بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
عقيدتنا في الالهيات
(التوحيد الذاتي)
مقدمة :
وفيها محورين الاول : قلنا سابقا ان هذا العلم هو من العلوم الحقيقية ونعني به الذي يتمركزعلى يقينين فنحن نبحث عن موجود حقيقي لا اعتباري نريد ان نثبت له الصفات الكمالية وننزهه عن الصفات السلبية وقبل اثبات الصفات لابد ان نبحث عن امرين بمرحلة متقدمة .
الاول :اثبات ذاته وليس البحث عن كنهه كما تقدم, بالدليل القطعي .
الثاني :معرفة انواع توحيده اواقسام التوحيد .
والسر في معرفة الامر الثاني هو كالتالي لو فرضنا عندنا ذات مقدسة تتصف بصفاة وكمالات ولا نعرف ان مافعلناه من الوقائع الخارجية كان امر خالصاً للباري تعالى او لا , فهل تحصل لنا المعرفة ؟
الجواب لا ,والوجه في ذلك اننا قد نسبنا الصفاة وسائر الكمالات الى شيء اخر فلهذا يجب معرفة انواع التوحيد باقسامها لكي لا نقع في عبادة غيره, ولوكان , لما عرفناه فلوتوكلنا على شخص ما من دون النظر الى الباري تعالى ,سوف يلزم انتساب الكمال له دون الباري تعالى ولازمه الشرك اعاذنا الله .
وعليه لوتم معرفة الذات ومعرفة من نعبد وهو نفس الذات التي ثبتت لنا باليقين حينئذٍ نستطيع ان نثبت لها جميع الكمالات وننزهها عن جميع انواع النقص ,وبعبارة ان النظر العقلي يستعمل في اثبات الذات والعقل العملي في مقام اثبات انواع توحيده .
المحور الثاني : إنّ أول مرتبة من مراتب التوحيد هو (التوحيد الذاتي)، وللتوحيد الذاتي معنيان:
أ : إنّ الله واحدٌ، لا مثيل له ولا نظير ولا شبيهَ ولا عديل.(نفي الشريك)
ب : إن الذات الإلهيّة المقدّسة ذاتٌ بسيطةٌ لا كثرةَ فيها، ولا تركّب.
قوله واحد احد : الفرق بين الواحد والاحد: ان الاحد يطلق على ما لا يقبل الكثرة في عالم الخارج كالاعداد ولا في الذهن كالانسان المنطبق على المصاديق الكثيرة .
بخلاف الواحد فان كل واحد له ثانياً وثالثا وهكذا وقول المصنف (واحد) اي لاشريك له ثم تصل النوبة اذا كان واحد لماذا لا شريك له ؟
استدركه المصنف بقوله (احد) اي قولي واحد لاشريك له لكن لاكثرة له لاخارجية ولا ذهنية فهو احديٌ .
قوله قديم لم يزل ولا يزال : وهو مايقابل الحادث اي لم يكن ثم كان والقديم بخلافه حيث هو المصاحب لجميع الازمان ويسمى القديم الذاتي اي قدمه من صميم ذاته بخلاف القدم الزماني فانه (الزمان) ايضا قديم لكن لا بذاته بل بواسطة الواجب تعالى.
قوله سميع بصير :يتوقف على بيان اربع نقاط
النقطة الاولى :في اثباتها, قول الله تعالى (اني معكما اسمع وارى)طه 46 السميع والبصير من الصفاة الثبوتية الذاتية اي انه متمكن من السمع والبصر لو وجدت المسموعات والمبصرات ,واما قولنا السامع الباصر فهما من الصفاة الفعلية الاضافية . وعليه لا يصح ان نقول لايزل الله تعالى سامع مبصر لاستلزام تعدد القدماء كما سوف ياتي (باب الصفات) .
النقطة الثانية : ملازمة السمع مع البصر الواردة في القران ؟
قالوا :ان السمع والبصر معناهما العلم اي ان الغاية والغرض من السمع ماذا ؟ هو العلم بما سمعت وكذلك البصر ولان السمع والبصر متلازمان من هذا المعنى اعني ان مفادهما مفاد واحد وهو العلم ـ وهو الكشف عن مسمع ومبصرـ فلهذا كانا دوم معاً .
