إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

إمامة السجاد عليه السلام

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إمامة السجاد عليه السلام



    لكل إمامةٍ عصرها وظرفها وطبيعة الأحداث التي تمرّ بها ، ثم أن هذا ينعكس على أسلوب وطريقة وأدوات إدارة واداء مهام تلك الإمامة ، وتختلف إمامة السجاد - موضوع البحث - عن إمامة باقي الائمة عليهم السلام في عدد من الحيثيات ، ميّزتها وفرضت عليها بعض الأمور ، ومن تلك الحيثيات :

    الأولى : قد تولّى الإمامة عليه السلام بعد إبادة جماعية لأهل بيته وخلّص أصحابهم ، سواء ما حصل في كربلاء - وهو المصاب الأعظم - أو ما حصل في واقعة الحرّة ، وقد تكلمنا في مواضيع سابقة حول محورية وأهمية القرابة والصحابة في نجاح الدعوات الرسالية للأنبياء والأوصياء وسائر المصلحين والرساليين .. ولقد ثبّت عليه السلام هذه الحيثية في أول كلمة له في المدينة بعد رجوعه من الأسر حيث قال مخاطباً أهل المدينة : أيها الناس أصبحنا مطرودين مشردين مذودين شاسعين .. ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ، ان هذا إلا اختلاق .. اللهوف ٧٦ .

    الثانية : تنّمر يزيد ابن معاوية وزمرته على الأمّة الإسلامية وثوران طغيانه وظلمه وبشكل لم يعهده المسلمون من قبل ، فبعد واقعة كربلاء وسبي ذراري النبوة .. انتهك جريمة واقعة الحرة وأباح المدينة المنورة ثلاثة أيام والتي قتل فيها الالاف ، وكذلك ما قام به من هجوم على مكة المكرمة وإحراق للكعبة المشرفة .. !!

    الثالثة : انفجار الثورات المطالبة بدم الإمام الحسين عليه السلام والتي خلقت ضغطاً سياسياً وأمنياً واجتماعياً وحتى اقتصادياً ورسالياً على الإمام عليه السلام ، كثورة التوابين بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي ، وقيام المختار بن ابي عبيد الثقفي رضوان الله عليهما ..

    الرابعة : بعد واقعة كربلاء بدأت الشيعة تتبلور وتتكتل بتكتلات ذات صبغة مغايرة عما قبل كربلاء ، فالصبغة السياسية المعارضة والصفة الثورية المطالبة بدماء كربلاء وصفة المظلومية عموماً .. وغيرها مما بدأت تتميز به الجماعة والفرقة الشيعية على وجه الخصوص ..

    الخامسة : الحزن كان مخيّماً على شخصية الإمام عليه السلام . يقول الإمام الصادق عليه السلام : أن زين العابدين بكى على أبيه أربعين سنة .. ( الوسائل ج٣ ص٢٨٢ ) .

    هذه الحيثيات كان لها دخل في تحديد الصفة العامة لإمامة السجاد عليه السلام والأسلوب الذي يتبعه صلوات الله عليه في القيام بمهام ووظيفة القيادة الإلهية للأمّة خاصة في السنوات الأولى من إمامته .

    فالإسلام أصبح يواجه خطراً شديداً كدولة وكدين ، اما الدولة فقد مزقتها الحروب والانتهاكات والثورات وما سببته من حصول فجوة كبيرة بين الجهاز الحاكم والمجتمع ، وأما الدين فإن الأمة قد تربّع على قيادتها طغمة من القتلة والفسّاق وشاربي الخمر والمنتهكين للأعراض .. وما يسبب كل هذا من تراجع روحي وفساد فكري وأخلاقي كبير ..

    هذه المصائب والرزايا التي مُني بها الإسلام والمسلمون استدعت أن يقوم الإمام السجاد عليه السلام ببعض الوظائف ، ومن أهمّ تلك الوظائف هو أن يُعطي عليه السلام للأمة الشخصية المثالية التي تُرى من خلالها الصورة الإسلامية بأكمل وأنصع حالاتها ، بعد أن اصابها ما أصابها من التشويه والتعتيم ، وأن تكون هذه الشخصية محلّ إجماع وإشعاع للجميع .. كان الإسلام بعد تلك التهتكات الأموية بحاجة الى جرعة روحية وأخلاقية عالية تواجه تلك الصدمة الكبيرة والجفاف المعنوي الذي أصاب حياة الأمة ..

