في ثقافة الكتاب والعترة:
♡الماءُ رمزٌ للإمام المعصوم♡
سُئِل الإمام الصادق عليه السلام عن طَعْمِ الماء، فقال للسائل:
سَلْ تفقُّهاً ولا تسألْ تَعنُّتاً: طَعْمُ الماءِ طَعْمُ الحيــاة، قال اللهُ سبحانه:
{وجعلنا من الماءِ كُلَّ شئِ حيّ})
[بحار الأنوار-ج٦٣]
ويقولُ النبي_الأعظم"صلَّى اللهُ عليهِ وآله" في [بحار الأنوار-ج٦٣] يقول:
(الماء سيّدُ الشرابِ في الدنيا والآخرة).
♡الماءُ هُنـا في رَمزّيتهِ يُشيرُ إلى الإمام المعصوم "صلواتُ الله وسلامهُ عليه"..
فحِين يقول الكتاب الكريم {وجعلنا من الماءِ كُلَّ شئِ حيّ} ليس المُراد مِن معنى الآية هُنا هو هذا المعنى المادي أنّ هذهِ المَخلوقات مَخلوقةٌ مِن الماء،
وأنّ نسبةَ الماء موجودةٌ في المَخلوقات النباتيّة والحيوانية بِنسبَةٍ كبيرة جدّاً..
ليس المُراد هذا المعنى..
وإنّما المُراد مِن الماء هُنا هو النُور الأوّل، هو ماءُ الوجود، ماءُ الفَيض، ماءُ الحياة الأوّل وهو (الحقيقةُ المُحمّديّة).
• الماءُ هو العُنوان الأوّل لِمُحمّدٍ وآل مُحمّد "صلواتُ الله عليهم"،
فكُلُّ شيءٍ اشتقَّهُ الباري مِن نُورهم "صلواتُ الله وسلامهُ عليهم"..
فهُم مَصدرُ الوُجود والحياة لكلّ الكائنات..
كما تُشير إلى ذلك الروايات الشريفة..
كحديث نبيّنا الأعظم "صلّى الله عليه وآله" حين يقول وهو يتحدّث عن بدء الخِلقة، يقول:
(فلّما أرادَ الله تعالى أن يُنشئ خَلْقهُ - يعني لمّا أراد يخلقَ الكائنات -
فتَقَ نُوري فَخَلَقَ منهُ العَرش، فالعَرشُ مِن نُوري، ونُوري مِن نُور الله، ونُوري أفضلُ مِن العَرش،
ثمَّ فتَقَ نُورَ أخي عليّ فخَلَقَ منهُ الملائكة، فالملائكةُ مِن نُور عليّ، ونُورُ عليّ مِن نُور الله، وعليٌّ أفضلُ مِن الملائكة،
ثُمَّ فتَقَ نور ابنتي فاطمة فخَلَقَ منهُ السماوات والأرض فالسماواتُ والأرض مِن نُور ابنتي فاطمة، ونُور ابنتي فاطمة مِن نور الله، وابنتي فاطمة أفضلُ مِن السماوات والأرض،
ثمَّ فتَقَ نُور ولدي الحسن فخلَقَ منه الشمس والقمر ، فالشمس والقمر مِن نُور ولدي الحَسَن، ونُور الحَسَن مِن نور الله، والحسن أفضل من الشمس والقمر ،
ثُمَّ فتَقَ نُور الحُسين فخَلَق منهُ الجنّة والحورَ العين فنُورُ الجنّة والحُور العين مِن نُور الحُسين، ونُور الحُسين مِن نُور الله، والحُسينُ أفضلُ مِن الجنّة والحُور العين).
[بحار الأنوار: ج٢٥]
فالمُراد مِن الماء الذي جَعَل اللهُ مِنهُ كُلّ شيءٍ حيّ هو ماءُ الوجود الذي هُو مظهرٌ لِمُحمّدٍ وآل مُحمّدٍ "صلواتُ الله عليهم"..
وهُو الماءُ الذي استندَ وثبتَ بسببهِ العَرْش،
كما نقرأ في الكتاب الكريم:
{وكانَ عَرْشُهُ على الماء}
ولا غرابة في ذلك..
فإنَّ العَرش خُلِق مِن نُور نبيّنا "صلّى الله عليه وآله" كما في الرواية السابقة أعلاه،
وكُلّ الكائنات خُلقتْ مِن أنوارهم "صلواتُ الله عليهم".
