«أبي.. سَأَسْأَلُكَ سؤالاً.. أَجِبْني عَنْهُ بِصَراحَة».
ــــ «تَفَضَّلي»..
ــــ «أَبي، مَنْ تُحِبُّ أَكثَر.. نوف.. أو نورا.. أو أنا؟».
ضَحِكَتِ الْأُمُّ وَهِيَ تَسْمَعُ كَلامَ شَهْد.. والْأَبُ لا يَدري مَا يَقولُ..
قَالتِ الْأُمُّ: «ما هذا السُّؤالُ يا شهدُ؟!».
قَالتْ شَهْدٌ بِدَلالٍ: «أَنا الصُّغْرى.. هذا يَعني أَنّ الْحُبَّ كُلَّهُ لي..».
قَاطَعَتْهَا نوف: «يا لَكِ مِنْ مَغْرورة... أنا أَجْمَلُ مِنْكِ.. هذا يَعْني أَنَّ الْحُبَّ كُلَّهُ لِي... أنا وَحْدِي..».
نورا ــــ الكُبْرى ــــ لَمْ تَتَكَلَّمْ.
ضَحِكَ الْأَبُ.. ضَحِكَتِ الْأُمُّ..
قَالَ الْأَبُ: «مَا بِكُنَّ اليوم؟! أَنْتُنَّ جَميعاً فِي الْحُبِّ سَواءٌ».
حَزِنَتْ شَهدٌ.. غَضِبَتْ نوف..
نورا ظَلَّتْ صَامِتَةً لا تَتَكَلَّمُ..
تَلَفَّتَ الْأَبُ وَقَالَ: «وَأَنْتِ يا نورا.. أَلَيْسَ عِنْدَكِ سُؤَالٌ؟!».
قَالَتْ: «أنا الكبرى.. كنتُ الْحُبَّ الْأَوَّلُ.. خَسِرْتُ جُزءاً مِنْهُ يَوْمَ وُلِدَتْ نوف.. خَسِرْتُ جُزءاً آخَرَ يَوْمَ وُلِدتْ شهد.. لَم يَتَبَقَّ لي مِنَ الْحُبِّ إلا الْقَلِيلُ».
ضَمَّتِ الْأُمُّ ابْنَتَهَا نورا بِحنانٍ... قَالَتْ: «لا يا نورا يا حبيبتي.. أنتِ غَالِيةٌ عَلَيْنا مِثلُ أُخْتيكِ»..
لَم تَتَكَلَّمْ نوف..
نَظَرَتْ شَهدٌ بِحُزْنٍ..
قَالَ الْأَبُ: «ما رَأَيَكُنَّ لو نَلْعَبُ لُعْبَةً جَديدةً..
مَاذا سَنُسَمِّيهَا؟!
مَاذا سَنُسَمِّيهَا؟!
لِنُسَمِّيهَا لُعْبَةَ الْحُبِّ..
نَعَمْ... لُعْبَةُ الْحُبِّ».
قَالَتْ نُورا: «لُعْبَةُ الْحُبِّ؟! مَا سَمِعْنَا بِهذِهِ اللُّعْبَةِ مِنْ قَبْلُ!»..
الْأُمُّ: «مَا قَصْدُكَ يَا أَبا نُورا؟!».
الْأَبُ: «لِنَجْلِسْ مَعاً عَلى شَكْلِ دَائِرَةٍ.. وَلْيُحْضِرْ كُلٌّ مِنَّا وَرَقَةً وَقَلَمَا».
قَالَ الْأَبُ بَعْدَمَا أَحْضَرُوا الْأَورَاقَ وَالْأَقْلامَ وَجَلَسُوا عَلى الْأَرْضِ:
«سَأَسْأَلُكُنَّ مَجْمُوعةً مِنَ الْأَسْئِلَةِ...
اكْتُبْنَ الْجوابَ الّذِي تَعْتَقِدْنَ أَنَّهُ الجوابُ الصَّحيحُ...
