بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لايخفى على الجميع ان شهر رمضان المبارك شهر قد دعى الله تبارك وتعالى به جميع الصائمون الى ضيافته وكرمه وبما ان هذه الضيافة من الله تبارك وتعالى فهل نتستطيع أن تتخيل من أعماق تفكيرنا ماهي حقيقتها ؟
ولو افترضنا ان ملك من ملوك الدنيا او رئيس دعانا الى قصره ، وقد ملأ ساحات قصره بأصناف الكنوز والتحف النفيسة ، والمجوهرات الثمينة ، وقد قال لك يحق لك اخذ هذه النفائس متى ماتريد منها دون حرج…
فياترى .. كيف ستقضي ساعات وفادتك ، خصوصا اذا علمت انها محدودة بزمن قصير .
1_هناك وفد .. دخل القصر وانشغل بتوافه الامور ، والأحاديث التي لاطائل منها ، حتى انصرمت ساعة الضيافة ، وانصرف مغبون الحظ لم يستثمر فرصة عمره .
2_وهناك وفد ثان ..من أول خطوة في القصر ، انشغل بمشاهدة اللوحات النفيسة ، والمجوهرات الثمينة ، واختار أثمنها ، وقام حراس القصر بحمل جوائزهم ، وإيصالها لمنازلهم ، وقد قرت عيونهم كثيرا ..لأنها بداية حياة جديدة لهم ، سينعمون برخاء ورفاه لم يحلموا به ابدا .
3_ وأما الوفد الثالث .. فقد دخلوا بخطوات تسودها السكينة والخضوع ، قد طأطؤا رؤسهم ، ولم تبدوا منهم التفاتة واحدة نحو تلكم الكنوز الرائعة واللآلئ المثيرة ، بل كان اتجاهم نحو ملك القصر ، غير مبالين بمشاهدة الحراس وتكاثرهم ، ولا بالحشود وتوافدهم ، قد تتابعت خطاهم نحو كرسي الملك ، حتى اذا اقتربوا من عرشه ، أخذت لوعة محبته بمجامع قلوبهم ، فانحنوا بظهورهم أمام حاكميته ، وأعلنوا فقرهم أمام سعة ملكه .
فعندما شاهد الملك شدة أدبهم بمحضره ، وغاية رغبتهم في القرب منه ، خاطبهم خطابا خاصا ، لم يخاطب به بقية الوفود ، فقال لهم .. تخيروا من كنوز القصر ماشئتم ، بل واختاروا من الأميرات المدللات مااشتهيتم .
وهنا كانت المفاجأة ، فقد أجابوا ..
بمحضر الملك وفي ساحة يملؤها الوزراء والحرس والجواري ، والعديد من الوفود ، والكل يترقب جوابهم ، ويغتبط بما نالوا من الكرامات التي لم يحظ بها احد من العالمين ..
نعم كان جوابهم للملك ، وبصوت ينم عن العبودية الكاملة ..
( ياحضرة الملك العظيم .. لقد جئنا الى قصرك بعدما سمعنا مؤذنك ينادي في كل مكان ، أن هلموا لنيل الجوائز من ساحة الملك الكريم ، ولكننا لم نتأثر بشئ من تلك المغريات ، ولم تجذبنا تلك الكنوز والمجوهرات .وإنما .. أتينا ياسيدي منجذبين لمشاهدة جمالك ، والتشرف بمحضرك ، أتينا ياسيدي لنحمل كنوز النظر إليك ، ومجوهرات التلذذ بالحديث معك ، فأنت اللوحات الثمينة ، وانت الكنوز النفيسة . ( وأنت غاية مطلوبي ومناي في منقلبي ومثواي )
نرجوك ياسيدنا ...نحن نريد ان نصرف الوقت المسموح لنا لهذه الوفادة بأن تسمح لأبصارنا بالاستمتاع بالنظر إليك ، وتمكننا من التشرف بالحديث معك ، فهذا منتهى رغبتنا . ( وقد ترسخت اشجار الشوق إليك في حدائق صدورنا )
عندها خيم الصمت في فناء الملك ، فلاتسمع همسا ولا ركزا ..