ونعني انه عالم بالمسموعات والمبصرت هو العلم الخاص دون العلم العام .
اي انه يعلم بالمسموعات اذا وجدت والمبصرت اذا وجدت دون العلم العام الذي هو العلم قبل وجودها .
وبعبارة اخرى قالوا :ان الله تعالى عالم بالمسموعات والمبصرت بالعلم المفهومي وهو قبل وجودها وهنالك علم خاص هو العلم بها في مرحلة الصدق والمصداق الخارجي وهذا معنى قولهم عالم بها اذا وجدت واما من الناحية المفهومية فيشمل المسموعات والمبصرات قبل وجودها وبعد كذلك اذاً عندما نقراء ان الله تعالى عالم بالمسموعات والمبصرات ارادوا هذا المعنى المصداقي اي اذا وجدت ودن العلم المفهومي .
ودليلهم على تفسير السمع والبصربالعلم قالوا : ماهو محصله ان السمع والبصرعندالمخلوقين يحصل بواسطة الحواس( الباصرة والسامعة ) والله تعالى لايحتاج الى هذه الحواس لاستغنائه عنها لانه غير محتاج فهو غني اذاً تفسير ان الله تعالى عالم بالمسموعات وكذلك المبصرات له وجهٌ .
هذاهوحاصل راي الشيخ المفيد ومن تبعه من الاعلام واعتقد انه المشهور بين المتكلمين .
النقطة الثالثة : في من خالف المشهور وهو السيد المرتضى علم الهدى رح ,قالوا: صفة السمع والبصر لايرجعان الى العلم, ان صفة السمع والبصر يغايرالانكشاف بالعلم بالسمع والبصر, والله تعالى سميع أي على صفة يدرك المسموعات اذا وجدت والله تعالى بصير على صفة يدرك بالمبصرات اذا وجدت . فانا نجد فرقاً بين من شاهد شيئاً ثم اغمض عينيه وعلم به , فلهما معنى خاص يغاير العلم .
وصاحب هذا الراي يذهب الى رجوع صفة السمع والبصر الى صفة الحياة قال : ان الله حيٌ فهو سميع بصير .وقد اشكل عليه من كون تفسير البصر والسمع بالحياة خطأٌ فانا نجد بعض المخلوقات حية لا تسمع ولا تبصر .
النقطة الرابعة :لماذا خُص الله تعالى بالسمع والبصر دون سائر الامور من الشامة والذائقة مع العلم ان السمع والبصر ايظا من الصفاة المشتركة ؟
قالوا :اولا لمتناعها عليه وهو غير محتاج واما السمع والبصر فهما يعطيان معنى خاص اما العلم او الحياة او ارجاعهما الى صفة اخرى هذا من باب ومن باب اخر قالوا في القران لم يرد غير السمع والبصر من هذا الصفاة المشتركة بين المخلوقين والفرق واضح بينها
ثانيا : لردع المكلفين عن المعصية فان المكلف اذا علم ان الله تعالى يسمع ويرى افعاله فيردع عن الظلم والمعصية ومنه في الشاهد قوله تبارك وتعالى (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون )اي مراقب محاسب على مايراه .
تبقى بقية الادلة العقلية على كلا القولين, والنقض عليهما تاتي في محلها ان شاء الله تعالى .
قوله :ليس بجسم :اي ليس ذو (طول, عرض, عمق ) اي ذو ابعاد ثلاث والجسم مركب من اجزاء وكل جزء محتاج الى اجزائه فيلزم كونه تعالى محتاج مركب
قوله : ليس صورة :روى الكافي في باب النهي عن الجسم والصورة ))محمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن حمزة بن محمد قال: كتبت الى ابي الحسن عليه السلام اسأله عن الجسم والصورة فكتب :سبحان من ليس كمثله شيء لا جسم ولا صورة ))اي ليس صورة جسمية فهو ليس بشكل [انه مجرد فليس موجود مادي فيحتاج الى الصورة ]
قوله : جوهر وعرض :الجوهر له اصطلاحان الاول بمعنى الموجود لافي موضوع وهو المعنى المنطقي ,اما عند المتكلمين فهو المتحيز بذاته . والظاهر انه لافرق
ومرادهم من كونه تعالى ليس بجوهر ,ان الجوهر متحيز اي يحدده المكان فهو وجود متناهي والله تعالى ليس بمتناهي .
