الأحرف المقطَّعة تسمى الأحرف النورانية وتوجد في 29سورة من سِور القرآن الكريم.
وهي تؤدي دور أدوات تنبيه ، يعني أن الله تعالى ينبه الذهن البشري أولاً ، ثم يُلقى إليه آياته , ومن أدوات التنبيه في العربية: ألا ، فهي أداة أو حرف ليس لها معنى ، لكن تُنبِّه الذهن وتفتحه لما يلقى اليه بعدها.
وهي تؤدي دور التحدي ، فهي تعني أن القرآن الكريم يتكون من هذه الحروف الأبجدية ، وهي بين أيديكم وفيكم أدباء وبلغاء ، فأتوا بمثله! فهي تحدٍّ للناس بأبجديتهم أن يأتوا بمثل هذا القرآن الكريم.
ومن ناحية ثالثة ، تتضمن الحروف المقطعة علوماً وتحوي أسراراً ، يعرفها أهلها وهم النبي والعترة صلوات الله عليهم.
وهذه الأبعاد الثلاثة للحروف المقطعة كلها صحيحة ، وقد ورد عن أهل البيت ^وأن فيها علماً ويُسمى علم الحروف ، كما أن هناك علم الأعداد.
لكن الذين يدعون أن لهم معرفة بِعلمي الحروف والأعداد ، لا نجد عندهم إلا الظنون والإحتمالات. ومايُسمىِّ بالأبراج والطالع وغيرها فلا بضاعة عند أصحابه إلا الظنون.
أما علماء علم الحروف والأعداد فهم النبي’وأهل بيته^، لأن الله أورثهم علم الكتاب ، ولأنه نزل في بيوتهم ، وصاحب الدار أدرى بالذي فيه.
وهذا معنى قول الإمام الباقر×للمفسر المعروف قتادة: (ويحك يا قتادة إنما يعرف القرآن من خوطب به).
والحديث كاملاً في الكافي:8/311: (دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفرعليه السلام فقال: يا قتادة أنت فقيه أهل البصرة ؟ قال: هكذا يزعمون فقال أبو جعفرعليه السلام: بلغني أنك تفسر القرآن ؟
فقال له قتادة: نعم ، فقال له أبو جعفر×بعلم تفسره أم بجهل ؟ قال: لا بعلم ، فقال له أبو جعفر×: فإن كنت تفسره بعلم فأنت أنت! وأنا أسألك.
قال قتادة: سل. قال: أخبرني عن قول الله عز وجل في سبأ: وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين؟ فقال قتادة: ذلك من خرج من بيته بزاد حلال وراحلة وكراء حلال يريد هذا البيت كان آمناً حتى يرجع إلى أهله ، فقال أبو جعفرعليه السلام: نشدتك الله يا قتادة هل تعلم أنه قد يخرج الرجل من بيته بزاد حلال وراحلة وكراء حلال يريد هذا البيت فيقطع عليه الطريق فتذهب نفقته ، ويضرب مع ذلك ضربة فيها اجتياحه ؟ قال قتادة: اللهم نعم ، فقال أبو جعفرعليه السلام: ويحك يا قتادة إن كنت إنما فسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت ، وإن كنت قد أخذته من الرجال فقد هلكت وأهلكت! ويحك يا قتادة ذلك من خرج من بيته بزاد وراحلة وكراء حلال يروم هذا البيت عارفاً بحقنا يهوانا قلبه كما قال الله عز وجل: واجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم. ولم يعن البيت فيقول: إليه. فنحن والله دعوة إبراهيم×التي من هوانا قلبه قبلت حجته وإلا فلا ، يا قتادة فإذا كان كذلك كان آمناً من عذاب جهنم يوم القيامة.
قال قتادة: لا جرم والله لا فسرتها إلا هكذا ، فقال أبو جعفرعليه السلام: ويحك يا قتادة ، إنما يعرف القرآن من خوطب به).
إذن أهل البيت^هم الذين عندهم علوم القرآن وعلم الكتاب ، أما غيرهم حتى علماء التفسير فلا يملكون إلا الإحتمالات.
وسيأتي أن معانيها قضية الإمام الحسين عليه السلام.
ثُم قالت الآية الكريمة:ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا. وهذه الفقرة تعتبر عنواناً ، ومتناً. مثل البسملة ، فكما هي ابتداء لِكل سورة ، فهي أيضاً متنٌ متصل بما بعده. وهذه الطريقة واحدة من ابتكارات القرآن الكريم التي تحدّى بها قريشاً والعرب , وكم من ابتكار بلاغي في القرآن ، لم تكن له سابقة حتى عند فطاحل شعرائهم وأدبائهم.