السُّؤالُ الأوَّل:
لو مَرِضَ أَحَدُنَا.. هَلْ يُصْبِحُ مَحَلَّ اهْتِمَامِنَا وَحُبِّنا أَكْثَرَ مِنَ الآخَرِينَ.. أَمْ تَظَلُّ الْأُمُور عَادِيةً؟
السُّؤال الثَّانِي:
لَو سَافَر أَحَدُنَا.. هَلْ يُصْبِحُ مِحْوَرَ تَفْكِيرِنَا وَحُبِّنَا.. أَمْ تَظَلُّ الْأُمورُ عَادِيةً؟
السُّؤَالُ الثَّالِثُ:
لَو تَأَخَّرَ أَحَدُنَا خَارِجَ الْبَيْتَ، هَلْ نَقْلَقُ عَلَيْهِ وَنَبْحَثُ عَنْهُ وَيَجْذِبُ كُلَّ طَاقَاتِنَا.. أَمْ تَظَلُّ الأمورُ عَادِيَّةً؟
السُّؤَالُ الرَّابعُ:
لَوْ تَعَرَّضَ أَحَدُنَا لِحَادِثٍ أَلاَ نُصابُ جميعاً بالْحُزْنِ وَنُفَكِّرُ بِهِ أَمْ أَنَّ الْأُمُورُ تَظَلُّ عَادِيَّةً؟..».
وَرَاحَ الْأَبُ يَذْكُرُ الأَسْئِلَةَ حَتَّى بَلَغَتْ عَشْرَةَ أَسْئِلَةٍ.. ثُمَّ قالَ: «لِنَضَعَ الْأَوْرَاقَ عَلَى الْأَرْضِ؛ نُقَارِنُ مَا بَيْنَ الأَجْوِبَةِ»..
قَالَ الْأَبُ مُعْلِناً النَّتِيجَةَ: «جَمِيعُ الْأَجْوِبَةُ مُتَشَابِهَةً»..
ــــ «نُحِبُّ الْمَرِيضَ وَنَرْعَاهُ»..
ــــ «نُحِبُّ الْمُسَافِرَ وَنُفَكِّرُ بِهِ»..
ــــ «نَقْلَقُ عَلَى الْغَائِبِ»..
ــــ «نَحْزَنُ عَلَى الْمُصَابِ»..
ــــ «نُحِبُّ الْمُطِيعَ.. وَنَفْخَرُ بِهِ»..
ــــ «نُحِبُّ الْمُصَلِّيْ وَنَدْعُوْ لَهُ»..
إِلَى آخِرِ الإِجَابَاتِ.
قَالَتْ الْأُمُّ بِفَرَحٍ: «الحُبُّ يَجْمَعُنَا... عِنْدَمَا يَحْتَاجُ أَحَدُنَا إلَى رِعَايَةٍ خَاصَةٍ يُصْبِحُ مَحَلَّ الرِّعَايَةِ والْإِهْتِمَامِ وَالحُبِّ»..
قالتْ شَهْدُ: «لُعْبَةٌ رَائِعَةٌ.. أَشْعُرُ الآنَ بِمَعْنَى كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الحُبِّ الَّذِي جَاءَ في أَسْئِلَتِكَ يَا أَبِي»..
نوف: «الْحُبُّ شَيْءٌ عَظِيْمٌ يا شَهْدُ»..
نورا: «أُرِيْدُ أَنْ أَقُولَ لَكَ شَيْئاً يا أبي... عِدْنِي ألاَّ تَحْزَنَ مِنِّي»..
الْأَبُ: «أَعِدُكِ»..
نورا: «في الحَقيقةِ... إِنِّي أُحِبُّ أُمِّي أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ شَخْصٍ في الوُجُودِ»..
الْأَبُ: «هذا شيءٌ يُفْرِحُنِي.. أَوْصَانا النَّبيُّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ بِذَلِكَ»..