واما العرض: هو المتحيز بغيره اي بواسطة الجسم مثل الالوان فلا توجد الاعراض مستقلة الامع وجود الاجسام والله تعالى ليس بعرض والا لزم افتقاره الى معروضه فيلزم الاحتياج .
قوله: الحركة والسكون : الحركة عند الفلاسفة هو الخروج من القوة الى الفعل على نحو التدرج , وعند المتكلمين هو حصول الجسم في حيز بعد ان كان في اخر .
والسكون هو حصول الجسم في حيز اكثر من زمان واحد اوهو عدم الحركة عما من شأنه ان يتحرك .
قوله: زمان ومكان :الزمان هو الانات او اللحظات التي تمر على الموجود, والمكان هو الحيز الذي تشغله الاجسام في الحصول فيه . والزمان والمكان من سمات المادي .
قوله : لايشار اليه :الاشارة الحسية تنشأمن وجود مشار اليه وهذه النسبة الاضافية بين المشار والمشار اليه لا تحصل الا مع موجود يكون متعلق الاشارة وهو المشاهد حتى يصح الاشارة اليه في جهته والله تعالى ليس في جهة فلا يكون متعلق الاشارة الحسية .
قوله : لاند له : هو الشريك , ولان شريك الباري ممتنع الوجود فلا ند له ومنه قوله تعالى لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَة إِلَّا اللَّه لَفَسَدَتَا فَسُبْحَان اللَّه رَبّ الْعَرْش عَمَّا يَصِفُونَ (الانبياء 21
قوله : لاضد له :وله تعاريف ثلاث
أ ـ هما اللذان لا يجتمعان في محل واحد في زمان واحد من جهة واحدة مثل البرودة والحرارة فهما ضدان في الاصطلاح المنطقي (ويحصل في الاعراض التي لا تستقر الا مع وجود موضوع تعرض عليه)
ب لكل واحد منهما ينافي اثر الاخر مثل الماء والنار (ويحصل في الامور التجريبية العنصرية).
ج ان لاحدهما قدرة تمنع قدرة الاخر, والله تعالى قادرٌ حيٌ من دون منازع ,والا لما كانت تتعلق قدرته بكل مقدور مع فرض وجود ضد اي مانع .
قوله : لاتدركه الابصار وهو يدرك الابصار :اجمع الامامية اعزهم الله على عدم جواز الرؤية البصرية لله تعالى وتبعهم المعتزلة على ذلك وانه من المحالات العقلية وخالفهم في ذلك المجسمة من الاشاعرة والكرامية فجوزوا الرؤية لاعتقادهم ان الله جسم بالرغم من ان الاشاعرة يعتقدون انفسهم انهم من اهل التنزيه الا انهم يعتقدون برؤيته ونعتقد ان الخلاف هو في امكان الرؤية او عدم الامكان لكن المستتبع للروايات يقف على ان النصوص ظاهرة في تحقيق ذلك واقعا وانه يظهر كالقمر ليلة البدر يوم القيامة , ويقضي حوائج الناس كل يوم كذا بعد نزوله على دابة !
واستشفوا ذلك من النصوص القرانية الصريحة في ذلك واسموها بالصفاة الخبرية مثل اليد والوجه وغيرها .
وقد ذكرت هذه المسالة عند اكابر محدثيهم معترفين بالرؤية الحقيقية امثال احمد بن حنبل وسفيان الثوري ومالك بن انس على ماذكره الشهرستاني صاحب الملل والنحل .
والرؤية مستحيلة عند الامامية من جهة كون المرئي لابد ان يكون في جهة ,وان يكون مايقابل الرائي, وان يكون مادي ,لان المجرد لا يرى وكل هذه الامور مستحيلة على الله تعالى لاستلزامها النقص والمحدودية .
