تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد..
🌹 على الرغم من أنّ دعاءنا يأتي في العادة لقضاء الحاجة وتأمين طلباتنا الماديّة، أي إنّنا لا نمدُّ أيدينا إلى حضرة العليّ القدير ونستمدُّ منه العون إلّا حينما نواجه المتاعب ونستشعر النّقص، غير أنّ نفس الدعاء والنجوى مع الله هما أعظم أهميّة من الإجابة.
🌹 وبطبيعة الحال، فإنّ هذا العمل، إضافة إلى كونه من لوازم الاعتقاد بالربوبيّة الإلهيّة وإظهار العبوديّة، فمن الممكن أن يكون له أثر في بناء الإنسان.
🌹 لكن لا بدّ من الالتفات هنا أنّ فلسفة الدعاء، أو المناجاة بشكل عام، لا تقتصر على قضاء الحوائج -الدنيويّة منها على وجه الخصوص- بل، وحسب ما يُستشفّ من مضامين أغلب الأدعية الواردة عن المعصومين عليهم السلام، إنّ للدعاء والنجوى مع الله بحدّ ذاتهما خصوصيةً، سواء تحقّقت الإجابة أم لم تتحقّق، فنفس "الطلب" أهمّ من "المطلوب".
🌹 إنّ المناجاة والأنس مع الله لعلى جانب من القيمة واللذة بحيث لو أدرك ذلك الإنسان فإنّه سوف لن يلتفت على الإطلاق إلى المسائل الماديّة والدنيوية فضلاً عن أن يطلبها من الله.
🌹 لذا فإنّ ما يتمتّع بسهمٍ أكبر من الأهميّة في الدعاء هو التحدّث والنجوى مع الله، فقيمة ذلك أكبر بكثير من تحقّق الموضوع والمطلوب.
🌹 فمجرّد أن ينال العبد لياقة الخلوة مع مولاه والإفصاح له عن مكنون صدره يُعدُ أثمن وأنفس بكثيرٍ من الحصول على مطلوبه، إذ أنّه لم يُسمَح له بالتحدثّ إلى ربّ العالمين فحسب، بل إنّ الله دعاه أيضاً للتحدّث معه وذلك من خلال لفظة {ادْعُونِي}، فطوبى لمثل هذا العبد!
🌹 وتأسيساً على ذلك، فإنّ مطلوبيّة الدعاء ليست من باب تأمينه للطلبات الماديّة -وإنْ كانت متضمّنة فيه أيضاً- بل إنّ الدعاء ذاته والنجوى مع ربّ العزّة هي من أسمى القيم.
🌹 وبغضّ النظر عن الواقعيّات في الخارج وحقيقة استجابة الدعاء، فالإيمان بالدعاء والاطمئنان به هما ممّا يصوغ شخصيّة الإنسان ويوسّع مشاعره وأحاسيسه.
🌹 فالشخص الداعي ينال في عالمه الباطني والنفسي من اللذائذ والموفّقيّات والحالات المعنويّة ما يعجز غيره عن نيله وإدراكه، وتلك الحالات هي المعيار لنضج شخصيّة الإنسان المؤمن وتكاملها.