شهد: «أَلاَ يُحْزِنُكَ هذا يا أبي.. أَلاَ تَشْعُرُ بِالْغِيْرَةِ؟!»..
الْأَبُ: «لا.. أَبَداً.. أَلَمْ تَكْشِفَ لنا اللُّعْبَةُ أَنَّ لِكُلٍّ مِنَّا حُبًّا خَاصًّا للآخَرِ؟!.. وهوَ في الْنِّهَايَةِ حُبٌّ يُجَمِّعُ ولا يُفَرِّق»..
قالَ الْأَبُ: «نَحْنُ جَمِيعًا نُحِبُّ بَعْضُنَا بَعْضًا.. وأَعْظَمُ الحُبِّ حُبُّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، فَمِنْ هذا الحُبِّ تَخْرُجُ التَّقْوَى والطَّاعَةُ، لِأَنَّ مَحَبَّةَ اللَّهِ تَعْنِي طَاعَتُهُ وَبَذْلُ النَّفْسِ مِنْ أَجْلِهِ والْالْتِزَامُ بِمَا يُحِبُّ والْإِبْتِعادُ عَمّا يَكْرَهُ.. أَلاَ تَرَيْنَ أَنَّكُنَّ تُضَحِّيْنَ بأَنْفُسِكُنَّ مِنْ أَجَلِ أُمِّكُنَّ مَثَلاً؟»..
قُلْنَ جَمِيعًا: «نَعَمْ بِالْتَّأْكِيدِ»..
الْأُمُّ: «اللَّهُ تَعَالى أَوْلَى بِالْمَحَبَّةِ مِنِّي.. وَبَعْدَهُ مَحَبَّةُ الرَّسُولِ .. وعِنْدَمَا يَتَحَقَّقُ هَذا الحُبُّ يَتَحَقَّقُ حُبُّ الجَنَّةِ التي نَتَمَنَّى الوُصُولَ إِلَيْها، واللَّهُ تَعَالَى يَكُونُ رَاضِياً عنَّا عِنْدَمَا نُحِبُّ بَعْضُنَا بَعْضًا..».
الْأَبُ: «إنَّ حُبَّ اللَّهِ يَمْلأُ قُلُوبَنَا رَحْمَةً وَيَجْعَلُ الحُبَّ يُسَيْطِرَ عَلَى حَيَاتِنَا كُلِّهَا.. يَنْتَشِرُ الحُبُّ بَيْنَنَا.. نُحِبُّ الْوَطَنَ.. نُحِبُّ الْبَشَرَ.. نُحِبُّ الْخَيْرَ.. نُحِبُّ الْعِلْمَ.. نُحِبُّ الأَشْيَاءَ.. نُحِبُّ الْحَيَاةَ..».
اقْتَرَبَتْ نوف... قَبَّلَتْ رَأْسَ أَبِيْها وَأُمِّهَا... قَالَتْ:
«سأُخْبِرُ صَدِيقَاتِي غَدَاً عَنْ هذِهِ الْلُّعْبَةِ، سَأَعْرِضُ عَلَى مُدَرِّسَتِي أَنْ نَلْعَبَهَا فِي الْفَصْلِ»..
ضَحِكَتْ الْأُمُّ وَقَالَتْ:
«انْظُرْ يا أبا نورا.. بَنَاتُكَ أَحْبَبْنَ هذِهِ الْلُّعْبَةُ التي اُخْتَرَعْتَها.. سأَغيْرُ مِنْكَ بَعْدَ الْيَوْمِ..».
قَالَ الْأَبُ: «لكِنَّكِ حَصَدْتِ الحُبَّ كُلَّهُ يا أُمَّ بَنَاتِي.. عَلَيَّ أنا أَنْ أَغَارَ مِنْكِ»..
ضَحِكَ الْجَمِيعُ... كَانوا سُعَدَاءَ.. سُعَدَاءَ... لِأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ مَعْنَى الْحُبِّ.
