بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته
فإنَّ من أصول الحوار وآدابه الذي يدور بين المتحاورين، التي أشار إليها أمير المؤمنين الإمام عَلِيّ بن أبي طالب (صلوات الله تعالى وسلامه عليه) أن يكون قائمًا على الحكمة ودقة الكلام وصوابه وأن يكون كلامًا حسنًا موزونًا، وإذا تفوه أحد المتحاورين بكلامٍ ما، فلا بدّ له من أن يكون قد تفوه به وهو يدرك ما يترتب عليه من عواقب، سواء كانت هذه العواقب إيجابيَّة أو غير إيجابيَّة.
فالحكمة عند الفقهاء: ما يدل عليه الدَّليل الشَّرعيّ من حسن الفعل وقبحه، أو وجوبه أو كونه ندبًا أو مكروهًا[1]، فلهذا تجد العلماء والفقهاء أعظم النَّاس أقدارًا، وأكرمهم آثارًا، وأظهرهم أسرارًا، وأظهرهم ذكرًا وانتشارًا وأكثرهم أتباعًا وأنصارًا، لا يضرهم خذلان الخاذلين، ولا يغض منهم أغراض الجاهلين، بل صحبتهم طاعة وفرقتهم إضاعة[2].
وهذا، فإنَّ من طالع كلام أمير المؤمنين (عليه السَّلَام) يجد موضوع التزام الحوار مع الآخر بالحكمة، قد نال حظًا كبيرًا من كلامه (عليه السَّلَام)، فنجده (صلوات الله تعالى وسلامه عليه) في أكثر من موضع يؤكّد على استعمال الحكمة في التعامل مع الآخر وأن يكون قد درس عواقب الأمور قبل الشّروع بها، ليس في الكلام والحوار بل في جميع مجالات المعاملة معه.
واستعمال الفرد الحكمة في تصرفه مع الآخر قبل أن يبدر منه أي كلام اتجاهه قد يمنعه من التَّيه في عواقب وخيمة تترتب على ما تكلَّم مع المُحاوَر الآخر به وتحدَّث من حديث، فإنَّ الإمام عَلِيّ (عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام) وصف الحكمة قائلًا: (الحِكمَةُ رَوضَةُ العُقَلاءِ ونُزهَةُ النُّبَلاءِ)[3].
فإنَّ من تصرَّف مع الآخر بحكمة وبكلام لطيفٍ ودرس عواقب الأمور، ولم يستعمل العصبية أو كل شيء قد يؤدي إلى خروج الحديث والحوار عن أصوله وآدابه، وملك عقله وتصرّف بوعي ومعرفة، فهنا قد جسَّد كمال العقل ومعاني الحكمة والمعرفة وكان حكيمًا في معاملته وتصرّفه هذا، فروي عن الإمام عَلِيّ (صلوات الله تعالى وسلامه عليه): (مَن مَلَكَ عَقلَهُ كانَ حَكيمًا)[4].
فالحكمة من مميزات الإنسان المؤمن العالم الذي يفقه عواقب الأمور، المتزن في تعامله مع الآخر، وليس من مميزات الفرد المنافق أو الجاهل الذي لا يميز بين الصح والخطأ ولا بين الحقّ والباطل، فإن الفرد الفقيه العالم تكون الحكمة فيه ملازمة له عكس الفرد الجاهل الذي في أغلب الأحيان تكون الحكمة دخيلة عليه ولا بد من أن تغادره[5]، وهنا يؤكّد لنا الإمام (عليه السَّلَام) أن نتحلَّى بالحكمة ونأخذها حتى من الفرد المنافق، فروي عن الإمام عَلِيّ بن أبي طالب (عليه السَّلَام) أنَّه قال: (الحكمة ضالة كل مؤمن فخذوها ولو من أفواه المنافقين)[6]، وقال (صلوات الله تعالى وسلامه عليه): (خذ الحكمة أنى كانت، فإن الحكمة تكون في صدر المنافق فتلجلج في صدره حتى تخرج فتسكن إلى صواحبها في صدر المؤمن)[7].
