إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

البيان الرسمي والشرح التفصيلي لقضية سكوت الإمام علي على السقيفة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • البيان الرسمي والشرح التفصيلي لقضية سكوت الإمام علي على السقيفة

    البيان الرسمي والشرح التفصيلي
    لقضية سكوت الإمام علي على السقيفة
    وأفعالها الشنيعة بحقّ فاطمة الزهراء

    أنّ الإمام علي (عليه الصلاة والسلام) لم يسكت أبداً عن هذا الأمر الشنيع ! بل قد هبّ لنجدة زوجته وحامى عنها بمجرّد أن سمع استغاثتها ، فوثب على عُمَر كالأسد وأخذ بتلابيبه وطرحه أرضاً ووجأ أنفه ورقبته وجلس على صدره ، بل وهمّ بقتل عُمَر لولا أن تذكر الوصية ! ومعنى تلابيبه : (جمع ثيابَه عند صدره ونحره في الخصومة وجرَّه) . ومعنى وجأ : (دَفَعَهُ بجُمْع كفِّه في الصَّدر أَو العُنق) .
    لنسرد لكم هذه الحادثة الأليمة :-
    « فَقَامَتْ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) فَقَالَتْ : يَا عُمَرُ ، مَا لَنَا وَلَكَ ؟
    فَقَالَ : افْتَحِي الْبَابَ وَإِلَّا أَحْرَقْنَا عَلَيْكُمْ بَيْتَكُمْ !
    فَقَالَتْ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) : يَا عُمَرُ ، أَمَا تَتَّقِي اللَّهَ تَدْخُلُ عَلَى بَيْتِي ؟
    فَأَبَى أَنْ يَنْصَرِفَ وَدَعَا عُمَرُ بِالنَّارِ فَأَضْرَمَهَا فِي الْبَابِ ثُمَّ دَفَعَهُ فَدَخَلَ فَاسْتَقْبَلَتْهُ فَاطِمَةُ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) وَصَاحَتْ : يَا أَبَتَاهْ يَا رَسُولَ اللَّهِ !! فَرَفَعَ عُمَرُ السَّيْفَ وَهُوَ فِي غِمْدِهِ فَوَجَأَ بِهِ جَنْبَهَا فَصَرَخَتْ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) : يَا أَبَتَاهْ !! فَرَفَعَ السَّوْطَ فَضَرَبَ بِهِ ذِرَاعَهَا فَنَادَتْ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) : يَا رَسُولَ اللَّهِ !! لَبِئْسَ مَا خَلَفَكَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ !
    فَوَثَبَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَأَخَذَ بِتَلَابِيهِ فَصَرَعَهُ وَوَجَأَ أَنْفَهُ وَرَقَبَتَهُ وَهَمَّ بِقَتْلِهِ .
    فَذَكَرَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَمَا أَوْصَاهُ بِهِ فَقَالَ : (وَالَّذِي كَرَّمَ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) بِالنُّبُوَّةِ يَا ابْنَ صُهَاكَ‏ ، لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ‏ وَعَهْدٌ عَهِدَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لَعَلِمْتَ أَنَّكَ لَا تَدْخُلُ بَيْتِي) .
    فَأَرْسَلَ عُمَرُ يَسْتَغِيثُ فَأَقْبَلَ النَّاسُ حَتَّى دَخَلُوا الدَّارَ وَثَارَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى سَيْفِهِ ، فَرَجَعَ قُنْفُذٌ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ يَتَخَوَّفُ أَنْ يَخْرُجَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِسَيْفِهِ لِمَا قَدْ عَرَفَ مِنْ بَأْسِهِ وَشِدَّتِهِ
    » .
    المصدر : (كتاب سُليم بن قيس الهلالي رحمه الله) .

    فالأمير الإمام علي (عليه الصلاة والسلام) لم يسكت عن عُمَر بن الخطاب ، أمّا ما وقع قبل ذلك من أحداثٍ كاقتحام الدار وكسر الباب وضرب الزهراء (عليها الصلاة والسلام) كل ذلك حدث في قتٍ قصيرٍ وبشكلٍ متسارع ، فالهجوم على بيت فاطمة بضعة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ما كان متوقعاً من قبل هؤلاء الظلمة ؛ لأنّهم سبق أن بايعوا الإمام علي (عليه الصلاة والسلام) وقالوا : (بخٌ بخٌ لك يا علي) ! فعن كتاب البداية والنهاية لابن كثير الدمشقي - الجزء (11) - الصفحة (74) :- « وَهُوَ يَوْمُ غَدِيرِ خُمٍّ لَمَّا أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: " أَلَسْتُ وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ؟ " قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ ". فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَخٍ بَخٍ لَكَ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ، أَصْبَحْتَ مَوْلَايَ وَمَوْلَى كُلِّ مُسْلِمٍ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة: 3] » .
    فسرعان ما نكثوا بيعتهم للأمير الإمام علي (عليه السلام) وتركوه وغدروا به بعد استشهاد النبي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مسموماً ! ومن ثم هل يجرؤ أحدٌ على دخول هذا البيت الطاهر دون إذن ؟! قَالَ تَعَالَى :
    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ - [سُّورَةُ النُّوْرِ : 27 - 28.]