ــــ «تَفَضَّلي»..
ــــ «أَبي، مَنْ تُحِبُّ أَكثَر.. نوف.. أو نورا.. أو أنا؟».
ضَحِكَتِ الْأُمُّ وَهِيَ تَسْمَعُ كَلامَ شَهْد.. والْأَبُ لا يَدري مَا يَقولُ..
قَالتِ الْأُمُّ: «ما هذا السُّؤالُ يا شهدُ؟!».
قَالتْ شَهْدٌ بِدَلالٍ: «أَنا الصُّغْرى.. هذا يَعني أَنّ الْحُبَّ كُلَّهُ لي..».
قَاطَعَتْهَا نوف: «يا لَكِ مِنْ مَغْرورة... أنا أَجْمَلُ مِنْكِ.. هذا يَعْني أَنَّ الْحُبَّ كُلَّهُ لِي... أنا وَحْدِي..».
نورا ــــ الكُبْرى ــــ لَمْ تَتَكَلَّمْ.
ضَحِكَ الْأَبُ.. ضَحِكَتِ الْأُمُّ..
قَالَ الْأَبُ: «مَا بِكُنَّ اليوم؟! أَنْتُنَّ جَميعاً فِي الْحُبِّ سَواءٌ».
حَزِنَتْ شَهدٌ.. غَضِبَتْ نوف..
نورا ظَلَّتْ صَامِتَةً لا تَتَكَلَّمُ..
تَلَفَّتَ الْأَبُ وَقَالَ: «وَأَنْتِ يا نورا.. أَلَيْسَ عِنْدَكِ سُؤَالٌ؟!».
قَالَتْ: «أنا الكبرى.. كنتُ الْحُبَّ الْأَوَّلُ.. خَسِرْتُ جُزءاً مِنْهُ يَوْمَ وُلِدَتْ نوف.. خَسِرْتُ جُزءاً آخَرَ يَوْمَ وُلِدتْ شهد.. لَم يَتَبَقَّ لي مِنَ الْحُبِّ إلا الْقَلِيلُ».
ضَمَّتِ الْأُمُّ ابْنَتَهَا نورا بِحنانٍ... قَالَتْ: «لا يا نورا يا حبيبتي.. أنتِ غَالِيةٌ عَلَيْنا مِثلُ أُخْتيكِ»..
لَم تَتَكَلَّمْ نوف..
نَظَرَتْ شَهدٌ بِحُزْنٍ..
قَالَ الْأَبُ: «ما رَأَيَكُنَّ لو نَلْعَبُ لُعْبَةً جَديدةً..
مَاذا سَنُسَمِّيهَا؟!
مَاذا سَنُسَمِّيهَا؟!
لِنُسَمِّيهَا لُعْبَةَ الْحُبِّ..
نَعَمْ... لُعْبَةُ الْحُبِّ».
قَالَتْ نُورا: «لُعْبَةُ الْحُبِّ؟! مَا سَمِعْنَا بِهذِهِ اللُّعْبَةِ مِنْ قَبْلُ!»..
الْأُمُّ: «مَا قَصْدُكَ يَا أَبا نُورا؟!».
الْأَبُ: «لِنَجْلِسْ مَعاً عَلى شَكْلِ دَائِرَةٍ.. وَلْيُحْضِرْ كُلٌّ مِنَّا وَرَقَةً وَقَلَمَا».
قَالَ الْأَبُ بَعْدَمَا أَحْضَرُوا الْأَورَاقَ وَالْأَقْلامَ وَجَلَسُوا عَلى الْأَرْضِ:
«سَأَسْأَلُكُنَّ مَجْمُوعةً مِنَ الْأَسْئِلَةِ...
اكْتُبْنَ الْجوابَ الّذِي تَعْتَقِدْنَ أَنَّهُ الجوابُ الصَّحيحُ...
