة 183هـ، هي السّنة التي استشهد فيها والدها الإمام الكاظم (عليه السلام)، في قول أكثر المؤرخين.
وعلى هذا فلم تحظ السيدة المعصومة بلقاء أبيها (عليه السلام) ورعايته، وعاشت في كنف أخيها وشقيقها الإمام الرضا (عليه السلام) وصيّ أبيه والقائم مقامه.
واستبعد بعضهم أن تكون ولادتها (عليها السلام) في تلك السنة، لأنّ السنوات الأربع الأخيرة من عمره (عليه السلام) ـ على أقل التقادير ـ كان فيها رهين السجون العباسية، مضافاً إلى أنّه قد ذكر أن للإمام الكاظم (عليه السلام) أربعاً من البنات، اسم كل منها فاطمة، وأنّ الكبرى من بينهن هي فاطمة المعصومة (عليها السلام)، ولذا فلابدّ أن تكون ولادتها قبل سنة 179هـ وهي السنة التي قبض فيها على الإمام (عليه السلام) وأودع السجن.
ولكن بالالتفات إلى احتمال أن هؤلاء الفاطميات الثلاث ـ غير الكبرى ـ لسن من أمّ واحدة، بل من أمّهات شتى، فلا استبعاد في أن تكون ولادتهنّ في سنة واحدة.
على أنّه يمكن القول بأنه قد قبض على الإمام (عليه السلام) وأمّهاتهن حوامل بهن، وكانت ولادتهنّ بعد سنة 179هـ، وأن فاطمة المعصومة كانت ولادتها في سنة 179هـ.
ولكن مع ذلك لا يمكن الجزم بشيء، نعم بناءً على أن شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام) كانت سنة 183هـ فمن البعيد أن تكون ولادة السيدة المعصومة في تلك السنة، ولا سيّما أنها الكبرى من بين أخواتها الثلاث.
ثم إنّه قد ذهب آخرون إلى أن ولادتها (عليها السلام) كانت في غرّة شهر ذي القعدة سنة 173هـ والقائل بذلك وإن كان من الباحثين الأجلاّء وله باع طويل في التحقيق والتتبع، وأرسل ذلك إرسال المسلّمات إلا أنه لم يشر إلى مستنده في تحديد هذا التاريخ.
وبناء على هذا التاريخ تكون السيدة فاطمة قد عاصرت من حياة أبيها عشر سنوات، غير أنّ السنين الأربع الأخيرة من عمه (عليه السلام) كان فيها رهين السجون العباسية كما ذكرنا، فلم تحظ منه إلا بست سنوات.
ولم نقف في شيء من المصادر على غير هذين القولين في تحديد سنة ولادتها (عليها السلام).
وعلى أي تقدير فقد فتحت هذه السيدة عينيها على الدنيا في أيام محنة أبيها، وقد أحاطت به الخطوب، فارتسمت حياتها بالحزن والأسى، وإذا كان عمرها (عليها السلام) ست سنوات يوم قبض على أبيها فهي في سنّ تدرك فيه غياب الأب عن البنت، وتعي ما يجري في هذا البيت، وما يسوده من الحزن والألم، وما يعانيه أهله من لوعة وعناء، ثم ما يتناهى إلى سمعها من شهادة أبيها (عليه السلام)، وما تلاها من أحداث مروّعة فيعتصر الألم قلبها الصغير، وهي لا ترجو لأبيها عودة إلى البيت، وترى أن هناك أخطاراً تحدق بأهل هذا البيت، وربّما أثار ذلك في نفسها كثيراً من التساؤلات حول ما يجري، ولماذا قصد أبوها بالذات، وأهل بيتها بالخصوص، بأنواع الإيذاء من دون سائر الناس، ولكنّها ما تلبث أن تدرك أن لهذه القضايا جذوراً تمتدّ إلى زمان جدّتها الزهراء (عليها السلام).
فمن ذلك اليوم الذي عانت فهي أمّها فاطمة (عليها السلام) آلام الظلم والعدوان، ومن ذلك اليوم الذي نحّي فيه جدّها أمير المؤمنين (عليه السلام) عن منصب الإمامة أصبح أهل هذا البيت عرضة لظلم الظالمين وتعدّي الغاشمين.
وما كانت السيدة فاطمة المعصومة لتبقى مهملة بلا كفيل، فإنّها وإن فقدت أباها وهي في مقتبل العمر إلا أنّها عاشت في كنف شقيقها الرضا (عليه السلام)، وأولاها العناية الخاصّة في تربيتها ورعايتها، حتى غدت أفضل بنات الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام).
