إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

زيادة الكاف في قوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾؟

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • زيادة الكاف في قوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾؟



    بسم الله الرحمن الرحيم


    اللهمَّ صلِّ على محمدٍ وآل محمد

    المسألة:
    ما المقصود عند النحاة والمفسِّرين من قولهم: الكاف زائدة عند تفسير كاف: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾؟


    الجواب:

    معنى زيادة الكاف في الآية:
    ليس المراد من الزيادة أنَّه لا معنى لها ولا فائدة من إيرادها بل المراد من الزيادة هنا هو أنَّ المعنى الجوهري للجملة يتمُّ بدونها، فالمعنى لقوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾(1) يتمُّ حتى مع حذف حرف الكاف، فمعنى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ هو أنَّه ليس مثله شيء، فالمعنى الذي سِيقت الآية لإفادته قد تمَّ رغم الاستغناء عن حرف الكاف، ولذلك تُوصف الكاف بالزائدة. تماماً كما هو الشأن في مثل قوله تعالى: ﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ﴾(2) أي وهزِّي إليك جذعَ النخلة، فالباءُ زائدة يتمُّ المعنى بدونها، وكذلك قوله تعالى: ﴿تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾(3) أي تُلقون إليهم المودَّةَ، فالباءُ زائدة يتمُّ المعنى بدونها وإنَّما جِيء بها لنكتةٍ بلاغيَّة وهي التأكيد في مثل المقام، فلو استُغني عن الباء لتمَّ المعنى ولكن تفوت بالاستغناء عنها النكتة البلاغيَّة.

    والأمرُ كذلك في قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ فإنَّ الكاف وإنْ كانت زائدة بمعنى أنَّ المدلول الذي سيقت له الآيةُ لبيانه يتحقَّق حتى مع الاستغناء عنها إلا أنَّها تُضفي على مدلول الآية نكتةً بلاغيَّة وهي التوكيد والمبالغة، هذه النكتة تفوت بالاستغناء عن الكاف.

    فالكافُ من أدوات التشبيه وكلمة مثل من أدوات التشبيه، والعرب حين تريد المبالغة في التشبيه فإنَّها تأتي بأداتين من أدواته، فيُقال: "ككما" و"كمثل" كما في قوله تعالى: ﴿فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ﴾(4) وقوله تعالى: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ﴾(5) وقوله تعالى: ﴿مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ﴾(6).

    ليس كمثله يعني ليس كذاته شيء:
    ثم إنَّ معنى قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ هو أنَّه ليس كذاته شيء أو ليس كهو شيء أو ليس كاللَّهِ شيء، فالمقصود من المثل هو الذات فإنَّ العرب -كما قيل- تُقيمُ المثل مقام النفس والذات أو قل إنَّ المقصود من المِثل هو الكناية عن الذات وهو استعمالٌ متعارَف، يُقال مثلُك لا يجبُن، أي أنت لا تجبُن، "ومثلي لا يُبايع مثله" أي أنا لا أُبايعُه أو شخصي لا يُبايع شخصَه ومن ذلك قوله تعالى: ﴿فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا﴾(7) أي آمنوا بعين ما آمنتم به فقد اهتدوا. ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ﴾(8) أي إنَّ مثل عيسى كآدمَ ذاتِه.
    المِثل استُعملت للكناية عن الذات:
    وإنَّما قلنا إنَّ كلمة المثل استُعملت للكناية عن الذات لأنَّ كلمة المِثْل ليست هي المقصودة بل المقصود هو لازمها، فحينما ننفي الجُبن عن مثل زيد فالمقصود من ذلك هو نفي الجُبن عن زيدٍ ذاتِه، وذلك لأنَّه إذا كان الجُبن منفيَّاً عن مثل زيد لأنَّه مثلُ زيد فهو منفيٌّ عن زيد بالملازمة والأولويَّة، وهكذا حينما ننفي الشبيه عن مثل الله تعالى فإنَّ المقصود هو نفي الشبيه عن الله تعالى نفسِه، فإذا كان مثل الله -المفترض محالاً- ليس له شبيه لأنَّه مثل الله فإنَّ مقتضى ذلك هو أنَّه ليس لله تعالى شبيه بالأولويَّة.
    وليس المقصود من الآية إثبات أنَّ لله مثلاً -تعالى الله عن ذلك- بل المقصود هو الكناية، والتي تعني إرادة اللازم دون الملزوم، فحينما يُقال زيدٌ كثيرُ الرماد فإنَّه لا يُقصد من ذلك الإخبار عن أنَّ في بيته رماداً كثيراً بل المقصود هو الإخبار عن كرمه، فلأنَّ المألوف هو أنَّ الكريم يطبخ الطعام كثيراً فيجتمع لذلك رمادٌ كثير في بيته لذلك نشأت ملازمة بين كثرة الرماد والكرم فصارت العرب تُكنِّي عن الكرم بكثرة الرماد فتصفُ الكريم بأنَّه كثيرُ الرماد حتى لو لم يكن في بيته رمادٌ أصلاً ولم يكن يطبخ الطعام بل كان يُكرِمُ الناس بأمواله وعطاياه، ولهذا لا يكون الإخبار عن زيدٍ أنَّه كثيرُ الرماد دالاً عن أنَّ في بيته رماداً لأنَّ المتكلِّم لا يقصد من وصفه أنَّه كثيرُ الرماد أنَّ في بيته رماداً بل يُقصَد من ذلك أنَّه كريم.

    كذلك هو معنى قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ فإنَّ ذلك لا يعني إثبات أنَّ لله تعالى مثْلاً بل المقصود هو الكناية عن أنَّه ليس لذاته شبيه فكأنَّها أرادات القول إنَّه إذا لم يكن لمثل الله -المفترض محالاً- شبيهٌ لم يكن لله تعالى شبيهٌ بالأولويَّة، فالآية توصًّلت للإخبار عن نفي الشبيه عن ذات الله تعالى بالكناية وهو أسلوبٌ -كما ذكرنا- متعارَف في كلام العرب.

    والحمد لله ربِّ العالمين
    الشيخ محمد صنقور
    1- سورة الشورى / 11.

    2- سورة مريم / 25.

    3- سورة الممتحنة / 1.

    4- سورة البقرة / 264.

    5- سورة آل عمران / 59.

    6- سورة آل عمران / 117.

    7- سورة البقرة / 137.

    8- سورة آل عمران / 59.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X