السُّؤالُ الأوَّل:
لو مَرِضَ أَحَدُنَا.. هَلْ يُصْبِحُ مَحَلَّ اهْتِمَامِنَا وَحُبِّنا أَكْثَرَ مِنَ الآخَرِينَ.. أَمْ تَظَلُّ الْأُمُور عَادِيةً؟
السُّؤال الثَّانِي:
لَو سَافَر أَحَدُنَا.. هَلْ يُصْبِحُ مِحْوَرَ تَفْكِيرِنَا وَحُبِّنَا.. أَمْ تَظَلُّ الْأُمورُ عَادِيةً؟
السُّؤَالُ الثَّالِثُ:
لَو تَأَخَّرَ أَحَدُنَا خَارِجَ الْبَيْتَ، هَلْ نَقْلَقُ عَلَيْهِ وَنَبْحَثُ عَنْهُ وَيَجْذِبُ كُلَّ طَاقَاتِنَا.. أَمْ تَظَلُّ الأمورُ عَادِيَّةً؟
السُّؤَالُ الرَّابعُ:
لَوْ تَعَرَّضَ أَحَدُنَا لِحَادِثٍ أَلاَ نُصابُ جميعاً بالْحُزْنِ وَنُفَكِّرُ بِهِ أَمْ أَنَّ الْأُمُورُ تَظَلُّ عَادِيَّةً؟..».
وَرَاحَ الْأَبُ يَذْكُرُ الأَسْئِلَةَ حَتَّى بَلَغَتْ عَشْرَةَ أَسْئِلَةٍ.. ثُمَّ قالَ: «لِنَضَعَ الْأَوْرَاقَ عَلَى الْأَرْضِ؛ نُقَارِنُ مَا بَيْنَ الأَجْوِبَةِ»..
قَالَ الْأَبُ مُعْلِناً النَّتِيجَةَ: «جَمِيعُ الْأَجْوِبَةُ مُتَشَابِهَةً»..
ــــ «نُحِبُّ الْمَرِيضَ وَنَرْعَاهُ»..
ــــ «نُحِبُّ الْمُسَافِرَ وَنُفَكِّرُ بِهِ»..
ــــ «نَقْلَقُ عَلَى الْغَائِبِ»..
ــــ «نَحْزَنُ عَلَى الْمُصَابِ»..
ــــ «نُحِبُّ الْمُطِيعَ.. وَنَفْخَرُ بِهِ»..
ــــ «نُحِبُّ الْمُصَلِّيْ وَنَدْعُوْ لَهُ»..
إِلَى آخِرِ الإِجَابَاتِ.
قَالَتْ الْأُمُّ بِفَرَحٍ: «الحُبُّ يَجْمَعُنَا... عِنْدَمَا يَحْتَاجُ أَحَدُنَا إلَى رِعَايَةٍ خَاصَةٍ يُصْبِحُ مَحَلَّ الرِّعَايَةِ والْإِهْتِمَامِ وَالحُبِّ»..
قالتْ شَهْدُ: «لُعْبَةٌ رَائِعَةٌ.. أَشْعُرُ الآنَ بِمَعْنَى كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الحُبِّ الَّذِي جَاءَ في أَسْئِلَتِكَ يَا أَبِي»..
نوف: «الْحُبُّ شَيْءٌ عَظِيْمٌ يا شَهْدُ»..
نورا: «أُرِيْدُ أَنْ أَقُولَ لَكَ شَيْئاً يا أبي... عِدْنِي ألاَّ تَحْزَنَ مِنِّي»..
الْأَبُ: «أَعِدُكِ»..
نورا: «في الحَقيقةِ... إِنِّي أُحِبُّ أُمِّي أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ شَخْصٍ في الوُجُودِ»..
الْأَبُ: «هذا شيءٌ يُفْرِحُنِي.. أَوْصَانا النَّبيُّ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ بِذَلِكَ»..