    وهذا ما نجح فيه فعلاً صلوات الله عليه ، فقد عالج المشكلة بنسبة كبيرة واستطاع أن يوفر عليه السلام البديل - وإن كان هو الأصل - ليحافظ على ما تبّقى من روحٍ تدب في جسد وضمير الأمة ، وبشكل لا يختص بالتشيّع فقط وإنما بحسب الشهادات التاريخية كان لكل المسلمين ، وإليك هذه الأخبار التي تتحدث عن نجاح هذه المهمة :

    - قال الذهبي في ترجمة الإمام السجاد : السيد الإمام ، زين العابدين ، وكان له جلالة عجيبة ، وحقّ له ذلك ، فقد كان أهلاً للإمامة العظمى : لشرفه ، وسؤدده ، وعلمه ، وتالّهه ، وكمال عقله . سير أعلام النبلاء 4: 398 .

    - وقال المناوي : زين العابدين ، إمام ، سند ، اشتهرت أياديه ومكارمه ، وطارت بالجوّ في الوجود حمائمه ، كان عظيم القدر ، رحب الساحة والصدر ، رأساً لجسد الرئاسة ، مؤمّلا للإيالة والسياسة . الكواكب الدريّة 2: 139

    - وقال الجاحظ : أمّا علي بن الحسين بن علي : فلم أر الخارجي في أمره إلاّ كالشيعي ، ولم أرَ الشيعي إلاّ كالمعتزلي ، ولم أرَ المعتزلي إلاّ كالعامي ، ولم أرَ العامي إلاّ كالخاصيّ ، ولم أجد أحداً يتمارى في تفضيله ويشكّ في تقديمه . عمدة الطالب 3 ـ 194

    - وقال الجاحظ أيضاً : وأمَّا علي بن الحسين ( عليه السلام ) فالناس على اختلاف مذاهبهم مجمعون عليه لايمتري أحد في تدبيره ، ولا يشكّ أحد في تقديمه . رسالة الجاحظ ونقله عنه في كشف الغمَّة 1: 31 .

    فكانت صلاته التي تصل عدد ركعاتها في اليوم والليلة الى الف ركعة ، وصيام نهاره ، وبذل ما في يديه من صدقات للفقراء والمساكين ، والتركيز على الدعاء كوعاء للعقيدة والفكر الاسلامي والأخلاق المحمدية والتربية الدينية الشاملة ، وحجّه لبيت الله عشرين مرة بين ماشي وراكب .. وتصدّيه بالدليل القاطع والحجة الدامغة للانحرافات المختلفة في جسد الأمة ، كالمجبرة والمرجئة وغيرهم .. هي زيت ووقود تلك الشخصية الإسلامية المحمدية التي كان الإسلام والمسلمون بأمس الحاجة لها ..

    والروايات كثيرة عن عبادته وفضائله ، في الكافي ( باب الخشوع في الصلاة ) قال : كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة حتى مات ولقب بزين العابدين لكثرة عبادته وحسنها . وروى علي بن أبي حمزة عن أبيه ، قال : ( سألت مولاة لعلي بن الحسين (عليهما السّلام) بعد موته ، فقلت : صفي لي أمور علي بن الحسين (عليه السّلام) فقالت : أطنب أو أختصر ؟ فقلت : اختصري ، قالت : ما أتيته بطعام نهاراً قط ، ولا فرشت له فرشاً بليل قط . علل الشرائع للشيخ الصدوق، ص232 ، وعن سعيد بن المسيب : ( كان الناس لا يخرجون من مكة حتى يخرج علي بن الحسين فخرج وخرجت معه فنزل في بعض المنازل فصلى ركعتين سبَّح في سجوده فلم يبق شجر ولا مدر إلا سبحوا معه ففزعت منه فرفع رأسه فقال : يا سعيد فزعت ؟ قلت : نعم يا بن رسول الله ، قال : هذا التسبيح الأعظم ) .

    سلام الله على سيد الساجدين وزين العابدين علي بن الحسين ، يوم ولد ويوم أستشهد ويوم يُبعث حيا .
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X