من خلال سيرة الامام الصادق عليه السلام نستلهم العبر والدروس ومنها :
كيف نصمد امام التحديات التي تحاول تقويض شخصيتنا ومسخ هويتنا ؟
ونعرض ذلك باختصار من خلال نقاط:
الاولى: ان الفترة التي نعيشها تشابه تلك التي عاشها الامام الصادق ع من حيث انها شهدت ضعف وانحلال دولة هي الاموية وظهور دولة جديدة هي العباسية فكان اهم عمل قام به في هذه الفترة الانتقالية وتخفيف قبضة الظالمين عنه هو نشر علوم أهل البيت ع وتثبيت الركائز الفكرية والعلمية الرصينة لهذه المدرسة حتى لقد نسب المذهب اليه فقيل: المذهب الجعفري لان جهدهع كان هو الاوضح في تأسيس هذا الصرح الشامخ وقد قطع الامام شوطاً واسعاً في هذا المجال فقد تخرج على يديه اربعة آلاف عالم في مختلف العلوم والفنون فابو حنيفة شيخ أئمة المذاهب من تلاميذه ع وله كلمته المشهورة: (لولا السنتان لهلك النعمان) وجابر بن حيان مؤسس علم الكيمياء من طلابه ع وغيرهم كثير وقد انتشر هؤلاء في الامصار ونقلوا معهم ما تعلموه وكانع يحث على طلب العلم ويقول: (لوددت ان اصحابي ضربت رؤوسهم بالسياط حتى يتفقهوا) وخاطب ع اصحابه: (عليكم بالتفقه في دين الله ولا تكونوا اعراباً فانه من لم يتفقه في دين الله لم ينظر اليه يوم القيامة ولم يزك له عملاً)، ونقل ع عن جده رسول الله : (أفٍ لرجل لا يفرغ نفسه في كل جمعة لأمر دينه فيتعاهده ويسأل عن دينه). ونحن اذ نعيش اليوم زوال أيام النظام الجائر الذي حرمنا من كثير من حقوقنا ونشوء دولة جديدة يكون من اولوياتنا تأسيس الحوزات العلمية الشريفة والمؤسسات الثقافية في جميع المدن لخلق واقع جديد من انتشار مراكز العلم والمعرفة يكون اساساً تبنى عليه الحياة الجديدة حتى يتسع الوضع الحالي .....
الثانية: بيان وتوضيح المعالم الصحيحة لشخصية المسلم بعد ان مسخها الحكام الظلمة بما كانوا يصورون للأمة من جوانب مخزية لشخصيتهم وبما كانوا ينشئون في حياة المجتمع الاسلامي من واقع فاسد من فسق وفجور وخيانة وجور وانكباب على الدنيا وتقاتل من أجلها وولع بالخمر وعدوان على أهل الحق وكان وعاظ السلاطين السائرون في ركابهم يرقعون لهم هذه المخازي بضلالاتهم فضاعت الصورة الحقيقية للمسلم خصوصاً عند الاقوام التي دخلت الاسلام جديداً وليس لهم عمق تاريخي فيه وحرموا من التعرف على ائمتهم الحقيقيين فنهض الامام ع بمسؤولية هذا التعريف وكان يركز اهتمامه اكثر على شيعته باعتبارهم طليعة هذه الامة التي عرفت الحق واتبعته فتكون المسؤولية عليهم أكبر قال ع: (فان الرجل منكم اذا ورع في دينه وصدق في حديثه وأدى للناس الامانة وحسن خلقه معهم وقيل هذا شيعي يسرني ذلك ويدخل علي منه السرور، ومن كان غير ذلك دخل علي بلاؤه وعاره)، وقال ع: (والله ما شيعة علي الا من عف بطنه وفرجه وعمل لخالقه ورجا ثوابه وخاف عقابه)، ويروي الامام الصادق ع قال: (خرجت انا وابي حتى اذا كنا بين القبر والمنبر اذا هو باناس من الشيعة فسلم عليهم ثم قال من كلام: واعلموا ان ولايتنا لا تنال الا بالورع والاجتهاد من ائتم منكم بعبدٍ فليعمل بعمله)، وقال ع: (اوصيكم بتقوى الله واداء الامانة لمن ائتمنكم وحسن الصحبة لمن صحبتموه وان تكونوا لنا دعاة صامتين)، ولما سأله احدهم مستغربا: يا ابن رسول الله كيف ندعوا الى الله ونحن صامتون، فقال ع: (تعملون بما امرناكم به من طاعة الله وتعاملون الناس بالصدق والعدل وتؤدون الامانة وتأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ولا يطلع الناس منكم الا على خير، فاذا رأوا ما انتم عليه علموا فضل ما عندنا فعادوا اليه).