الا ان القاضي الايجي صاحب كتاب المواقف من الاشاعرة افاد معتذرا ما محصله ان الله تعالى ليس كمثله شيء وقولنا ـ الله تعالى ـ له يد او ساق او وجهٌ فليس كمثلنا انما هذه الامور من مختصاته ويجب ان تليق به تعالى فهو منزهٌ عن صفات المخلوقين.
لكن رده التفتزاني تلميذه بان هذا هو عين القول بالتجسيم وعدم التنزيه بان كل مخلوق له مركبات تليق بشأنه فان الجمل له يد وهي مناسبه لشأنه وكذلك البشر فلكل منا له اعضاء تليق بشأنه فلا وجه اختلاف عنا من هذه الناحيه .
قوله : الاستعارة والمجاز: نقول :هذا ـ الظاهر من الكتاب ـ بناءاً على القول بحجية ظواهر الكتاب مالو لم تكن معارضة للازم فاسد كاعتقاد شركي او كفري كما هو الحال , فان هذه الامور من المجاز والاستعارة والكناية فمن ليس لديه الاستعارة والمجاز كما هو حال الاشاعرة ,لانهم لايعتقدون بالمجازات القرانية وغيرها فوقعوا بهذا المحذور واخذوا بالمفاهيم التصورية دون التصديقية فقالوا الظهور التصوري للايات حجة لكن الحق ان الظهور الجملي والمتبادر التصديقي والتدبر بالايات صدرها والاخذ بما هو محصل ٌ في ذلك , والحق انا نقول: بثبوت المجاز والكناية في القران الكريم وهو مليء بها .
منها على سبيل المثال لا الحصر
1 (أأنتم تزرعون ام نحن الزّارِعون) الواقعة 64
2 (يد الله فوق ايديهم ) .
3 (ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) البقرة 194
فهل يصح للمقتص ان نقول: له جاني معتدي ؟ او للحاكم الشرعي في القصاص عند اخذ نفس الاعتداء بانه معتدي ؟ ام انه من باب المجاز والمشاكلة ؟
والحمد لله رب العالمين
اللهم صل على محمد وال محمد
عقيدتنا في الالهيات
(التوحيد الذاتي)
مقدمة :
وفيها محورين الاول : قلنا سابقا ان هذا العلم هو من العلوم الحقيقية ونعني به الذي يتمركزعلى يقينين فنحن نبحث عن موجود حقيقي لا اعتباري نريد ان نثبت له الصفات الكمالية وننزهه عن الصفات السلبية وقبل اثبات الصفات لابد ان نبحث عن امرين بمرحلة متقدمة .
الاول :اثبات ذاته وليس البحث عن كنهه كما تقدم, بالدليل القطعي .
الثاني :معرفة انواع توحيده اواقسام التوحيد .
والسر في معرفة الامر الثاني هو كالتالي لو فرضنا عندنا ذات مقدسة تتصف بصفاة وكمالات ولا نعرف ان مافعلناه من الوقائع الخارجية كان امر خالصاً للباري تعالى او لا , فهل تحصل لنا المعرفة ؟
الجواب لا ,والوجه في ذلك اننا قد نسبنا الصفاة وسائر الكمالات الى شيء اخر فلهذا يجب معرفة انواع التوحيد باقسامها لكي لا نقع في عبادة غيره, ولوكان , لما عرفناه فلوتوكلنا على شخص ما من دون النظر الى الباري تعالى ,سوف يلزم انتساب الكمال له دون الباري تعالى ولازمه الشرك اعاذنا الله .
وعليه لوتم معرفة الذات ومعرفة من نعبد وهو نفس الذات التي ثبتت لنا باليقين حينئذٍ نستطيع ان نثبت لها جميع الكمالات وننزهها عن جميع انواع النقص ,وبعبارة ان النظر العقلي يستعمل في اثبات الذات والعقل العملي في مقام اثبات انواع توحيده .
المحور الثاني : إنّ أول مرتبة من مراتب التوحيد هو (التوحيد الذاتي)، وللتوحيد الذاتي معنيان:
أ : إنّ الله واحدٌ، لا مثيل له ولا نظير ولا شبيهَ ولا عديل.(نفي الشريك)
ب : إن الذات الإلهيّة المقدّسة ذاتٌ بسيطةٌ لا كثرةَ فيها، ولا تركّب.
