بـسـم الله الـرحـمـٰن الـرحـيـم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ورد في دعاء الندبة :
اللَّهُمَّ إِنِّي أُجَدِّدُ لَهُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِي هَذَا وَمَا عِشْتُ مِنْ أَيَّامِي عَهْداً وَعَقْداً وَبَيْعَةً لَهُ فِي عُنُقِي لا أَحُولُ عَنْهَا وَلا أَزُولُ أَبَداًقال:
وفي الرواية في كتاب الغيبة… . حدثنا يحيى بن عبد الله، قال:
" قال لي أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): يا يحيى بن عبد الله، من بات ليلة لا يعرف فيها إمامه مات ميتة جاهلية " (كتاب الغيبة - محمد بن إبراهيم النعماني - ج ١ - الصفحة ١٢٤)
في صباح يوم العيد، حيث موعد الخلوة والنجوى، بين آهاتٍ تتناثر وسط كلمات دعاء الندبة، وزفرات تتخلل المعاني المختبئة بين السطور، وبين حبر الأدمع وقرطاس القلب ترتسم لوحة الولاء الحقيقي لإمام الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وشدة الاشتياق ولوعة الغياب وألم الانتظار وبث الشكوى، إنها باختصار لوحة العيد التي يرسمها الانتظار بريشة الشوق وبرعاية دعاء الندبة.
نعم، هو الدعاء الذي تُعد قراءته من المستحبات المؤكدة في (عيد الغدير ) فهو بمثابة دورة تربوية مكتملة الجوانب في أدب التعامل مع إمام الزمان (عليه السلام)، فقراءة دعاء الندبة ليس مجرد دعاء نقرؤه أو لقلقة لسان بكلمات مأثورة من الأدعية، ولا هو دعوة للتشاؤم والسلبية للبكاء والنحيب في العيد، وإنما هو تعبير عن الصلة القوية بينك وبين إمام زمانك، ومؤشر لشدة التقارب الروحي منه ، فمن الطبيعي جداً أن يتأثر الإنسان في لحظات فرحه العارمة بتذكره لأحبّته ممن غابوا عنهم أو غيّبتهم المنيّة تحت الثرى، ويتمنى أن يشاركوه فرحته، ولعله من هذا المنطلق ينبغي تكرار قراءة دعاء الندبة في الأعياد، لأنه يشعرك بأنك مع الإمام في فرحك وحزنك وأنك على قدر مسؤولية انتظاره الفعّال في عصر الغيبة الكبرى عن طريق التمهيد لظهوره المبارك بالعمل والسعي الجاد.
إذن فهو يمثّل دافعاً إيجابياً نحو التقدم لا التقهقر وندب الحظ، بحيث ينطلق بنا الدعاء من إطار الفردية إلى التعاون والعمل الجمعي مما يوحّد جهود المنتظرين للإمام في زمن الغيبة بالكم والكيف، مما يسهل بالتأكيد التمهيد للظهور ويشد ويؤازر بعض المنتظرين مع البعض الآخر، لنكوّن بذلك الوحدة الحقيقية للانتظار الواعي والفاعل الذي ينتشر في جميع الاتجاهات وفي جميع نواحي الحياة، لنعيش بذلك عيدنا الحقيقي وهو النظرة الأبوية الرحيمة من المولى صاحب الأمر (روحي فداه) الذي أدعوه بـ (عيد الندبة) ولكن بشرطه وشروطه.العهد المهدويّ
فان منو المضامين لهذا الدعاء العهدُ والميثاق مع إمام العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف. و"العهد" في حياة المنتظِر لا بدّ من أن يكون موجوداً بشكل دائم ومستمرّ، والمنتظِر الواقعيّ هو الذي لا يَحول عن عهده مع إمامه.
إنّ قراءة هذا الدعاء في صبيحة كل يوم توجب أن لا ننسى -أكثر من أيّ أحد- أنّنا عاهدنا إمامنا، ولا بدّ من حفظ هذا العهد؛ لأنّ هذا العهد أولى من أيّ عهد آخر.