ومجتمعنا اليوم يتعرض لحملة عالمية منظمة مدعومة بأحدث التقنيات والوسائل الاعلامية كالصحف والمجلات والتلفزيون والستلايت من اجل سلخه عن عقيدته وأخلاقه وإعادته إلى الجاهلية التي استنقذهم الله تبارك وتعالى منها، فلكي نحافظ على هويتنا الاسلامية في العقيدة والسلوك علينا ان نحشد طاقاتنا ونبتكر الاساليب والوسائل المناسبة لتلك الحملة المنظمة فنعرف بعناصر شخصية المسلم ومعالمه التي تميزه عن غيره ...
الثالثة: الوقوف في وجه التيارات الفكرية التي تنشأ من داخل المجتمع المسلم أو تفد عليه من الخارج والتي تهدد عقيدة الامة او سلوكها فعندما نشأت شبهة القول بالجبر وأن الله قد قهر العباد على افعالهم وساهمت السلطات الحاكمة على ترويجها لتبرير ظلمهم للعباد وقف الامام ع بحزم لتفنيدها وخصص عدداً من اصحابه للحوار والجدال وانتشرت كلمته التي تعبر باختصار عن مذهب اهل البيت ع وهي: (لا جبر ولا تفويض وإنما أمر بين أمرين)، وكذا واجه حملات الالحاد وإنكار الصانع لهذا الكون وقد تبناها عدد من الزنادقة والدهريين وكانوا يصرحون بها ويدافعون عنها ويطلبون من يناظرهم فيها ويستغلون موسم الحج لنشر ضلالاتهم وتسفيه عقائد المسلمين في شعائر الحج وكان الامام الصادق- ع- يقف لهم بالمرصاد فيفحمهم ويرد كيدهم الى نحورهم وينصر المؤمنين ويشد على قلوبهم ويعزز ايمانهم.
وكذا وقف بقوة ضد الفقهاء الذين بدأوا العمل بالقياس لاستنباط الاحكام الشرعية وحذرهم مغبة عملهم وقال لهم: (إياكم ان يقف الناس يوم القيامة فيقولون قال الله ورسوله وتقولون قسنا ورأينا)، وقال لهم: (اذا قيست السنة محق الدين)، واثبت بطلان العمل بالقياس بموارد ثابتة من الفقه وتخالف اقيستهم ولولا هذه الوقفة الشجاعة لكانت الاحكام الشرعية الآن مخالفة تماماً لما اراده الله ورسوله بحيث تؤدي الى محق الدين كما عبر الامام ع وتأسياً بالامام ع فيجب على العلماء والمفكرين والمثقفين التصدي للشبهات والتيارات الفكرية والاجتماعية التي تهدد كيان الامة كالالحاد، وانكار الخالق، والقول بالصدفة او الطبيعة، وكالعلمانية، ودعوات تحرير المرأة التي لا تعني الاّ تدمير اخلاق المجتمع تحت هذه العناوين البراقة الخادعة ومثل دعوات التغريب التي يراد منها اِلحاق المجتمع الشرقي المسلم بالغربي بجميع انماط الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية رغم البون الواسع في مرتكزات كل منهما .
