بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
🔰 لا شك بأنّ الإنسان سيواجه في حياته الكثير من المخاطر وأصناف الأعداء، بحيث إنّ بعضها يهدّد حياته الماديّة ونفسه وماله ويمكن أن يعرّض بعض أقاربه أو أعزّائه وعرضه وشرفه للخطر؛ والبعض الآخر منها يهدّد روحه وقلبه.
🔰 كما أنّ هناك أخطار أخرى يواجهها الإنسان تنشأ من الوساوس النفسانية ومكائد شياطين الجن والإنس وتجعله يُبتلى بالشك والتردّد في أفكاره وعقائده، أو تجعله يُبتلى بالميول والصفات الأخلاقية المذمومة وتجرّه إلى سلوكيّات تضر بآخرته وكماله وسعادته الأبدية.
🔰 بالطبع، إنّ تحديد أي من هذه المخاطر هو الأهم والأخطر يرتبط بمعرفة الشخص نفسه. بالطبع، الأهم بالنسبة للمؤمن هي الأخطار المعنوية. فالمؤمن يخاف من الوقوع في المعصية أكثر من أي مصيبةٍ أخرى، أي أنّ خوفه من الوقوع في المعصية هو أكثر من أي خوف آخر، لأنّه يعلم أنّ للوقوع في المعصية ضررٌ عظيم لا يمكن جبرانه بسهولة.
🔰 لهذا، إنّ خوف الإنسان المؤمن من الخسائر المادية أقل، لأنّه من ناحية يعلم أنّ الخسائر الماديّة قابلة للجبران، ومن ناحية أخرى، يعلم أنّ مثل هذه الخسائر توجب تكفير الذنوب وترفع من المقامات المعنويّة. وحتّى تلك الخسائر التي لها جنبة دنيويّة، من الممكن أن تشكّل أرضيّةً للسعادة الأخروية ووسيلةً للكمال والرقي الإنساني. لهذا لا يقلق المؤمن كثيرًا من مثل هذه الأضرار والخسائر.
🔰 إنّ الأضرار المعنويّة والأخرويّة بالنسبة للمؤمن هي أهم بكثير من تلك الأضرار المادية والدنيوية، بل ليست قابلة للمقارنة بها.
🔰 ولكن ينبغي الالتفات إلى أنّ درجات الإيمان ليست بالمقدار نفسه عند كل الناس، من هنا يكون خوف بعض الأشخاص من الأضرار الدنيوية أكثر، كأن يكون خوف الإنسان من الابتلاء بالأمراض، لا سيّما الأمراض التي يصعب علاجها، أكثر من خوف الابتلاء بالمعصية. وهذا الأمر ناشئ من نقص معرفة الإنسان وضعف إيمانه.
🔰 ولكن مع ذلك، هناك مسألة مسلّمة وهي أن إيمان المؤمن مهما كان ضعيفًا، فإنّ قلقه من أن يتعرّض أصل إيمانه واعتقاده للخطر يكون أكثر من قلقه من أي خطر آخر. وإلى جانب مخاوفه الأخرى، فإنّ خوفه من تعرّض إيمانه واعتقاده للخطر هو أكبر.