العهد مع إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف يعني أن تكون الحياة مبنيّة على أساس رضاه. وطلب رضى الإمام لا بدّ من أن يكون هو أولويّة المنتظرين.
🟠 مقامات عهد المنتظرين
في هذا القِسم من الدعاء، يبيّن المنتظرون للإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف عهدهم في مقامات عدّة:
1- اللَّهُمَّ إِنِّي أُجَدِّدُ لَهُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِي هَذَا:
الميثاق مع الإمام من الهدايا القيّمة في يوم الغدير؛ إذ كان على المسلمين أن يقوموا بوظيفتهم ويبايعوا أمير المؤمنين عليه السلام. كذلك الحال في كل واحد من الأئمة عند تسليم الإمامة، فعلى الناس أن يبايعوه.
البيعة مع الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف أيضاً كانت في التاسع من ربيع الأول عام 260هـ، ومع ذلك يلاحَظ في هذا القِسم من الدعاء الحديث عن تجديد العهد والبيعة، لأنّ المنتظرين الحقيقيين هم من يجدّدون العهد والبيعة مع إمام زمانهم في كل يوم.
2- وَمَا عِشْتُ مِنْ أَيَّامِي:
العلاقة مع الإمام في هذا الدعاء تتجدّد دائماً. لأنّه يقول: "في يومي هذا وفي كلّ يوم".
أحياناً شخص يقول لك: "أنا أحبّك"، ثمّ يغيب عن الأنظار ولا تعود تسمع له حسّاً، وتارة هناك شخص كلّ يوم يتّصل بك ويقول: "فلان، أنا أحبّك". هذا الدعاء يقول: أيّها المهديّ الحبيب، اليوم وفي كلّ يوم، أجدّد بيعتي لك.
3- عَهْداً وَعَقْداً وَبَيْعَةً:
يا إمام زماننا، نحن نعاهدك، بل أكثر من ذلك، نعقد معك عقداً، بل أكثر من ذلك أيضاً، نبايعك على أنّ كلّ ما تطلبه منّا سننفّذه، وسنكون كما تريد.
قيل: إنّ "العهد" هو الحدّ الأقل، و"العقد" هو الحدّ المتوسط، و"البيعة" هي الحدّ الكامل للارتباط بالإمام.
فالعلاقة في هذا الدعاء تتّجه بنا نحو الرشد، لأنّه في البداية يقول: أنا أعاهدك، ثمّ أجري معك عقداً، ثمّ أبايعك. فقد يقوم شخصان بتشكيل عهد بينهما ويعد أحدهما الآخر، ولكن لا يجريان عقداً، ويمكن أن يكون هناك عهد وعقد، لكن لا يوجد تسليم، والدعاء يقول: "وبيعة"، يعني تسليماً. فقوله: "عهداً" يعني التعهد للإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، وقوله: "عقداً" يعني إجراء العقد مع إمام الزمان، وقوله: "وبيعةً" يعني البيعة له.
4- لَهُ فِي عُنُقِي:
العلاقة في هذا الدعاء حتميّة، لأنّ الداعي يقول: إنّ هذه العلاقة في رقبتي، وكم هو جميل إبراز هذه العلاقة! يقول: "في رقبتي"، فمن الممكن أن يكون للشخص علاقة ما بآخر، ولكنّه لا يفتخر بها.
5- لا أَحُولُ عَنْهَا:
الحول بمعنى التغيير والتبديل. في هذه الفقرة والتي تليها علامة على ثبات قدم المنتظر؛ لأنّ إحدى السمات الأساسيّة للحياة المهدويّة هي الصمود في مسير الحق، والثبات على الصراط المستقيم في الحوادث والوقائع وعند بروز الفتن.
6- وَلا أَزُولُ أَبَداً:
الزوال بمعنى الانعدام وذهاب الشيء. وهذه العبارة تعني أنّني في عهدي وعقدي وبيعتي لإمام زماني لن أسمح لشيء من داخلي أنْ يغيّرني، ولن أضعف أمام أيٍّ من الشدائد والظروف الخارجيّة. فأنا في مسيري هذا سأبقى ثابتاً وصامداً ولن أنكث بعهدي، فالوفاء بالعهد من صفات المؤمنين.
