بـسـم الله الـرحـمـٰن الـرحـيـم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
امتاز الأئمّة المعصومون (عليهم السلام) بارتباطٍ خاصٍّ بالله تعالى وعالَم الغيب بسبَبِ مقامِ العصمة والإمامة، ولَهُم معاجزُ وكرامَاتٌ تؤيِّد ارتباطهم بالله تعالى لكونِهم أئمّة، وللإمام الحسن العسكريّ (سلام الله عليه) معاجزُ وكراماتٌ كثيرةٌ سجَّلَتْها كتبُ التاريخ، ففي مثل هذا اليوم -الثالث من ربيع الآخر- كانت مدينةُ (جُرجان) الإيرانيّة التي تقع بين (شاهرود) و (بندر شاه) وتطلّ على بحر قزوين على موعدٍ معه، ووفاءً لما وعد به الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) أحد أصحابه، وإظهارًا لمعجزاته وكراماته، فقد حضر الإمام إلى جرجان من سامراء بطيّ الأرض.
وعن جعفر بن الشريف الجرجاني قال: حججتُ سنةً فدخلت على أبي محمّد بسُرّ مَنْ رأى, وقد كان أصحابنا حملوا معي شيئًا من المال, فأردت أن أسأل إلى من أدفعه؟ فقال قبل أن أقول ذلك: ادفع ما معك إلى المبارك خادمي.
قال: ففعلت وخرجت، وقلت: إنّ شيعتك بجرجان يُقرئونك السلام، قال: أو لست منصرفًا بعد فراغك من الحجّ؟ قلت: بلى, قال: فإنّك تصير إلى جرجان من يومك هذا إلى مائة وسبعين يومًا، وتدخلها يوم الجمعة لثلاث ليالٍ يمضين من ربيع الآخر في أوّل النهار, فأعلمهم أنّي أوافيهم في ذلك اليوم في آخر النهار, وامضِ راشدًا فإنّ الله سيسلّمك ويسلّم ما معك, فتقدّم على أهلك وولدك ويولد لولدك الشريف ابنٌ فسمِّه الصلت بن الشريف بن جعفر بن الشريف, وسيبلّغ الله به ويكون من أوليائنا.
فقلت: يا بن رسول الله إنّ إبراهيم بن إسماعيل الجرجاني هو من شيعتك وكثير المعروف إلى أوليائك، يخرج إليهم في السنة من ماله أكثر من مائة ألف درهم, وهو أحد المتقلّبين في نعم الله بجرجان, فقال: شكر الله لأبي إسحاق إبراهيم بن إسماعيل صنيعه إلى شيعتنا, وغفر له ذنوبه, ورزقه ذكرًا سويّاً قائلاً بالحقّ, فقل له: يقول لك الحسن بن عليّ: سمَّ ابنك أحمد.
فانصرفت من عنده وحججتُ, فسلّمني الله حتى وافيتُ جرجان في يوم الجمعة في أوّل النهار من شهر ربيع الآخر على ما ذكره, وجاءني أصحابي يهنّئونني, فوعدتهم أنّ الإمام وعدني أن يوافيكم في آخر هذا اليوم فتأهّبوا لما تحتاجون إليه, واغدوا في مسائلكم وحوائجكم كلّها.
فلمّا صلّوا الظهر والعصر اجتمعوا كلّهم في داري, فوالله ما شعرنا إلّا وقد وافانا أبو محمّد, فدخل إلينا ونحن مجتمعون, فسلّم هو أوّلاً علينا, فاستقبلناه وقبّلنا يده, ثم قال: إنّي كنت وعدتُ جعفر بن الشريف أن أوافيكم في آخر هذا اليوم, فصلّيت الظهر والعصر بسُرّ مَنْ رأى, وصرتُ إليكم لأُجدّد بكم عهدًا, وها أنا قد جئت الآن, فاجمعوا مسائلكم وحوائجكم كلّها.
فأوّل من ابتدأ المسألة النضر بن جابر, قال: يا بن رسول الله إنّ ابني جابراً اُصيب ببصره منذ شهر فادعُ الله أن يردّ إليه عينيه, قال: فهاته, فمسح بيده على عينيه فعاد بصيرًا, ثمّ تقدّم رجلٌ فرجل يسألونه حوائجهم وأجابهم إلى كلّ ما سألوه حتى قضى حوائج الجميع, ودعا لهم بخير, فانصرف من يومه ذلك.
ومدينة جرجان من المدن التي نبغ منها عددٌ كبييرٌ من علماء العلم والفقه والدين والفلسفة والفلك وكانت قديماً تُسمّى (أسترآباذ) أو (أسترآباد) -إحدى المدن الشهيرة في إيران- وتقع في شمالي إيران حالياً، وكانت جرجان مركز منطقة استرآباد. وإليها ينتسب الشريف الجرجاني والميرداماد الحسيني الفيلسوف والمير فندرسكي كذلك والأمين الأسترآبادي.
والإمام العسكري (عليه السلام)، هو أبو محمد الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
ولد في المدينة المنورة يوم 8 ربيع الثاني 232 هـ، وقيل 10 ربيع الثاني وهو الأغلب لدى جمهور العلماء.