    فبعد أن همّ الإمام علي (عليه السلام) بقتل عُمَر بن الخطاب تكالبت جلاوزة السقيفة على الإمام علي (عليه السلام) ومنهم قنفذ الملعون واجتمعوا حوله وخلّصوا عُمَر بن الخطاب من أيدي الإمام علي (عليه الصلاة والسلام) بعد أن كاثروه وهددوه بحرق البيت كاملاً بما فيه الحسن والحسين وفاطمة الزهراء (عليهم السلام) ! وأرسل حينها عُمَر بن الخطاب يستغيث بالناس ، فأقبل الناس حتى دخلوا الدار ؛ ذلك لأنّ الناس بايعوا أبو بكرٍ وعُمَر ولم يبقى إلّا الإمام علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم الصلاة والسلام) . وكان أبو بكرٍ وعُمَر وخالد بن الوليد وأبو عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل والمغيرة بن شعبة وأسيد بن حضير وبشير بن سعيد وسائر الناس جلوسٌ حول أبي بكر مدججين بالسلاح ، فقال لهم الإمام علي (عليه السلام) : «أَمَا وَاللَّهِ لَوْ وَقَعَ سَيَفِي بِيَدِي لَعَلِمْتُمْ أَنَّكُمْ لَنْ تَصِلُوا إِلَيَّ ، هَذَا جَزَاءً مِنِّي وَبِاللَّهِ لَا أَلُومُ نَفْسِي فِي جَهْدٍ ، وَلَوْ كُنْتُ فِي أَرْبَعِينَ رَجُلًا لَفَرَّقْتُ جَمَاعَتَكُمْ فَلَعَنَ اللَّهُ قَوْماً بَايَعُونِي ثُمَّ خَذَلُونِي»! فَانْتَهَرَهُ عُمَرُ فَقَالَ : «بَايِعْ» ! فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : «وَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ» ؟ قَالَ : «إِذًا نَقْتُلَكَ ذُلًّا وَصَغَاراً» . قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : «إِذَنْ تَقْتُلُونَ عَبْدَ اللَّهِ وَأَخَا رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ)» ! فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : «أَمَّا عَبْدُ اللَّهِ فَنَعَمْ وَأَمَّا أَخُو رَسُولِهِ فَلَا نُقِرُّ لَكَ بِهِ» . قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : «أَتَجْحَدُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ آخَى بَيْنَ نَفْسِهِ وَبَيْنِي» ؟ فَأَعَادُوا عَلَيْهِ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ : «يَا مَعَاشِرَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ : أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ ، أَسَمِعْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ كَذَا وَكَذَا ؟ وَفِي غَزَاةِ تَبُوكَ كَذَا وَكَذَا» ؟ فَلَمْ يَدَعْ شَيْئاً قَالَهُ فِيهِ عَلَانِيَةً لِلْعَامَّةِ إِلَّا ذَكَرَهُ فَقَالُوا : «اللَّهُمَّ نَعَمْ» . فَلَمَّا خَافَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَنْصُرُوهُ وَيَمْنَعُوهُ بَادَرَهُمْ فَقَالَ : «كُلُّ مَا قُلْتَهُ قَدْ سَمِعْنَاهُ بِآذَانِنَا وَوَعَتْهُ قُلُوبُنَا وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ بَعْدَ هَذَا إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ اصْطَفَانَا اللَّهُ وَأَكْرَمَنَا وَاخْتَارَ لَنَا الْآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا ، وَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيَجْمَعَ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ النُّبُوَّةَ وَالْخِلَافَةَ» . فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : «أَمَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ شَهِدَ هَذَا مَعَكَ» ؟ قَالَ عُمَرُ : «صَدَقَ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ قَدْ سَمِعْنَا مِنْهُ هَذَا كَمَا قَالَ» . وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَسَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ : «صَدَقَ قَدْ سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ» . فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَهُمْ : «لَشَدَّ مَا وَفَيْتُمْ بِصَحِيفَتِكُمُ الْمَلْعُونَةِ الَّتِي تَعَاقَدْتُمْ عَلَيْهَا فِي الْكَعْبَةِ ! إِنْ قَتَلَ اللَّهُ مُحَمَّداً أَوْ أَمَاتَهُ أَنْ تَزْوُوا هَذَا الْأَمْرَ عَنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ» . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : «وَمَا عِلْمُكَ بِذَلِكَ أَطْلَعْنَاكَ عَلَيْهَا» ؟ قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : «يَا زُبَيْرُ وَيَا سَلْمَانُ وَأَنْتَ يَا مِقْدَادُ أُذَكِّرُكُمْ بِاللَّهِ وَبِالْإِسْلَامِ أَسَمِعْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ ذَلِكَ لِي ؟ - وَعَدَّ فُلَاناً وَفُلَاناً حَتَّى عَدَّ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةَ - قَدْ كَتَبُوا بَيْنَهُمْ كِتَاباً وَتَعَاهَدُوا وَتَعَاقَدُوا عَلَى مَا صَنَعُوا» ؟ قَالُوا : «اللَّهُمَّ نَعَمْ قَدْ سَمِعْنَاهُ يَقُولُ ذَلِكَ لَكَ . فَقُلْتَ لَهُ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، فَمَا تَأْمُرُنِي أَنْ أَفْعَلَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ لَكَ إِنْ وَجَدْتَ عَلَيْهِمْ أَعْوَاناً فَجَاهِدْهُمْ وَنَابِذْهُمْ وَإِنْ لَمْ تَجِدْ أَعْوَاناً فَبَايِعْهُمْ وَاحْقِنْ دَمَكَ» . فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : «أَمَا وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ أُولَئِكَ الْأَرْبَعِينَ رَجُلًا الَّذِينَ بَايَعُونِي وَفَوْا لَجَاهَدْتُكُمْ فِي اللَّهِ وَلِلَّهِ ، أَمَا وَاللَّهِ لَا يَنَالُهَا أَحَدٌ مِنْ عَقِبِكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» . (كتاب الاحتجاج على أهل اللجاج : ج1، ص84.)
    فإذا كانت هذه هي حالتهم فإنّ أسلوب الموعظة والإستدلال لن يردهم عنه ، بل سيكون رده عليهم في هذه الحال باستعمال السيف الذي يستتبع إراقة الدماء . وبالفعل فقد بدأ بحملة التحشيد للاقتصاص والأخذ بالثأر وإرجاع الحق إلى نصابه ، ودعا الناس إلى مبايعته على جهاد أصحاب السقيفة . وقد طاف الإمام علي (عليه السلام) ديار العرب كلّها وطرق بيوتهم واستنجدهم واستصرخهم في جوف الليل ، وكان يحمل فاطمة الزهراء (عليها السلام) على حمارٍ ومعها الحسن والحسين (عليهما السلام) ، فلم يدع لأحدٍ عذراً في ترك نصرته . كما أنّ فاطمة الزهراء (عليها السلام) حينما خطبت الناس في المسجد دعتهم إلى محاربة حكومة السقيفة الانقلابية بأبلغ الوجوه وقالت صريحاً : ﴿قَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ، إلّا أنّ ذلك كلّه لم يؤثر في قلوب خلت عن ذكر الله وضعفت في إيمانها ! ثم بعد إتمام الحجة عليهم كان اللازم عليهم أن يجتمعوا لنصرة أمير المؤمنين (عليه السلام) لا أن يأتي هو عندهم ويدعوهم ، فإنّ مثل الإمام (عليه السلام) مثل الكعبة يؤتى ولا يأتي . فبايعه أربعون رجلاً وأمرهم بحلق رؤوسهم والاستعداد للحرب ، إلّا أنّه لم يفِ منهم إلّا أربعة .
    فَعَنْ ابْنِ أَبِي الْحَدِيدِ قَالَ : وَقَدْ رَوَى كَثِيرٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ أَنَّهُ عَقِيبَ يَوْمِ السَّقِيفَةِ تَأَلَّمَ وَتَظَلَّمَ وَاسْتَنْجَدَ وَاسْتَصْرَخَ حَتَّى سَئِمُوهُ الْحُضُورَ وَالْبَيْعَةَ ، وَأَنَّهُ قَالَ - وَهُوَ يُشِيرُ إِلَى الْقَبْرِ - :
    «يَابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي» . وَأَنَّهُ قَالَ : «وَاجَعْفَرَاهْ! وَلَا جَعْفَرَ لِيَ الْيَوْمَ ، وَا حَمْزَتَاهْ! وَلَا حَمْزَةَ لِيَ الْيَوْمَ» . (شرح النهج لابن أبي الحديد : ج11، ص111. وقريبٌ منه رواه ابن قتيبة في الإمامة والسياسة : ج1، ص31.)