قوله واحد احد : الفرق بين الواحد والاحد: ان الاحد يطلق على ما لا يقبل الكثرة في عالم الخارج كالاعداد ولا في الذهن كالانسان المنطبق على المصاديق الكثيرة .
بخلاف الواحد فان كل واحد له ثانياً وثالثا وهكذا وقول المصنف (واحد) اي لاشريك له ثم تصل النوبة اذا كان واحد لماذا لا شريك له ؟
استدركه المصنف بقوله (احد) اي قولي واحد لاشريك له لكن لاكثرة له لاخارجية ولا ذهنية فهو احديٌ .
قوله قديم لم يزل ولا يزال : وهو مايقابل الحادث اي لم يكن ثم كان والقديم بخلافه حيث هو المصاحب لجميع الازمان ويسمى القديم الذاتي اي قدمه من صميم ذاته بخلاف القدم الزماني فانه (الزمان) ايضا قديم لكن لا بذاته بل بواسطة الواجب تعالى.
قوله سميع بصير :يتوقف على بيان اربع نقاط
النقطة الاولى :في اثباتها, قول الله تعالى (اني معكما اسمع وارى)طه 46 السميع والبصير من الصفاة الثبوتية الذاتية اي انه متمكن من السمع والبصر لو وجدت المسموعات والمبصرات ,واما قولنا السامع الباصر فهما من الصفاة الفعلية الاضافية . وعليه لا يصح ان نقول لايزل الله تعالى سامع مبصر لاستلزام تعدد القدماء كما سوف ياتي (باب الصفات) .
النقطة الثانية : ملازمة السمع مع البصر الواردة في القران ؟
قالوا :ان السمع والبصر معناهما العلم اي ان الغاية والغرض من السمع ماذا ؟ هو العلم بما سمعت وكذلك البصر ولان السمع والبصر متلازمان من هذا المعنى اعني ان مفادهما مفاد واحد وهو العلم ـ وهو الكشف عن مسمع ومبصرـ فلهذا كانا دوم معاً .
ونعني انه عالم بالمسموعات والمبصرت هو العلم الخاص دون العلم العام .
اي انه يعلم بالمسموعات اذا وجدت والمبصرت اذا وجدت دون العلم العام الذي هو العلم قبل وجودها .
وبعبارة اخرى قالوا :ان الله تعالى عالم بالمسموعات والمبصرت بالعلم المفهومي وهو قبل وجودها وهنالك علم خاص هو العلم بها في مرحلة الصدق والمصداق الخارجي وهذا معنى قولهم عالم بها اذا وجدت واما من الناحية المفهومية فيشمل المسموعات والمبصرات قبل وجودها وبعد كذلك اذاً عندما نقراء ان الله تعالى عالم بالمسموعات والمبصرات ارادوا هذا المعنى المصداقي اي اذا وجدت ودن العلم المفهومي .
ودليلهم على تفسير السمع والبصربالعلم قالوا : ماهو محصله ان السمع والبصرعندالمخلوقين يحصل بواسطة الحواس( الباصرة والسامعة ) والله تعالى لايحتاج الى هذه الحواس لاستغنائه عنها لانه غير محتاج فهو غني اذاً تفسير ان الله تعالى عالم بالمسموعات وكذلك المبصرات له وجهٌ .
هذاهوحاصل راي الشيخ المفيد ومن تبعه من الاعلام واعتقد انه المشهور بين المتكلمين .
النقطة الثالثة : في من خالف المشهور وهو السيد المرتضى علم الهدى رح ,قالوا: صفة السمع والبصر لايرجعان الى العلم, ان صفة السمع والبصر يغايرالانكشاف بالعلم بالسمع والبصر, والله تعالى سميع أي على صفة يدرك المسموعات اذا وجدت والله تعالى بصير على صفة يدرك بالمبصرات اذا وجدت . فانا نجد فرقاً بين من شاهد شيئاً ثم اغمض عينيه وعلم به , فلهما معنى خاص يغاير العلم .
