الرد على شبهة أن الإمام السجاد (ع) بايع يزيد (لع) بعد واقعة الحرة .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وال محمد .
البعض يحاول الصيد او التصيد بالماء العكر فيحاول إيجاد ثغرة للطعن في المذهب الحق مذهب الامامية الاثنى عشرية .
ومن ضمن هذه المحاولات طرح البعض الشبهة التالية .
نص الشبهة :
كيف تقول ان الائمة الاثنى عشر منصوص عليهم ومنصبون من قبل الله سبحانه وتعالى بينما نجد انهدام هذا المعتقد بما فعله علي بن الحسين السجاد ( رضي الله عنه ) بعد واقعة الحرة حيث بايع يزيد كسائر الناس وبيعته ليزيد يكشف عن كونه ليس بامام منصب من قبل الله عز وجل ، فلو كان كذلك لما تنازل عن الامامة ليزيد ؟
جواب الشبهة :
ان مسلم بن عقبة اخذ البيعة من أهل المدينة على أنهم عبيد رق ليزيد بن معاوية إلا الامام علي بن الحسين السجاد (ع) فإنه بايع يزيد على أنه أخوه وابن عمه وبطلب من يزيد كما ذكر ذلك ابن أبي الحديد في شرح النهج .
وقد يقول قائل ان بيعة الامام السجاد (ع) كانت ليزيد على نحو الرق والعبودية كسائر الناس ويستدل على قوله هذا بما ورد في رواية صحيحة في روضة الكافي للكليني بما نصه : (عن بريد بن معاوية ، قال : سمعت أبا جعفر (ع) يقول : إن يزيد بن معاوية دخل المدينة وهو يريد الحج ، فبعث إلى رجل من قريش ، فأتاه ، فقال له يزيد : أتقرّ لي أنك عبد لي إن شئت بعتك وإن شئت استرقيتك ؟ فقال له الرجل : والله يا يزيد ما أنت بأكرم مني في قريش حسباً ، ولا كان أبوك أفضل من أبي في الجاهلية والإسلام ، وما أنت بأفضل مني في الدين ، ولا بخير مني ، فكيف أقرّ لك بما سألت فقال له يزيد : إن لم تقرّ لي والله ، قتلتك ، فقال له الرجل : ليس قتلك إياي بأعظم من قتلك الحسين بن علي (ع) ابن رسول الله(ص) ، فأمر به فقتل . ثم أرسل إلى علي بن الحسين (ع) ، فقال له مثل مقالته للقرشي ، فقال له علي بن الحسين(ع) : أرأيت إن لم أقرّ لك ، أليس تقتلني كما قتلت الرجل بالأمس ؟ فقال له يزيد- لعنه الله - : بلى ، فقال له علي بن الحسين (ع) : قد أقررت لك بما سألت ، أنا عبد مكره ، فإن شئت فأمسك ، وإن شئت فبع ، فقال له يزيد - لعنه الله - : أولى لك ، حقنت دمك ، ولم ينقصك ذلك من شرفك ) - 1 - و بهذه الرواية الصحيحة يكون قول ابن أبي الحديد المتقدم ليس بحجة .
فنرد على صاحب هذا القول بما يلي :
1 - ان مصدر الرواية المتقدمة هو كتاب الروضة من الكافي ، لشيخنا الكليني (ره) ، وقد أختلف أعلامنا في صحة نسبته للشيخ الكليني (قده) ، فقال الخليل بن غازي القزويني المتوفى سنة 1089 هـ ، بعدم كونها من تأليفه (ره) وفقاً لما ذكره صاحب رياض العلماء ، في تعداد ما انفرد به من الأقوال ، وقد نسب القول بذلك أيضاً إلى الشهيد الثاني (ره) . - 2 - وان كان هذا القول شاذ ونادر .
2 - أجاب سماحة اية الله العظمى السيد محمد صادق الروحاني عن استفتاء وجه اليه بخصوص هذه الرواية فقال :
( من الثابت عند المحققين والمؤرخين عدم دخول يزيد للمدينة المنورة أيام خلافته - 3 - ، وبذلك تكون الرواية ساقطة موضوعا ) . انتهى . أي يكون متن الرواية ساقطا عن الاعتبار وان كانت الرواية صحيحة سندا .
3 - على تقدير صحة الرواية متنا أيضا نقول : ان الامام السجاد (ع) قد بايع تقية من شر مسلم بن عقبة فهذه البيعة بيعة صورية لا بمعنى انه تنازل ليزيد عن الامامة الشرعية وقد ذكر ما يقرب من هذا التوجيه في كتاب (معرفة الإمام) للسيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ إذ يقول في كتابه : ( نقل لي المرحوم صديقي البارّ الكريم سماحة آية الله السيّد صدر الدين الجزائريّ أعلى الله مقامه أنّه كان ذات يومٍ في بيت المرحوم آية الله السيّد محسن الأمين العامليّ رحمه الله بالشام ، واتّفق حضور المرحوم ثقة المحدّثين الشيخ عبّاس القمّيّ رحمه الله هناك . فجرى حوار بين المرحومين القمّيّ والأمين .