ونشأت هذه السيدة تتلقى من أخيها العلم والحكمة في بيت العصمة والطهارة، فأصبحت ذات علم ورواية ومقام.
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته
ولادة السيدة فاطمة المعصومة
في ذلك البيت الطاهر ولدت سليلة الطهر والعفاف فاطمة المعصومة، وكانت الظروف التي ألمّت بأهل البيت (عليهم السلام) آنذاك عصيبة جداً إلى حدّ غاب فيها عن المؤرخين والرواة تسجيل أحداث الولادة وتأريخها، أو ذكر شيء ممّا يتعلّق بها، إذ كانت السلطة العباسية قد أحكمت قبضتها وأخذت تتّبع مناوئيها ممن تتوجس منهم وترى أنّهم سبب إزعاج لهم ومصدر قلق لسياستهم، وهم العلويّون وفي طليعتهم الإمام الكاظم (عليه السلام) صاحب الحق الشّرعي الذي ما فتئ يلمّح بل ويصرّح بأنّه صاحب الحق، وأن العباسيين خدعوا الأمّة بسياستهم الملتوية حيث أعلنوا للناس أن حركتهم ضد بني أمية إنما كانت غضباً لبني هاشم ممّا حل بهم من خصومهم الأمويين، وطلباً لثأرهم منهم، وأنّ دعوتهم كانت للرضا من آل محمد (عليهم السلام)، وبذلك استطاعوا أن يسيّروا عواطف الناس ومشاعرهم نحو تأييدهم، وانطلقت اللعبة على أكثر الناس فاستجابوا لهم في سذاجة وحسن نيّة، وفي غفلة عما بيّته العباسيون، حتى انخدع بذلك القوّاد الذين كان لهم الدور في توطيد الملك والقضاء على بني أمية وإخضاع البلاد، في ظنّ منهم أن الدعوة للرّضا من آل محمد (عليهم السلام) دعوة صادقة وما علموا أن بني العباس إنما استخدموهم آلات لتحقيق أغراضهم ، ولذا ما إن استلم العباسيون زمام الأمر واكتشف هؤلاء القوّاد أنّهم خدعوا فأعلنوا سخطهم حتى فتكوا بهم واستأصلوهم كأبي سلمة الخلاّل، وأبي مسلم الخراساني وغيرهما من القادة العسكريين.
ولم تكن هذه اللعبة لتخفى على آل محمد (عليهم السلام) الذين اتخذهم العباسيون درعاً تترّسوا به من أجل الوصول إلى أغراضهم، وقد كشف الإمام الصادق (عليه السلام) هذه المهزلة العباسية وأخذ حذره ولم يتورّط في أحداث هذه الحركة المبيّتة في حين قد تورّط غيره من بني عمّه فانساق معهم، وكان مآله أن فتك به كما فتك بغيره.
وفي هذه الحقبة الزمنيّة من التاريخ أحداث كبيرة، وهي جديرة بالبحث، ولسنا في صدد الحديث عنها، ولعلّنا نشير إلى بعضها في موضع آخر.
أقول: من أجل هذا تحاشى الرواة والمؤرخون من الدنوّ من أهل البيت (عليهم السلام) في هذه الفترة لتسجيل ونقل بعض الأحداث التي ترتبط بتاريخهم خوفاً على أنفسهم من بطش الحكّام وغضبهم بل انضمّ بعضهم إلى صفوف الحكّام تزلفاً وطمعاً.
وقد غاب عنا كثير من الحقائق وخفيت علينا وقائع كثيرة، وذهبت في طي النسيان، ومنها تاريخ ولادة السيدة المعصومة (عليها السلام)، فلم يرد في شيء من الروايات ذكر السنة التي ولدت فيها فضلاً عن اليوم أو الشهر.
.
ذكر بعض المؤلفين ـ ونسبه إلى المؤرخين ـ أنّ ولادتها (عليها السلام) كانت سنة 183هـ، هي السّنة التي استشهد فيها والدها الإمام الكاظم (عليه السلام)، في قول أكثر المؤرخين.
وعلى هذا فلم تحظ السيدة المعصومة بلقاء أبيها (عليه السلام) ورعايته، وعاشت في كنف أخيها وشقيقها الإمام الرضا (عليه السلام) وصيّ أبيه والقائم مقامه.