شهد: «أَلاَ يُحْزِنُكَ هذا يا أبي.. أَلاَ تَشْعُرُ بِالْغِيْرَةِ؟!»..
الْأَبُ: «لا.. أَبَداً.. أَلَمْ تَكْشِفَ لنا اللُّعْبَةُ أَنَّ لِكُلٍّ مِنَّا حُبًّا خَاصًّا للآخَرِ؟!.. وهوَ في الْنِّهَايَةِ حُبٌّ يُجَمِّعُ ولا يُفَرِّق»..
قالَ الْأَبُ: «نَحْنُ جَمِيعًا نُحِبُّ بَعْضُنَا بَعْضًا.. وأَعْظَمُ الحُبِّ حُبُّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، فَمِنْ هذا الحُبِّ تَخْرُجُ التَّقْوَى والطَّاعَةُ، لِأَنَّ مَحَبَّةَ اللَّهِ تَعْنِي طَاعَتُهُ وَبَذْلُ النَّفْسِ مِنْ أَجْلِهِ والْالْتِزَامُ بِمَا يُحِبُّ والْإِبْتِعادُ عَمّا يَكْرَهُ.. أَلاَ تَرَيْنَ أَنَّكُنَّ تُضَحِّيْنَ بأَنْفُسِكُنَّ مِنْ أَجَلِ أُمِّكُنَّ مَثَلاً؟»..
قُلْنَ جَمِيعًا: «نَعَمْ بِالْتَّأْكِيدِ»..
الْأُمُّ: «اللَّهُ تَعَالى أَوْلَى بِالْمَحَبَّةِ مِنِّي.. وَبَعْدَهُ مَحَبَّةُ الرَّسُولِ .. وعِنْدَمَا يَتَحَقَّقُ هَذا الحُبُّ يَتَحَقَّقُ حُبُّ الجَنَّةِ التي نَتَمَنَّى الوُصُولَ إِلَيْها، واللَّهُ تَعَالَى يَكُونُ رَاضِياً عنَّا عِنْدَمَا نُحِبُّ بَعْضُنَا بَعْضًا..».
الْأَبُ: «إنَّ حُبَّ اللَّهِ يَمْلأُ قُلُوبَنَا رَحْمَةً وَيَجْعَلُ الحُبَّ يُسَيْطِرَ عَلَى حَيَاتِنَا كُلِّهَا.. يَنْتَشِرُ الحُبُّ بَيْنَنَا.. نُحِبُّ الْوَطَنَ.. نُحِبُّ الْبَشَرَ.. نُحِبُّ الْخَيْرَ.. نُحِبُّ الْعِلْمَ.. نُحِبُّ الأَشْيَاءَ.. نُحِبُّ الْحَيَاةَ..».
اقْتَرَبَتْ نوف... قَبَّلَتْ رَأْسَ أَبِيْها وَأُمِّهَا... قَالَتْ:
«سأُخْبِرُ صَدِيقَاتِي غَدَاً عَنْ هذِهِ الْلُّعْبَةِ، سَأَعْرِضُ عَلَى مُدَرِّسَتِي أَنْ نَلْعَبَهَا فِي الْفَصْلِ»..
ضَحِكَتْ الْأُمُّ وَقَالَتْ:
«انْظُرْ يا أبا نورا.. بَنَاتُكَ أَحْبَبْنَ هذِهِ الْلُّعْبَةُ التي اُخْتَرَعْتَها.. سأَغيْرُ مِنْكَ بَعْدَ الْيَوْمِ..».
قَالَ الْأَبُ: «لكِنَّكِ حَصَدْتِ الحُبَّ كُلَّهُ يا أُمَّ بَنَاتِي.. عَلَيَّ أنا أَنْ أَغَارَ مِنْكِ»..
ضَحِكَ الْجَمِيعُ... كَانوا سُعَدَاءَ.. سُعَدَاءَ... لِأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ مَعْنَى الْحُبِّ.
تعليق