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ورد في دعاء الندبة :
اللَّهُمَّ إِنِّي أُجَدِّدُ لَهُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِي هَذَا وَمَا عِشْتُ مِنْ أَيَّامِي عَهْداً وَعَقْداً وَبَيْعَةً لَهُ فِي عُنُقِي لا أَحُولُ عَنْهَا وَلا أَزُولُ أَبَداًقال:
وفي الرواية في كتاب الغيبة… . حدثنا يحيى بن عبد الله، قال:
" قال لي أبو عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام): يا يحيى بن عبد الله، من بات ليلة لا يعرف فيها إمامه مات ميتة جاهلية " (كتاب الغيبة - محمد بن إبراهيم النعماني - ج ١ - الصفحة ١٢٤)
في صباح يوم العيد، حيث موعد الخلوة والنجوى، بين آهاتٍ تتناثر وسط كلمات دعاء الندبة، وزفرات تتخلل المعاني المختبئة بين السطور، وبين حبر الأدمع وقرطاس القلب ترتسم لوحة الولاء الحقيقي لإمام الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وشدة الاشتياق ولوعة الغياب وألم الانتظار وبث الشكوى، إنها باختصار لوحة العيد التي يرسمها الانتظار بريشة الشوق وبرعاية دعاء الندبة.
نعم، هو الدعاء الذي تُعد قراءته من المستحبات المؤكدة في (عيد الغدير ) فهو بمثابة دورة تربوية مكتملة الجوانب في أدب التعامل مع إمام الزمان (عليه السلام)، فقراءة دعاء الندبة ليس مجرد دعاء نقرؤه أو لقلقة لسان بكلمات مأثورة من الأدعية، ولا هو دعوة للتشاؤم والسلبية للبكاء والنحيب في العيد، وإنما هو تعبير عن الصلة القوية بينك وبين إمام زمانك، ومؤشر لشدة التقارب الروحي منه ، فمن الطبيعي جداً أن يتأثر الإنسان في لحظات فرحه العارمة بتذكره لأحبّته ممن غابوا عنهم أو غيّبتهم المنيّة تحت الثرى، ويتمنى أن يشاركوه فرحته، ولعله من هذا المنطلق ينبغي تكرار قراءة دعاء الندبة في الأعياد، لأنه يشعرك بأنك مع الإمام في فرحك وحزنك وأنك على قدر مسؤولية انتظاره الفعّال في عصر الغيبة الكبرى عن طريق التمهيد لظهوره المبارك بالعمل والسعي الجاد.
إذن فهو يمثّل دافعاً إيجابياً نحو التقدم لا التقهقر وندب الحظ، بحيث ينطلق بنا الدعاء من إطار الفردية إلى التعاون والعمل الجمعي مما يوحّد جهود المنتظرين للإمام في زمن الغيبة بالكم والكيف، مما يسهل بالتأكيد التمهيد للظهور ويشد ويؤازر بعض المنتظرين مع البعض الآخر، لنكوّن بذلك الوحدة الحقيقية للانتظار الواعي والفاعل الذي ينتشر في جميع الاتجاهات وفي جميع نواحي الحياة، لنعيش بذلك عيدنا الحقيقي وهو النظرة الأبوية الرحيمة من المولى صاحب الأمر (روحي فداه) الذي أدعوه بـ (عيد الندبة) ولكن بشرطه وشروطه.العهد المهدويّ
فان منو المضامين لهذا الدعاء العهدُ والميثاق مع إمام العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف. و"العهد" في حياة المنتظِر لا بدّ من أن يكون موجوداً بشكل دائم ومستمرّ، والمنتظِر الواقعيّ هو الذي لا يَحول عن عهده مع إمامه.
إنّ قراءة هذا الدعاء في صبيحة كل يوم توجب أن لا ننسى -أكثر من أيّ أحد- أنّنا عاهدنا إمامنا، ولا بدّ من حفظ هذا العهد؛ لأنّ هذا العهد أولى من أيّ عهد آخر.
العهد مع إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف يعني أن تكون الحياة مبنيّة على أساس رضاه. وطلب رضى الإمام لا بدّ من أن يكون هو أولويّة المنتظرين.