الرابعة: التصدي لتصحيح التصرفات المنحرفة التي تنشأ عن جهل فمنها ما روي عن الامام الصادق ع انه قال: (قوله عز وجل: اهدنا الصراط المستقيم يقول: ارشدنا للزوم الطريق المؤدي الى محبتك والمبلغ الى جنتك من ان نتبع اهوائنا فنعطب ونأخذ بآرائنا فنهلك فان من اتبع أهواءه واعجب برأيه كان كرجل سمعت غثاء الناس تعظمه وتصفه فاحببت لقاءه من حيث لا يعرفني لانظر مقداره ومحله فرأيته في موضع قد أحدق به جماعة من غثاء العامة فوقف منتبذاً عنهم متغشياً بلثام انظر اليه واليهم فما زال يرواغهم حتى خالف طريقهم وفارقهم) الى ان يقول: (فلم يلبث ان مر بخباز فتغفله فاخذ من دكانه رغيفين مسارقة، ثم مر بعده بصاحب رمان فمازال به حتى تغفله فاخذ من عنده رمانتنين مسارقة، ثم لم ازل اتبعه حتى مر بمريض فوضع الرغيفين والرمانتين بين يديه ) فسأله الامام ع عن سر فعله هذا فاتهمه بجهله للقرآن يقول الامام ع : قلت : (وما الذي جهلت ؟) قال: قول الله عز وجل: (من جاء بالحسنة فله عشر امثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الا مثلها) واني لما سرقت الرغيفين كانت سيئتين، ولما سرقت الرمانتين كانت سيئتين فهذه اربعة سيئات، فلما تصدقت بكل واحدة منها كانت اربعين حسنة ، انقص من اربعين حسنة اربعة سيئات بقي ستة وثلاثين، قلت: ثكلتك امك! أنت الجاهل بكتاب الله اما سمعت قول الله عز وجل: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) ، انك لما سرقت رغيفين كانت سيئتين ولما سرقت الرمانتين كانت سيئتين ولما دفعتهما من غير رضا صاحبها كنت انما اضفت اربع سيئات الى اربع سيئات ولم تضف اربعين حسنة الى اربع سيئات فجعل يلاحيني فانصرفت عنه وتركته).
وكم يوجد مثل هذا الرجل في زماننا وكل زمان حيث يقومون بافعال يضنون انها تقربهم الى الله تعالى وهي لا تزيدهم منه الا بعداً او يحرصون على فعل المستحبات ويتركون الواجبات كالذي ينفق ماله في اقامة الولائم على حب اهل البيتع وهو لا يدفع ما بذمته من الحقوق الشرعية وهو بذلك يسرق حقوق مستحقيها.
الخامسة: حرصه ع على وحدة المسلمين والتأليف بين قلوبهم فرغم انه -ع - وأهل بيته ظلموا وغصبت حقوقهم الا انه لم يثر فتنة وسلم لهم من اجل ان تسلم امور المسلمين كما قال جده امير المؤمنين ع: (لقد علمتم اني احق الناس بها من غيري ووالله لاسلمن ما سلمت امور المسلمين ولم يكن فيها جور الا عليّ خاصة التماساً لاجر ذلك وفضله زهداً فيما تنافستموه من زخرفه وزبرجه ).
وضربوا ع لذلك مثلاً في امرأتين تنازعتا في ولد كل واحدة تقول هو لي، وتحير الخليفة الثاني في حل النزاع فالتجأ الى امير المؤمنينع فما كان منه ع الا ان دعا بسيفه وقال: سأقطع الولد نصفين لكل واحدة نصف مراعاة للعدل والانصاف فصاحت ام الولد الحقيقية : لا تفعل يا امير المؤمنين واحفظ الولد سالماً ولتأخذه المرأة الأخرى فقال لها ع: انت امه الحقيقية ودفعه اليها فكان كل امام يشعر انه ام الولد وعليه ان يضحي حفاظاً لسلامة كيان الامة من التمزق والتشتت وكان الامام الصادق ع يقول: (ولدني ابو بكر مرتين) تأليفاً لقلوب العامة .
السادسة: الاهتمام بامور المسلمين وقضاء حوائجهم ومساعدة ضعفائهم بحيث يصل الى درجة التعبير عمن لم يهتم بامور المسلمين لانه ليس منهم وكان الامام الصادق ع يطوف بالبيت الحرام فجاء رجل الى احد اصحابه طالبا منه قضاء حاجته فأجله الى حين انتهاء الطواف فلم يرض الامام -ع -عليه وطلب منه قطع الطواف حتى يقضي حاجة اخيه المؤمن ويعود الى طوافه. ومر المعلى بن خنيس وهو من خواص اصحاب الامامع بمسلمين يتنازعان على مال فدفع منه مالاً يرضيهما ولما استغربا من عظيم صنعه قال: والله ليس هو من مالي وانما وضعه عندي سيدي ومولاي جعفر بن محمد للمساعدة في اصلاح الخلافات بين المؤمنين وحل نزاعاتهم.