• فحِين تقول الآية الكريمة:
{وجعلنا من الماءِ كُلَّ شئِ حيّ} يعني جَعْلَنا مِن الماء كُلَّ شيءٍ مَوجود..
فما مِن شيءٍ إلّا وهُو يسبّح بحمدِ الله وتلكَ هي الحياةُ الحقيقية.
فالتسبيحُ دليلُ الحياة..
فحتّى الجمادات لها حياة لأنّهُ ما مِن شيءٍ إلّا وهو يُسبّح بحَمدِ الله، وكُلّ الكائنات تَعلّمتْ التسبيحَ مِن مَصدر حياتهم وهُم مُحمّدٌ وآل مُحمّد..
كما يقول سيّد_الأوصياء "صلواتُ الله عليه":
(إنّا آلُ مُحمّدٍ كُنّا أنواراً حول العَرش، فأمرنا اللهُ بالتسبيح فسبَّحنا، فسبَّحتْ الملائكةُ بتسبيحنا، ثُمَّ أهْبَطَنا إلى الأرض فأمَرَنا اللهُ بالتسبيح فسبَّحنا، فسبَّحَ أهلُ الأرض بتسبيحنا)
[تأويل الآيات]
• ثُمَّ لاحظوا الآية الكريمة حِين تقول:
{وجَعَلْنا من الماءِ كُلَّ شئِ حيّ}
فقد استخدمتْ تعبير (الحياة) في الآية في قولهِ {كُلَّ شئِ حيّ}.
ونَفْس هذا التعبير (التعبير بالحياة) ذَكَره القُرآن بشكلٍ واضح في المعصوم "صلواتُ الله عليه"
في قولهِ تعالى: {يا أيُّها الَّذينَ آمنُوا استجِيبُوا للهِ وللرسُولِ إذا دَعاكم لِما يُحييكم}
فحين سُئِل إمامُنا الصادق "صلواتُ الله عليه" عن هذهِ الآية قال:
نزلتْ في ولاية عليٍّ "صلواتُ الله وسلامه عليه")
فإنّ الحياة الحقيقيّة هي بولاية عليّ وآل عليّ "صلواتُ الله عليهم"..
وولايةُ عليّ هي بعَينها ولايةُ إمام زماننا.
فإمامُ زماننا هو الماءُ الذي جَعَل اللهُ بهِ وبولايتهِ كُلَّ شيءٍ حيّ..
كما نُخاطبهُ في زيارته الشريفة:
(السلامُ عليكَ يا عينَ الحياة♡).
✦ ويُؤكدُّ هذا المعنى إمامُنا باقر_العلوم "صلواتُ الله عليه" حِين سُئِل عن قولِ اللهِ تعالى:
{قُلْ أرأيتُم إنْ أصْبَحَ ماؤُكم غَوراً فمن يأتيكم بِماءٍ مَعين} قال "عليهِ السلام":
(نَزَلتْ في الإمامِ القائم "صلواتُ الله عليه"،
ثُمّ قال: { إنْ أصْبَحَ ماؤُكم غَوراً } أي إنْ أصبحَ إمامُكم غائباً عَنكم لا تَدرون أين هو،
فمنْ يأتيكم بإمامٍ ظاهرٍ يأتيكم بأخبارِ السماواتِ والأرض، وحلالِ الله وحرامه؟!
ثُمَّ قال "عليه السلام": واللهِ ما جاءَ تأويلُ هذهِ الآية ولابُدَّ أن يجيء تأويلُها)
[كمال الدين وتمام النعمة]
✦ ويقولُ إمامنا الكاظم "صلواتُ الله عليه" حِين سُئل عن نفس هذه الآية {قُلْ أرأيتُم إنْ أصْبَحَ ماؤُكم غَوراً فمن يأتيكم بِماءٍ مَعين}
قال "عليهِ السلام": إذا فقدتم إمامكم فلم تروه فماذا تصنعون؟!)
[كمال الدين وتمام النعمة]
✦ ويُؤكّد هذا المعنى سيّد_الكائنات "صلّى اللهُ عليه وآله" حِين يقول:
(إنَّ الله تبارك و تعالى عهِدَ إليَّ أنَّهُ يخرجُ مِن صُلُب الحُسين أئمةٌ تسعة، والتاسعُ مِن ولدهِ يغَيب عنهم،
وذلك قوله عزّ وجلَّ: {قل أرأيتم إنْ أصبحَ مٰاؤُكم غَوراً فمَن يأتيكم بمٰاءٍ معين}
تكونُ لهُ غيبةٌ طويلة، يرجعُ عنها قومٌ ويثبتُ عليها آخرون،
فإذا كان في آخرُ الزمان يخرجُ فيملأ الدُنيا قِسْطاً و عدلاً كما مُلئتْ جَوراً و ظُلماً،
ويُقاتل على التأويل كما قاتلتُ على التنزيل، وهو سميّي و أشبهُ الناس بي).
