علِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلْمُغِيرَةِ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ : اَلطِّيَرَةُ عَلَى مَا تَجْعَلُهَا إِنْ هَوَّنْتَهَا تَهَوَّنَتْ وَ إِنْ شَدَّدْتَهَا تَشَدَّدَتْ وَ إِنْ لَمْ تَجْعَلْهَا شَيْئاً لَمْ تَكُنْ شَيْئاً.
📚الکافی ج ۸ ص ۱۹۷
*الطِّيرَة*:
🔸 *تعني التشاؤم،* وهي في الأصل من زجر الطيور ومراقبة حركاتها، فإن تيامَنَت دلَّ تيامنها على فأل ، وإن تياسرت دل على شؤم ، هكذا كان يعتقد الجاهليون وكثيرٌ من الشعوب، وهكذا بقيت إلى يومنا هذا مع تعدد أسباب التشاؤم وتنوُّعها.
🔹 *وفي هذا الحديث الشريف بيان لمجموعة من الأمور، ومنها :*
🔸 *الأمر الأول :*
أن الطِّيرة وهمٌ محض ، لا واقع له ، *حيث لا يمكن إقامة البرهان الصحيح والتام على واقعيتها* ،
*بل يمكن إقامة البرهان على عدم صحتها* ، وحيث قال عليه السلام: *(وإن لم تجعلها شيئاً لم تكن شيئاً)* فلولا أنها ليست بشيء لما كان لعدم اعتبارها شيئاً أثراً في نفي الشيئية عنها .
🔸 *الأمر الثاني :*
أن شدة أثر الطيرة على نفس الانسان أمرٌ اختياري اعتباري ،
*والأمور الاعتبارية لا واقع لها في الخارج* ، وإنما ينحصر وجودها بوعاء الاعتبار، فليست هي شيئاً آخر وراء اعتبار المُعتبر ،
💠✨ *ومن هنا كانت الشدة والضعف في أثر الطيرة في نفس الانسان تابعين للإنسان نفسه، فيكون الأثر ناتجاً عن اعتقاد الانسان وليس عن سببية الشيء المُتطيَّر به ؛ فما يجده الانسان في نفسه إنما هو فعلٌ اختياريٌ وليس شيئاً آخر .*
💠✨ *وهذا باب من أبواب الفساد الاعتقادي ثم الانحراف عن هدي محمد والأطائب من أهل بيته عليهم السلام ،*
💠✨ *فإنَّهم شدّدوا النهي عن استعمال الظنون، وحرَّموه، بل جعلوا ذلك نحواً من أنحاء الشرك، من حيث ما يترتب على الاعتقاد بها من لوازم فاسدة،*
✳️ ففي *الحديث الصحيح* عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه الصادق عليه السلام عَنْ أَدْنَى مَا يَكُونُ بِه الإِنْسَانُ مُشْرِكاً قَالَ فَقَالَ عليه السلام : *(مَنِ ابْتَدَعَ رَأْياً فَأَحَبَّ عَلَيْه أَوْ أَبْغَضَ عَلَيْه)* ،
✳️ وفي *الحديث الصحيح* عَنْ بُرَيْدٍ الْعِجْلِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الباقر قَالَ سَأَلْتُه عَنْ أَدْنَى مَا يَكُونُ الْعَبْدُ بِه مُشْرِكاً قَالَ فَقَالَ عليه السلام: *( مَنْ قَالَ لِلنَّوَاةِ إِنَّهَا حَصَاةٌ ولِلْحَصَاةِ إِنَّهَا نَوَاةٌ ثُمَّ دَانَ بِه)* .
💠✨ *والوهميات أو الاعتقادات الوهمية- وهي جهلٌ مركب -* من الممكن ادراك خطئها بأدنى تأمل، لكن الانسان لا يحبَّ توظيف عقله، بل يركن إلى الأمور من دون رعاية، فلو تأمَّل العاقل - بعقله وبُرهانه وليس بوهمه وظنَّه- في كثيرٍ من الامور التي يعتقد أنها سبب للنحوسة والتشاؤم والشر لما رأى لها أي تأثيرٍ عليه، فسواءٌ تيامنت الطيور أو تياسرت، وسواء كانت قبيحة المنظر أو حسنة المنظر، فإنه لا يمكن إقامة الدليل الصحيح على كونها ذات أثر على سعادة الانسان وشقاوته، وهكذا لو تأمل جيداً بعقله وبرهانه لم يرى أي معنىً صحيحاً عقلياً لتلطيخ البيت أو الأشياء بدم الذبيحة بغرض دفع النحوسة والشؤم.
