إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ما هو دور الاربعين بين الشعائر الدينية في احياء ذكر عاشوراء

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ما هو دور الاربعين بين الشعائر الدينية في احياء ذكر عاشوراء



    بسم الله الرحمن الرحيم
    وأنا بين الجماهير المتوجّهين إلى الحرمين الشريفين في كربلاء المقدّسة بمناسبة يوم الأربعين الشهير، سُئلتُ:
    ما هو دورُ الأربعين بين الشعائر الدينيّة، في إحياء ذكرى عاشورا؟
    وقلَّ ـ اليومَ في العالم - مَنْ لم يَسْمعْ ـ فضلاً عمّن لم يَعْرف ـ هذه الأسماء:

    كربلاء، الحرمين فيها، الشعائر الحسينية، ويوم الأربعين.
    إنّها كلّها تتعلّق بالحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) سبط رسول الله صلى الله عليه واله السبط الذي قُتل شهيداً في يوم عاشوراء سنة (61) من الهجرة، في أرض كربلاء من العراق، ويُقام كُلّ عام بمناسبة مرور أربعين يوماً على عاشوراء منذ أوّل سنتها وإلى اليوم، هذا المحفل الأكبر بهذا الاسم.
    والحَرَمان الشريفان، هما:المرقدان اللذان دفن في أحدهما مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) وجمع من الشهداء معه في يوم عاشوراء، والآخر مرقد أخيه العبّاس (عليه السلام) الذي قتل معه ذلك اليوم على شاطئ النهر.
    وأمّا عن هذا السؤال


    فإنّ الإمام الحُسين (عليه السلام) خلَّد بتضحياته أُموراً عظيمة، نذكر بالمناسبة أمرينِ خالدين في حياة الأُمّة، يقومانِ على عاتق كُتْلتين واسعتين؛ هما: المستضعفون، والثوّار المجاهدون.
    والأمران


    الأوّل: الألمُ والحزنُ لما جرى على الحسين وأهله وأصحابه من المآسي والمصائب، بكلّ عُنفٍ و وحشيّةٍ لا مثيل لها في تاريخ الإسلام، بل في تاريخ الدنيا، حتّى أبادوا كلّ من كانت له قدرة على الدفاع، فلم يبقوا منهم أحداً، فقضوا عليهم أجمع.
    والأمرالآخَر، هو: النِضال المستميت والشجاعة والبطولة والفداء، التي قدّمها الحسين ومَنْ معه، في سبيل الهدف السامي، في تلك المعركة غير المتكافِئة عُدّةً وعدداً، حيث الإمام ومن معه حوالي المائة، في مواجهة ما لا يقل عن ثلاثين ألف من الأعداء الألدّاء.
    لكنّ الحسين ومَنْ معه قاوموا بما عندهم من قُوّة، وجاهدوا مُستميتين وكانوا يتسابقون إلى «منحر الشهادة» بكلّ بَسالة و رشادة.
    فأصبحت قضيّةُ الحسين (عليه السلام) بالأمر الأوّل: عَبْرةً للمستضعفين في الدُنيا، و للمؤمنين خاصّة الّذين عرفوه إماماً، وسبط رسول الله، وسيّد شباب أهل الجنّة.
    وأصبح الحسينُ (عليه السلام) ومن معه بالأمر الثاني: عِبرةً للثوّار المجاهدين في سبيل الحرّية والعدل والإصلاح في الدنيا وعبر التاريخ، وبالأخصّ الذين اعتقدوا بالحسين قُدوةً وأُسْوة.
    والكتلتان ـ المستضعفون، والثوّارـ يُكَوّنون الأكثريّة الساحقة دائماً.
    بينما الحاكمون وأصحاب السلطة والقُدرة والإمكانات، هم ـ دائماً ـ أقليّة عَدَداً، وأن كانوا الأملك للعُدّة والمالَ.
    وعند المواجهة بين الأكثرية والأقلّيّة؛ تلجأ الأقلّيّة إلى ما يملكون لتشتيت الأكثرية وتفريقهم من أجل السيادة عليهم، ، ولو بالقوّة والقسوة وبمعونة جمع المرتزقة والمجرمين.
    والأكثرية، وإنْ كانوا عُزّلاً، لا يملكون ما يكفي من المال والسلاح، إلّا أَنّهم يملكون الأعَزّ والأقوى من ذلك، وهو الأمَل بما وعدهم الله من النصر، والاعتماد على سلاح الإرادة التي وضعها الله في فِطرتهم!
    ومهما طالَ أمدُ المستكبرين، فإنّ أجالهم في إرادة الأكثرية من الأُمّة وعزمهم، فلو أرادت الأقلية القضاء عليهم، لكان ذلك هو القَدَرالذي عَبَّر عنه الشاعر:
    إذا الشعبُ يوماً أراد الحيا
    ة فَثَمّ القضاءُ وثَمَّ القَدَر
    والمستكبرون ـ رغم تظاهرهم بالقُدْرة! ـ فهم دائماً يهابُون الناس، لكون الناس هم الأكثرية، ولهم عواطف يتفاعلون معها، ولهم إيمانٌ يندفعون به، والمستكبرون: لا عواطف، ولا إيمان.