والحمدلله رب العالمين
كيف نصمد امام التحديات التي تحاول تقويض شخصيتنا ومسخ هويتنا ؟
ونعرض ذلك باختصار من خلال نقاط:
الاولى: ان الفترة التي نعيشها تشابه تلك التي عاشها الامام الصادق ع من حيث انها شهدت ضعف وانحلال دولة هي الاموية وظهور دولة جديدة هي العباسية فكان اهم عمل قام به في هذه الفترة الانتقالية وتخفيف قبضة الظالمين عنه هو نشر علوم أهل البيت ع وتثبيت الركائز الفكرية والعلمية الرصينة لهذه المدرسة حتى لقد نسب المذهب اليه فقيل: المذهب الجعفري لان جهدهع كان هو الاوضح في تأسيس هذا الصرح الشامخ وقد قطع الامام شوطاً واسعاً في هذا المجال فقد تخرج على يديه اربعة آلاف عالم في مختلف العلوم والفنون فابو حنيفة شيخ أئمة المذاهب من تلاميذه ع وله كلمته المشهورة: (لولا السنتان لهلك النعمان) وجابر بن حيان مؤسس علم الكيمياء من طلابه ع وغيرهم كثير وقد انتشر هؤلاء في الامصار ونقلوا معهم ما تعلموه وكانع يحث على طلب العلم ويقول: (لوددت ان اصحابي ضربت رؤوسهم بالسياط حتى يتفقهوا) وخاطب ع اصحابه: (عليكم بالتفقه في دين الله ولا تكونوا اعراباً فانه من لم يتفقه في دين الله لم ينظر اليه يوم القيامة ولم يزك له عملاً)، ونقل ع عن جده رسول الله : (أفٍ لرجل لا يفرغ نفسه في كل جمعة لأمر دينه فيتعاهده ويسأل عن دينه). ونحن اذ نعيش اليوم زوال أيام النظام الجائر الذي حرمنا من كثير من حقوقنا ونشوء دولة جديدة يكون من اولوياتنا تأسيس الحوزات العلمية الشريفة والمؤسسات الثقافية في جميع المدن لخلق واقع جديد من انتشار مراكز العلم والمعرفة يكون اساساً تبنى عليه الحياة الجديدة حتى يتسع الوضع الحالي .....
الثانية: بيان وتوضيح المعالم الصحيحة لشخصية المسلم بعد ان مسخها الحكام الظلمة بما كانوا يصورون للأمة من جوانب مخزية لشخصيتهم وبما كانوا ينشئون في حياة المجتمع الاسلامي من واقع فاسد من فسق وفجور وخيانة وجور وانكباب على الدنيا وتقاتل من أجلها وولع بالخمر وعدوان على أهل الحق وكان وعاظ السلاطين السائرون في ركابهم يرقعون لهم هذه المخازي بضلالاتهم فضاعت الصورة الحقيقية للمسلم خصوصاً عند الاقوام التي دخلت الاسلام جديداً وليس لهم عمق تاريخي فيه وحرموا من التعرف على ائمتهم الحقيقيين فنهض الامام ع بمسؤولية هذا التعريف وكان يركز اهتمامه اكثر على شيعته باعتبارهم طليعة هذه الامة التي عرفت الحق واتبعته فتكون المسؤولية عليهم أكبر قال ع: (فان الرجل منكم اذا ورع في دينه وصدق في حديثه وأدى للناس الامانة وحسن خلقه معهم وقيل هذا شيعي يسرني ذلك ويدخل علي منه السرور، ومن كان غير ذلك دخل علي بلاؤه وعاره)، وقال ع: (والله ما شيعة علي الا من عف بطنه وفرجه وعمل لخالقه ورجا ثوابه وخاف عقابه)، ويروي الامام الصادق ع قال: (خرجت انا وابي حتى اذا كنا بين القبر والمنبر اذا هو باناس من الشيعة فسلم عليهم ثم قال من كلام: واعلموا ان ولايتنا لا تنال الا بالورع والاجتهاد من ائتم منكم بعبدٍ فليعمل بعمله)، وقال ع: (اوصيكم بتقوى الله واداء الامانة لمن ائتمنكم وحسن الصحبة لمن صحبتموه وان تكونوا لنا دعاة صامتين)، ولما سأله احدهم مستغربا: يا ابن رسول الله كيف ندعوا الى الله ونحن صامتون، فقال ع: (تعملون بما امرناكم به من طاعة الله وتعاملون الناس بالصدق والعدل وتؤدون الامانة وتأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ولا يطلع الناس منكم الا على خير، فاذا رأوا ما انتم عليه علموا فضل ما عندنا فعادوا اليه).
