لم يأتِ في العالم مظلوم مثل أمير المؤمنين (ع) ولن يأتي. ومظلوميته (ع) أكبر من مظلومية الإمام الحسين (ع)، وأكبر من مظلومية الزهراء (ع) بالرغم من عظيم ما وقع عليهما من الظلم.
عاش علي (ع) بعد النبي الأكرم (ص) ثلاثين عاماً، خمسة وعشرون عاماً منها كان جليس البيت ولكنه أنجز أعمالاً كثيرة أهمها إشرافه الكامل على الإسلام، إلى حد أن الزمخشري يقول في كتابه: لقد استجد ثلاثة وسبعون مورداً حساساً لو لم يكن علي موجوداً فيها لفنى الإسلام. وقال عمر في ثلاثة وسبعين موضعاً: "لولا علي لهلك عمر" أي أن الإسلام كان قد وقع في خطر شديد. كما أنه (ع) استطاع في تلك المدة إحياء وإعمار (26) مزرعة وأوقفها على الضعفاء والمحتاجين.
وعلي بأعماله يقول لنا إن كنتم شيعة حقيقة فيجب ان تكونوا بالحالة اللائقة وتفكروا بالضعفاء والفقراء وأن تفكروا بالثغرات الموجودة سواء في الأفراد أو المجتمع.
لقد كانت هذه المدة صعبة على علي (ع) إذ يقول: صبرت خمسة وعشرين عامأً وفي الحلق شجى وفي العين قذى.
وعندما فرضوا الخلافة بإصرار شديد قال لهم: لا يمكن عمل شيء، لأن الطريق قد صار معوجاً إلى حد لا يمكن إصلاحه. ولكنه أخيراً حُمِّل الخلافة.
وقال: أكون خليفة لكم ولكن بشرط أن أسير فيكم بكتاب الله وسنة نبيه فقبل الجميع شرطه. ولكن لم تمضِ شهران حتى شهر السيف مجموعة من الطالبين للزعامة والمشعوذين وعبدة المال، حفنة من الأشخاص لم يكونوا يعرفون علياً حق معرفته، جاءت أولاً مجموعة منهم إلى علي (ع) وعندما وصلوا كان الإمام مشغولاً في حساب بيت المال. وبعد أن أتم عمله بدى هؤلاء بالشكوى وقالوا: لقد جئناك لأمر لماذا لا تهتم بأمورنا؟ وحينما بدأوا بالشكوى أطفأ علي (ع) الشمعة. فقالوا: لماذا أطفأت الشمعة؟ قال: منذ ذلك الوقت إلى الآن كنت أعمل في حسابات بيت المال، وأما الآن فانكم تريدون أن تتحدثوا بأمر شخصي وخارج عن بيت المال ولا يمكن أن اشعل شمعة بيت المال لأمر كهذا.
فقال هؤلاء في أنفسهم: إنه على غير استعداد أن يحرق شمعة واحدة من أموال المسلمين في كلام خاص فكيف يمكن أن يعطي الرئاسة أو الأموال في غير محلها؟
وأخيراً ذهبوا وأشعلوا نار حرب الجمل، وجمعوا في معركة الجمل أربعين ألفاً من الناس العوام حولهم من مكة والمدينة والبصرة ومدن أخرى وقاتلوا علياً. وكانت هذه الحرب صعبة جداً على علي (ع) ـ نظير الحرب المفروضة على إيران ثماني سنوات ـ قتل المسلمين كان امراً صعباً جداً على أمير المؤمنين (ع)، ولكن لا سبيل غير ذلك، وقد رأى أن الإسلام في خطر ويريد هؤلاء المجرمون وعبدة المال أن يمحوا ذكر الإسلام. ولهذا فقد حفظ الإسلام بسيفه فقتل بعضهم وتفرق الآخرون. وانتهت حرب الجمل ولكن تركت في قلب علي (ع) حسرة.