    يدلّ على ذلك التاريخ


    فإنّ الحكّام الظلمة يعتمدون على السلاح والنار، وقوّتهم تنحصر في ذلك، لكنْ السلاح إنّما تصنعه إرادة الإنسان، وهو إلى النفاد والعطل، والنار تطفئها الماء، وهي إلى الخمود والبرود.
    أمّا العقيدة التي يتسلّحُ به الناس والإرادة التي يستندون إليها، فهي إلى الثبات والاستحكام، والعاطفة إلى الغليان والتجيُّش.
    وقد شهد التاريخ ـ أيضاً ـ أنّ السلطات الأقسى، كانت إلى السقوط أسرع، وفي الهوان أوقع.
    والثوّارُ ـ وهم من الناس المستضعفين ـ تميّزُهم ثِقافتهم ونشاطهم وتقدّمهم ودخولهم في مواجهة الأخطار، وتعرّضهم للحكّام والسلطات بما يمكنهم وما يملكون من قوّة، ويقدّمون الشهداء ـ الذين هم شموع مضيئة على طريق الانتصار.
    فهم بلاريب الجناح الآخرالذي يحقّق ما خلّده الإمام الحسين (عليه السلام) بين الأُمّة، وهم ـ بلاريب ـ أعزّة، وأدوات فاعلة في تنوير الناس، وإثارة عواطفهم، وشدّ عزائمهم، لكنّهم يواجهون أخطاراً في حركاتهم، أهمّها:
    1. أنّهم معرّضون مباشرة لقسوة الطغاة، وإحصائهم، وتشريدهم، والقضاء عليهم، بأساليب القمع والقتل، كما هو المشاهد في أكثر الحالات.
    2. أنّهم معرّضون إلى خطرالانزلاق في هُوّة اليأس والإحباط عند طول المدّة، وبُعد الانتصار، ودوام الانتظار، من جهة.
    3. وبَعدَ الانتصار ـ أيضاً ـ يواجههم خطرُ الانشغال بالدُنيا، والانعطاف إليها، والاغترار بالسلطة والمال والمقام والمنال، والانقلاب على الأعقاب.

    فقلّما أخبر التاريخ عن بقاء المنتصرين على طريقهم الأوّل، بل سرعان ما انقلب أكثرهم وارتدوا حتّى على الأهداف التي رسموها، وناضلوا من أجلها.
    وهذا الأكثر يقف في وجه الأقل ذلك، إذا أراد الأقلُّ البقاء على السيرة الأُولى، فتبدأ الخلافات، وتدبّ الانشقاقات بين «الثوّار».
    وإذا بقي المقاومون ـ الأقل ـ وحدهم، استهدفهم الأعداء، والمنافقون، وبقيّة السلطة السابقة، وأفنوهم بالاغتيالات، والاتّهامات التي أشدّ من الموت. وحتّى الأكثرمن الثوّار يُحاولون إزاحة الأقل، لأنّهم يعدّونهم ـ حجرعثرة ـ أمام طموحاتهم وأُمنياتهم ورغباتهم وشهواتهم، فالأكثر اليوم سلطة جديدة بل بلغوا درجة السلطة القديمة، لكنّهم يحملون شعار الجهاد والشعب والدين! و اسم الحسين! ويعتبرون أنفسهم الولاة على المستضعفين!
    يحتجون بأنّهم جاهدوا، وعملوا، وناضلوا ونالوا العذاب والسجون والإبعاد، وها هم بلغوا مُناهم بالانتصار، فلهم ان يستفيدوا من نتائج نضالهم المرير العسير.
    لكنّهم نسوا كلّ الأهداف الكبيرة التي حدّدوها، ونسوا المستضعفين الذي تحرّكوا باسمهم، واعتمدوا عليهم بل على أكتافهم وأعدادهم تسلّقوا وصعدوا.
    وإذا فشِلت كتلة الثوّار من تحقيق الهدف الأسمى الذي خلّده، وقتل من أجله من قتل من الأنبياء والمرسلين، والأئمّة، والعلماء والشهداء فالثقل يقع على المستضعفين لوحدهم، وهم الّذين يعتمدون على العقيدة والإيمان، فلا عُدّة لهم ولا مال سواهما غيرالعاطفة كما قلنا: وهي لا يخمد نارها، ولا يبرد أوارها ولا يقلّ أصحابها، وهم القانعون بما يملكون من دون طمع في الدنيا ولا سلطانها فالحسين في وجدانهم حُرْقة لا تبرد، وحرارة لا تُطفأ، وحياة لا تعرف الموت، يعيش في ضمائرهم، فيبكونه أبداً، ما دامت في عُيونهم دمعة، وسيرة الحسين في طريقهم شمعة.
    ويبذلون في حقّه الدماء، ما دامت في عُروقهم قطرة، وفي أجسامهم قوّة.
    إعلاناً منهم بأنّهم يقدّمون أرواحهم فداءً للحسين وأهدافه، ويعملون ما عندهم من جهود في سبيل استمرار ذكره وفكره وانتشار علومه ومعارفه.
    وها هم يتّجهون إلى الحرمين وبينهما، ويُهرولون حفاةً، ليدلّلوا على الاستعداد لكلّ شيء أن يفعلوهُ في سبيل الحسين ونهضته المقدّسة.

    السَّلامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ ، وَمَسَاكِنِ بَرَكَةِ اللهِ ، وَمَعَادِنِ حِكْمَةِ اللهِ ، وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ ، وَحَمَلَةِ كِتَابِ اللهِ ، وَأَوْصِيَاءِ نَبِيِّ اللهِ ، وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ .
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X