✨ الشبهة : هل قصر اهل البيت عليهم السلام في تعليم شيعتهم احكام دينهم ؟؟!!
يعترف الشيعة في كتبهم أنهم لم يبلغهم علم الحلال والحرام ومناسك الحج إلا عن طريق أبي جعفر الباقر ، وهذا يعني أنه لم يبلغهم عن علي شيء في هذا تقول كتب الشيعة : ( كانت الشيعة قبل أن يكون أبو جعفر وهم لا يعرفون مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم ، حتى كان أبو جعفر ففتح لهم وبين لهم مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم ، حتى صار الناس يحتاجون إليه من بعد ما كانوا يحتاجون إلى الناس ) ، راجع : ( أصول الكافي ، (2/20) ، تفسير العياشي ، (1/252 ـ 253)، البرهان، (1/386) ، رجال الكشي ، (ص425) ، فكيف كان الشيعة يتعبدون الله قبل الباقر .
✅ الجواب :
اولا : ان الجهل بالاحكام قبل الامام الباقر عليه السلام انما هو جهل بالجزئيات الفرعية لا في اصل الاعمال فلا شك انهم كانوا يعرفون كيفية الصلاة وكيفية الحج مثلا لكن مثل كيفية معالجة الشك بين ركعات الصلاة او كيفية معالجة الشك في عدد الطواف في الحج فهذا يحتاج الى توسعة من قبل الامام لم تتح للامام علي عليه السلام ولا للحسن ولا للحسين ولا للامام السجاد عليهم السلام
والذي يدلنا على ان جهل الشيعة انما كان في جزئيات الاحكام لا في اصل الاحكام هو القرينة الواضحة في الرواية حيث ورد فيها : (( فتح لهم وبين لهم مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم ، حتى صار الناس يحتاجون إليهم )) وهذا صريح في ان الامام انما علمهم شروح الاحكام ومسائلها لا اصل الاحكام ويفهم هذا من لفظ ( فتح ) التي تدل على شرح اصل الاحكام وليس تعليم نفس الاحكام اذ انهم كانوا يعلمون اصل احكام دينهم من صلاة وحج وخمس وزكاة لكن تحتاج الى شرح وتبيان وفتح لما انغلق منها من المسائل كمسائل الشك كما بينا فلا نعيد ولذا بعدما شرح الامام لهم لم يعودوا بحاجة الى الناس المخالفين لكي يسألوا عن مثل الشك في الصلاة من المسائل الجزئية بل اصبح المخالفون بحاجة اليهم ويسألونهم .
ثانيا : من يلاحظ الفترة التي عاشها شيعة اهل البيت عليهم السلام قبل الامام الباقر عليه السلام لا يشك لحظة انهم كانوا في ضيق شديد بحيث لا يمكنهم حتى ان يقولوا نحن شيعة بل من يسمي ابنه عليا يؤخذ ويقتل بل حتى من لم يكن شيعيا لا يحق له حتى ان يذكر امير المؤمنين عليه السلام بخير
فعن الاوزاعي انه قال : ((ما أخذنا العطاء حتى شهدنا على علي بالنفاق وتبرأنا منه، وأخذ علينا بذاك العتاق والطلاق وأيمان البيعة)) تاريخ الإسلام للذهبي (3/ 142، بترقيم الشاملة آليا)
هذا حال فقهاء العامة لا يأخذون العطاء من بيت مال السلطان الا ان يشهدوا على امير المؤمنين عليه السلام بالنفاق والعياذ بالله ومن المعلوم ان سب امير المؤمنين عليه السلام كان شائعا على المنابر
وقد ورد في شرح النهج للمعتزلي البكري ما يدل على هذا الاضطهاد بحق شيعة امير المؤمنين عليه السلام حيث كان يلعن صلوات الله عليه واله على المنابر ومن يسمى عليا فهو ارهابي :
(( روى أهل السيرة أن الوليد بن عبد الملك في خلافته ذكر عليا ع فقال لعنه الله بالجر كان لص ابن لص .
