زبدة ما للبكاء على سيد الشهداء من خصائص وآثار .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وال محمد .
ليس في المقال جديدٌ غير مسبوق ، و لا فيه إصلاح لخطأ سابق ، أو جبر نقص ، أو شرح غامض .. وعذري أنّ هذه الأربعة ليست كلّ دواعي الكتابة ، وإنّما ثمّة ثلاثة أخرى ، واحدة منها على الأقل متحققة في هذه الورقة : اختصار مطوّل ، أو جمع متفرق ، أو ترتيب مختلط .. فقد طال الكلام بشأن البكاء على الإمام الحسين (عليه السلام) ، واختلط السرد بالروايات ، والتحليل بالمعلومة ؛ لذا رأيت جمعها بانتظام ، واختصارها بترتيب ، وإيجازها بقسمين : [الخصائص ، والآثار] مكتفياً بما قلّ ودلّ :
أ- أمّا الخصائص فأهّمها :
1 ـ [لا تبطل به الصلاة ] ، فكما لا يخفى على المؤمنين أنّ تعمد البكاء أثناء الصلاة من مبطلاتها ، إلا أنّ جملة من الفقهاء العظام استثنوا من هذا الحكم البكاء على مصيبة سيد الشهداء بقصد القربة بل مصائب أهل البيت عموماً على ما جاء في رسائلهم العمليّة (انظر- المنهاج - ج1 - ص236).
2 ـ [ مستثنى من كراهة الجزع ] ، والروايات في هذا المعنى كثيرة ، منها ما صحّ عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال : كل الجزع والبكاء مكروه سوى الجزع والبكاء على الحسين (بحار الأنوار - ج 44 - ص280) .
3 ـ [علامة الإيمان ] ويحفظ المؤمنون الحديث المعروف عن الإمام الحسين بن علي (ع) أنا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن إلا بكى . بل في كامل الزيارات باباً كاملاً في هذا ، وهو الباب السادس والثلاثون : في أنّ الحسين .. لا يذكره مؤمن إلا بكى ! ، وكما حبّ أبيه علامة الإيمان ، كذا البكاء عليه .
4 - [ البكاء عليه كونيٌّ ] والأخبار في هذا مستفيضة عند المسلمين جميعاً ، من بكاء السماء والأرض والملائكة والجن والحجر وانكسفت الشمس ، وبدتْ الكواكب نصف النهار حتى ظُنّ أنّها القيامة (انظر- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد - ج 9 - ص 196) .. ولقد بكتْ له جميع الخلائق ، وما يرى ومالا يرى (الكافي - ج 4 - ص 576).
ب - وأمّا الآثار المترتّبة على البكاء ذي الخصائص آنفاً فهي إيجاز شديد كالآتي :
1 ـ أنّ العين التي بكته لا تبكي يوم القيامة ، ففي حديث طويل عن أمير المؤمنين جاء فيه : " كلّ عين يوم القيامة باكية .. ساهرة ، إلّا عين من اختّصه الله بكرامته وبكى على ما ينتهك من الحسين وآل محمّد عليهم السلام "( الصدوق - الخصال ج 2 - ص610).
2 ـ حضور الأئمة عند احتضار الباكي ، وقد جاء هذا في حديث الإمام الصادق مع مِسْمَع بن عبدالملك البصريّ : رحِمَ الله دَمعتَك .. أما إنّك سترى عند موتك حضور آبائي لك ووصيّتهم ملكَ الموت بك ، وما يلقّونك به مِن البشارة أفضل ، ولملك الموت أرقّ عليك وأشدُّ رَحمةً لك من الاُمّ الشّفيقة على ولدها .. (كامل الزيارات ، ص 204).
3 ـ أنّه يوجب نظرة علي والحسين ، (عليهما السلام) ، ومستنده ما وراه ابن قولويه بسنده عن الصادق (عليه السلام) إنّ الحسين " لينظر إلى من يبكيه فيستغفر له و يسأل أباه الاستغفار له .."( المصدر السابق، ص 103) ، كما أنّ فيه مواساة للزهراء على ما في حديث الإمام الصادق مع أبي بصير : يا أبا بصير ان فاطمة (عليهما السلام (تبكيه وتشهق .. أما تحب أن تكون فيمن يسعد فاطمة (نفس المصدر ، ص 171) .
4 - فضلاً عن ذلك كلّه : النجاة من النار ، واستحقاق الجنّة ، وغفران الذنوب ..على ما نطقت به الآثار ، و استفاضت به الأخبار ، والملفت في هذه الأخبار لغة التوسّع والتعميم الواضحة في هذه الأخبار من جهة الموضوع ، ومن جهة الأثر أيضاً ، فأمّا الموضوع [البكاء] فمفهومه حسب الأخبار واسع ويشمل حتى التباكي .. ويشمل أيضاً الأفراد الضعيفة مثل : من دمعت عيناه ، أو خرج منها قطرة من الدمع ، أو بمقدار جناح ذبابة .. والتعميم والشمول ينطبق أيضاً على الأثر المترتّب على البكاء ..
ففي حديث الإمام الرضا مع الريان ابن شبيب : ( إن بكيت على الحسين ..غفر الله لك كلّ ذنب أذنبته : صغيراً كان ، أو كبيراً، قليلاً كان أو كثيراً ) .. ( أمالي الصدوق ، ص 192) .
-----------------
منقول : بقلم الأستاذ السيد علي الحسيني العزام (دامت بركاته) .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وال محمد .