والكل يلحظ جواب الملك ويترقب ردة فعله
عندها وقف الملك من كرسي عرشه ، واتجه نحو هذا الوفد المهيب ، وفاجأ الحشود بأن خلع تاج الملك الذي على رأسه ، ووضعه امام هذا الوفد .. قائلا ...
( لم أر في البلاد والاوطان مثلكم في نفاسة الأدب بمحضري ، وشدة الشوق لمجلسي ، فقد أخذتم بإخلاصكم كل جوانب قلبي ، وصرتم مدعاة لسروري وافتخاري ..
أشهدوا ياوزرائي وحراس قصري وكل من حضر مجلسي ..
أني قد وهبتهم أعلى وسام في مملكتي ، وجعلتهم المقربين في مجلسي ، بل ..وأكثر من ذلك ..
سأجعلكم من المقربين معي في قصري ، اشرككم في أمري ، وأستشيركم في حكمي ، وأستأنس معكم في خلواتي وسمري .)
عندها… طابت خواطر هذا الوفد ، وتيقنوا بحصولهم على مبتغاهم ، من شرف القربى من مليكهم ، والاستمتاع بخدمته .
أخيرا يا اخوتي …
نحن في شهر الضيافة الرمضانية مع الله تعالى ، تماما مثل هذه الوفود الثلاثة .
فالوفد الاول… من ضيع الشهر في اشباع الشهوات والغفلات .
والوفد الثاني من أكثر جمع الكنوز ، بكثرة العبادة والتلاوة ، ولكنه لم توصله كثرة عبادته وبقية اعماله العبادية لملاقاة مولاه ، والتلذذ بمشاهدته القلبية .
واما الوفد الثالث .. فهو من استثمر كل دقيقة في ساحة الضيافة الرمضانية ، لتكوين علاقة شفافة وواضحة ، يستشعرها من خلال حديث روحه مع نافخها أثناء الصلاة وتلاوة القرآن ، ويستشعر الأنس واللذة بالمناجاة ، فكانت هي لذة النظر لجمال الله والانشغال بها عن كل كنوز ومجوهرات . وهي غاية آمال العارفين .
فلننظر أحبتي… مع أي وفد نريد أن نضع أنفسنا .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لايخفى على الجميع ان شهر رمضان المبارك شهر قد دعى الله تبارك وتعالى به جميع الصائمون الى ضيافته وكرمه وبما ان هذه الضيافة من الله تبارك وتعالى فهل نتستطيع أن تتخيل من أعماق تفكيرنا ماهي حقيقتها ؟
ولو افترضنا ان ملك من ملوك الدنيا او رئيس دعانا الى قصره ، وقد ملأ ساحات قصره بأصناف الكنوز والتحف النفيسة ، والمجوهرات الثمينة ، وقد قال لك يحق لك اخذ هذه النفائس متى ماتريد منها دون حرج…
فياترى .. كيف ستقضي ساعات وفادتك ، خصوصا اذا علمت انها محدودة بزمن قصير .
1_هناك وفد .. دخل القصر وانشغل بتوافه الامور ، والأحاديث التي لاطائل منها ، حتى انصرمت ساعة الضيافة ، وانصرف مغبون الحظ لم يستثمر فرصة عمره .
2_وهناك وفد ثان ..من أول خطوة في القصر ، انشغل بمشاهدة اللوحات النفيسة ، والمجوهرات الثمينة ، واختار أثمنها ، وقام حراس القصر بحمل جوائزهم ، وإيصالها لمنازلهم ، وقد قرت عيونهم كثيرا ..لأنها بداية حياة جديدة لهم ، سينعمون برخاء ورفاه لم يحلموا به ابدا .
3_ وأما الوفد الثالث .. فقد دخلوا بخطوات تسودها السكينة والخضوع ، قد طأطؤا رؤسهم ، ولم تبدوا منهم التفاتة واحدة نحو تلكم الكنوز الرائعة واللآلئ المثيرة ، بل كان اتجاهم نحو ملك القصر ، غير مبالين بمشاهدة الحراس وتكاثرهم ، ولا بالحشود وتوافدهم ، قد تتابعت خطاهم نحو كرسي الملك ، حتى اذا اقتربوا من عرشه ، أخذت لوعة محبته بمجامع قلوبهم ، فانحنوا بظهورهم أمام حاكميته ، وأعلنوا فقرهم أمام سعة ملكه .
