اللهم صل على محمد وآل محمد
قد وقعت مشكلة في كيفيّة تصوير هذا المفهوم القرآنيّ، حيث إنّ الناس ليسوا كلّهم ظالمين عادةً، فيهم الأنبياء، فيهم الأئمّة، فيهم الأوصياء. هل يشمل الهلاك الأنبياء، والأئمّة العدول من المؤمنين؟ حتّى أنّ بعض الناس استغلّ هذه الآيات لإنكار عصمة الأنبياء عليهم السلام.
والحقيقة أنّ هذه الآيات تتحدّث عن عقابٍ دنيويٍّ لا عن عقابٍ أخرويٍّ، تتحدّث عن النتيجة الطبيعيّة لما تكسبه أمّةٌ عن طريق الظلم والطغيان. هذه النتيجة الطبيعيّة لا تختصّ حينئذٍ بخصوص الظالمين من أبناء المجتمع، بل تعمّ أبناء المجتمع على اختلاف هويّاتهم، وعلى اختلاف أنحاء سلوكهم.
حينما وقع التيه أربعين عاماً على بني إسرائيل، نتيجة ما كسب هذا الشعب بظلمه وطغيانه وتمرّده، هذا التيه لم يختصّ بخصوص الظالمين من بني إسرائيل، وإنّما شمل موسى عليه السلام، شمل أطهر الناس، وأزكى الناس، وأشجع الناس في مواجهة الظلمة والطواغيت، شمل موسى عليه السلام، لأنّه جزءٌ من تلك الأمّة وقد حلّ الهلاك بتلك الأمّة.
حينما حلّ البلاء والعذاب بالمسلمين نتيجة انحرافهم، فأصبح يزيد بن معاوية خليفةً عليهم، يتحكّم في دمائهم وأموالهم وأعراضهم وعقائدهم، حينما حلّ هذا البلاء لم يختص بالظالمين من المجتمع الإسلاميّ، وقتئذٍ شمل الحسين عليه السلام، أطهر الناس وأزكى الناس وأطيب الناس وأعدل الناس، شمل الإمام المعصوم عليه السلام، قُتِلَ تلك القتلة الفظيعة هو وأصحابه وأهل بيته.
-----------------------------------
السيد الشهيد محمد باقر الصدر [طاب ثراه]:
قوانين تحكم التاريخ
تعليق