فعجب الناس من لحنه فيما لا يلحن فيه أحد و من نسبته عليا ع إلى اللصوصية و قالوا ما ندري أيهما أعجب و كان الوليد لحانا .
و أمر المغيرة بن شعبة و هو يومئذ أمير الكوفة من قبل معاوية حجر بن عدي أن يقوم في الناس فليلعن عليا ع فأبى ذلك فتوعده فقام فقال أيها الناس إن أميركم أمرني أن ألعن عليا فالعنوه فقال أهل الكوفة لعنه الله و أعاد الضمير إلى المغيرة بالنية و القصد .
و أراد زياد أن يعرض أهل الكوفة أجمعين على البراءة من علي ع و لعنه و أن يقتل كل من امتنع من ذلك و يخرب منزله فضربه الله ذلك اليوم بالطاعون فمات لا رحمه الله بعد ثلاثة أيام و ذلك في خلافة معاوية .
و كان الحجاج لعنه الله يلعن عليا ع و يأمر بلعنه و قال له متعرض به يوما و هو راكب أيها الأمير إن أهلي عقوني فسموني عليا فغير اسمي و صلني بما أتبلغ به فإني فقير فقال للطف ما توصلت به قد سميتك كذا و وليتك العمل الفلاني فاشخص إليه .
فأما عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فإنه قال كنت غلاما أقرأ القرآن على بعض ولد عتبة بن مسعود فمر بي يوما و أنا ألعب مع الصبيان و نحن نلعن عليا .
شرح نهج البلاغة 11 / 44 ـ 46.
ومن هنا فانه من الطبيعي جدا ان لا يتمكن اهل البيت عليهم السلام من فتح العلوم وشرح جزئياتها ومسائلها الدقيقية العوصية التي تحتاج الى الكثير من الدروس والمحاضرات والتفهيم والتدقيق وهم كانوا عليهم السلام بين حرب عائشة وحرب معاوية وحرب الخوارج وحرب يزيد وحرب الحجاج
اما في زمن الامام الباقر عليه السلام فقد عاصر ضعف الدولة الاموية لانشغالهم في ما يعنيهم من امور الحرب مع بني العباس وعاصر الدولة العباسية التي كانت تزعم في بداياتها حب اهل البيت عليهم السلام و نصرتهم .
فتلخص ان الشيعة لم يقصروا في طلب الاحكام زهدا فيها ولا مبالاة بل لأجل الضيق والحروب التي كانت مفروضة عليهم وكذلك اهل البيت عليهم السلام لم يتركوا بيان هذه الجزئيات الا لعدم التمكن بسبب ما عاشوه من ظروف المّت بهم ولا يكلف الله نفسا الا وسعها والتقية في مثل هذه الظروف مشروعة خصوصا انها انما في الاحكام الفرعية من حلال وحرام وليست في مسائل العقيدة كالتوحيد والجبر والتفويض مع انه يجوز اخفاء حتى مسائل العقيدة تقية فكيف بهذه الجزئيات .
وكيف لا يصل الأمر بهم إلى هذا الحد، وقد ذكر لنا حذيفة بن اليمان: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد ذكر لهم ما يجري عليهم، فيقول حذيفة:
«فابتلينا حتى جعل الرجل منا لا يصلي إلا سراً»
صحيح مسلم (ط دار الفكر) ج1 ص91 ومسند أحمد ج5 ص384 وعمدة القاري ج14 ص306 وسنن ابن ماجة ج2 ص1337 .