ومجتمعنا اليوم يتعرض لحملة عالمية منظمة مدعومة بأحدث التقنيات والوسائل الاعلامية كالصحف والمجلات والتلفزيون والستلايت من اجل سلخه عن عقيدته وأخلاقه وإعادته إلى الجاهلية التي استنقذهم الله تبارك وتعالى منها، فلكي نحافظ على هويتنا الاسلامية في العقيدة والسلوك علينا ان نحشد طاقاتنا ونبتكر الاساليب والوسائل المناسبة لتلك الحملة المنظمة فنعرف بعناصر شخصية المسلم ومعالمه التي تميزه عن غيره ...
الثالثة: الوقوف في وجه التيارات الفكرية التي تنشأ من داخل المجتمع المسلم أو تفد عليه من الخارج والتي تهدد عقيدة الامة او سلوكها فعندما نشأت شبهة القول بالجبر وأن الله قد قهر العباد على افعالهم وساهمت السلطات الحاكمة على ترويجها لتبرير ظلمهم للعباد وقف الامام ع بحزم لتفنيدها وخصص عدداً من اصحابه للحوار والجدال وانتشرت كلمته التي تعبر باختصار عن مذهب اهل البيت ع وهي: (لا جبر ولا تفويض وإنما أمر بين أمرين)، وكذا واجه حملات الالحاد وإنكار الصانع لهذا الكون وقد تبناها عدد من الزنادقة والدهريين وكانوا يصرحون بها ويدافعون عنها ويطلبون من يناظرهم فيها ويستغلون موسم الحج لنشر ضلالاتهم وتسفيه عقائد المسلمين في شعائر الحج وكان الامام الصادق- ع- يقف لهم بالمرصاد فيفحمهم ويرد كيدهم الى نحورهم وينصر المؤمنين ويشد على قلوبهم ويعزز ايمانهم.
وكذا وقف بقوة ضد الفقهاء الذين بدأوا العمل بالقياس لاستنباط الاحكام الشرعية وحذرهم مغبة عملهم وقال لهم: (إياكم ان يقف الناس يوم القيامة فيقولون قال الله ورسوله وتقولون قسنا ورأينا)، وقال لهم: (اذا قيست السنة محق الدين)، واثبت بطلان العمل بالقياس بموارد ثابتة من الفقه وتخالف اقيستهم ولولا هذه الوقفة الشجاعة لكانت الاحكام الشرعية الآن مخالفة تماماً لما اراده الله ورسوله بحيث تؤدي الى محق الدين كما عبر الامام ع وتأسياً بالامام ع فيجب على العلماء والمفكرين والمثقفين التصدي للشبهات والتيارات الفكرية والاجتماعية التي تهدد كيان الامة كالالحاد، وانكار الخالق، والقول بالصدفة او الطبيعة، وكالعلمانية، ودعوات تحرير المرأة التي لا تعني الاّ تدمير اخلاق المجتمع تحت هذه العناوين البراقة الخادعة ومثل دعوات التغريب التي يراد منها اِلحاق المجتمع الشرقي المسلم بالغربي بجميع انماط الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية رغم البون الواسع في مرتكزات كل منهما .