فعلى الفرد أن لا يرافق حديثه مع الآخر العصبيَّة والغضب ويتكلّم بكلامٍ غير لائقٍ بمقامه ولا في مقام الآخر، وأَن لا يتكلم إلَّا إذا كان الموقف يتطلب منه أن يتكلَّم بكلامٍ ما، وإن تكلَّم فيجب أن يكون كلامه على وفق أدلة صادقة، قال الإمام عَلِيّ (عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام): (العاقل لا يتكلم إلا بحاجته أو حجته...)[8].
وعلى هذا فلا بدّ للفرد أن يفكر في كلامه قبل أن يتكلّم به ويعزم عليه، وأن يشاور عقله ويفكّر بما سيتكلّم به ويتدبّر ماذا سيحدث إن تكلم وأعطى رأيه، فروي عن الإمام عَلِيّ (عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام) أنَّه قال: (فكر قبل أن تعزم وشاور قبل أن تقدم وتدبر قبل أن تهجم)[9]، وأن ينظر بعواقب الأمور، وذلك لتلافي ما يترتب على كلامه من آثار وعواقب قد تؤثر سلبًا على الفرد المُحَاوِر نفسه، قال الإمام عَلِيّ (عليه أفضل الصَّلَاة والسلام): (حد العقل النّظر في العواقب)[10].
وفي الختام: نسأل الله تعالى أن قد وفقنا لما قمنا بطرحه من كلام يختص بإقامة الحوار والنقاش مع الآخر المقابل على وفق الحكمة والعقل في التصرّف ودراسة ما يترتب على هذا الحوار والكلام من عواقب بمختلف أنواعها،
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته
فإنَّ من أصول الحوار وآدابه الذي يدور بين المتحاورين، التي أشار إليها أمير المؤمنين الإمام عَلِيّ بن أبي طالب (صلوات الله تعالى وسلامه عليه) أن يكون قائمًا على الحكمة ودقة الكلام وصوابه وأن يكون كلامًا حسنًا موزونًا، وإذا تفوه أحد المتحاورين بكلامٍ ما، فلا بدّ له من أن يكون قد تفوه به وهو يدرك ما يترتب عليه من عواقب، سواء كانت هذه العواقب إيجابيَّة أو غير إيجابيَّة.
فالحكمة عند الفقهاء: ما يدل عليه الدَّليل الشَّرعيّ من حسن الفعل وقبحه، أو وجوبه أو كونه ندبًا أو مكروهًا[1]، فلهذا تجد العلماء والفقهاء أعظم النَّاس أقدارًا، وأكرمهم آثارًا، وأظهرهم أسرارًا، وأظهرهم ذكرًا وانتشارًا وأكثرهم أتباعًا وأنصارًا، لا يضرهم خذلان الخاذلين، ولا يغض منهم أغراض الجاهلين، بل صحبتهم طاعة وفرقتهم إضاعة[2].
وهذا، فإنَّ من طالع كلام أمير المؤمنين (عليه السَّلَام) يجد موضوع التزام الحوار مع الآخر بالحكمة، قد نال حظًا كبيرًا من كلامه (عليه السَّلَام)، فنجده (صلوات الله تعالى وسلامه عليه) في أكثر من موضع يؤكّد على استعمال الحكمة في التعامل مع الآخر وأن يكون قد درس عواقب الأمور قبل الشّروع بها، ليس في الكلام والحوار بل في جميع مجالات المعاملة معه.
واستعمال الفرد الحكمة في تصرفه مع الآخر قبل أن يبدر منه أي كلام اتجاهه قد يمنعه من التَّيه في عواقب وخيمة تترتب على ما تكلَّم مع المُحاوَر الآخر به وتحدَّث من حديث، فإنَّ الإمام عَلِيّ (عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام) وصف الحكمة قائلًا: (الحِكمَةُ رَوضَةُ العُقَلاءِ ونُزهَةُ النُّبَلاءِ)[3].
فإنَّ من تصرَّف مع الآخر بحكمة وبكلام لطيفٍ ودرس عواقب الأمور، ولم يستعمل العصبية أو كل شيء قد يؤدي إلى خروج الحديث والحوار عن أصوله وآدابه، وملك عقله وتصرّف بوعي ومعرفة، فهنا قد جسَّد كمال العقل ومعاني الحكمة والمعرفة وكان حكيمًا في معاملته وتصرّفه هذا، فروي عن الإمام عَلِيّ (صلوات الله تعالى وسلامه عليه): (مَن مَلَكَ عَقلَهُ كانَ حَكيمًا)[4].