    وروى أيضاً :
    «إِنَّ عَليًّا (عَلَيْهِ السَّلَامَ) لَمَّا اسْتَنْجَدَ بِالْمُسْلِمِينَ عَقِيبَ يَوْمِ السَّقِيفَةِ وَمَا جَرَى فِيهِ ، وَكَانَ يَحْمِلُ فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) لَيْلًا عَلَى حِمَارٍ ، وَابْنَاهَا بَيْنَ يَدْي الْحِمَارِ وَهُوَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَسُوقُهُ ، فَيَطْرُقُ بُيُوت الْأَنْصَارِ وَغَيْرِهِمْ ، وَيَسْأَلَهُمْ النُّصْرَةَ والْمَعُونَةَ ، أَجَابَهُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا ، فَبَايَعَهُمْ عَلَى الْمَوْتِ ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُصْبِحُوا بُكْرَةً مُحَلِّقِي رُءُوسَهُمْ وَمَعَهُمْ سِلَاحُهُمْ ، فَأَصْبَحَ لَمْ يُوَافِهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنْهُمْ إِلَّا أَرْبَعَةَ : الزُّبَيْرُ ، وَالْمِقْدَادُ ، وَأَبُو ذَرٍّ ، وَسَلْمانُ . ثُمَّ أَتَاهُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَناشَدَهُمْ ، فَقَالُوا : نَصْبَحُكَ غَدْوَةً ، فَمَا جَاءَهُ مِنْهُمْ إِلَّا الأَرْبَعَةُ ، وَكَذَلِكَ فِي اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ ، وَكَانَ الزُّبَيْرُ أَشَدَّهُمْ لَهُ نُصْرَةً ، وَأَنْفَذَهُمْ فِي طَاعَتِهِ بَصِيرَةً ، حَلَقَ رَأْسَهُ وَجَاءَهُ مِرَاراً وَفِي عُنُقِهِ سَيْفَهُ ، وَكَذَلِكَ الثَّلَاثَةُ الْبَاقُونَ ، إِلَّا أَنَّ الزُّبَيْرَ هُوَ كَانَ الرَّأْسَ فِيهِمْ» . (شرح النهج لابن أبي الحديد ج11 ص14)
    وَعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ :

    «فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ حَمَلَ عَلِيٌّ فَاطِمَةَ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) عَلَى حِمَارٍ ، وَأَخَذَ بِيَدِ ابْنَيْهِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) ، فَلَمْ يَدَعْ أَحَداً مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَلَا مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَّا أَتَى مَنْزِلَهُ وَذَكَرَ حَقَّهُ وَدَعَاهُ إِلَى نُصْرَتِهِ ، فَمَا اسْتَجَابَ لَهُ مِنْ جَمِيعِهِمْ إِلَّا أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلًا ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُصْبِحُوا بُكْرَةً مُحَلِّقِينَ رُءُوسَهُمْ مَعَهُمْ سِلَاحُهُمْ وَقَدْ بَايَعُوهُ عَلَى الْمَوْتِ ، فَأَصْبَحَ وَلَمْ يُوَافِهِ مِنْهُمْ أَحَدٌ غَيْرُ أَرْبَعَةٍ ! قُلْتُ (الراوي) لِسَلْمَانَ : مَنِ الْأَرْبَعَةُ ؟ قَالَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) : أَنَا وَأَبُو ذَرٍّ وَالْمِقْدَادُ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ‏ . ثُمَّ أَتَاهُمْ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ فَنَاشَدَهُمُ اللَّهَ فَقَالُوا : «نَصْحَبُكَ بُكْرَةً» ، فَمَا مِنْهُمْ أَحَدٌ وَفَى غَيْرُنَا ! ثُمَّ اللَّيْلَةَ الثَّالِثَةَ ، فَمَا وَفَى أَحَدٌ غَيْرُنَا ! فَلَمَّا رَأَى عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) غَدْرَهُمْ وَقِلَّةَ وَفَائِهِمْ لَزِمَ بَيْتَهُ وَأَقْبَلَ عَلَى الْقُرْآنِ يُؤَلِّفُهُ وَيَجْمَعُهُ ، فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى جَمَعَهُ كُلَّهُ فَكَتَبَهُ عَلَى تَنْزِيلِهِ وَالنَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ . فَبَعَثَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ أَنِ اخْرُجْ فَبَايِعْ ، فَبَعَثَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَيْهِ : «إِنِّي مَشْغُولٌ فَقَدْ آلَيْتُ بِيَمِينٍ أَنْ لَا أَرْتَدِيَ بِرِدَاءٍ إِلَّا لِلصَّلَاةِ حَتَّى أُؤَلِّفَ الْقُرْآنَ وَأَجْمَعَهُ» . فَجَمَعَهُ فِي ثَوْبٍ وَخَتَمَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ فَنَادَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِأَعْلَى صَوْتِهِ : «أَيُّهَا النَّاسُ : إِنِّي لَمْ أَزَلْ مُنْذُ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) مَشْغُولًا بِغُسْلِهِ ثُمَّ بِالْقُرْآنِ حَتَّى جَمَعْتُهُ كُلَّهُ فِي هَذَا الثَّوْبِ ، فَلَمْ يُنْزِلِ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا وَقَدْ جَمَعْتُهَا كُلَّهَا فِي هَذَا الثَّوْبِ ، وَلَيْسَتْ مِنْهُ آيَةٌ إِلَّا وَقَدْ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ وَعَلَّمَنِي تَأْوِيلَهَا» . فَقَالُوا لَا حَاجَةَ لَنَا بِهِ عِنْدَنَا مِثْلُهُ» . (الإحتجاج على أهل اللجاج : ج‏1، ص81.)
    = = = = = = = = = = = = = =
    وصية النبي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) للإمام علي (عليه السلام) بالجهاد إذا ما وجد الأنصار وإذا لم يجد عليه بالسلم وعدم محاربة من سينقلبون عليه إلّا بعد التمكن :-
    عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
    «وَإِذاً لَأَتَوْنِي فَقَالُوا لِي بَايِعْ وَإِلَّا قَتَلْنَاكَ ! فَلَا بُدَّ لِي مِنْ أَنْ أَدْفَعَ الْقَوْمَ عَنْ نَفْسِي ؛ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَوْعَزَ إِلَيَّ قَبْلَ وَفَاتِهِ وَقَالَ لِي : «يَا أَبَا الْحَسَنِ ، إِنَّ الْأُمَّةَ سَتَغْدِرُ بِكَ مِنْ بَعْدِي ، وَتَنْقُضُ فِيكَ عَهْدِي ، وَإِنَّكَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى ، وَإِنَّ الْأُمَّةَ مِنْ بَعْدِي كَهَارُونَ وَمَنِ اتَّبَعَهُ ، وَالسَّامِرِيِّ وَمَنِ اتَّبَعَهُ» . فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : فَمَا تَعْهَدُ إِلَيَّ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ ؟ فَقَالَ : «إِذَا وَجَدْتَ أَعْوَاناً فَبَادِرْ إِلَيْهِمْ وَجَاهِدْهُمْ ، وَإِنْ لَمْ تَجِدْ أَعْوَاناً كُفَّ يَدَكَ وَاحْقِنْ دَمَكَ حَتَّى تَلْحَقَ بِي مَظْلُوماً» . فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) اشْتَغَلْتُ بِغُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَالْفَرَاغِ مِنْ شَأْنِهِ ثُمَّ آلَيْتُ عَلَى نَفْسِي يَمِيناً أَنْ لَا أَرْتَدِيَ بِرِدَاءٍ إِلَّا لِلصَّلَاةِ حَتَّى أَجْمَعَ الْقُرْآنَ ، فَفَعَلْتُ ثُمَّ أَخَذْتُ بِيَدِ فَاطِمَةَ وَابْنَيَّ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ فَدُرْتُ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ وَأَهْلِ السَّابِقَةِ ، فَنَاشَدْتُهُمْ حَقِّي وَدَعَوْتُهُمْ إِلَى نُصْرَتِي فَمَا أَجَابَنِي مِنْهُمْ إِلَّا أَرْبَعَةُ رَهْطٍ : سَلْمَانُ وَعَمَّارٌ وَأَبُو ذَرٍّ وَالْمِقْدَادُ» . (الإحتجاج على أهل اللجاج : ج‏1، ص190،75 . عنه بحار الأنوار : ج28، ص191. قريب منه : الصراط المستقيم : ج2، ص79 . ارشاد القلوب : ص395 . الغيبة للطوسي : ص193، 335 . كتاب سليم : ص87، 127، 192.)