الرابعة: التصدي لتصحيح التصرفات المنحرفة التي تنشأ عن جهل فمنها ما روي عن الامام الصادق ع انه قال: (قوله عز وجل: اهدنا الصراط المستقيم يقول: ارشدنا للزوم الطريق المؤدي الى محبتك والمبلغ الى جنتك من ان نتبع اهوائنا فنعطب ونأخذ بآرائنا فنهلك فان من اتبع أهواءه واعجب برأيه كان كرجل سمعت غثاء الناس تعظمه وتصفه فاحببت لقاءه من حيث لا يعرفني لانظر مقداره ومحله فرأيته في موضع قد أحدق به جماعة من غثاء العامة فوقف منتبذاً عنهم متغشياً بلثام انظر اليه واليهم فما زال يرواغهم حتى خالف طريقهم وفارقهم) الى ان يقول: (فلم يلبث ان مر بخباز فتغفله فاخذ من دكانه رغيفين مسارقة، ثم مر بعده بصاحب رمان فمازال به حتى تغفله فاخذ من عنده رمانتنين مسارقة، ثم لم ازل اتبعه حتى مر بمريض فوضع الرغيفين والرمانتين بين يديه ) فسأله الامام ع عن سر فعله هذا فاتهمه بجهله للقرآن يقول الامام ع : قلت : (وما الذي جهلت ؟) قال: قول الله عز وجل: (من جاء بالحسنة فله عشر امثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الا مثلها) واني لما سرقت الرغيفين كانت سيئتين، ولما سرقت الرمانتين كانت سيئتين فهذه اربعة سيئات، فلما تصدقت بكل واحدة منها كانت اربعين حسنة ، انقص من اربعين حسنة اربعة سيئات بقي ستة وثلاثين، قلت: ثكلتك امك! أنت الجاهل بكتاب الله اما سمعت قول الله عز وجل: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) ، انك لما سرقت رغيفين كانت سيئتين ولما سرقت الرمانتين كانت سيئتين ولما دفعتهما من غير رضا صاحبها كنت انما اضفت اربع سيئات الى اربع سيئات ولم تضف اربعين حسنة الى اربع سيئات فجعل يلاحيني فانصرفت عنه وتركته).
وكم يوجد مثل هذا الرجل في زماننا وكل زمان حيث يقومون بافعال يضنون انها تقربهم الى الله تعالى وهي لا تزيدهم منه الا بعداً او يحرصون على فعل المستحبات ويتركون الواجبات كالذي ينفق ماله في اقامة الولائم على حب اهل البيتع وهو لا يدفع ما بذمته من الحقوق الشرعية وهو بذلك يسرق حقوق مستحقيها.
الخامسة: حرصه ع على وحدة المسلمين والتأليف بين قلوبهم فرغم انه -ع - وأهل بيته ظلموا وغصبت حقوقهم الا انه لم يثر فتنة وسلم لهم من اجل ان تسلم امور المسلمين كما قال جده امير المؤمنين ع: (لقد علمتم اني احق الناس بها من غيري ووالله لاسلمن ما سلمت امور المسلمين ولم يكن فيها جور الا عليّ خاصة التماساً لاجر ذلك وفضله زهداً فيما تنافستموه من زخرفه وزبرجه ).
وضربوا ع لذلك مثلاً في امرأتين تنازعتا في ولد كل واحدة تقول هو لي، وتحير الخليفة الثاني في حل النزاع فالتجأ الى امير المؤمنينع فما كان منه ع الا ان دعا بسيفه وقال: سأقطع الولد نصفين لكل واحدة نصف مراعاة للعدل والانصاف فصاحت ام الولد الحقيقية : لا تفعل يا امير المؤمنين واحفظ الولد سالماً ولتأخذه المرأة الأخرى فقال لها ع: انت امه الحقيقية ودفعه اليها فكان كل امام يشعر انه ام الولد وعليه ان يضحي حفاظاً لسلامة كيان الامة من التمزق والتشتت وكان الامام الصادق ع يقول: (ولدني ابو بكر مرتين) تأليفاً لقلوب العامة .
السادسة: الاهتمام بامور المسلمين وقضاء حوائجهم ومساعدة ضعفائهم بحيث يصل الى درجة التعبير عمن لم يهتم بامور المسلمين لانه ليس منهم وكان الامام الصادق ع يطوف بالبيت الحرام فجاء رجل الى احد اصحابه طالبا منه قضاء حاجته فأجله الى حين انتهاء الطواف فلم يرض الامام -ع -عليه وطلب منه قطع الطواف حتى يقضي حاجة اخيه المؤمن ويعود الى طوافه. ومر المعلى بن خنيس وهو من خواص اصحاب الامامع بمسلمين يتنازعان على مال فدفع منه مالاً يرضيهما ولما استغربا من عظيم صنعه قال: والله ليس هو من مالي وانما وضعه عندي سيدي ومولاي جعفر بن محمد للمساعدة في اصلاح الخلافات بين المؤمنين وحل نزاعاتهم.
والحمدلله رب العالمين