فالحكمة من مميزات الإنسان المؤمن العالم الذي يفقه عواقب الأمور، المتزن في تعامله مع الآخر، وليس من مميزات الفرد المنافق أو الجاهل الذي لا يميز بين الصح والخطأ ولا بين الحقّ والباطل، فإن الفرد الفقيه العالم تكون الحكمة فيه ملازمة له عكس الفرد الجاهل الذي في أغلب الأحيان تكون الحكمة دخيلة عليه ولا بد من أن تغادره[5]، وهنا يؤكّد لنا الإمام (عليه السَّلَام) أن نتحلَّى بالحكمة ونأخذها حتى من الفرد المنافق، فروي عن الإمام عَلِيّ بن أبي طالب (عليه السَّلَام) أنَّه قال: (الحكمة ضالة كل مؤمن فخذوها ولو من أفواه المنافقين)[6]، وقال (صلوات الله تعالى وسلامه عليه): (خذ الحكمة أنى كانت، فإن الحكمة تكون في صدر المنافق فتلجلج في صدره حتى تخرج فتسكن إلى صواحبها في صدر المؤمن)[7].
فعلى الفرد أن لا يرافق حديثه مع الآخر العصبيَّة والغضب ويتكلّم بكلامٍ غير لائقٍ بمقامه ولا في مقام الآخر، وأَن لا يتكلم إلَّا إذا كان الموقف يتطلب منه أن يتكلَّم بكلامٍ ما، وإن تكلَّم فيجب أن يكون كلامه على وفق أدلة صادقة، قال الإمام عَلِيّ (عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام): (العاقل لا يتكلم إلا بحاجته أو حجته...)[8].
وعلى هذا فلا بدّ للفرد أن يفكر في كلامه قبل أن يتكلّم به ويعزم عليه، وأن يشاور عقله ويفكّر بما سيتكلّم به ويتدبّر ماذا سيحدث إن تكلم وأعطى رأيه، فروي عن الإمام عَلِيّ (عليه أفضل الصَّلَاة والسَّلَام) أنَّه قال: (فكر قبل أن تعزم وشاور قبل أن تقدم وتدبر قبل أن تهجم)[9]، وأن ينظر بعواقب الأمور، وذلك لتلافي ما يترتب على كلامه من آثار وعواقب قد تؤثر سلبًا على الفرد المُحَاوِر نفسه، قال الإمام عَلِيّ (عليه أفضل الصَّلَاة والسلام): (حد العقل النّظر في العواقب)[10].
وفي الختام: نسأل الله تعالى أن قد وفقنا لما قمنا بطرحه من كلام يختص بإقامة الحوار والنقاش مع الآخر المقابل على وفق الحكمة والعقل في التصرّف ودراسة ما يترتب على هذا الحوار والكلام من عواقب بمختلف أنواعها،
الهوامش:
[1] رسائل الشريف المرتضى، الشريف المرتضى: 2/268.
[2] المعتبر، المحقق الحلّيّ: 1/18.
[3] العقل والجهل في الكتاب والسُّنَّة، محمَّد الرّيشهري: 96.
[4] العلم والحكمة في الكتاب والسُّنَّة، محمَّد الرّيشهري: 108.
[5] ينظر: الحوار في كلام أمير المؤمنين (صلوات الله تعالى وسلامه عليه)، د. أنيسة الخزعلي: 20.
[6] عيون الحكم والمواعظ، عليّ بن محمَّد الليثي الواسطي: 22.
[7] ميزان الحكمة، محمَّد الرّيشهري: 1/671.
[8] موسوعة أمير المؤمنين الإمام عَلِيّ بن أبي طالب (صلوات الله تعالى وسلامه عليه) في الكتاب والسُّنَّة والتَّاريخ، محمَّد الرّيشهري: 4/335.
[9] عيون الحكم والمواعظ: 202.
[10] مُختصر بصائر الدّرجات، حسن بن سُليمان الحلّيّ: 140.