وصاحب هذا الراي يذهب الى رجوع صفة السمع والبصر الى صفة الحياة قال : ان الله حيٌ فهو سميع بصير .وقد اشكل عليه من كون تفسير البصر والسمع بالحياة خطأٌ فانا نجد بعض المخلوقات حية لا تسمع ولا تبصر .
النقطة الرابعة :لماذا خُص الله تعالى بالسمع والبصر دون سائر الامور من الشامة والذائقة مع العلم ان السمع والبصر ايظا من الصفاة المشتركة ؟
قالوا :اولا لمتناعها عليه وهو غير محتاج واما السمع والبصر فهما يعطيان معنى خاص اما العلم او الحياة او ارجاعهما الى صفة اخرى هذا من باب ومن باب اخر قالوا في القران لم يرد غير السمع والبصر من هذا الصفاة المشتركة بين المخلوقين والفرق واضح بينها
ثانيا : لردع المكلفين عن المعصية فان المكلف اذا علم ان الله تعالى يسمع ويرى افعاله فيردع عن الظلم والمعصية ومنه في الشاهد قوله تبارك وتعالى (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون )اي مراقب محاسب على مايراه .
تبقى بقية الادلة العقلية على كلا القولين, والنقض عليهما تاتي في محلها ان شاء الله تعالى .
قوله :ليس بجسم :اي ليس ذو (طول, عرض, عمق ) اي ذو ابعاد ثلاث والجسم مركب من اجزاء وكل جزء محتاج الى اجزائه فيلزم كونه تعالى محتاج مركب
قوله : ليس صورة :روى الكافي في باب النهي عن الجسم والصورة ))محمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن حمزة بن محمد قال: كتبت الى ابي الحسن عليه السلام اسأله عن الجسم والصورة فكتب :سبحان من ليس كمثله شيء لا جسم ولا صورة ))اي ليس صورة جسمية فهو ليس بشكل [انه مجرد فليس موجود مادي فيحتاج الى الصورة ]
قوله : جوهر وعرض :الجوهر له اصطلاحان الاول بمعنى الموجود لافي موضوع وهو المعنى المنطقي ,اما عند المتكلمين فهو المتحيز بذاته . والظاهر انه لافرق
ومرادهم من كونه تعالى ليس بجوهر ,ان الجوهر متحيز اي يحدده المكان فهو وجود متناهي والله تعالى ليس بمتناهي .
واما العرض: هو المتحيز بغيره اي بواسطة الجسم مثل الالوان فلا توجد الاعراض مستقلة الامع وجود الاجسام والله تعالى ليس بعرض والا لزم افتقاره الى معروضه فيلزم الاحتياج .
قوله: الحركة والسكون : الحركة عند الفلاسفة هو الخروج من القوة الى الفعل على نحو التدرج , وعند المتكلمين هو حصول الجسم في حيز بعد ان كان في اخر .
والسكون هو حصول الجسم في حيز اكثر من زمان واحد اوهو عدم الحركة عما من شأنه ان يتحرك .
قوله: زمان ومكان :الزمان هو الانات او اللحظات التي تمر على الموجود, والمكان هو الحيز الذي تشغله الاجسام في الحصول فيه . والزمان والمكان من سمات المادي .
قوله : لايشار اليه :الاشارة الحسية تنشأمن وجود مشار اليه وهذه النسبة الاضافية بين المشار والمشار اليه لا تحصل الا مع موجود يكون متعلق الاشارة وهو المشاهد حتى يصح الاشارة اليه في جهته والله تعالى ليس في جهة فلا يكون متعلق الاشارة الحسية .
قوله : لاند له : هو الشريك , ولان شريك الباري ممتنع الوجود فلا ند له ومنه قوله تعالى لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَة إِلَّا اللَّه لَفَسَدَتَا فَسُبْحَان اللَّه رَبّ الْعَرْش عَمَّا يَصِفُونَ (الانبياء 21
قوله : لاضد له :وله تعاريف ثلاث
أ ـ هما اللذان لا يجتمعان في محل واحد في زمان واحد من جهة واحدة مثل البرودة والحرارة فهما ضدان في الاصطلاح المنطقي (ويحصل في الاعراض التي لا تستقر الا مع وجود موضوع تعرض عليه)
ب لكل واحد منهما ينافي اثر الاخر مثل الماء والنار (ويحصل في الامور التجريبية العنصرية).
