اللّغزُ الهَاروني
دخل بهلول مجلس هارون وأخذ يقلّده في أفعاله، حيث كان واضعاً إحدى رجليه على الأخرى،
فوضع بهلول إحدى رجليه على الجانب الأخر أيضاً، ضحك الحاضرون في المجلس من فعل بهلول
الذي كان يؤذي هارون لحظة بعد أخرى، وفجأة خطر بذهن هارون فكرة يمكنه من خلالها تأديب
بهلول، قال هارون: (لابدّ لك من الجواب على هذا اللغز ما دمت جالساً إلى جانبي).
قال بهلول: (إذا لم ترد التخلّص من الجائزة كما فعلت ذلك معي مراراً أجبتك عن اللغز).
أراد هارون أن ينتهر بهلولاً وأنه متى تخلّف عن وعده، لكنه سرعان ما تذكر أن بهلولاً صادق
فيما يقول لأنه – أيّ هارون – أخلف وعده لمرات عديدة معه، لذا حاول التعامل مع بهلول بهدوء
وقال: (إن أجبت عن هذا اللغز أمرنا لك بألف سكة ذهبية، وأمّا إن لم تجب عنه فسوف نأمر بحلق
لحيتك ثم نضعك على حمار ويدار بك أزقة المدينة).
قال بهلول: (لا حاجة لي بالذهب، لكني مستعد للجواب عن اللغز بشرط واحد).
قال هارون – بعد هنيئة -: (لنرَ ما هو شرطك؟).
قال بهلول: (إن أجبتك عن اللغز أريد منك أن تأمر الذباب بعدم التعرض لي وإيذائي).
لما أدرك هارون أن بهلولاً بشرطه هذا يريد إثبات عجزه ووضعه، ضحك قليلاً ثم قال: (لا يمكن
العمل بشرطك؛ لأن الذباب ليس بأمري).
حرك بهلول رأسه مؤيداً كلام هارون ثم قال: (لا ينبغي لي أن أتوقع مع شخص ضعيف وعاجز
أمام الذباب شيئاً، لابدّ من البحث عن أحد يتمكن أن يأمر الذباب بذلك).
ولمّا علم بهلول أن كلامه أثر في هارون قال: (أنا مستعد الآن أن أجيبك عن اللغز من دون أي شرط).
ولمّا أحس هارون بأنه خاسر في هذا الجدال لم يكن يحب أن يطيل الكلام مع بهلول، فقال:
(ما هي الشجرة التي لها من العمر سنة واحدة، ولها من الفروع والأغصان اثنا عشر، وعلى كلّ
غصن منها ثلاثون ورقة، وفي كل وجه من وجوه كلّ ورقة ظلام، وفي الوجه الآخر منها ضياء ونور؟).
أجابه بهلول بدون أي تأمل: (أمّا الشجرة فهي السنة، وأمّا أغصانها فهي الأشهر، وأمّا ما كان في
وجه أحد أوراقها الظلام فهو الليل والآخر النهار).
لمّا سمع هارون بذلك لم يكن له بدّ من القبول، فإذا به رفع صوته وقال: (أحسنت، أحسنت).
وهكذا الحاضرون قالوا مثل ما قال هارون، ثم خرج بهلول من القصر وهو لم يعتنِ بهذا التهريج
ولم يبالِ بأحد من الحاضرين.
إعداد: سارة جعفر
تم نشره في المجلة العدد 72
دخل بهلول مجلس هارون وأخذ يقلّده في أفعاله، حيث كان واضعاً إحدى رجليه على الأخرى،
فوضع بهلول إحدى رجليه على الجانب الأخر أيضاً، ضحك الحاضرون في المجلس من فعل بهلول
الذي كان يؤذي هارون لحظة بعد أخرى، وفجأة خطر بذهن هارون فكرة يمكنه من خلالها تأديب
بهلول، قال هارون: (لابدّ لك من الجواب على هذا اللغز ما دمت جالساً إلى جانبي).
قال بهلول: (إذا لم ترد التخلّص من الجائزة كما فعلت ذلك معي مراراً أجبتك عن اللغز).
أراد هارون أن ينتهر بهلولاً وأنه متى تخلّف عن وعده، لكنه سرعان ما تذكر أن بهلولاً صادق
فيما يقول لأنه – أيّ هارون – أخلف وعده لمرات عديدة معه، لذا حاول التعامل مع بهلول بهدوء
وقال: (إن أجبت عن هذا اللغز أمرنا لك بألف سكة ذهبية، وأمّا إن لم تجب عنه فسوف نأمر بحلق
لحيتك ثم نضعك على حمار ويدار بك أزقة المدينة).
قال بهلول: (لا حاجة لي بالذهب، لكني مستعد للجواب عن اللغز بشرط واحد).
قال هارون – بعد هنيئة -: (لنرَ ما هو شرطك؟).
قال بهلول: (إن أجبتك عن اللغز أريد منك أن تأمر الذباب بعدم التعرض لي وإيذائي).
لما أدرك هارون أن بهلولاً بشرطه هذا يريد إثبات عجزه ووضعه، ضحك قليلاً ثم قال: (لا يمكن
العمل بشرطك؛ لأن الذباب ليس بأمري).
حرك بهلول رأسه مؤيداً كلام هارون ثم قال: (لا ينبغي لي أن أتوقع مع شخص ضعيف وعاجز
أمام الذباب شيئاً، لابدّ من البحث عن أحد يتمكن أن يأمر الذباب بذلك).
ولمّا علم بهلول أن كلامه أثر في هارون قال: (أنا مستعد الآن أن أجيبك عن اللغز من دون أي شرط).
ولمّا أحس هارون بأنه خاسر في هذا الجدال لم يكن يحب أن يطيل الكلام مع بهلول، فقال:
(ما هي الشجرة التي لها من العمر سنة واحدة، ولها من الفروع والأغصان اثنا عشر، وعلى كلّ
غصن منها ثلاثون ورقة، وفي كل وجه من وجوه كلّ ورقة ظلام، وفي الوجه الآخر منها ضياء ونور؟).
أجابه بهلول بدون أي تأمل: (أمّا الشجرة فهي السنة، وأمّا أغصانها فهي الأشهر، وأمّا ما كان في
وجه أحد أوراقها الظلام فهو الليل والآخر النهار).
لمّا سمع هارون بذلك لم يكن له بدّ من القبول، فإذا به رفع صوته وقال: (أحسنت، أحسنت).
وهكذا الحاضرون قالوا مثل ما قال هارون، ثم خرج بهلول من القصر وهو لم يعتنِ بهذا التهريج
ولم يبالِ بأحد من الحاضرين.
إعداد: سارة جعفر
تم نشره في المجلة العدد 72
تعليق