بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
🔹إنَّ من الأمور المشهودة في شأن القرآن الكريم ما يلاحَظ عليه من الجمال والرَّوعة عند قراءته بأسلوب التَّرتيل الَّذي أوصى به، حيث قال تعالى: [وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا].
والتَّرتيل في القراءة: ـ كما في كتب اللُّغة ـ التَّرسُّل فيها والتَّبيين، ويبدو أنَّه مأخوذ في الأصل من (رتلت أسنان الرَّجل) بمعنى تباعدت، ومنه يُقال: (ثغر رَتْل)، أي مفلّج. فالمراد بترتيل القرآن التَّأنِّي في قراءته والتَّرسُّل فيه، وعدم الاستعجال حتَّى تتبيَّن الحروف والحركات، تشبيهاً بالثَّغر المرتَّل، وهو المشبَّه بنور الأقحوان.
وجاء في الحديث عن النَّبيِّ (ص): ((زيِّنوا القرآن بأصواتكم))، والمراد إظهار زينة القرآن بجمال الصَّوت والأداء.
وجاء عن عليّ بن الحسين زين العابدين(ع)أنَّه: (كان يقرأ القرآن فربَّما مرَّ به المارُّ فصُعق من حسن صوته)، وجاء أيضاً(): (كان السَّقَّاؤون يمرُّون فيقفون ببابه يسمعون قراءته).
🔹فالتَّرتيل يبلور مواضع الحُسن والجمال في المفردات المنتقاة والجمل الموزونة، ويفجِّر الامتيازات الصَّوتيَّة الكامنة في النَّصِّ القرآنيّ.
🔹إنَّ جمال النَّصِّ القرآنيّ عند ترتيله وتحسين الصَّوت فيه أمرٌ مشهودٌ للمجتمع العربيّ، وهو أمر بدأ مع إنزال القرآن في عهد النَّبيِّ (ص)، وجرى عليه(ص) نفسه وأهل بيته (ع) وأصحابه والتَّابعون من بعدهم.
🔹وليس هذا الحسن حسناً مستعاراً من الصَّوت محضاً، بدليل إنَّنا نجد عدم ملاءمة سائر النُّصوص لكثير من أنساق الألحان القرآنيّة، فلو اختبرنا قراءة النُّصوص الأخرى البليغة من: الخطب، والأشعار بالألحان القرآنيّة لم نجد لها روعةً على حدِّ روعة النَّصِّ القرآنيّ، بل لعلَّ أكثرها لا يلائم تلك النُّصوص، فما نجده من جمال القرآن وحسنه من خلال أدائه بالألحان الحسنة يرجع إلى القابليَّات المميَّزة للنَّصِّ القرآنيّ في مكوِّناته الصَّوتيَّة وأوزان مقاطعه وآياته ـ مضافاً إلى بلاغة مضامينه ومحتواه من النَّواحي المعنويَّة ـ.
▪️ أثره على سامعيه وقارئيه
🔹إنّ للقران الكريم تأثير عجيب في نفوس قارئيه وسامعيه منذ عصر النُّزول، كما نلاحظه في الآثار المرويَّة عن أحوال الصَّحابة ومَن بعدهم.
وقد حكى القرآن الكريم تأثير نفسه على مجتمع الرَّسول (ص)، حيث أدَّى فيهم إلى مشاعر: الإخبات، والخشوع، والقشعريرة، والوجل، والاستبشار، على أنَّ آخرين قست قلوبهم عن أن تتأثَّر به، قال عزَّ من قائل: [اللَّـهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّـهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّـهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّـهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ]، وقال سبحانه: [إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ].
🔹لقد استطاع القرآن الكريم بمنطقه أن يقيم الحجَّة الرَّاشدة على مجتمعٍ موغلٍ في الشِّرك، والخرافة، والعادات الخاطئة من خلال إثارة العقول والضَّمائر، واستنطاق الحوادث بلغة بليغة وواضحة وسهلة وميسَّرة، كما استطاع بوقعه البلاغيِّ أن يرسِّخ الإيمان إلى حدٍّ كبير خلال بضعة سنوات في مجتمعٍ نما على الشِّرك مئات السِّنين، ويدفع وساوس العقائد الخاطئة المتجذِّرة في نفوس المجتمع، على ما يجده الباحث بملاحظة تاريخ الرِّسالة ودور القرآن في التَّصديق بها، ولم يزل هذا القرآن ـ وفق الدِّراسات الاجتماعيَّة للمجتمعات المسلمة ـ من أهمِّ العوامل المساعدة على تمسُّك المسلمين بالإسلام في مقابل الأمواج العاتية الَّتي تثير الشَّكَّ والتَّفرقة من خلال ما يتميَّز به من اللُّغة الرَّاشدة والأسلوب البليغ.
السيد محمد باقر السيستاني.