    وفي رواية مولانا الإمام الكاظم (عليه السلام) أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عندما دنا أجله واشتد به الوجع من أثر السم واجتمع حوله المهاجرين والأنصار والنساء يبكين ، إذ نودي (أين علي؟) فأقبل الإمام علي (عليه السلام) حتى انكبب عليه ، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لأمير المؤمنين (عليه السلام) :
    «يَا أَخِي ، افْهَمْ فَهَّمَكَ اللَّهُ وَسَدَّدَكَ وَأَرْشَدَكَ وَوَفَّقَكَ وَأَعَانَكَ وَغَفَرَ ذَنْبَكَ وَرَفَعَ ذِكْرَكَ . اعْلَمْ يَا أَخِي أَنَّ الْقَوْمَ سَيَشْغَلُهُمْ عَنِّي مَا يُرِيدُونَ مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا ، وَهُمْ عَلَيَّ وَارِدُونَ فَلَا يَشْغَلُكَ عَنِّي مَا شَغِلَهُمْ ، فَإِنَّمَا مَثَلُكَ‏ فِي الْأُمَّةِ مَثَلُ الْكَعْبَةِ ، نَصَبَهَا اللَّهُ لِلنَّاسِ عَلَماً وَإِنَّمَا تُؤْتَى مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ وَنَأْيٍ سَحِيقٍ وَلَا تَأْتِي ، وَإِنَّمَا أَنْتَ عَلَمُ الْهُدَى وَنُورُ الدِّينِ ، وَهُوَ نُورُ اللَّهِ . يَا أَخِي وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ ، لَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْهِمْ بِالْوَعِيدِ بَعْدَ أَنْ أَخْبَرْتُهُمْ رَجُلًا رَجُلًا مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّكَ وَأَلْزَمَهُمْ مِنْ طَاعَتِكَ ، فَكُلٌّ أَجَابَ وَسَلَّمَ إِلَيْكَ الْأَمْرَ وَإِنِّي لَأَعْلَمُ خِلَافَ قَوْلِهِمْ فَإِذَا قُبِضْتُ وَفَرَغْتَ مِنْ جَمِيعِ مَا أُوصِيكَ‏ بِهِ وَغَيَّبْتَنِي فِي‏ قَبْرِي فَالْزَمْ بَيْتَكَ وَاجْمَعِ الْقُرْآنَ عَلَى تَأْلِيفِهِ وَالْفَرَائِضَ وَالْأَحْكَامَ عَلَى تَنْزِيلِهِ ثُمَّ امْضِ ذَلِكَ عَلَى عَزَائِمِهِ وَعَلَى مَا أَمَرْتُكَ‏ بِهِ وَعَلَيْكَ بِالصَّبْرِ عَلَى مَا يَنْزِلُ بِكَ وَبِهَا (يعني فاطمة الزهراء عليها السلام) مِنْهُمْ حَتَّى تَقْدَمُوا عَلَيَّ» . (كتاب خصائص الأئمة (عليهم السلام) : ص73، عنه كتاب الطرف : ص26، عنه بحار الأنوار : ج22، ص483.)
    فاضطر الإمام علي (عليه السلام) للعدول عن القتال لعدم اكتمال العدّة المطلوبة وهي أربعين رجلاً وفياً ، الذين لم يحضر منهم إلّا أربعة نفر ، رغم أنّه (عليه السلام) أنتظرهم ليالي معدودة وكان يعيد عليهم البيعة ويقولون "نصحبك بُكرةً" فما أوفى من الأربعين أحد ! فهذا ما صنعه الإمام علي (عليه السلام) بأمر الله تعالى ، إنّه دعا الناس إلى الجهاد انتصاراً للحق والعدل وثأراً لرسول الله وبضعته الزكية (صلّى الله عليهما وسلّم) . عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ : «أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كَانَ لِي عِدَّةُ أَصْحَابِ طَالُوتَ أَوْ عِدَّةُ أَهْلِ بَدْرٍ - وَهُمْ أَعْدَاؤُكُمْ - لَضَرَبْتُكُمْ بِالسَّيْفِ حَتَّى تَئُولُوا إِلَى الْحَقِّ وَتُنِيبُوا لِلصِّدْقِ ! فَكَانَ أَرْتَقَ لِلْفَتْقِ وَآخَذَ بِالرِّفْقِ . اللَّهُمَّ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ» . (الكافي : ج8، ص32.)
    قد يُقال لماذا يجب أن يكون العدد أربعين من أجل جهاد السقيفة ؟ والجواب هو كثيرٌ ما ذكر الله رقم الأربعين (40) في القرآن الكريم ، حيث جعل الله تعالى ميقات نبيه موسى (عليه السلام) أربعين يوماً ، وورد أن داود (عليه السلام) بكى على الخطيئة أربعين يوماً . وكذلك ورد ذكر رقم الأربعين (40) في كثيرٍ من الروايات ، فجاء في الأخبار أنّه ما من رهطٍ اجتمعوا فدعوا الله عزّوجلّ في أمر إلّا استجاب الله لهم . وجاء أيضاً أنّه من أخلص لله تعالى العبادة أربعين صباحاً ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه . وجاء في عدّة أخبار معتبرة أنّ النطفة تكون في الرحم أربعين يوماً ، ثمّ تصير علقة أربعين يوماً ، ثمّ تصير مضغة أربعين يوماً ، فمن أراد أن يدعو للحبلى أن يجعل الله ما في بطنها ذكراً سوياً يدعو ما بينه وبين الأربعة أشهر تلك ، ويظهر من هذه الأخبار تهيّؤ الجنين لافاضة الصورة الجسمانيّة أو النفسانيّة في أربعين يوماً ، ويؤيد ذلك الحديث القدسي المعروف :
    ﴿وَخَمَّرْتُ طِينَةَ آدَمَ بِيَدِي‌ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً .
    فللأربعين سر من أسرار الله سبحانه وتعالى ، والله هو العالم العارف بالمصالح ، وكما حدّد عدة الثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً شرطاً لقتال قريش ، كذلك حدّد عدة الأربعين رجلاً لقتال أبي بكر وعمر والمنافقين ، فإذا لم يتحقق الشرط سقط القتال ، وقد عَلِمَ أمير المؤمنين من أخيه رسول الله (صلّى الله عليهما وسلّم) أنّه بغير تحقق هذا العدد من الرجال لا يتحقق الانتصار .

    فدعوى أنّ الإمام علي (عليه السلام) لم يحاول جهاد السقيفة باطلة ، لكنه ماذا يفعل وليس مأذوناً له أن يقاتل بنفسه وحيداً فذلك أمر محرّمٌ عليه بأمر الله ورسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ؛ لأنّ النبي مُحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أمره بالسكوت ونهاه عن القيام إذا لم يجد أعواناً ؛ لأنّه لو قام بذلك الأمر وحده لكان قد أجهز عليه أهل مكّة والمدينة كلهم بقيادة أبو بكر وعُمَر وعثمان ومعاويّة وعائشة وغيرهم ؛ وذلك لأنّ الناس بايعوا جميعاً سقيفة الباطل وانقلبوا على أعقابهم كما قال تعالى : ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ - [سُّورَةُ آلَ عِمْرَانَ : 144.] وسيؤدي ذلك إلى ارتداد الكثير من الناس بل كلّهم ؛ لأنّ عامّة الناس دخلوا في الإسلام حديثاً ، أي قبل شهر أو أشهر أو سنة (أي في سنة الوفود) ، وهي السنة التاسعة ، ثم في العاشرة من الهجرة ، حيث استشهد رسول الله محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من أثر السم .
    وسيجعل الكثيرين من المنافقين الذين تحدث عنهم القرآن بقوله تعالى :
    ﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ - [سُّورَةُ التَّوْبَةِ : 101.] سيجعل هؤلاء وغيرهم ينغضون رؤوسهم ويثيرونها فتنة عمياء شوهاء لا تبقي ولا تذر ! فيجهزون على الإمام علي ويقتلون زوجته فاطمة الزهراء والحسن والحسين (عليهم الصلاة والسلام) نهائياً حتى ينقطع نسله . وسيؤول الإسلام وما بناه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى الخراب والدمار والشتات ، وسيذهب جهاد الرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وتحمله هذه المشقة وهذا العناء في سبيل رفع راية لا إله إلّا الله هباءًا منثوراً ، وينهدم الدين برأسه ويخرب البنيان ولا يبقى منه شيء .
    فالإمام علي (عليه السلام) قد صبر صبراً عظيماً ؛ لأنّ الصبر على هذا النوع من البلاء في غاية الصعوبة ، لا سيما بالنسبة لغيرة الله وحميته (عليه السلام) ، وصبر الإمام لا يقاس بصبر الناس ، فهو إمام معصوم مربوط على قلبه , ولذا ترى أنه يشق عليه استماعه عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بحيث يصعق ويسقط على وجهه . بل أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أخذ عهد ابنته الزهراء (عليها السلام) أيضاً على الصبر ، حيث ورد أنّه تكلّم معها بكلامٍ فحزنت (عليها السلام) وبكت كثيراً ! ثم تكلّم مرّةً أخرى وقال أنّك أول أهل بيتي لحوقاً بي ففرحت بذلك الزهراء (عليها السلام) شوقاً لوالدها (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، وكذا ابنيها الحسن والحسين (عليهما السلام) كلّهم قبلوا ورضوا بالتكليف الإلهي . بل هذا هو أحد أسباب الاجتراء والتهجم على بيت العترة وكشف بيت فاطمة الزهراء (عليها السلام) ؛ فإنّ القوم علموا ذلك كلّه وعلموا أنّ الناس يقعدون عن نصرة العترة (عليهم السلام) . وما كان صبره (عليه الصلاة والسلام) إلّا من أجل الحفاظ على الإسلام المتمثل بالثقلين (القرآن والعترة) ، تنفيذاً لقول النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي ، أَحَدُهُمَا أَعْظَمُ مِنَ الْآخَرِ : كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ، وَالْآخَرُ عِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي ، وَلَنْ يَتَفَرَّقا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ ، فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا» .
    وقد أوضحت ذلك كلماته (عليه الصلاة والسلام) في نهج البلاغة وغيره ، فقال في الخطبة المعروفة بـ(الشقشقية) :-
    «أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ تَقَمَّصَهَا فُلَانٌ وَإِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى ، يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ وَلَا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ ، فَسَدَلْتُ دُونَهَا ثَوْباً وَطَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً وَطَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَةٍ عَمْيَاءَ ، يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ وَيَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ وَيَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقَى رَبَّهُ . فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى فَصَبَرْتُ وَفِي الْعَيْنِ قَذًى وَفِي الْحَلْقِ شَجًا ، أَرَى تُرَاثِي نَهْباً حَتَّى مَضَى الْأَوَّلُ لِسَبِيلِهِ فَأَدْلَى بِهَا إِلَى فُلَانٍ بَعْدَهُ - ثُمَّ تَمَثَّلَ بِقَوْلِ الْأَعْشَى - : شَتَّانَ مَا يَوْمِي عَلَى كُورِهَا ** وَيَوْمُ حَيَّانَ أَخِي جَابِرِ .
    فَيَا عَجَباً بَيْنَا هُوَ يَسْتَقِيلُهَا فِي حَيَاتِهِ إِذْ عَقَدَهَا لِآخَرَ بَعْدَ وَفَاتِهِ ، لَشَدَّ مَا تَشَطَّرَا ضَرْعَيْهَا فَصَيَّرَهَا فِي حَوْزَةٍ خَشْنَاءَ ، يَغْلُظُ كَلْمُهَا وَيَخْشُنُ مَسُّهَا وَيَكْثُرُ الْعِثَارُ فِيهَا وَالِاعْتِذَارُ مِنْهَا ، فَصَاحِبُهَا كَرَاكِبِ الصَّعْبَةِ ! إِنْ أَشْنَقَ لَهَا خَرَمَ وَإِنْ أَسْلَسَ لَهَا تَقَحَّمَ ، فَمُنِيَ النَّاسُ لَعَمْرُ اللَّهِ بِخَبْطٍ وَشِمَاسٍ وَتَلَوُّنٍ وَاعْتِرَاضٍ ، فَصَبَرْتُ عَلَى طُولِ الْمُدَّةِ وَشِدَّةِ الْمِحْنَةِ . حَتَّى إِذَا مَضَى لِسَبِيلِهِ جَعَلَهَا فِي جَمَاعَةٍ زَعَمَ أَنِّي أَحَدُهُمْ ! فَيَا لَلَّهِ وَلِلشُّورَى مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الْأَوَّلِ مِنْهُمْ حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إِلَى هَذِهِ النَّظَائِرِ ؟! لَكِنِّي أَسْفَفْتُ إِذْ أَسَفُّوا وَطِرْتُ إِذْ طَارُوا فَصَغَا رَجُلٌ مِنْهُمْ لِضِغْنِهِ وَمَالَ الْآخَرُ لِصِهْرِهِ ، مَعَ هَنٍ وَهَنٍ إِلَى أَنْ قَامَ ثَالِثُ الْقَوْمِ نَافِجاً حِضْنَيْهِ بَيْنَ نَثِيلِهِ وَمُعْتَلَفِهِ ، وَقَامَ مَعَهُ بَنُو أَبِيهِ يَخْضَمُونَ مَالَ اللَّهِ خِضْمَةَ الْإِبِلِ ، نِبْتَةَ الرَّبِيعِ إِلَى أَنِ انْتَكَثَ عَلَيْهِ فَتْلُهُ وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ وَكَبَتْ بِهِ بِطْنَتُهُ . فَمَا رَاعَنِي إِلَّا وَالنَّاسُ كَعُرْفِ الضَّبُعِ إِلَيَّ يَنْثَالُونَ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ، حَتَّى لَقَدْ وُطِئَ الْحَسَنَانِ وَشُقَّ عِطْفَايَ مُجْتَمِعِينَ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ الْغَنَمِ ، فَلَمَّا نَهَضْتُ بِالْأَمْرِ نَكَثَتْ طَائِفَةٌ وَمَرَقَتْ أُخْرَى وَقَسَطَ آخَرُونَ ، كَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ :
    ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ، بَلَى وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعُوهَا وَوَعَوْهَا ! وَلَكِنَّهُمْ حَلِيَتِ الدُّنْيَا فِي أَعْيُنِهِمْ وَرَاقَهُمْ زِبْرِجُهَا .
    أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ ، لَوْ لَا حُضُورُ الْحَاضِرِ وَقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ وَمَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى الْعُلَمَاءِ أَلَّا يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِمٍ وَلَا سَغَبِ مَظْلُومٍ .. لَأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِهَا ، وَلَأَلْفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هَذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ
    » . (نهج البلاغة طبعة صبحي الصالح : ص48.)
    عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ‏ (عامر بن واثلة) قَالَ :
    كُنْتُ عَلَى الْبَابِ يَوْمَ الشُّورَى ، فَارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ بَيْنَهُمْ ، فَسَمِعْتُ عَلِيّاً (عَلَيْهِ‏ السَّلَامُ) يَقُولُ :
    «بَايَعَ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ وَأَنَا وَاللَّهِ أَوْلَى بِالْأَمْرِ مِنْهُ ! وَأَحَقُّ بِهِ مِنْهُ‏ . فَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ مَخَافَةَ أَنْ يَرْجِعَ الْقَوْمُ كُفَّاراً يَضْرِبُ بَعْضُهُمْ رِقَابَ بَعْضٍ بِالسَّيْفِ ، ثُمَّ بَايَعَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ وَأَنَا أَوْلَى بِالْأَمْرِ مِنْهُ ، فَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ مَخَافَةَ أَنْ يَرْجِعَ الْقَوْمُ كُفَّاراً ، ثُمَّ أَنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَبَايِعُوا عُثْمَانَ ؟! إِذَنْ لَا أَسْمَعُ وَلَا أُطِيعُ» .
    المصدر : (الاحتجاج للشيخ الطبرسي : ج1، ص188 . والبحار : ج29، ص635، عن كتاب الطرائف : ص411. ومسند فاطمة الزهراء (عليها السلام) : ص21 . والصراط المستقيم : ج3، ص119، عن الخوارزمي .)

    من الأسباب التي دعت الإمام علي (عليه السلام) إلى الصبر :-
    1- عَنْ الْإِمَامِ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
    «لَمْ يُمْنَعْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) مِنْ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى نَفْسِهِ إِلَّا نَظَراً لِلنَّاسِ وَتَخَوُّفاً عَلَيْهِمْ أَنْ يَرْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ ، فَيَعْبُدُوا الْأَوْثَانَ وَلَا يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ» . (الكافي : ج8، ص295.)
    2- عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرُّمَّانِيِّ قَالَ :
    سَأَلْتُ الرِّضَا (عَلَيْهِ‏ السَّلَامُ) فَقُلْتُ لَهُ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ! أَخْبِرْنِي عَنْ عَلِيٍّ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) لِمَ لَمْ يُجَاهِدْ أَعْدَاءَهُ خَمْساً وَ عِشْرِينَ سَنَةً بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ثُمَّ جَاهَدَ فِي أَيَّامِ وَلَايَتِهِ ؟ فَقَالَ (عَلَيْهِ‏ السَّلَامُ) :
    «لِأَنَّهُ اقْتَدَى بِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فِي تَرْكِهِ جِهَادَ الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَبِالْمَدِينَةِ تِسْعَةَ عَشَرَ شَهْراً ؛ وَ ذَلِكَ لِقِلَّةِ أَعْوَانِهِ عَلَيْهِمْ . وَكَذَلِكَ عَلِيٌّ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) تَرَكَ مُجَاهَدَةَ أَعْدَائِهِ لِقِلَّةِ أَعْوَانِهِ عَلَيْهِمْ ، فَلَمَّا لَمْ تَبْطُلْ نُبُوَّةُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) مَعَ تَرْكِهِ الْجِهَادَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَ تِسْعَةَ عَشَرَ شَهْراً ، كَذَلِكَ لَمْ تَبْطُلْ إِمَامَةُ عَلِيٍّ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) مَعَ تَرْكِهِ الْجِهَادَ خَمْساً وَ عِشْرِينَ سَنَةً ، إِذَا كَانَتِ الْعِلَّةُ الْمَانِعَةُ لَهُمَا مِنَ الْجِهَادِ وَاحِدَةً» . (البحار : ج29، ص435، عن علل الشّرائع : ج1، ص148.)
    3- عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُوسَى (رَحِمَهُ اللَّهُ) عَنْ أَبِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ) قَالَ : خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) خُطْبَةً بِالْكُوفَةِ ، فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ قَالَ :
    «أَلَا وَإِنِّي لَأَوْلَى النَّاسِ بِالنَّاسِ ، وَ مَا زِلْتُ مَظْلُوماً مُنْذُ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ)» . فَقَامَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ (لَعَنَهُ اللَّهُ) فَقَالَ‏ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ! لَمْ تَخْطُبْنَا خُطْبَةً مُنْذُ قَدِمْتَ الْعِرَاقَ إِلَّا وَقُلْتَ وَ اللَّهِ إِنِّي لَأَوْلَى النَّاسِ بِالنَّاسِ وَ مَا زِلْتُ مَظْلُوماً مُنْذُ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) ! وَ لَمَّا وَلِيَ تَيْمٌ وَ عَدِيٌّ أَلَّا ضَرَبْتَ بِسَيْفِكَ دُونَ ظُلَامَتِكَ ؟!
    فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ وَ سَلَامُهُ عَلَيْهِ) :
    «يَا ابْنَ الْخَمَّارَةِ ! قَدْ قُلْتَ قَوْلًا فَاسْتَمِعْ : وَ اللَّهِ مَا مَنَعَنِي الْجُبْنُ وَ لَا كَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ ، وَ لَا مَنَعَنِي ذَلِكَ‏ إِلَّا عَهْدُ أَخِي رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) ، أَخْبَرَنِي وَقَالَ‏ لِي : يَا أَبَا الْحَسَنِ ، إِنَّ الْأُمَّةَ سَتَغْدِرُ بِكَ وَ تَنْقُضُ عَهْدِي ! وَ إِنَّكَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى . فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! فَمَا تَعْهَدُ إِلَيَّ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ ؟ فَقَالَ : إِنْ وَجَدْتَ أَعْوَاناً فَبَادِرْ إِلَيْهِمْ وَ جَاهِدْهُمْ ، وَ إِنْ لَمْ تَجِدْ أَعْوَاناً فَكُفَّ يَدَكَ وَ احْقُنْ دَمَكَ حَتَّى تَلْحَقَ بِي مَظْلُوماً . فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) اشْتَغَلْتُ بِدَفْنِهِ وَ الْفَرَاغِ مِنْ شَأْنِهِ ، ثُمَّ آلَيْتُ يَمِيناً أَنِّي لَا أَرْتَدِي إِلَّا لِلصَّلَاةِ حَتَّى أَجْمَعَ الْقُرْآنَ ، فَفَعَلْتُ‏ ثُمَّ أَخَذْتُ بِيَدِ فَاطِمَةَ وَ ابْنَيَّ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ) ثُمَّ دُرْتُ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ وَ أَهْلِ السَّابِقَةِ ، فَنَاشَدْتُهُمْ‏ حَقِّي وَ دَعَوْتُهُمْ إِلَى نُصْرَتِي فَمَا أَجَابَنِي‏ مِنْهُمْ إِلَّا أَرْبَعَةُ رَهْطٍ : سَلْمَانُ وَ عَمَّارٌ وَ الْمِقْدَادُ وَ أَبُو ذَرٍّ ، وَ ذَهَبَ مَنْ كُنْتُ أَعْتَضِدُ بِهِمْ عَلَى دِينِ اللَّهِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي ، وَ بَقِيتُ بَيْنَ خَفِيرَتَيْنِ‏ قَرِيبَيِ الْعَهْدِ بِجَاهِلِيَّةٍ عَقِيلٍ وَالْعَبَّاسِ» . (البحار : ج29، ص419، عن الاحتجاج : ج1، ص190.)
    4- المحافظة على كتاب الله ، حيث قد جمع القرآن الكريم كما أنزل على حدّه ، كذلك حافظ على الإمامة التي هي عصب استمرار الإسلام المحمدي الصحيح ، حيث كان الحسن والحسين (عليهما السلام) أطفالٌ صغارٌ غير مهيئين لخوض المعارك ، وبموتهم ينقطع أحد الثقلين .
    5- في حال عدم صبر الإمام علي (عليه السلام) على القوم ، سيضطر إلى استخدام الولاية التكوينيّة التي هي السُّلطة والقدرة على الوجود ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
    «لَوْ لَا عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَيَّ النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لَأَوْرَدْتُ الْمُخَالِفِينَ خَلِيجَ الْمَنِيَّةِ وَلَأَرْسَلْتُ عَلَيْهِمْ شَآبِيبَ صَوَاعِقِ الْمَوْتِ وَعَنْ قَلِيلٍ سَيَعْلَمُونَ» . (الكافي : ج8، ص33.)
    حينها والله وتالله وبالله سيقلب عاليها سافلها عليهم .. ولقتلهم كلهم ولأبادهم جميعاً ولزلزل الأرض بهم ولأنزل الأبابيل عليهم ولفعل الأفاعيل فيهم ! قَالَ تَعَالَى :
    ﴿أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ - [سُّورَةُ النُّوْرِ : 50.] فجميع الناس مرتدين مُبايعين منقلبين على أعقابهم كما صرّح القرآن الكريم بذلك ! فيحقُّ عليهم غضب الله وعذابه ، وعند ذلك الوقت ستتدخل امبراطوريات الروم والبيزنطيين والفرس ويندثر الإسلام وينتهي إلى الأبد .
    الخلاصة هي أنّ الناس بعد استشهاد النبي مُحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مسموماً كانوا يحسدون أمير المؤمنين (عليه السلام) أو يبغضونه لأنّه قتل آباءهم وإخوانهم الكفّار المشركين ، أو يخافون شدّته وعدله وصرامته ، فضلاً عن تصريح القرآن القوي بأنّهم انقلبوا على أعقابهم بعد نبيهم . فهم إما رجحوا نصرة السقيفة الحاكمة فكانوا من أعوانهم ، وإمّا تركوا نصرة أمير المؤمنين (عليه السلام) فهم وإن لم يروا أبا بكر أهلاً للخلافة ولكن قالوا إنه ألين من علي (عليه السلام) ، ومنهم فرقة أخرى وهم الأكثرون أعرابٌ وجفاةٌ أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح ، فهؤلاء مقلدون لا يسألون ولا ينكرون ولا يبحثون ، وهم مع أمرائهم وولاتهم ، وجمعٌ من الصحابة كانوا قائلين بإمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) ولكنهم لما رأوا ذلة الحق وأهله وكونهم متفرقين وغلبة الباطل عليهم سكتوا . ويظهر من الآثار أنّ الفتنة كانت شديدة جداً كما قال بعضهم في جواب سليم : «أَصَابَتْنَا فِتْنَةٌ أَخَذَتْ بِقُلُوبِنَا وَأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا» . وكما قالت عائشة : «قُبِضَ رَسُولُ اللهِ فَارْتَدَّتِ الْعَرَبُ ، وَاشْرَأَبَّ النِّفَاقُ بِالْمَدِينَةِ» .
    عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) قَالَ :

    «إنَّ الْعَرَبَ كَرِهَتْ أَمْرَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) ، وَحَسَدَتْهُ عَلَى مَا آتَاهُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ، وَاسْتَطَالَتْ أيَّامَهُ حَتَّى قَذَفَتْ زَوْجَتَهُ ، وَنَفَّرَت بِهِ نَاقَتَهُ ، مَعَ عَظِيمِ إِحْسَانِهِ إِلَيْهَا ، وَجَسِيمِ مِنَنِهِ عِنْدَهَا ، وَأَجْمَعَتْ مُذْ كَانَ حَيّاً عَلَى صَرْفِ الْأَمْرِ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ ، وَلَوْلَا أَنَّ قُرَيشاً جَعَلَتِ اسْمَهُ ذَرِيعَةً إِلَى الرِّياسَةِ وَسُلَّماً إِلَى الْعِزِّ وَالْإِمْرَةِ ، لَمَا عَبَدَتِ اللَّهَ بَعْدَ مَوْتِهِ يَوماً وَاحِداً ! وَلَارْتَدَّتْ فِي حَافِرَتِهَا وَعَادَ قَارِحُهَا جَذَعاً وَبَازِلُهَا بِكْراً . ثُمَّ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيَهَا الفُتوحَ ، فَأَثرَتْ بَعْدَ الْفَاقَةِ ، وَتَمَوَّلَتْ بَعْدَ الْجَهدِ وَالْمَخْمَصَةِ ؛ فَحَسُنَ فِي عُيونِهَا مِنَ الْإِسْلَامِ مَا كَانَ سَمِجاً ، وَثَبَتَ فِي قُلُوبِ كَثِيرٍ مِنْهَا مِنَ الدِّينِ مَا كَانَ مُضْطَرِباً ، وَقَالَتْ : لَوْلَا أَنَّهُ حَقٌّ لَمَا كَانَ كَذَا . فَعَلتُ ؟ وَكَذَاكَ لَمْ يَكُنْ يُقرَّبُ مَا قُرِّبتُ ، ثُمَّ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ قُرَيشٍ وَالْعَرَبِ سَبَباً لِلْحُظوَةِ وَالْمَنْزِلَةِ ، بَلْ لِلْحِرْمَانِ وَالْجَفْوَةِ . اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أنِّي لَمْ أُرِدِ الْإِمْرَةَ ، وَلَا عُلُوَّ الْمُلْكِ وَالرِّيَاسَةِ ؛ وَإنَّمَا أرَدْتُ الْقِيَامَ بِحُدودِكَ وَالْأَدَاءَ لِشَرْعِكَ ، وَوَضْعَ الْأُمُورِ فِي مَوَاضِعِهَا ، وَتَوْفيرَ الْحُقُوقِ عَلَى أَهْلِهَا ، وَالْمُضِيَّ عَلَى مِنْهَاجِ نَبِيِّكَ ، وَإِرْشَادَ الضَّالِّ إِلَى أَنْوَارِ هِدَايَتِكَ» . (شرح نهج البلاغة : ج20، ص298، ح414.)
    وَعَنْ الْإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ : قَالَ رَجُلٌ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : مَا أَشَدَّ بُغْضَ قُرَيْشٍ لِأَبِيكَ ؟! قَالَ :
    «لِإِنَّهُ أَوْرَدَ أَوَّلَهُمُ النَّارَ ، وَأَلْزَمَ آخِرَهُمُ الْعَارَ» . (تاريخ دمشق : ج42، ص290 . والمعجم لابن الأعرابي : ج1، ص300. ونثر الدرّ : ج1 ص340 . وكشف الغمّة : ج2 ص319 . وبحار الأنوار : ج78 ص159 ح10 .)
    ولقد تواترت الأدلّة القائلة بأنّ النبيّ محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد قال للإمام علي (عليه السلام) له : (أنّ الأُمة ستغدر بك وتلقى منها الظلم والضيم) :-
    روى الحاكم في المستدرك على الصحيحين - الجزء (3) - الصفحة (153) :- 4686 - عَنْ حَيَّانَ الْأَسَدِيِّ، سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
    «إِنَّ الْأُمَّةَ سَتَغْدِرُ بِكَ بَعْدِي، وَأَنْتَ تَعِيشُ عَلَى مِلَّتِي، وَتُقْتَلُ عَلَى سُنَّتِي، مَنْ أَحَبَّكَ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَكَ أَبْغَضَنِي، وَإِنَّ هَذِهِ سَتُخَضَّبُ مِنْ هَذَا» - يَعْنِي لِحْيَتَهُ مِنْ رَأْسِهِ - «صَحِيحٌ». قال الحكام النيسابوري: صحيح. وعلّق الذهبي على الحديث في كتاب التلخيص وقال: صحيح . ورواه في تذكرة الحفاظ بسنده عن إبراهيم بن علقمة ورواه في تاريخ بغداد بسنده عن أبي أدريس . ومنها ما رواه الطبراني في المعجم الكبير - الجزء (11) - الصفحة (73) :- 11084 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلَوَيْهِ الْقَطَّانُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السُّكَّرِيُّ، ثنا مُوسَى بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ الْبَصْرِيُّ، ثنا مِنْدَلٌ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلِيٌّ رَضِي اللهُ عَنْهُ، فِي حشانِ الْمَدِينَةِ فَمَرَرْنَا بِحَدِيقَةٍ فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِي اللهُ عَنْهُ: مَا أَحْسَنَ هَذِهِ الْحَدِيقَةَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: «حَدِيقَتُكَ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا» ، ثُمَّ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى رَأْسِهِ، وَلِحْيَتِهِ ثُمَّ بَكَى حَتَّى عَلَا بُكَاؤُهُ، قِيلَ مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: «ضَغَائِنُ فِي صُدُورِ قَوْمٍ لَا يُبْدونها لَكَ حَتَّى يَفْقِدُوني» .
    وروى في مجمع الزوائد للهيمثي - الجزء (9) - الصفحة (118) :- 14690 -
    «وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخِذٌ بِيَدِي وَنَحْنُ نَمْشِي فِي بَعْضِ سِكَكِ الْمَدِينَةِ إِذْ أَتَيْنَا عَلَى حَدِيقَةٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَحْسَنَهَا مِنْ حَدِيقَةٍ! فَقَالَ: إِنَّ لَكَ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنَ مِنْهَا. ثُمَّ مَرَرْنَا بِأُخْرَى، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَحْسَنَهَا مِنْ حَدِيقَةٍ! قَالَ: لَكَ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا. حَتَّى مَرَرْنَا بِسَبْعِ حَدَائِقَ، كُلُّ ذَلِكَ أَقُولُ: مَا أَحْسَنَهَا، وَيَقُولُ: لَكَ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْهَا. فَلَمَّا خَلَا لِيَ الطَّرِيقُ اعْتَنَقَنِي ثُمَّ أَجْهَشَ بَاكِيًا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: ضَغَائِنُ فِي صُدُورِ أَقْوَامٍ لَا يُبْدُونَهَا لَكَ إِلَّا مِنْ بَعْدِي. قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فِي سَلَامَةٍ مِنْ دِينِي؟ قَالَ: فِي سَلَامَةٍ مِنْ دِينِكَ» . رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ، وَفِيهِ الْفَضْلُ بْنُ عُمَيْرَةَ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ .
    فلذلك اقتضت الحكمة أن يوصي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وصيه عليّاً (عليه الصلاة والسلام) بالصبر على هذه الأمور الشنيعة . قال النبي محمد لعلي بن أبي طالب (صلّى الله عليهم وسلّم) :
    «إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي اخْتِلافٌ، أَوْ أَمْرٌ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ السِّلْمَ، فَافْعَلْ» .
    المصادر :
    مسند أحمد بن حنبل : ج2، ص85، إسناده صحيح .
    مجمع الزوائد للهيثمي : ج7، ص237، رجاله ثقات .
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	============.jpg 
مشاهدات:	586 
الحجم:	370.6 كيلوبايت 
الهوية:	917984

  • #2
    اللهم صل على محمد وال محمد
    احسنتم ويبارك الله بكم
    شكرا لكم


    تعليق


    • #3
      المشاركة الأصلية بواسطة صدى المهدي مشاهدة المشاركة
      اللهم صل على محمد وال محمد
      احسنتم ويبارك الله بكم
      شكرا لكم


      حياكم الله شكراً لكم *

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X