وقد قام بحرب الجمل أهل الرذيلة وعباد المال وطلاب الرئاسة والأشخاص الذين يأكلون أموال الناس بالباطل، لماذا القى (ع) نفسه في هذه الحرب لأنه كان متعهداً بالمحافظة على بيت مال المسلمين، وقد كتب إلى ولاته: "أدقوا أقلامكم وقاربوا بين سطوركم واحذفوا عني فضولكم واقصدوا قصد المعاني وإياكم والإكثار فان أموال المسلمين لا تحتمل الإضرار"(1).
يا شيعة علي خذوا الدرس من كلام علي هذا وعند خروجكم من المجلس. فإذا كنتم ـ لا سمح الله ـ غير دقيقين في أموال المسلمين، وكنتم لا اباليين، فكونوا من هذه اللحظة فما بعدها من شيعة علي. ودققوا إلى حد الشعرة. فقد كان علي مع دقة حسابه يبكي في الأسحار ويدور حول نفسه (خوفاً من احتمال كونه غير دقيق إلى حدٍ كافٍ أو كونه مقصراً) ويدعو الله قائلاً: "اللهم إني أعوذ بك من نقاش الحساب" إلهي أعوذ بك من حسابك يوم القيامة حيث لا تترك الشعرة.
ولهذا كان يبكي ويئن ويضج خوفاً من أن يكون قد علق في يده شيء من أموال الناس. ويقول في موضع آخر من نهج البلاغة:
"والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلبة شعيرة ما فعلته"(2).
وهذا ليس إفراطاً، هذا كلام المعصوم. يريد أن يقول لنا: إحذر من أن يكون في عملك ظلم! واحذر أن تظلم زوجتك وأطفالك في البيت! وأنت أيتها السيدة إحذري أن تظلمي زوجك! إحذروا من وجود الظلم في حياتكم.
فليحذر الجميع وليحافظوا على ماء وجوه الناس. الغيبة ظلم، التهمة ظلم. الشائعة التي تفرق الناس ظلم، وظلمها جسيم. يقول (ع):
أكل درهم من الربا تعادل سبعين زنية بذات محرم. ثم يقول: والغيبة ذنب أعظم من الربا. احذروا لا تظلموا المسلمين وتذهبوا بماء وجوههم! إن الله يحب ماء وجوه المسلمين.
(1) الصدوق: ج1 ص149.
(2) البلاغة فيض الإسلام: خطبة 215.
عاش علي (ع) بعد النبي الأكرم (ص) ثلاثين عاماً، خمسة وعشرون عاماً منها كان جليس البيت ولكنه أنجز أعمالاً كثيرة أهمها إشرافه الكامل على الإسلام، إلى حد أن الزمخشري يقول في كتابه: لقد استجد ثلاثة وسبعون مورداً حساساً لو لم يكن علي موجوداً فيها لفنى الإسلام. وقال عمر في ثلاثة وسبعين موضعاً: "لولا علي لهلك عمر" أي أن الإسلام كان قد وقع في خطر شديد. كما أنه (ع) استطاع في تلك المدة إحياء وإعمار (26) مزرعة وأوقفها على الضعفاء والمحتاجين.
وعلي بأعماله يقول لنا إن كنتم شيعة حقيقة فيجب ان تكونوا بالحالة اللائقة وتفكروا بالضعفاء والفقراء وأن تفكروا بالثغرات الموجودة سواء في الأفراد أو المجتمع.
لقد كانت هذه المدة صعبة على علي (ع) إذ يقول: صبرت خمسة وعشرين عامأً وفي الحلق شجى وفي العين قذى.
وعندما فرضوا الخلافة بإصرار شديد قال لهم: لا يمكن عمل شيء، لأن الطريق قد صار معوجاً إلى حد لا يمكن إصلاحه. ولكنه أخيراً حُمِّل الخلافة.