اللهم صل على محمد وآل محمد
🔹إنَّ من الأمور المشهودة في شأن القرآن الكريم ما يلاحَظ عليه من الجمال والرَّوعة عند قراءته بأسلوب التَّرتيل الَّذي أوصى به، حيث قال تعالى: [وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا].
والتَّرتيل في القراءة: ـ كما في كتب اللُّغة ـ التَّرسُّل فيها والتَّبيين، ويبدو أنَّه مأخوذ في الأصل من (رتلت أسنان الرَّجل) بمعنى تباعدت، ومنه يُقال: (ثغر رَتْل)، أي مفلّج. فالمراد بترتيل القرآن التَّأنِّي في قراءته والتَّرسُّل فيه، وعدم الاستعجال حتَّى تتبيَّن الحروف والحركات، تشبيهاً بالثَّغر المرتَّل، وهو المشبَّه بنور الأقحوان.
وجاء في الحديث عن النَّبيِّ (ص): ((زيِّنوا القرآن بأصواتكم))، والمراد إظهار زينة القرآن بجمال الصَّوت والأداء.
وجاء عن عليّ بن الحسين زين العابدين(ع)أنَّه: (كان يقرأ القرآن فربَّما مرَّ به المارُّ فصُعق من حسن صوته)، وجاء أيضاً(): (كان السَّقَّاؤون يمرُّون فيقفون ببابه يسمعون قراءته).
🔹فالتَّرتيل يبلور مواضع الحُسن والجمال في المفردات المنتقاة والجمل الموزونة، ويفجِّر الامتيازات الصَّوتيَّة الكامنة في النَّصِّ القرآنيّ.
🔹إنَّ جمال النَّصِّ القرآنيّ عند ترتيله وتحسين الصَّوت فيه أمرٌ مشهودٌ للمجتمع العربيّ، وهو أمر بدأ مع إنزال القرآن في عهد النَّبيِّ (ص)، وجرى عليه(ص) نفسه وأهل بيته (ع) وأصحابه والتَّابعون من بعدهم.
🔹وليس هذا الحسن حسناً مستعاراً من الصَّوت محضاً، بدليل إنَّنا نجد عدم ملاءمة سائر النُّصوص لكثير من أنساق الألحان القرآنيّة، فلو اختبرنا قراءة النُّصوص الأخرى البليغة من: الخطب، والأشعار بالألحان القرآنيّة لم نجد لها روعةً على حدِّ روعة النَّصِّ القرآنيّ، بل لعلَّ أكثرها لا يلائم تلك النُّصوص، فما نجده من جمال القرآن وحسنه من خلال أدائه بالألحان الحسنة يرجع إلى القابليَّات المميَّزة للنَّصِّ القرآنيّ في مكوِّناته الصَّوتيَّة وأوزان مقاطعه وآياته ـ مضافاً إلى بلاغة مضامينه ومحتواه من النَّواحي المعنويَّة ـ.
▪️ أثره على سامعيه وقارئيه
🔹إنّ للقران الكريم تأثير عجيب في نفوس قارئيه وسامعيه منذ عصر النُّزول، كما نلاحظه في الآثار المرويَّة عن أحوال الصَّحابة ومَن بعدهم.
وقد حكى القرآن الكريم تأثير نفسه على مجتمع الرَّسول (ص)، حيث أدَّى فيهم إلى مشاعر: الإخبات، والخشوع، والقشعريرة، والوجل، والاستبشار، على أنَّ آخرين قست قلوبهم عن أن تتأثَّر به، قال عزَّ من قائل: [اللَّـهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّـهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّـهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّـهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ]، وقال سبحانه: [إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّـهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ].
🔹لقد استطاع القرآن الكريم بمنطقه أن يقيم الحجَّة الرَّاشدة على مجتمعٍ موغلٍ في الشِّرك، والخرافة، والعادات الخاطئة من خلال إثارة العقول والضَّمائر، واستنطاق الحوادث بلغة بليغة وواضحة وسهلة وميسَّرة، كما استطاع بوقعه البلاغيِّ أن يرسِّخ الإيمان إلى حدٍّ كبير خلال بضعة سنوات في مجتمعٍ نما على الشِّرك مئات السِّنين، ويدفع وساوس العقائد الخاطئة المتجذِّرة في نفوس المجتمع، على ما يجده الباحث بملاحظة تاريخ الرِّسالة ودور القرآن في التَّصديق بها، ولم يزل هذا القرآن ـ وفق الدِّراسات الاجتماعيَّة للمجتمعات المسلمة ـ من أهمِّ العوامل المساعدة على تمسُّك المسلمين بالإسلام في مقابل الأمواج العاتية الَّتي تثير الشَّكَّ والتَّفرقة من خلال ما يتميَّز به من اللُّغة الرَّاشدة والأسلوب البليغ.
السيد محمد باقر السيستاني.