وعند أهل البيت عليهم السلام إبتكارات من هذا النوع أيضاً ، فهم القرآن الناطق وعدل القرآن ، منها قول علي×: ماعدا مما بدا! عندما خاطب الزبيرفي حرب الجمل فقال له:عرفتني بالحجاز وأنكرتني بالعراق فما عدا مما بدا ؟! فذهبت مثلاً.
ومن ذلك قوله×يصف تناسيهم إدارته لحروب الردة والفتوحات فقال: ثم نسبت قريش تلك الفتوح الى تدبير ولاتها ، ونسينا فيمن نسي ، وأكل الدهر علينا وشرب! ومن ذلك قوله: أما بعد. ولم يقلها أحد غيره. ومن ذلك قوله×: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة. فهو من إبتكاراته ، صلوات الله عليه.
وزكريا النبي عليه السلام كان في عهد الإستعمار الروماني للمنطقة. وكان اليهود تحت حكمهم ، وأكثرهم عملاء لهم. وقد اعترفوا بزكريا عليه السلام واحداً من 28 عضواً كانت لهم تولية بيت المقدس.وكان زكريا عديل نبي الله عمران’فزوجته اليصابات أم مريم أخت أليشاع أم يحيى.وكلاهما لم يرزق بأولاد إلا على كِبَر. وقد رزق عمران بعدما بلغ من العمر سبعين عاماً كما روي ، وحملت زوجته اليصابات فجأة بالسيدة مريم عليها السلام.
وبلغ زكريا عليه السلام ثمانين عاماً ولم يُرزق بولد ، فلما رأى مريم طفلة في المحراب تعبد ربها ويأتيها رزقها ، هُنالك دعا زكريا ربه وطلب منه أن يرزقه ذرية ، ولم يكن قدطلب منه طول هذه المدة! فرزقه الله تعالى يحي عليه السلام وجعله نبياً.
فسلام عليهم جميعا يوم ولدوا ، ويوم انتقلوا إلى ربِّهم ويوم يُبعثون أحياء.
والحمد لله رب العالمين
الشيخ علي الكوراني العاملي
وهي تؤدي دور أدوات تنبيه ، يعني أن الله تعالى ينبه الذهن البشري أولاً ، ثم يُلقى إليه آياته , ومن أدوات التنبيه في العربية: ألا ، فهي أداة أو حرف ليس لها معنى ، لكن تُنبِّه الذهن وتفتحه لما يلقى اليه بعدها.
وهي تؤدي دور التحدي ، فهي تعني أن القرآن الكريم يتكون من هذه الحروف الأبجدية ، وهي بين أيديكم وفيكم أدباء وبلغاء ، فأتوا بمثله! فهي تحدٍّ للناس بأبجديتهم أن يأتوا بمثل هذا القرآن الكريم.
ومن ناحية ثالثة ، تتضمن الحروف المقطعة علوماً وتحوي أسراراً ، يعرفها أهلها وهم النبي والعترة صلوات الله عليهم.
وهذه الأبعاد الثلاثة للحروف المقطعة كلها صحيحة ، وقد ورد عن أهل البيت ^وأن فيها علماً ويُسمى علم الحروف ، كما أن هناك علم الأعداد.
لكن الذين يدعون أن لهم معرفة بِعلمي الحروف والأعداد ، لا نجد عندهم إلا الظنون والإحتمالات. ومايُسمىِّ بالأبراج والطالع وغيرها فلا بضاعة عند أصحابه إلا الظنون.
أما علماء علم الحروف والأعداد فهم النبي’وأهل بيته^، لأن الله أورثهم علم الكتاب ، ولأنه نزل في بيوتهم ، وصاحب الدار أدرى بالذي فيه.
وهذا معنى قول الإمام الباقر×للمفسر المعروف قتادة: (ويحك يا قتادة إنما يعرف القرآن من خوطب به).
والحديث كاملاً في الكافي:8/311: (دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفرعليه السلام فقال: يا قتادة أنت فقيه أهل البصرة ؟ قال: هكذا يزعمون فقال أبو جعفرعليه السلام: بلغني أنك تفسر القرآن ؟
فقال له قتادة: نعم ، فقال له أبو جعفر×بعلم تفسره أم بجهل ؟ قال: لا بعلم ، فقال له أبو جعفر×: فإن كنت تفسره بعلم فأنت أنت! وأنا أسألك.