ليس في المقال جديدٌ غير مسبوق ، و لا فيه إصلاح لخطأ سابق ، أو جبر نقص ، أو شرح غامض .. وعذري أنّ هذه الأربعة ليست كلّ دواعي الكتابة ، وإنّما ثمّة ثلاثة أخرى ، واحدة منها على الأقل متحققة في هذه الورقة : اختصار مطوّل ، أو جمع متفرق ، أو ترتيب مختلط .. فقد طال الكلام بشأن البكاء على الإمام الحسين (عليه السلام) ، واختلط السرد بالروايات ، والتحليل بالمعلومة ؛ لذا رأيت جمعها بانتظام ، واختصارها بترتيب ، وإيجازها بقسمين : [الخصائص ، والآثار] مكتفياً بما قلّ ودلّ :
أ- أمّا الخصائص فأهّمها :
1 ـ [لا تبطل به الصلاة ] ، فكما لا يخفى على المؤمنين أنّ تعمد البكاء أثناء الصلاة من مبطلاتها ، إلا أنّ جملة من الفقهاء العظام استثنوا من هذا الحكم البكاء على مصيبة سيد الشهداء بقصد القربة بل مصائب أهل البيت عموماً على ما جاء في رسائلهم العمليّة (انظر- المنهاج - ج1 - ص236).
2 ـ [ مستثنى من كراهة الجزع ] ، والروايات في هذا المعنى كثيرة ، منها ما صحّ عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال : كل الجزع والبكاء مكروه سوى الجزع والبكاء على الحسين (بحار الأنوار - ج 44 - ص280) .
3 ـ [علامة الإيمان ] ويحفظ المؤمنون الحديث المعروف عن الإمام الحسين بن علي (ع) أنا قتيل العبرة لا يذكرني مؤمن إلا بكى . بل في كامل الزيارات باباً كاملاً في هذا ، وهو الباب السادس والثلاثون : في أنّ الحسين .. لا يذكره مؤمن إلا بكى ! ، وكما حبّ أبيه علامة الإيمان ، كذا البكاء عليه .
4 - [ البكاء عليه كونيٌّ ] والأخبار في هذا مستفيضة عند المسلمين جميعاً ، من بكاء السماء والأرض والملائكة والجن والحجر وانكسفت الشمس ، وبدتْ الكواكب نصف النهار حتى ظُنّ أنّها القيامة (انظر- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد - ج 9 - ص 196) .. ولقد بكتْ له جميع الخلائق ، وما يرى ومالا يرى (الكافي - ج 4 - ص 576).
ب - وأمّا الآثار المترتّبة على البكاء ذي الخصائص آنفاً فهي إيجاز شديد كالآتي :
1 ـ أنّ العين التي بكته لا تبكي يوم القيامة ، ففي حديث طويل عن أمير المؤمنين جاء فيه : " كلّ عين يوم القيامة باكية .. ساهرة ، إلّا عين من اختّصه الله بكرامته وبكى على ما ينتهك من الحسين وآل محمّد عليهم السلام "( الصدوق - الخصال ج 2 - ص610).
2 ـ حضور الأئمة عند احتضار الباكي ، وقد جاء هذا في حديث الإمام الصادق مع مِسْمَع بن عبدالملك البصريّ : رحِمَ الله دَمعتَك .. أما إنّك سترى عند موتك حضور آبائي لك ووصيّتهم ملكَ الموت بك ، وما يلقّونك به مِن البشارة أفضل ، ولملك الموت أرقّ عليك وأشدُّ رَحمةً لك من الاُمّ الشّفيقة على ولدها .. (كامل الزيارات ، ص 204).
3 ـ أنّه يوجب نظرة علي والحسين ، (عليهما السلام) ، ومستنده ما وراه ابن قولويه بسنده عن الصادق (عليه السلام) إنّ الحسين " لينظر إلى من يبكيه فيستغفر له و يسأل أباه الاستغفار له .."( المصدر السابق، ص 103) ، كما أنّ فيه مواساة للزهراء على ما في حديث الإمام الصادق مع أبي بصير : يا أبا بصير ان فاطمة (عليهما السلام (تبكيه وتشهق .. أما تحب أن تكون فيمن يسعد فاطمة (نفس المصدر ، ص 171) .
4 - فضلاً عن ذلك كلّه : النجاة من النار ، واستحقاق الجنّة ، وغفران الذنوب ..على ما نطقت به الآثار ، و استفاضت به الأخبار ، والملفت في هذه الأخبار لغة التوسّع والتعميم الواضحة في هذه الأخبار من جهة الموضوع ، ومن جهة الأثر أيضاً ، فأمّا الموضوع [البكاء] فمفهومه حسب الأخبار واسع ويشمل حتى التباكي .. ويشمل أيضاً الأفراد الضعيفة مثل : من دمعت عيناه ، أو خرج منها قطرة من الدمع ، أو بمقدار جناح ذبابة .. والتعميم والشمول ينطبق أيضاً على الأثر المترتّب على البكاء ..
ففي حديث الإمام الرضا مع الريان ابن شبيب : ( إن بكيت على الحسين ..غفر الله لك كلّ ذنب أذنبته : صغيراً كان ، أو كبيراً، قليلاً كان أو كثيراً ) .. ( أمالي الصدوق ، ص 192) .
-----------------
منقول : بقلم الأستاذ السيد علي الحسيني العزام (دامت بركاته) .