تويت
اللهم صل على محمد وآل محمد
سؤال - ابني في السادسة من عمره، ذكيّ جدًّا وسريع البديهة. لكن أعاني معه والمدرسة من كثرة ثرثرته، التي تجلب له العقوبات والتأنيب، فهو يبكي ويقول أنّه يحاول الكف عن الثرثرة لكنّه لا يستطيع، ما العمل؟
الجواب- الثرثرة تعني الكلام الزائد عن الحد أو الكلام في غير محله؛ ولها منشآن. غالبًا ما يختلف منشأ الثرثرة عند الأطفال عنه عند الكبار.
فالمنشأ عند الأطفال يكون في معظم الأحيان طبيعيًّا، لأنّ الأهل يشجّعون أبناءهم في البداية على الكلام بكل قوة، فكلّما نطقوا بحرف يظهرون فرحهم وإعجابهم ويدفعونهم بشدّة وبقوّة وبرغبة شديدة وحماس وتشجيع على النطق والكلام؛. وهكذا ينشأ الطفل على أنّ الكلام يجلب له الاهتمام والرضا والمديح، و... فإذا رسخ هذا الشيء في ذهن الطفل يصعب عليه بعدها أن يدرك أنّ للكلام ضوابط، لا سيما إذا كان في مثل هذا العمر، وهو سن اللاانضباط. فمن الطبيعي أن يجد صعوبة بالغة في ضبط نفسه كلّما طُلب منه ذلك، فكيف إذا كان عليه أن يضبط أسهل أعضائه تحرّكًا وأقلّهم جهدًا؟!
قد يتعلّم الأطفال على مدى السنين ضبط ألسنتهم من خلال الأثمان الباهظة التي يدفعونها جراء انطلاقها بالثرثرة؛ لما تجلبه هذه العادة السيئة من عواقب ومشاكل؛ لكن المهم والأحسن هو أن نعمد إلى تنمية القدرة العقلية عند الطفل بحيث يتمكّن بنفسه من إدراك العواقب السيئة لتفلّت القوى واسترسالها، قبل أن يدفع هذه الأثمان.
وعلينا أن نمنح هذا الطفل الفرصة المناسبة، ونقدّم له المساعدة والعناية والإعانة الممتزجة بالشفقة والحلم والتجاوز عن الأخطاء.
بالتأكيد إنّ للثرثرة عند الكبار منشأُ آخر أُشير إليه في كلام النبي الأكرم (ص) بقوله: "الثرثارون هم المتكبّرون"، أي الرغبة في الظهور، وإحساس الشخص بأنّه أفضل من الآخرين؛ وهو نوع من السيطرة وفرض الذات وإثبات الأفضلية، ولهذا كلامٌ تفصيليّ لا مجال له هنا.