وقال: أكون خليفة لكم ولكن بشرط أن أسير فيكم بكتاب الله وسنة نبيه فقبل الجميع شرطه. ولكن لم تمضِ شهران حتى شهر السيف مجموعة من الطالبين للزعامة والمشعوذين وعبدة المال، حفنة من الأشخاص لم يكونوا يعرفون علياً حق معرفته، جاءت أولاً مجموعة منهم إلى علي (ع) وعندما وصلوا كان الإمام مشغولاً في حساب بيت المال. وبعد أن أتم عمله بدى هؤلاء بالشكوى وقالوا: لقد جئناك لأمر لماذا لا تهتم بأمورنا؟ وحينما بدأوا بالشكوى أطفأ علي (ع) الشمعة. فقالوا: لماذا أطفأت الشمعة؟ قال: منذ ذلك الوقت إلى الآن كنت أعمل في حسابات بيت المال، وأما الآن فانكم تريدون أن تتحدثوا بأمر شخصي وخارج عن بيت المال ولا يمكن أن اشعل شمعة بيت المال لأمر كهذا.
فقال هؤلاء في أنفسهم: إنه على غير استعداد أن يحرق شمعة واحدة من أموال المسلمين في كلام خاص فكيف يمكن أن يعطي الرئاسة أو الأموال في غير محلها؟
وأخيراً ذهبوا وأشعلوا نار حرب الجمل، وجمعوا في معركة الجمل أربعين ألفاً من الناس العوام حولهم من مكة والمدينة والبصرة ومدن أخرى وقاتلوا علياً. وكانت هذه الحرب صعبة جداً على علي (ع) ـ نظير الحرب المفروضة على إيران ثماني سنوات ـ قتل المسلمين كان امراً صعباً جداً على أمير المؤمنين (ع)، ولكن لا سبيل غير ذلك، وقد رأى أن الإسلام في خطر ويريد هؤلاء المجرمون وعبدة المال أن يمحوا ذكر الإسلام. ولهذا فقد حفظ الإسلام بسيفه فقتل بعضهم وتفرق الآخرون. وانتهت حرب الجمل ولكن تركت في قلب علي (ع) حسرة.
وقد قام بحرب الجمل أهل الرذيلة وعباد المال وطلاب الرئاسة والأشخاص الذين يأكلون أموال الناس بالباطل، لماذا القى (ع) نفسه في هذه الحرب لأنه كان متعهداً بالمحافظة على بيت مال المسلمين، وقد كتب إلى ولاته: "أدقوا أقلامكم وقاربوا بين سطوركم واحذفوا عني فضولكم واقصدوا قصد المعاني وإياكم والإكثار فان أموال المسلمين لا تحتمل الإضرار"(1).
يا شيعة علي خذوا الدرس من كلام علي هذا وعند خروجكم من المجلس. فإذا كنتم ـ لا سمح الله ـ غير دقيقين في أموال المسلمين، وكنتم لا اباليين، فكونوا من هذه اللحظة فما بعدها من شيعة علي. ودققوا إلى حد الشعرة. فقد كان علي مع دقة حسابه يبكي في الأسحار ويدور حول نفسه (خوفاً من احتمال كونه غير دقيق إلى حدٍ كافٍ أو كونه مقصراً) ويدعو الله قائلاً: "اللهم إني أعوذ بك من نقاش الحساب" إلهي أعوذ بك من حسابك يوم القيامة حيث لا تترك الشعرة.
ولهذا كان يبكي ويئن ويضج خوفاً من أن يكون قد علق في يده شيء من أموال الناس. ويقول في موضع آخر من نهج البلاغة:
"والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلبة شعيرة ما فعلته"(2).
وهذا ليس إفراطاً، هذا كلام المعصوم. يريد أن يقول لنا: إحذر من أن يكون في عملك ظلم! واحذر أن تظلم زوجتك وأطفالك في البيت! وأنت أيتها السيدة إحذري أن تظلمي زوجك! إحذروا من وجود الظلم في حياتكم.
فليحذر الجميع وليحافظوا على ماء وجوه الناس. الغيبة ظلم، التهمة ظلم. الشائعة التي تفرق الناس ظلم، وظلمها جسيم. يقول (ع):
أكل درهم من الربا تعادل سبعين زنية بذات محرم. ثم يقول: والغيبة ذنب أعظم من الربا. احذروا لا تظلموا المسلمين وتذهبوا بماء وجوههم! إن الله يحب ماء وجوه المسلمين.
(1) الصدوق: ج1 ص149.
(2) البلاغة فيض الإسلام: خطبة 215.
تعليق