إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

يا دفّان

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يا دفّان


    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
    وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
    وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله

    السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته



    يا دفّان..
    أسألكَ بربّ الموت والحياة، من أين لكَ هذه القُدرة على تجاهل قلبك؟ أبنيتَ جُدرانًا سميكة تفصل بين ضميركَ والفؤاد؟ من أين لكَ هذا؟ أخبِرني عن سرّك..
    أترضى أن تكون لك يدٌ في معادلة الفراق الأبديّ هذا؟ أن تصفع أوجه الفاقدين بكفّ الـ”قدر”؟ أتقوى النظر إلى أوجه ذوي المدفون؟، أن تتحمّل أعيُنهم الغارقة بالعتاب؛ ألا تُغرقكَ معها في بِحار الألم؟
    بالله عليك.. ألم تسمَع لطمات الأمهات على الخدود؟ أو نداءات “يا بُني عُد” التي ملأت المقبرة؟. كيف لكَ أن تتجاهل الحسرة التي تصدر من أصواتهنّ؟ تلك الحسرة الحارقة “أربّيتكَ لتموت؟ لترحل وتتركني؟”.
    إنّكَ لم تدفُن ابنها فحسب؛ إنّكَ اقتلعت مهجتها من بين ضلوعها قهراً وحبستها تحت جنادلَ وتراب. ألقيت لعنة الوحشة على الضلوع التي تشتاق من يتوسّطها. إنّكَ دفنتَ نصفها في القبر وأبقيتَ النصف الآخر معلقاً بين أرضٍ وسماء، تركتها تتعذّبُ حياةً وهي تفتقد نصفاً ميتًا يستحيل رجوعه. إن المسألة ليست مسألة دفنٍ وحسب، إنها مسألةُ عذابٍ أبديّ.
    ما قصّتكَ أيّها الدّفان؟ أتستمتع عندما تشقّ جربة الدّمع، وتجعله يسيلُ فراتًا جارياً؟، لِم تُريد أن تستنزف كلّ ما في الجعبة من صبر؟ كفاكَ يا دفّان..
    كلمتَ قلوبًا كثيرة.. توقّف، أبطِل عقدكَ مع المجرفة والتُراب. دع الأرض تجوع قليلاً، كفاك إطعامًا لها.
    أتعلمُ كم حبيباً دفنت؟ كم أبًا وكم أم؟ ألم تتفكر مرةً ما كميّةُ السعادة والحبّ التي ألقيتها في غياهب التُرُب؟ لِم لَم تحسب عدد الصِغار الذين سُلبت منهم حياتهم وهي لمّا تبدأ بعد؟ الأزواج الذين رمّلت نساءهم وحرمتهم قصة الحبّ الأزلي..
    أنسيت أن خلفَ كلّ أبٍ وأمٍ دفنتهم أبناءً يتقلّبون يومًا تلو الآخر بين نيران اليُتم، أبناء يصلّون -الآن- صلاة الوحشة على أرواح المقبورين، ضائعين/مُحتارين؛ أتجوز صلاة الوحشة على الحيّ؟
    إن ألوان الحياة قد اختفت، الابتسامة لم تعد ابتسامةً، أيامهم مليئةٌ بالبكائيات. جدران الحياة تضيقُ عليهم، يوشك الموت أن يصِل إليهم، أرواحهم تختنق فراقاً واشتياقا. إنك حوّلت الحقيقة لأحلامٍ لا يمكن تحقيقها.
    جعلتَ ألسنتهم تلهجُ “ياراد يوسفَ ليعقوب”
    وقلوبهم تصرخ “إن الله مع الصابرين”.
    الصدر يتصدّع من جفاف الألم، ولا أثر لماء الصبر.. صبرهم قد نفد.
    قد أشعلتَ نارًا في أرواحٍ كثيرة، نارًا لن يُطفئها سوى أنهارٍ جاريات على تراب القبر. الأموات يرتوون من دموع فاقديهم يا دفّان. لقد أعميتَ أعيُنًا كثيرةً عندما سلبت أحباءهم، عندما أطفأت سراج الحياة وسلبت من مِن خلالهم يرون الحياة. لم تعُد الحياة لهم سوى حفرة موتٍ سيتهاوون فيها حتى الرحيل.
    المعذرة.. نعلمُ أنّ هذا واجبك ولكن؛ سامح هذه القلوب المتألّمة
    فنحنُ لا نستطيع عتاب الموت. ولا نقول سوى “سُبحان من خلق الفراق”
    وسلامًا على قلبك المتحمّل لهذه الكميّة من الأوجاع.





  • #2
    يسلمووووو على الطرح الرائع












    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X