فقال المرحوم القمّيّ مخاطباً المرحوم الأمين : لِمَ ذكرتَ في كتاب (أعيان الشيعة) بيعة الإمام زين العابدين عليه السلام ليزيد بن معاوية عليه وعلى أبيه اللعنة والهاوية ؟!
فقال : إنّ (أعيان الشيعة) كتاب تأريخ وسيرة . ولمّا ثبت بالأدلّة القاطعة أنّ مسلم بن عقبة حين هاجم المدينة بجيشه الجرّار ، وقتل ونهب وأباح الدماء والنفوس والفروج والأموال ثلاثة أيّام بأمر يزيد ، وارتكب من الجرائم ما يعجز القلم عن وصفها ، فقد بايع الإمام السجّاد عليه السلام ، من وحي المصالح الضروريّة اللازمة ، والتقيّة حفظاً لنفسه ونفوس أهل بيته من بني هاشم ، فكيف لا أكتب ذلك ولا أذكره في التأريخ ؟! ومثل هذه البيعة كبيعة أمير المؤمنين عليه السلام أبا بكر بعد ستّة أشهر من وفاة الرسول الأكرم واستشهاد الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء سلام الله عليهما .
قال المرحوم القمّيّ : لا يصلح ذكر هذه الأُمور وإن كانت ثابتة ، لأنّها تؤدّي إلى ضعف عقائد الناس . وينبغي دائماً أن تُذكر الوقائع التي لا تتنافى مع عقيدة الناس .
قال المرحوم الأمين : أنا لا أدري أيّ الوقائع فيها مصلحة ، وأيّها ليس فيها مصلحة . عليك أن تذكّرني بالأُمور التي ليس فيها مصلحة ، فلا أكتبها ) - 4 -
********************************
الهوامش :
1 - الروضة من الكافي ، ج 8 ، ص 235.
2 - منقول من موقع سماحة العلامة الشيخ محمد العبيدان القطيفي .
3 - أي انه بقي في الشام .
4 - معرفة الإمام ، محمّد حسين الطّهراني ، ج 15 ، ص 255 .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وال محمد .
البعض يحاول الصيد او التصيد بالماء العكر فيحاول إيجاد ثغرة للطعن في المذهب الحق مذهب الامامية الاثنى عشرية .
ومن ضمن هذه المحاولات طرح البعض الشبهة التالية .
نص الشبهة :
كيف تقول ان الائمة الاثنى عشر منصوص عليهم ومنصبون من قبل الله سبحانه وتعالى بينما نجد انهدام هذا المعتقد بما فعله علي بن الحسين السجاد ( رضي الله عنه ) بعد واقعة الحرة حيث بايع يزيد كسائر الناس وبيعته ليزيد يكشف عن كونه ليس بامام منصب من قبل الله عز وجل ، فلو كان كذلك لما تنازل عن الامامة ليزيد ؟
جواب الشبهة :
ان مسلم بن عقبة اخذ البيعة من أهل المدينة على أنهم عبيد رق ليزيد بن معاوية إلا الامام علي بن الحسين السجاد (ع) فإنه بايع يزيد على أنه أخوه وابن عمه وبطلب من يزيد كما ذكر ذلك ابن أبي الحديد في شرح النهج .
وقد يقول قائل ان بيعة الامام السجاد (ع) كانت ليزيد على نحو الرق والعبودية كسائر الناس ويستدل على قوله هذا بما ورد في رواية صحيحة في روضة الكافي للكليني بما نصه : (عن بريد بن معاوية ، قال : سمعت أبا جعفر (ع) يقول : إن يزيد بن معاوية دخل المدينة وهو يريد الحج ، فبعث إلى رجل من قريش ، فأتاه ، فقال له يزيد : أتقرّ لي أنك عبد لي إن شئت بعتك وإن شئت استرقيتك ؟ فقال له الرجل : والله يا يزيد ما أنت بأكرم مني في قريش حسباً ، ولا كان أبوك أفضل من أبي في الجاهلية والإسلام ، وما أنت بأفضل مني في الدين ، ولا بخير مني ، فكيف أقرّ لك بما سألت فقال له يزيد : إن لم تقرّ لي والله ، قتلتك ، فقال له الرجل : ليس قتلك إياي بأعظم من قتلك الحسين بن علي (ع) ابن رسول الله(ص) ، فأمر به فقتل . ثم أرسل إلى علي بن الحسين (ع) ، فقال له مثل مقالته للقرشي ، فقال له علي بن الحسين(ع) : أرأيت إن لم أقرّ لك ، أليس تقتلني كما قتلت الرجل بالأمس ؟ فقال له يزيد- لعنه الله - : بلى ، فقال له علي بن الحسين (ع) : قد أقررت لك بما سألت ، أنا عبد مكره ، فإن شئت فأمسك ، وإن شئت فبع ، فقال له يزيد - لعنه الله - : أولى لك ، حقنت دمك ، ولم ينقصك ذلك من شرفك ) - 1 - و بهذه الرواية الصحيحة يكون قول ابن أبي الحديد المتقدم ليس بحجة .
