أتحفنا الإسلام بمعلومات كونية عديدة قد لا يستطيع العلم البشري مهما تقدم من معرفتها على وجه الدقة والتحديد .. كمدة بناء الأرض ، ومدة تقدير أقواتها ، ومدة رفع السماء ، وتحديد الأسبقية في بناءهما وسلسلة انشاءهما ، وكذلك بعض تفاصيل بداية الكون ونهايته ، ومعلومات عن طبيعة نظام وعمل الأفلاك وبعض أهم مكوناتها ، كالشمس والقمر والنجوم .. الخ ومن بين تلك البيانات الكونية المهمّة هو تحديد زمان دحو الأرض وهو في الخامس والعشرين من ذي القعدة ، ودحو الأرض غير خلقها ، دحوها بمعنى اكتمال تكوينها وانطلاقها بالشكل الذي تكون فيه قادرة على اداء مهامها في هذا الكون ، كصلاحيتها لعيش البشرية مثلا ، قال تعالى ( وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا ، أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا ) النازعات ٣٠ ، ٣١ ، فلنفهمها كالطفل ، يُخلق ويتخلّق في بطن أمّه حتى وقت الولادة التي فيها يُأذن له بالعيش خارج رحمةِ الرحم بعد ان تحلّى بالحد الادنى لإمكانيات العيش الذاتي .. فيكون عيد ميلاد الانسان يوم ولادته لا يوم حمل أمه به .. وكذا الأرض ، فيصحّ أن نقول ان عيد ميلادها هو يوم اكتمال خلقها وبداية اداء عملها ووظيفتها ، اي يوم دحوها .. لم يترك الإسلام هذه المناسبة التي أتحفنا بالعلم بها دون تفاعل ودون تعاطي معها ، فجعل العبادة في هذا اليوم وتكريمه وتقديسه يعدل عبادة مائة سنة .. باعتبار ان علاقة الأرض مع الإنسان من أهمّ علاقات الإنسان مع هذا الكون الذي ينتمي اليه والطبيعة التي يعيش معها ، فالأرض تمثل أباً وأمّاً للانسان ، لأنه تكوّن من تلاقح تربتها وماءها ، ولأنه تربّى في أحظانها وعاش في كنفها وتنعّم بخيراتها ، وتدخلت الأرض في تربية الإنسان واكتساب كافة خبراته وإمكانياته ، ثم ستضمه بعد ذلك جدثاً في باطنها .. قد نكون غرباء عنها روحاً ولكن لسنا غرباء عنها جسداً وتربيةً وصحبةً ، نحن ننتمي اليها بالمشاعر والأحاسيس ، وتشترك معنا في كل ما هو مهمّ ونفيس .. يحتفل العالم في ٢٢ نيسان من كل عام بيوم الأرض العالمي ، وهو يوم اعتباري تم تحديده من أجل دعم اجراءات حماية البيئة وبدأ الاحتفال به منذ عام ١٩٧٠ ، في حين أن عيد او يوم الأرض في الإسلام هو عيدها الحقيقي والكوني وليس عيدا افتراضيا ، وفيه ينبغي ان تُكرّم الأرض ويحتفى بها احتفاء يتناسب معها ومع العلاقة التي تربطها بالبشرية .. ولا بد من الإشارة الى أن الأخبار تقرن حدثين حصلا في هذا اليوم ، وهما تعيين موضع الكعبة المشرفة وهبوط ابينا آدم عليه السلام على الأرض ، فعن الامام الرضا ع واصفاً يوم دحو الأرض : ( يوم نُشرت فيه الرحمة ، ودُحيت فيه الأرض ، ونُصبت فيه الكعبة ، وهبط فيه آدم (عليه السلام) ) الكافي ٤ / ١٥٠ .. مما يشير الى أن الأرض بعد أن دُحيت اصبحت صالحة لعبادة الإنسان وتكامله اتجاه خالقه ، فنُصب فيها بيت الله ونزل عليها خليفته .. مبارك للإنسانية عيد ويوم الأرض .. #٢٥_ذو_القعدة #دحو_الأرض
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
عيد الأرض
تقليص
X
تعليق