[كفاية الأثر]
✦ ويُؤكّد هذا المعنى سيّد الأوصياء "صلوات الله عليه" وهو يتحدّث مع طارق بن شهاب عن أوصاف الإمام المعصوم، فيقول:
(الإمام الماءُ العذب على الظمأ والدالُّ على الهدى...)
✦ أيضاً يقول "عليه السلام" في وصف الإمام المعصوم:
(فالإمامُ هُو السراج الوهّاج، والسبيلُ والمنهاج والماءُ الثجاج، والبحر العجاج والبدرُ المُشرق والغَديرُ المُغدق.. والغَيث الهاَئل..
والبحرُ الذي لا يُنزَف والشرفُ الذي لا يُوصَف والعينُ الغَزيرة..)
[بحار الأنوار: ج٢٥]
✦ ويقول الإمام_الرضا "عليه السلام" في وصف الإمام المَعصوم:
(الإمام السحابُ الماطر، والغَيث الهاطل، والشَمْس المُضيئة، والسماءُ الظليلة، والأرض البسيطة، والعَينُ الغزيرة، والغَدير والروضة..)
[الكافي الشريف: ج١]
✦ ويقول إمامنا الصادق عليه السلام حِين ذكروا عنده "عين الحياة"..
قال لأصحابه:
أتدرون ما عين الحياة؟
قالوا: الله وابن رسوله أعلم.
قال الإمام: نحنُ عينُ الحياة، فمَن عرفنا وتولّانا فقد شرب عين_الحياة، وأحياهُ الله الحياة الدائمة في الجنّة وأنجاهُ مِن النار.
[شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار]
ومِن هُنا نفهم معنى حديث خاتم_الأنبياء "صلّى الله عليه وآله" حِين قال:
(الماء سيّدُ الشرابِ في الدُنيا والآخرة)
لأنّ الماء هو صُورةُ مُحمّدٍ وآل مُحمّد في عالم السوائلِ، وكانتْ لهُ هذهِ الخُصوصيّة لأنَّهُ هُو السائلُ الوحيد الَّذي يُطهّرُ نفسهُ ويُطهّر غَيره..
أمّا بقيّة السوائل لا تستطيعُ أن تُطهّر نفسها، وإنّما هي بحاجةٍ لأن يُطهّرها الماء،
فحِين يقول الكتاب الكريم:
{أنزلنا مِن السماء ماءً طهورا}
الماءُ الطهور يعني الطاهرُ في نفسهِ والمُطهّرُ لِغَيره..
ومِن هُنا كان الماءُ رَمزاً و مَظهراً وصُورةً للإمام المعصوم..
فإنَّ الإمام المعصوم ذاتٌ طاهرةٌ مُطهّرةٌ في نفسها وتُطهّر مَن يتّصلُ بها
كما نقرأ في زيارة #سيّد_الشهداء "صلواتُ الله عليه":
(أشهدُ أنَّكَ طُهْرٌ طاهرٌ مُطهَّر مِن طُهْرٍ طاهرٍ مُطهّر طَهُرتَ وطَهُرتْ بكَ البلاد وطَهرتْ أرضٌ أنتَ بها وطَهُر حَرمك)
👆🏻
وهذا المعنى للطهارة في زيارة سيّد الشهداء هو نفسهُ الذي نقرؤُه في زيارة الصدّيقة الكُبرى فاطمة_الزهراء "صلواتُ الله عليها" حين نُخاطبها ونقول:
(وزعمنا أنا لكِ أولياء ومُصدّقون وصابرون لكلّ ما أتى به أبوكِ وأتى به وصيّه "صلّى الله عليهما وآلهما"، فإنّا نسألكِ إنْ كُنّا صدّقناكِ إلّا ألحقتنا بتصديقنا لهُما لنبشّرَ أنفُسنا بأنّا قد طهُرنا بولايتكِ)
فكما أنَّ للأرضين إمام وإمامُ الأرضين هي الأرضُ التي يُقيم فيها الإمام،
فكذلك للشراب إمامٌ وهو الماء الطهور لأنّهُ صورةٌ ومظهرٌ مِن مظاهر الإمام المعصوم.
للكاتبة زينب صالح
تعليق