ومع أن عقل الإنسان لا يجد فرقاً بين هذه الأمور، كما لا يجد فرقاً بين الظلام والنور، وبين الحيِّ والميِّت، إلا أنه يستوحش من الميت ويخاف من الظلام، مع أن المكان هو المكان، والإنسان هو الإنسان،
💠 *قال المرحوم المظفر: (ومع توجه النفس إلى هذه البديهة العقلية ينكرها الوهم ويعاند ، فيستولي على النفس ، فقد تضطرب من الظلمة ومن الميت ، لأن البديهة الوهمية أقوى تأثيرا على النفس من البرهان ..ومن أجل هذا كان الناس - لغلبة الوهم على نفوسهم - بين مجسم & وملحد، وقلَّ من يتنوَّر بنور العقل ويجرِّد نفسه عن غلبة أوهامها، فيسمو بها إلى إدراك ما لا يناله الوهم* .
ولذا قال تعالى في كتابه المجيد: ( *وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين* ) فنفى الإيمان عن أكثر الناس، ثم هؤلاء المؤمنون القليلون قال عنهم: ( *وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون* ) يعني أنهم في حين إيمانهم هم مشركون، وما ذلك إلا لأنهم لغلبة الوهم إنما يعبدون الأصنام التي ينحتونها بأوهامهم ، وإلا كيف يجتمع الإيمان والشرك في آن واحد إذا أريد بالشرك من الآية معناه المعروف وهو العبادة للأصنام الظاهرية ،
💠✨ *والخلاصة : أن القضايا الوهمية الصرفة التي نسميها (الوهميات) هي عبارة عن أحكام الوهم في المعاني المجردة عن الحس وهي قضايا كاذبة لا ظلّ لها من الحقيقة، ولكن بديهة الوهم لا تقبل سواها، ولذلك يستخدمها المغالط في أقيسته، إلا أن العقل السليم من تأثير الوهم يتجرد عنه ولا يخضع لحكمه ، فيكشف كذب أحكامه للنفس).*
منقول
📚الکافی ج ۸ ص ۱۹۷
*الطِّيرَة*:
🔸 *تعني التشاؤم،* وهي في الأصل من زجر الطيور ومراقبة حركاتها، فإن تيامَنَت دلَّ تيامنها على فأل ، وإن تياسرت دل على شؤم ، هكذا كان يعتقد الجاهليون وكثيرٌ من الشعوب، وهكذا بقيت إلى يومنا هذا مع تعدد أسباب التشاؤم وتنوُّعها.
🔹 *وفي هذا الحديث الشريف بيان لمجموعة من الأمور، ومنها :*
🔸 *الأمر الأول :*
أن الطِّيرة وهمٌ محض ، لا واقع له ، *حيث لا يمكن إقامة البرهان الصحيح والتام على واقعيتها* ،
*بل يمكن إقامة البرهان على عدم صحتها* ، وحيث قال عليه السلام: *(وإن لم تجعلها شيئاً لم تكن شيئاً)* فلولا أنها ليست بشيء لما كان لعدم اعتبارها شيئاً أثراً في نفي الشيئية عنها .
