بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ..
ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام قوله (اغتنموا الفرص فإنها تمر مرَّ السحاب) ..
الله جلّ وعلاً الرحيم بنا والرءوف بحالنا لم يتركنا وأنفسنا الأمارة بالسوء في أوحال الرذيلة منغمسون ولا في طريق الشيطان تاهئون ولا في المعاصي غارقون ، ولا عن طريق الحق غافلون بل وضع لنا في هذه الحياة ما يقوم نفوسنا لنعود بها لجادة الحق وطريق الرشاد ..
جعل لنا رب العباد أماكن وأزمنة بها وفيها نعود إليه بالتوبة والإنابة وتعهد لنا بأن لا يردنا فيها خائبين وإن كنا في أوحال المعاصي غارقين ..
شهر رمضان واحدُ من الأزمنة التي نرجع فيها بالإنابة والتوبة إلى الله عما اغترفته أيدنا من معاصي أكهلت ظهورنا بالذنوب العظام ، أنزل فيه مائدة البركة والرحمة وزينها بالمغفرة والرضا وختمها بالأعياد والأفراح ..
ثلاثون يوما ملأها المعبود الكريم بزاد التقوى وأمرنا أن نفرغها بالصيام والقيام والعمل الصالح المقوم للنفس والمطيب للقلب والرافع للروح لتطير محلقة مسرورة فرحة مع الملائكة في ملكوت الله ..
في شهر رمضان ليلة القدر والتي هي خير من ألف شهر تتنزل فيها الملائكة بالرحمة والمغفرة والسلام مذ ساعتها الأولى وإلى آخر ساعة فيها ..
أي فرصة هي أعظم من هذه الفرصة التي مُلئت بأجواء العبادة وطيب العمل وزُينت بمرضاة الله ..
سعيدٌ من جد في هذا الشهر واجتهد وجاهد النفس بالصبر على الطاعة وروضها على ما يصلحها بغسل من أردان الذنوب التي رانت على القلب ليطيب نفساً برضوان مقيم ونعيم أبدي في جنة الله ، وتعيس من غفل ونام ولم يغتنم هذه الفرصة ذات المساحة الزمانية الواسعة في تقويم النفس وتهذيبها وظل غارقاً في أوحال الرذيلة المهلكة والمنتهية بجحيم النار ..
مسك الختام هذه القصة الرائعة بما تحوي من عظة وعبرة لمن أراد أن يعتبر ..
تاه ملكٌُ وحاشيته في الصحراء ، كان الجو حاراً والماء الذي لديهم قد نفد ، أصيب الملك وحاشيته بإحباط وشعروا باليأس حينما أخذ منهم الظمأ مأخذه وتيقنوا بالهلاك ، بينما هم كذلك وإذا يروا كوخاً من بعيد أجتهدوا في الوصول إليه مرعون قبل أن يسبقهم إليه الموت ، لما وصلوا طرقوا الباب خرج لهم رجل ، لما رأى ماهم فيه من سوء حال أسرع بالماء ، سقاهم وأروى عطشهم ، لما استعادوا نشاطهم قال الملك للرجل أنت أنقذت حياتنا ولنا أن نكافؤك فاطلب ما تريد تجده عندك ، قال الرجل: أنت كريم ياجلالة الملك وما تجود به نفسك سيفرحني حتماً وسيغنيني بعد فقر طال ضاق به الحال ، قال الملك إذاً ائتي معنا وسنكافؤك شكراً منا على إنقاذك لنا من الموت ..
وصل الملك إلى مملكته عند الفجر ، قال للرجل سأفتح لك خزانة الذهب منذ اللحظة وإلى أن يحين الظهر ، لك أن تأخذ ما يحلو لك في خلال هذه المدة ، فرح الرجل وقال: إذا سأصير من أغنى الأغنياء ، ذهب مع أحد الحراس لخزانة الذهب وفي الطريق رأى مائدة قد مُلئت بأطيب وألذ الطعام ، قال للحارس أيمكن لي أن آكل من هذه المائدة وبعدها نذهب سوية لخزانة الذهب فالوقت لا زال باكراً وباقي على إغلاق الخزانة 7 ساعات ، قال الحارس تفضل ، جلس الرجل على المائدة وملأ بطنه بألوان الطعام ، لما انتهى رأى نفسه مثقلاً فقال للحارس سأنام قليلاً وبعدها أذهب معك لأخذ المكافأة كما وعد الملك ، نام طويلاً وحينما صحا رأى أن الوقت صار عصراً فصفق كفيه على ما أضاع من فرصة ثمينة كادت أن تغير حاله لأحسن حال ، وذلك بسبب الغفلة والنوم ..
تعليق