وفد أعرابي المدينة فسأل عن أكرم الناس بها ، فدُلّ على الحسين (ع) فدخل المسجد فوجده مصليا ، فوقف بإزائه وأنشأ :
لم يخب الآن من رجاك ومَن***حرك من دون بابك الحلقه
أنت جواد وأنت معتمد***أبوك قد كان قاتل الفسقه
لولا الذي كان من أوائلكم***كانت علينا الجحيم منطبقه
فسلم الحسين وقال : يا قنبر !.. هل بقي من مال الحجاز شيء ؟.. قال : نعم ، أربعة آلاف دينار ، فقال : هاتها !.. قد جاء من هو أحق بها منّا ، ثم نزع بُرديه ، ولف الدنانير فيها وأخرج يده من شق الباب حياءً من الأعرابي وأنشأ :
خذها فإني إليك معتذر***واعلمْ بأني عليك ذو شفقه
لو كان في سيرنا الغداة عصا***أمست سمانا عليك مندفقه
لكن ريب الزمان ذو غِيَرٍ*** والكفّ مني قليلة النفقه
فأخذها الأعرابي وبكى ، فقال له : لعلك استقللت ما أعطيناك ، قال : لا ، ولكن كيف يأكل التراب جودك .