فنرد على صاحب هذا القول بما يلي :
1 - ان مصدر الرواية المتقدمة هو كتاب الروضة من الكافي ، لشيخنا الكليني (ره) ، وقد أختلف أعلامنا في صحة نسبته للشيخ الكليني (قده) ، فقال الخليل بن غازي القزويني المتوفى سنة 1089 هـ ، بعدم كونها من تأليفه (ره) وفقاً لما ذكره صاحب رياض العلماء ، في تعداد ما انفرد به من الأقوال ، وقد نسب القول بذلك أيضاً إلى الشهيد الثاني (ره) . - 2 - وان كان هذا القول شاذ ونادر .
2 - أجاب سماحة اية الله العظمى السيد محمد صادق الروحاني عن استفتاء وجه اليه بخصوص هذه الرواية فقال :
( من الثابت عند المحققين والمؤرخين عدم دخول يزيد للمدينة المنورة أيام خلافته - 3 - ، وبذلك تكون الرواية ساقطة موضوعا ) . انتهى . أي يكون متن الرواية ساقطا عن الاعتبار وان كانت الرواية صحيحة سندا .
3 - على تقدير صحة الرواية متنا أيضا نقول : ان الامام السجاد (ع) قد بايع تقية من شر مسلم بن عقبة فهذه البيعة بيعة صورية لا بمعنى انه تنازل ليزيد عن الامامة الشرعية وقد ذكر ما يقرب من هذا التوجيه في كتاب (معرفة الإمام) للسيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ إذ يقول في كتابه : ( نقل لي المرحوم صديقي البارّ الكريم سماحة آية الله السيّد صدر الدين الجزائريّ أعلى الله مقامه أنّه كان ذات يومٍ في بيت المرحوم آية الله السيّد محسن الأمين العامليّ رحمه الله بالشام ، واتّفق حضور المرحوم ثقة المحدّثين الشيخ عبّاس القمّيّ رحمه الله هناك . فجرى حوار بين المرحومين القمّيّ والأمين .
فقال المرحوم القمّيّ مخاطباً المرحوم الأمين : لِمَ ذكرتَ في كتاب (أعيان الشيعة) بيعة الإمام زين العابدين عليه السلام ليزيد بن معاوية عليه وعلى أبيه اللعنة والهاوية ؟!
فقال : إنّ (أعيان الشيعة) كتاب تأريخ وسيرة . ولمّا ثبت بالأدلّة القاطعة أنّ مسلم بن عقبة حين هاجم المدينة بجيشه الجرّار ، وقتل ونهب وأباح الدماء والنفوس والفروج والأموال ثلاثة أيّام بأمر يزيد ، وارتكب من الجرائم ما يعجز القلم عن وصفها ، فقد بايع الإمام السجّاد عليه السلام ، من وحي المصالح الضروريّة اللازمة ، والتقيّة حفظاً لنفسه ونفوس أهل بيته من بني هاشم ، فكيف لا أكتب ذلك ولا أذكره في التأريخ ؟! ومثل هذه البيعة كبيعة أمير المؤمنين عليه السلام أبا بكر بعد ستّة أشهر من وفاة الرسول الأكرم واستشهاد الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء سلام الله عليهما .
قال المرحوم القمّيّ : لا يصلح ذكر هذه الأُمور وإن كانت ثابتة ، لأنّها تؤدّي إلى ضعف عقائد الناس . وينبغي دائماً أن تُذكر الوقائع التي لا تتنافى مع عقيدة الناس .
قال المرحوم الأمين : أنا لا أدري أيّ الوقائع فيها مصلحة ، وأيّها ليس فيها مصلحة . عليك أن تذكّرني بالأُمور التي ليس فيها مصلحة ، فلا أكتبها ) - 4 -
********************************
الهوامش :
1 - الروضة من الكافي ، ج 8 ، ص 235.
2 - منقول من موقع سماحة العلامة الشيخ محمد العبيدان القطيفي .
3 - أي انه بقي في الشام .
4 - معرفة الإمام ، محمّد حسين الطّهراني ، ج 15 ، ص 255 .
تعليق