قال قتادة: سل. قال: أخبرني عن قول الله عز وجل في سبأ: وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين؟ فقال قتادة: ذلك من خرج من بيته بزاد حلال وراحلة وكراء حلال يريد هذا البيت كان آمناً حتى يرجع إلى أهله ، فقال أبو جعفرعليه السلام: نشدتك الله يا قتادة هل تعلم أنه قد يخرج الرجل من بيته بزاد حلال وراحلة وكراء حلال يريد هذا البيت فيقطع عليه الطريق فتذهب نفقته ، ويضرب مع ذلك ضربة فيها اجتياحه ؟ قال قتادة: اللهم نعم ، فقال أبو جعفرعليه السلام: ويحك يا قتادة إن كنت إنما فسرت القرآن من تلقاء نفسك فقد هلكت وأهلكت ، وإن كنت قد أخذته من الرجال فقد هلكت وأهلكت! ويحك يا قتادة ذلك من خرج من بيته بزاد وراحلة وكراء حلال يروم هذا البيت عارفاً بحقنا يهوانا قلبه كما قال الله عز وجل: واجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم. ولم يعن البيت فيقول: إليه. فنحن والله دعوة إبراهيم×التي من هوانا قلبه قبلت حجته وإلا فلا ، يا قتادة فإذا كان كذلك كان آمناً من عذاب جهنم يوم القيامة.
قال قتادة: لا جرم والله لا فسرتها إلا هكذا ، فقال أبو جعفرعليه السلام: ويحك يا قتادة ، إنما يعرف القرآن من خوطب به).
إذن أهل البيت^هم الذين عندهم علوم القرآن وعلم الكتاب ، أما غيرهم حتى علماء التفسير فلا يملكون إلا الإحتمالات.
وسيأتي أن معانيها قضية الإمام الحسين عليه السلام.
ثُم قالت الآية الكريمة:ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا. وهذه الفقرة تعتبر عنواناً ، ومتناً. مثل البسملة ، فكما هي ابتداء لِكل سورة ، فهي أيضاً متنٌ متصل بما بعده. وهذه الطريقة واحدة من ابتكارات القرآن الكريم التي تحدّى بها قريشاً والعرب , وكم من ابتكار بلاغي في القرآن ، لم تكن له سابقة حتى عند فطاحل شعرائهم وأدبائهم.
وعند أهل البيت عليهم السلام إبتكارات من هذا النوع أيضاً ، فهم القرآن الناطق وعدل القرآن ، منها قول علي×: ماعدا مما بدا! عندما خاطب الزبيرفي حرب الجمل فقال له:عرفتني بالحجاز وأنكرتني بالعراق فما عدا مما بدا ؟! فذهبت مثلاً.
ومن ذلك قوله×يصف تناسيهم إدارته لحروب الردة والفتوحات فقال: ثم نسبت قريش تلك الفتوح الى تدبير ولاتها ، ونسينا فيمن نسي ، وأكل الدهر علينا وشرب! ومن ذلك قوله: أما بعد. ولم يقلها أحد غيره. ومن ذلك قوله×: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة. فهو من إبتكاراته ، صلوات الله عليه.
وزكريا النبي عليه السلام كان في عهد الإستعمار الروماني للمنطقة. وكان اليهود تحت حكمهم ، وأكثرهم عملاء لهم. وقد اعترفوا بزكريا عليه السلام واحداً من 28 عضواً كانت لهم تولية بيت المقدس.وكان زكريا عديل نبي الله عمران’فزوجته اليصابات أم مريم أخت أليشاع أم يحيى.وكلاهما لم يرزق بأولاد إلا على كِبَر. وقد رزق عمران بعدما بلغ من العمر سبعين عاماً كما روي ، وحملت زوجته اليصابات فجأة بالسيدة مريم عليها السلام.
وبلغ زكريا عليه السلام ثمانين عاماً ولم يُرزق بولد ، فلما رأى مريم طفلة في المحراب تعبد ربها ويأتيها رزقها ، هُنالك دعا زكريا ربه وطلب منه أن يرزقه ذرية ، ولم يكن قدطلب منه طول هذه المدة! فرزقه الله تعالى يحي عليه السلام وجعله نبياً.
فسلام عليهم جميعا يوم ولدوا ، ويوم انتقلوا إلى ربِّهم ويوم يُبعثون أحياء.
والحمد لله رب العالمين
الشيخ علي الكوراني العاملي
تعليق