فعندما شاهد الملك شدة أدبهم بمحضره ، وغاية رغبتهم في القرب منه ، خاطبهم خطابا خاصا ، لم يخاطب به بقية الوفود ، فقال لهم .. تخيروا من كنوز القصر ماشئتم ، بل واختاروا من الأميرات المدللات مااشتهيتم .
وهنا كانت المفاجأة ، فقد أجابوا ..
بمحضر الملك وفي ساحة يملؤها الوزراء والحرس والجواري ، والعديد من الوفود ، والكل يترقب جوابهم ، ويغتبط بما نالوا من الكرامات التي لم يحظ بها احد من العالمين ..
نعم كان جوابهم للملك ، وبصوت ينم عن العبودية الكاملة ..
( ياحضرة الملك العظيم .. لقد جئنا الى قصرك بعدما سمعنا مؤذنك ينادي في كل مكان ، أن هلموا لنيل الجوائز من ساحة الملك الكريم ، ولكننا لم نتأثر بشئ من تلك المغريات ، ولم تجذبنا تلك الكنوز والمجوهرات .وإنما .. أتينا ياسيدي منجذبين لمشاهدة جمالك ، والتشرف بمحضرك ، أتينا ياسيدي لنحمل كنوز النظر إليك ، ومجوهرات التلذذ بالحديث معك ، فأنت اللوحات الثمينة ، وانت الكنوز النفيسة . ( وأنت غاية مطلوبي ومناي في منقلبي ومثواي )
نرجوك ياسيدنا ...نحن نريد ان نصرف الوقت المسموح لنا لهذه الوفادة بأن تسمح لأبصارنا بالاستمتاع بالنظر إليك ، وتمكننا من التشرف بالحديث معك ، فهذا منتهى رغبتنا . ( وقد ترسخت اشجار الشوق إليك في حدائق صدورنا )
عندها خيم الصمت في فناء الملك ، فلاتسمع همسا ولا ركزا ..
والكل يلحظ جواب الملك ويترقب ردة فعله
عندها وقف الملك من كرسي عرشه ، واتجه نحو هذا الوفد المهيب ، وفاجأ الحشود بأن خلع تاج الملك الذي على رأسه ، ووضعه امام هذا الوفد .. قائلا ...
( لم أر في البلاد والاوطان مثلكم في نفاسة الأدب بمحضري ، وشدة الشوق لمجلسي ، فقد أخذتم بإخلاصكم كل جوانب قلبي ، وصرتم مدعاة لسروري وافتخاري ..
أشهدوا ياوزرائي وحراس قصري وكل من حضر مجلسي ..
أني قد وهبتهم أعلى وسام في مملكتي ، وجعلتهم المقربين في مجلسي ، بل ..وأكثر من ذلك ..
سأجعلكم من المقربين معي في قصري ، اشرككم في أمري ، وأستشيركم في حكمي ، وأستأنس معكم في خلواتي وسمري .)
عندها… طابت خواطر هذا الوفد ، وتيقنوا بحصولهم على مبتغاهم ، من شرف القربى من مليكهم ، والاستمتاع بخدمته .
أخيرا يا اخوتي …
نحن في شهر الضيافة الرمضانية مع الله تعالى ، تماما مثل هذه الوفود الثلاثة .
فالوفد الاول… من ضيع الشهر في اشباع الشهوات والغفلات .
والوفد الثاني من أكثر جمع الكنوز ، بكثرة العبادة والتلاوة ، ولكنه لم توصله كثرة عبادته وبقية اعماله العبادية لملاقاة مولاه ، والتلذذ بمشاهدته القلبية .
واما الوفد الثالث .. فهو من استثمر كل دقيقة في ساحة الضيافة الرمضانية ، لتكوين علاقة شفافة وواضحة ، يستشعرها من خلال حديث روحه مع نافخها أثناء الصلاة وتلاوة القرآن ، ويستشعر الأنس واللذة بالمناجاة ، فكانت هي لذة النظر لجمال الله والانشغال بها عن كل كنوز ومجوهرات . وهي غاية آمال العارفين .
فلننظر أحبتي… مع أي وفد نريد أن نضع أنفسنا .
تعليق