🟠 مقامات عهد المنتظرين
في هذا القِسم من الدعاء، يبيّن المنتظرون للإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف عهدهم في مقامات عدّة:
1- اللَّهُمَّ إِنِّي أُجَدِّدُ لَهُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِي هَذَا:
الميثاق مع الإمام من الهدايا القيّمة في يوم الغدير؛ إذ كان على المسلمين أن يقوموا بوظيفتهم ويبايعوا أمير المؤمنين عليه السلام. كذلك الحال في كل واحد من الأئمة عند تسليم الإمامة، فعلى الناس أن يبايعوه.
البيعة مع الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف أيضاً كانت في التاسع من ربيع الأول عام 260هـ، ومع ذلك يلاحَظ في هذا القِسم من الدعاء الحديث عن تجديد العهد والبيعة، لأنّ المنتظرين الحقيقيين هم من يجدّدون العهد والبيعة مع إمام زمانهم في كل يوم.
2- وَمَا عِشْتُ مِنْ أَيَّامِي:
العلاقة مع الإمام في هذا الدعاء تتجدّد دائماً. لأنّه يقول: "في يومي هذا وفي كلّ يوم".
أحياناً شخص يقول لك: "أنا أحبّك"، ثمّ يغيب عن الأنظار ولا تعود تسمع له حسّاً، وتارة هناك شخص كلّ يوم يتّصل بك ويقول: "فلان، أنا أحبّك". هذا الدعاء يقول: أيّها المهديّ الحبيب، اليوم وفي كلّ يوم، أجدّد بيعتي لك.
3- عَهْداً وَعَقْداً وَبَيْعَةً:
يا إمام زماننا، نحن نعاهدك، بل أكثر من ذلك، نعقد معك عقداً، بل أكثر من ذلك أيضاً، نبايعك على أنّ كلّ ما تطلبه منّا سننفّذه، وسنكون كما تريد.
قيل: إنّ "العهد" هو الحدّ الأقل، و"العقد" هو الحدّ المتوسط، و"البيعة" هي الحدّ الكامل للارتباط بالإمام.
فالعلاقة في هذا الدعاء تتّجه بنا نحو الرشد، لأنّه في البداية يقول: أنا أعاهدك، ثمّ أجري معك عقداً، ثمّ أبايعك. فقد يقوم شخصان بتشكيل عهد بينهما ويعد أحدهما الآخر، ولكن لا يجريان عقداً، ويمكن أن يكون هناك عهد وعقد، لكن لا يوجد تسليم، والدعاء يقول: "وبيعة"، يعني تسليماً. فقوله: "عهداً" يعني التعهد للإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، وقوله: "عقداً" يعني إجراء العقد مع إمام الزمان، وقوله: "وبيعةً" يعني البيعة له.
4- لَهُ فِي عُنُقِي:
العلاقة في هذا الدعاء حتميّة، لأنّ الداعي يقول: إنّ هذه العلاقة في رقبتي، وكم هو جميل إبراز هذه العلاقة! يقول: "في رقبتي"، فمن الممكن أن يكون للشخص علاقة ما بآخر، ولكنّه لا يفتخر بها.
5- لا أَحُولُ عَنْهَا:
الحول بمعنى التغيير والتبديل. في هذه الفقرة والتي تليها علامة على ثبات قدم المنتظر؛ لأنّ إحدى السمات الأساسيّة للحياة المهدويّة هي الصمود في مسير الحق، والثبات على الصراط المستقيم في الحوادث والوقائع وعند بروز الفتن.
6- وَلا أَزُولُ أَبَداً:
الزوال بمعنى الانعدام وذهاب الشيء. وهذه العبارة تعني أنّني في عهدي وعقدي وبيعتي لإمام زماني لن أسمح لشيء من داخلي أنْ يغيّرني، ولن أضعف أمام أيٍّ من الشدائد والظروف الخارجيّة. فأنا في مسيري هذا سأبقى ثابتاً وصامداً ولن أنكث بعهدي، فالوفاء بالعهد من صفات المؤمنين.
تعليق