سيماء العابدين
ورد في نهج البلاغة الكثير من المطالب التي تشير الى أهل السلوك والعبادة ومنها :
1- عالم العبادة :
إن مفهوم عالم العبادة كما ذكر في نهج البلاغة هو عالم من نوع آخر ، فهو مفعم باللّذة ن هذه اللّذة التي لا يمكن مقارنتها مع لّذة الدنيا أبداً لنواحٍ عدّة ، فعالم العبادة مليء بالتحرك والنشاط والسفر والتجوال ، بيد ان هذا السفر أو التجوال لا ينتهي الى أرضٍ معينة بل يقود الى (عالم الغيب) وعالم العبادة لا يعرف الليل والنهار بل إن النور يكتنف جوانبه كلّها فهو دائم النور إنه عالم من خال من الظلمة والحزن عالم مليء بالصفاء والصدق والإخلاص .
وقد ورد عن أمير المؤمنين (طوبى لنفس أدّت لربّها فرضها ، وعركت بجنبها بؤسها ، وهجرت في الليل غمضها ، حتى إذا غلب الكرى عليها افترشت ارضها ، وتوسّدت كفّها ، في معشر سهر عيونهم خوف معادهم ، وتجافت عن مضاجعهم جنوبهم ، وهمهمت بذكر ربّهم شفاههم وتقشّعت بطول استغفارهم ذنوبهم ، أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون ) (1) .
2- إحياء الليل :
لقد أوعز الباري تعالى في كتابه الى المؤمنين أن يُحيوا شطراً من الليل بقراءة القرآن وتلاوة آياته وهم يعيشون في خضم توجههم الى الله أثناء صلاتهم ، ففي خطابه للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) يقول تعالى : {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل : 1 - 4] .
3- المكاسب القلبية :
ورد في نهج البلاغة :
(قد أحيى عقله وأمات نفسه ، حتى دقّ جليله ، ولطف غليظه ، وبرق لامعٌ كثير البرق ، فأبان له الطريق ، وسلك به السبيل ، وتدافعته الأبواب الى باب السلامة ، وثبتت رجلاه بطمأنينة بدنه في قرار الأمن والراحة بما استعمل قلبه وأرضى ربّه) (2) .
يدور الحديث هنا عن حياة العقل وعن مجاهدة النفس وكبح جماحها وترويض البدن والروح ، والبرق الذي يلمع في القلب هو من أثر عملية الجهاد ضد نفسه .
__________________
1- نهج البلاغة : الخطبة : 45 .
2- نهج البلاغة : الخطبة : 220 .
تعليق