بـسـم الله الـرحـمـٰن الـرحـيـم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا السؤال هو في الحقيقة هو الإشكال الذي طرحه الفيلسوف الإنجليزي " ديفيد هيوم " 1 على برهان النظم ، لكن ما ذكره من الإشكال على برهان النظم ، إنما يَنُمُّ عن فهم ساذج و سطحي و توهّم لبرهان النظم ، و يعرُب عن عدم فهم و استيعاب له بصورة صحيحة ، إذ أن هذا البرهان لا يرتبط أبدا بالتشابه و التمثيل و التجربة ، و ليس قائما على هذا الأساس حتى يرد عليه هذا الإشكال ، و إنما هو برهان عقلي تام قائم على ملاحظة العقل للنظم و التناسق و الانضباط الموجود بين أجزاء الوجود ، فيحكم العقل من دون تأثير لأية تجربة و مشابهة بأن مُوجِد النظم لا محالة يكون مُوجِداً ذا شعور و عقل ، و خالق قدير .
و بعبارة أخرى : إن برهان النظم مركب من مقدمتين ، إحداهما حسية و الأخرى عقلية ، و دور الحس ينحصر في إثبات الموضوع ، أي وجود النظام في الكون و السنن السائدة عليه ـ و هذا مما لا يحتاج إلى إثبات ، ذلك لان جميع العلوم الطبيعية متكفّلة ببيان النُظُم البديهية السائدة على العالم ـ و أما دور العقل فهو يرجع إلى أن هذا النظام بهذه الكيفية و الكمّية المحدّدة لا يمكن أن يكون نتيجة للصدفة ، أو لأي عامل آخر فاقد للشعور ، بل يجب أن يكون صادرا عن فاعل عاقل و حكيم و خالق مدبّر و قدير .
قال الله عز و جل : ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ * الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِأً وَهُوَ حَسِيرٌ ﴾ 2
المصادر
1. ديفيد هيوم : فيلسوف إنكليزي اسكتلندي المولد ، ولد عام : 1711 ميلادي ، و توفي عام : 1776 ميلادي ، و كان يُعدّ من اكبر الفلاسفة المشككين ، و قد أورد هذا الإشكال في كتابه المسمى بـ " المحاورات" و هو مؤلَّف على شكل حوار بين شخصين افتراضيين ، أحدهما يُمثّل مُشكّكا في برهان النظم باسم " فيلون" و الآخر يمثل المدافع عن هذا البرهان باسم " كلثانتس" .
2. القران الكريم : سورة الملك ( 67 ) ، الآيات : 1 - 4 ، الصفحة : 562 .
تعليق