بسم الله الرحمن الرحيم
العبادة القلبيّة التي يُشير إليها "دعاء النُدبة" هي في الحقيقة بندٌ ومحورٌ في كلّ الأدعية والزيارات، وهي تنبيه على أنّ العبادة القلبيّة هي أعظم من العبادة البدنيّة كما ورد عن أهل البيت عليهم السلام ("القَصْدُ إلى الله بالقلوب أبلغُ من القَصْدِ بالأبدان")
وهذه الإشارة لا تعني التفريط بالعبادة البدنيّة، بل تبقى هي مقدّمة، وفيما بعد تأتي العبادة القلبيّة.
والغاية من العبادة القلبيّة هي الوصول إلى هذا المقام: واجعلْ "قَلْبي بِحُبِّكَ مُتَيَّماً" (دعاء كميل) يعني أن يصل إلى درجة من العشق والوله، وهي أعلى ما يُمكن أنْ يصلَ إليه المؤمن.
هذه الحالة إنْ لم يوجدها المؤمن في روحه وقلبه سيبقى في صحراء قاحلة لا روح فيها ولا معنى، فالدعاء ليس فقط لقضاء الحوائج سواء كانت دنيويّة أو أخرويّة، بل الغاية الأعظم أن يكون العبد مُتيّماً بعشق الله "وَهَبْني صَبَرْتُ عَلى حَرِّ نارِكَ، فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَنِ النَّظَرِ اِلى كَرامَتِكَ؟!"
هذا الشوق واشتعال القلب بحبّ الله متى وُجِدَ في أنفسنا أوجَدَ طاقةً من العبادة والإيمان والكمال بدرجة أعظم مما يُمكن تصوّره.
والإمام الحسين عليه السلام في كربلاء أشارَ إلى هذه المسألة في إحدى خطبه بأصحابه: "وَمَا أوْلَهَني إلى أسْلافِي اشْتِيَاقُ يَعْقُوبَ إلى يُوسُف" فالوله هي الغاية التي يبلغها الإنسان في عشقه للمعشوق، وأيّ إيمان أعظم من هذا؟ فقلبٌ غيرُ والهٍ ناقصُ الإيمان والكمال!
لذلك ترى أهل البيت عليهم الصلاة والسلام يتعاملون مع الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف بهذا النوع من العشق في نُدبتهم له.
فأمير المؤمنين عليه السلام، ورد عنه أنّه كلّما ضاقت نفسه بالهموم ذكَرَ ولده المهدي (عج)، والإمام الصادق عليه السلام كان كثير البكاء والنحيب في ذكره له، وكانت ندبته له تُقطّع القلب لشدّة الوجد الذي يُظهره، ونفس الأمر ورد عن الرضا عليه السلام.
التعلّق بالحجّة بن الحسن عليه السلام يجب أن يكون بهذه الشاكلة، وعلينا أن نتعلّم من أئمة أهل البيت عليهم السلام كيفية التعامل مع المهدي عليه السلام، والتعلّق به ونُدبته وذكره بما يستحقّ من العشق والوله به
وهذا لن يكون بدون التوجّه القلبي من خلال الدعاء والزيارة، وليست مجرّد قراءة فارغة جوفاء لا تبتعد عن لقلقة اللسان.
فالنُدبة سُنّة نبويّة دَأَبَ عليها أهل البيت عليهم السلام، والندب هو تلهُّفٌ وشوقٌ لهذا المُنقذ المُصلح.
------------------------------
من كتاب "المشروع السياسي للإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف" للشيخ محمد السند حفظه الله تعالى صفحة 115 و116.
العبادة القلبيّة التي يُشير إليها "دعاء النُدبة" هي في الحقيقة بندٌ ومحورٌ في كلّ الأدعية والزيارات، وهي تنبيه على أنّ العبادة القلبيّة هي أعظم من العبادة البدنيّة كما ورد عن أهل البيت عليهم السلام ("القَصْدُ إلى الله بالقلوب أبلغُ من القَصْدِ بالأبدان")
وهذه الإشارة لا تعني التفريط بالعبادة البدنيّة، بل تبقى هي مقدّمة، وفيما بعد تأتي العبادة القلبيّة.
والغاية من العبادة القلبيّة هي الوصول إلى هذا المقام: واجعلْ "قَلْبي بِحُبِّكَ مُتَيَّماً" (دعاء كميل) يعني أن يصل إلى درجة من العشق والوله، وهي أعلى ما يُمكن أنْ يصلَ إليه المؤمن.
هذه الحالة إنْ لم يوجدها المؤمن في روحه وقلبه سيبقى في صحراء قاحلة لا روح فيها ولا معنى، فالدعاء ليس فقط لقضاء الحوائج سواء كانت دنيويّة أو أخرويّة، بل الغاية الأعظم أن يكون العبد مُتيّماً بعشق الله "وَهَبْني صَبَرْتُ عَلى حَرِّ نارِكَ، فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَنِ النَّظَرِ اِلى كَرامَتِكَ؟!"
هذا الشوق واشتعال القلب بحبّ الله متى وُجِدَ في أنفسنا أوجَدَ طاقةً من العبادة والإيمان والكمال بدرجة أعظم مما يُمكن تصوّره.
والإمام الحسين عليه السلام في كربلاء أشارَ إلى هذه المسألة في إحدى خطبه بأصحابه: "وَمَا أوْلَهَني إلى أسْلافِي اشْتِيَاقُ يَعْقُوبَ إلى يُوسُف" فالوله هي الغاية التي يبلغها الإنسان في عشقه للمعشوق، وأيّ إيمان أعظم من هذا؟ فقلبٌ غيرُ والهٍ ناقصُ الإيمان والكمال!
لذلك ترى أهل البيت عليهم الصلاة والسلام يتعاملون مع الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف بهذا النوع من العشق في نُدبتهم له.
فأمير المؤمنين عليه السلام، ورد عنه أنّه كلّما ضاقت نفسه بالهموم ذكَرَ ولده المهدي (عج)، والإمام الصادق عليه السلام كان كثير البكاء والنحيب في ذكره له، وكانت ندبته له تُقطّع القلب لشدّة الوجد الذي يُظهره، ونفس الأمر ورد عن الرضا عليه السلام.
التعلّق بالحجّة بن الحسن عليه السلام يجب أن يكون بهذه الشاكلة، وعلينا أن نتعلّم من أئمة أهل البيت عليهم السلام كيفية التعامل مع المهدي عليه السلام، والتعلّق به ونُدبته وذكره بما يستحقّ من العشق والوله به
وهذا لن يكون بدون التوجّه القلبي من خلال الدعاء والزيارة، وليست مجرّد قراءة فارغة جوفاء لا تبتعد عن لقلقة اللسان.
فالنُدبة سُنّة نبويّة دَأَبَ عليها أهل البيت عليهم السلام، والندب هو تلهُّفٌ وشوقٌ لهذا المُنقذ المُصلح.
------------------------------
من كتاب "المشروع السياسي للإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف" للشيخ محمد السند حفظه الله تعالى صفحة 115 و116.
تعليق