جاء في موقع اسلام ويب البكري ما نصه
((فإنه يباح للمسلم إذا خاف على نفسه الضرر أن يتقي ذلك بإظهار ما يضمر خلافه من الحق، قال الإمام السرخسي الحنفي في تعريفه للتقية قال: هي: أن يقي نفسه من العقوبة بما يظهره وإن كان يضمر خلافه، ثم قال: وقد كان بعض الناس يأبى ذلك ويقول إنه من النفاق، والصحيح أن ذلك جائز لقول الله تعالى: إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً [آل عمران:28]. انتهى. وقال الأنصاري الشافعي: والتقية التي أباحها الله في مثل هذه الأحوال هي الحفظ عن الضرر بموافقة في قول أو فعل مخالف للحق. انتهى ))
ثالثا : لو سلمنا بأن الشيعة كانوا قبل الامام الباقر لا يعرفون الاحكام للظروف التي بيناها اعلاه فانه لا يضرنا شيءا ولا يعني بطلان مذهب الحق الامامية لكن المصيبة كل المصيبة على ابناء السقفة حيث انه ثبت ان كبار صحابتهم والذين يعتبرونهم خلفاء المسلمين كانوا يجلهون الاحكام الشرعية
فقد ورد عن عن عمر كما في تفسير القرآن العظيم -إبن كثير - تفسير سورة النساء - تفسير قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها -
((قال عمر بن الخطاب لا تغالوا في مهور النساء فقالت إمرأة : ليس ذلك لك يا عمر : إن الله يقول : وآتيتم إحداهن قنطاراً ، من ذهب ، قال : وكذلك هي في قراءة عبد الله بن مسعود فلا يحل لكم أن تأخذوا منه شيئاًً فقال عمر : إن إمرأة خاصمت عمر فخصمته ))
وفي القرطبي - الجامع لأحكام القرآن - سورة النساء - قوله تعالى : وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا -
((. فقامت إليه إمرأة فقالت : يا عمر ، يعطينا الله وتحرمنا ! اليس الله سبحانه وتعالى يقول : وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاًً ، فقال عمر : أصابت إمرأة وأخطأ عمر ، وفي رواية فأطرق عمر ثم قال : كل الناس أفقه منك يا عمر! ، وفي أخرى : إمرأة أصابت ورجل أخطأ ))
ويحكي لنا صحيح مسلم جهل عمر حتى بالتيمم فانه امر رجلا اجنب ولم يجد ماءا ان لا يصلي مع ان القران الكريم صريح في ان التيمم حكم من اجنب او احدث ولم يجد ماءا .
بل بعدما علمه عمار وبعد ما علمه النبي صلى الله عليه واله بقي معاندا !!!
صحيح مسلم (1/ 193)
846 - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ الْعَبْدِىُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى - يَعْنِى ابْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ - عَنْ شُعْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِى الْحَكَمُ عَنْ ذَرٍّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً أَتَى عُمَرَ فَقَالَ إِنِّى أَجْنَبْتُ فَلَمْ أَجِدْ مَاءً. فَقَالَ لاَ تُصَلِّ. فَقَالَ عَمَّارٌ أَمَا تَذْكُرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ أَنَا وَأَنْتَ فِى سَرِيَّةٍ فَأَجْنَبْنَا فَلَمْ نَجِدْ مَاءً فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فِى التُّرَابِ وَصَلَّيْتُ. فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَضْرِبَ بِيَدَيْكَ الأَرْضَ ثُمَّ تَنْفُخَ ثُمَّ تَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَكَ وَكَفَّيْكَ ». فَقَالَ عُمَرُ اتَّقِ اللَّهَ يَا عَمَّارُ.
قَالَ إِنْ شِئْتَ لَمْ أُحَدِّثْ بِهِ.
ويقول أالصحابي انس بن مالك :
(( مَا أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ( ، قِيلَ : الصَّلاَةُ ؟ قَالَ : أَلَيْسَ ضَيَّعْتُمْ مَا ضَيَّعْتُمْ فِيهَا.)).
أخرجه البُخَارِي 1/141(529)
فلو كان الجهل فقط لكان اهون كيف والصحابة قد غيروا وبدلوا في احكام الدين حتى كان انس يبكي ويقول ما اعرف شيءا مما كان على عهد النبي صلى الله عليه واله !! وللكلام في هذا الجانب مباحث طويلة لا يسعها هذا المختصر المعقود لرد هذه الشبهة الركيكة والحمد لله رب العالمين .
تعليق