واستبعد بعضهم أن تكون ولادتها (عليها السلام) في تلك السنة، لأنّ السنوات الأربع الأخيرة من عمره (عليه السلام) ـ على أقل التقادير ـ كان فيها رهين السجون العباسية، مضافاً إلى أنّه قد ذكر أن للإمام الكاظم (عليه السلام) أربعاً من البنات، اسم كل منها فاطمة، وأنّ الكبرى من بينهن هي فاطمة المعصومة (عليها السلام)، ولذا فلابدّ أن تكون ولادتها قبل سنة 179هـ وهي السنة التي قبض فيها على الإمام (عليه السلام) وأودع السجن.
ولكن بالالتفات إلى احتمال أن هؤلاء الفاطميات الثلاث ـ غير الكبرى ـ لسن من أمّ واحدة، بل من أمّهات شتى، فلا استبعاد في أن تكون ولادتهنّ في سنة واحدة.
على أنّه يمكن القول بأنه قد قبض على الإمام (عليه السلام) وأمّهاتهن حوامل بهن، وكانت ولادتهنّ بعد سنة 179هـ، وأن فاطمة المعصومة كانت ولادتها في سنة 179هـ.
ولكن مع ذلك لا يمكن الجزم بشيء، نعم بناءً على أن شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام) كانت سنة 183هـ فمن البعيد أن تكون ولادة السيدة المعصومة في تلك السنة، ولا سيّما أنها الكبرى من بين أخواتها الثلاث.
ثم إنّه قد ذهب آخرون إلى أن ولادتها (عليها السلام) كانت في غرّة شهر ذي القعدة سنة 173هـ والقائل بذلك وإن كان من الباحثين الأجلاّء وله باع طويل في التحقيق والتتبع، وأرسل ذلك إرسال المسلّمات إلا أنه لم يشر إلى مستنده في تحديد هذا التاريخ.
وبناء على هذا التاريخ تكون السيدة فاطمة قد عاصرت من حياة أبيها عشر سنوات، غير أنّ السنين الأربع الأخيرة من عمه (عليه السلام) كان فيها رهين السجون العباسية كما ذكرنا، فلم تحظ منه إلا بست سنوات.
ولم نقف في شيء من المصادر على غير هذين القولين في تحديد سنة ولادتها (عليها السلام).
وعلى أي تقدير فقد فتحت هذه السيدة عينيها على الدنيا في أيام محنة أبيها، وقد أحاطت به الخطوب، فارتسمت حياتها بالحزن والأسى، وإذا كان عمرها (عليها السلام) ست سنوات يوم قبض على أبيها فهي في سنّ تدرك فيه غياب الأب عن البنت، وتعي ما يجري في هذا البيت، وما يسوده من الحزن والألم، وما يعانيه أهله من لوعة وعناء، ثم ما يتناهى إلى سمعها من شهادة أبيها (عليه السلام)، وما تلاها من أحداث مروّعة فيعتصر الألم قلبها الصغير، وهي لا ترجو لأبيها عودة إلى البيت، وترى أن هناك أخطاراً تحدق بأهل هذا البيت، وربّما أثار ذلك في نفسها كثيراً من التساؤلات حول ما يجري، ولماذا قصد أبوها بالذات، وأهل بيتها بالخصوص، بأنواع الإيذاء من دون سائر الناس، ولكنّها ما تلبث أن تدرك أن لهذه القضايا جذوراً تمتدّ إلى زمان جدّتها الزهراء (عليها السلام).
فمن ذلك اليوم الذي عانت فهي أمّها فاطمة (عليها السلام) آلام الظلم والعدوان، ومن ذلك اليوم الذي نحّي فيه جدّها أمير المؤمنين (عليه السلام) عن منصب الإمامة أصبح أهل هذا البيت عرضة لظلم الظالمين وتعدّي الغاشمين.
وما كانت السيدة فاطمة المعصومة لتبقى مهملة بلا كفيل، فإنّها وإن فقدت أباها وهي في مقتبل العمر إلا أنّها عاشت في كنف شقيقها الرضا (عليه السلام)، وأولاها العناية الخاصّة في تربيتها ورعايتها، حتى غدت أفضل بنات الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام).
ونشأت هذه السيدة تتلقى من أخيها العلم والحكمة في بيت العصمة والطهارة، فأصبحت ذات علم ورواية ومقام.
تعليق