ج ان لاحدهما قدرة تمنع قدرة الاخر, والله تعالى قادرٌ حيٌ من دون منازع ,والا لما كانت تتعلق قدرته بكل مقدور مع فرض وجود ضد اي مانع .
قوله : لاتدركه الابصار وهو يدرك الابصار :اجمع الامامية اعزهم الله على عدم جواز الرؤية البصرية لله تعالى وتبعهم المعتزلة على ذلك وانه من المحالات العقلية وخالفهم في ذلك المجسمة من الاشاعرة والكرامية فجوزوا الرؤية لاعتقادهم ان الله جسم بالرغم من ان الاشاعرة يعتقدون انفسهم انهم من اهل التنزيه الا انهم يعتقدون برؤيته ونعتقد ان الخلاف هو في امكان الرؤية او عدم الامكان لكن المستتبع للروايات يقف على ان النصوص ظاهرة في تحقيق ذلك واقعا وانه يظهر كالقمر ليلة البدر يوم القيامة , ويقضي حوائج الناس كل يوم كذا بعد نزوله على دابة !
واستشفوا ذلك من النصوص القرانية الصريحة في ذلك واسموها بالصفاة الخبرية مثل اليد والوجه وغيرها .
وقد ذكرت هذه المسالة عند اكابر محدثيهم معترفين بالرؤية الحقيقية امثال احمد بن حنبل وسفيان الثوري ومالك بن انس على ماذكره الشهرستاني صاحب الملل والنحل .
والرؤية مستحيلة عند الامامية من جهة كون المرئي لابد ان يكون في جهة ,وان يكون مايقابل الرائي, وان يكون مادي ,لان المجرد لا يرى وكل هذه الامور مستحيلة على الله تعالى لاستلزامها النقص والمحدودية .
الا ان القاضي الايجي صاحب كتاب المواقف من الاشاعرة افاد معتذرا ما محصله ان الله تعالى ليس كمثله شيء وقولنا ـ الله تعالى ـ له يد او ساق او وجهٌ فليس كمثلنا انما هذه الامور من مختصاته ويجب ان تليق به تعالى فهو منزهٌ عن صفات المخلوقين.
لكن رده التفتزاني تلميذه بان هذا هو عين القول بالتجسيم وعدم التنزيه بان كل مخلوق له مركبات تليق بشأنه فان الجمل له يد وهي مناسبه لشأنه وكذلك البشر فلكل منا له اعضاء تليق بشأنه فلا وجه اختلاف عنا من هذه الناحيه .
قوله : الاستعارة والمجاز: نقول :هذا ـ الظاهر من الكتاب ـ بناءاً على القول بحجية ظواهر الكتاب مالو لم تكن معارضة للازم فاسد كاعتقاد شركي او كفري كما هو الحال , فان هذه الامور من المجاز والاستعارة والكناية فمن ليس لديه الاستعارة والمجاز كما هو حال الاشاعرة ,لانهم لايعتقدون بالمجازات القرانية وغيرها فوقعوا بهذا المحذور واخذوا بالمفاهيم التصورية دون التصديقية فقالوا الظهور التصوري للايات حجة لكن الحق ان الظهور الجملي والمتبادر التصديقي والتدبر بالايات صدرها والاخذ بما هو محصل ٌ في ذلك , والحق انا نقول: بثبوت المجاز والكناية في القران الكريم وهو مليء بها .
منها على سبيل المثال لا الحصر
1 (أأنتم تزرعون ام نحن الزّارِعون) الواقعة 64
2 (يد الله فوق ايديهم ) .
3 (ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) البقرة 194
فهل يصح للمقتص ان نقول: له جاني معتدي ؟ او للحاكم الشرعي في القصاص عند اخذ نفس الاعتداء بانه معتدي ؟ ام انه من باب المجاز والمشاكلة ؟
والحمد لله رب العالمين
تعليق