🔸 *الأمر الثاني :*
أن شدة أثر الطيرة على نفس الانسان أمرٌ اختياري اعتباري ،
*والأمور الاعتبارية لا واقع لها في الخارج* ، وإنما ينحصر وجودها بوعاء الاعتبار، فليست هي شيئاً آخر وراء اعتبار المُعتبر ،
💠✨ *ومن هنا كانت الشدة والضعف في أثر الطيرة في نفس الانسان تابعين للإنسان نفسه، فيكون الأثر ناتجاً عن اعتقاد الانسان وليس عن سببية الشيء المُتطيَّر به ؛ فما يجده الانسان في نفسه إنما هو فعلٌ اختياريٌ وليس شيئاً آخر .*
💠✨ *وهذا باب من أبواب الفساد الاعتقادي ثم الانحراف عن هدي محمد والأطائب من أهل بيته عليهم السلام ،*
💠✨ *فإنَّهم شدّدوا النهي عن استعمال الظنون، وحرَّموه، بل جعلوا ذلك نحواً من أنحاء الشرك، من حيث ما يترتب على الاعتقاد بها من لوازم فاسدة،*
✳️ ففي *الحديث الصحيح* عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه الصادق عليه السلام عَنْ أَدْنَى مَا يَكُونُ بِه الإِنْسَانُ مُشْرِكاً قَالَ فَقَالَ عليه السلام : *(مَنِ ابْتَدَعَ رَأْياً فَأَحَبَّ عَلَيْه أَوْ أَبْغَضَ عَلَيْه)* ،
✳️ وفي *الحديث الصحيح* عَنْ بُرَيْدٍ الْعِجْلِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الباقر قَالَ سَأَلْتُه عَنْ أَدْنَى مَا يَكُونُ الْعَبْدُ بِه مُشْرِكاً قَالَ فَقَالَ عليه السلام: *( مَنْ قَالَ لِلنَّوَاةِ إِنَّهَا حَصَاةٌ ولِلْحَصَاةِ إِنَّهَا نَوَاةٌ ثُمَّ دَانَ بِه)* .
💠✨ *والوهميات أو الاعتقادات الوهمية- وهي جهلٌ مركب -* من الممكن ادراك خطئها بأدنى تأمل، لكن الانسان لا يحبَّ توظيف عقله، بل يركن إلى الأمور من دون رعاية، فلو تأمَّل العاقل - بعقله وبُرهانه وليس بوهمه وظنَّه- في كثيرٍ من الامور التي يعتقد أنها سبب للنحوسة والتشاؤم والشر لما رأى لها أي تأثيرٍ عليه، فسواءٌ تيامنت الطيور أو تياسرت، وسواء كانت قبيحة المنظر أو حسنة المنظر، فإنه لا يمكن إقامة الدليل الصحيح على كونها ذات أثر على سعادة الانسان وشقاوته، وهكذا لو تأمل جيداً بعقله وبرهانه لم يرى أي معنىً صحيحاً عقلياً لتلطيخ البيت أو الأشياء بدم الذبيحة بغرض دفع النحوسة والشؤم.
ومع أن عقل الإنسان لا يجد فرقاً بين هذه الأمور، كما لا يجد فرقاً بين الظلام والنور، وبين الحيِّ والميِّت، إلا أنه يستوحش من الميت ويخاف من الظلام، مع أن المكان هو المكان، والإنسان هو الإنسان،
💠 *قال المرحوم المظفر: (ومع توجه النفس إلى هذه البديهة العقلية ينكرها الوهم ويعاند ، فيستولي على النفس ، فقد تضطرب من الظلمة ومن الميت ، لأن البديهة الوهمية أقوى تأثيرا على النفس من البرهان ..ومن أجل هذا كان الناس - لغلبة الوهم على نفوسهم - بين مجسم & وملحد، وقلَّ من يتنوَّر بنور العقل ويجرِّد نفسه عن غلبة أوهامها، فيسمو بها إلى إدراك ما لا يناله الوهم* .
ولذا قال تعالى في كتابه المجيد: ( *وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين* ) فنفى الإيمان عن أكثر الناس، ثم هؤلاء المؤمنون القليلون قال عنهم: ( *وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون* ) يعني أنهم في حين إيمانهم هم مشركون، وما ذلك إلا لأنهم لغلبة الوهم إنما يعبدون الأصنام التي ينحتونها بأوهامهم ، وإلا كيف يجتمع الإيمان والشرك في آن واحد إذا أريد بالشرك من الآية معناه المعروف وهو العبادة للأصنام الظاهرية ،
💠✨ *والخلاصة : أن القضايا الوهمية الصرفة التي نسميها (الوهميات) هي عبارة عن أحكام الوهم في المعاني المجردة عن الحس وهي قضايا كاذبة لا ظلّ لها من الحقيقة، ولكن بديهة الوهم لا تقبل سواها، ولذلك يستخدمها المغالط في أقيسته، إلا أن العقل السليم من تأثير الوهم يتجرد عنه ولا يخضع لحكمه ، فيكشف كذب أحكامه للنفس).*
منقول