انتقل الحسن العسكري (عليه السلام) مع أبيه الإمام علي الهادي (عليه السلام) إلى سامراء بعد أن استدعاه الخليفة المتوكل العباسي إليها. وعاش مع أبيه في سامراء 20 سنة حيث استلم بعدها الإمامة وله من العمر 22 سنة. وذلك بعد وفاة أبيه سنة 254 هـ. ووفقاً لروايات الشيعة استمرت إمامته إلى سنة 260 هـ، أي ست سنوات. عايش خلالها ضعف السلطة العباسية وسيطرة الأتراك على مقاليد الحكم وهذا الأمر لم يمنع من تزايد سياسة الضغط العباسي بحقه حيث تردد إلى سجونهم عدّة مرات وخضع للرقابة المشدّدة وأخيراً محاولة البطش به بعيداً عن أعين الناس والتي باءت بالفشل.
وبالرغم من كل ذلك فإن الحسن العسكري (عليه السلام) استطاع أن يجهض كل هذه المحاولات مما أكسبه احتراماً خاصاً لدى أتباع السلطة بحيث كانوا يتحولون من خلال قربهم له إلى أناس ثقات وموالين وحرصاء على سلامته. بل استطاع أن يفرض احترامه على الجميع مثل عبيد الله بن يحيى بن خاقان الوزير العباسي الذي ينسب إليه أنه قال بحقه: “لو زالت الخلافة عن بني العباس ما استحقها أحد من بني هاشم غيره لفضله وعفافه وهديه وصيانة نفسه وزهده وعبادته وجميل أخلاقه وصلاحه”.
أراد الإمام الحسن العسكري من خلال مواقفه الحذرة المحترسة في علاقته بالحكم أن يفوّت على الحكم العباسي مخططه القاضي بدمج أئمة أهل البيت وصهرهم في بوتقة الجهاز الحاكم وإخضاعهم للمراقبة الدائمة والإقامة الجبرية التي تهدف إلى عزلهم عن قواعدهم ومواليهم. فكان العسكري كوالده مكرهاً على مواصلة السلطة من خلال الحضور إلى بلاط الخليفة كل يوم اثنين وخميس. وقد استغل الحسن العسكري هذه السياسة لإيهام السلطة بعدم الخروج على سياستها. ليدفع عن أصحابه الضغط والملاحقات التي كانوا يتعرضون لها من قبل الدولة العباسية.
ولكن من دون أن يعطي السلطة الغطاء الشرعي الذي يكرّس شرعيتها ويبرّر سياستها، كما يظهر ذلك واضحاً من خلال موقفه من ثورة الزنج التي اندلعت نتيجة ظلم السلطة وانغماسها في حياة الترف. وبفعل الفقر الشديد في أوساط الطبقات المستضعفة، وكانت بزعامة رجل ادّعى الانتساب إلى أهل البيت، وقد أربكت هذه الثورة السلطة وكلفتها الكثير من الجهد للقضاء عليها، فكان موقفه تجاه هذه الثورة موقف الرفض ولكنه اثر السكوت وعدم إدانة تصرفاتها لكي لا تعتبر الإدانة تأييداً ضمنياً للدولة.
وفعلاً انشغلت السلطة عن مراقبته بإخماد ثورة الزنج. مما سمح له أن يمارس دوره الرسالي التوجيهي والإرشادي. فكان يشجع أصحابه على إصدار الكتب والرسائل بالموضوعات الدينية الحيوية، وكان يطلّع عليها وينقحها. كما تصدى للرد على كتب المشككين وإبطالها. ويُروى أنه اتصل بالفيلسوف الكندي الذي شرع بكتابة كتاب حول متناقضات القرآن. فأقنعه بخطأه. مما جعل الكندي يحرق الكتاب ويتوب.
وعمل على إمداد وتدعيم قواعده ومواليه بكل مقومات الصمود والوعي فكان يمدّهم بالمال اللازم لحل مشاكلهم، ويتتبع أخبارهم وأحوالهم النفسية والاجتماعية، ويزودهم بالتوجيهات والإرشادات الضرورية مما أدّى إلى تماسكهم والتفافهم حول نهج أهل البيت والتماسهم كافة الطرق للاتصال به رغم الرقابة الصارمة التي أحاطت به من قبل السلطة، ويُروى أن محمد بن علي السمري كان يحمل الرسائل والأسئلة والأموال في جرّة السمن بصفته بائعاً ويدخل بها على الحسن ليرجع بالأجوبة والتوجيهات وبذلك استطاع الحسن أن يكسر الطوق العباسي من حوله ويوصل أطروحة الإسلام الأصيل إلى قواعده الشعبية ويجهض محاولات السلطة ويسقط أهدافها.
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
امتاز الأئمّة المعصومون (عليهم السلام) بارتباطٍ خاصٍّ بالله تعالى وعالَم الغيب بسبَبِ مقامِ العصمة والإمامة، ولَهُم معاجزُ وكرامَاتٌ تؤيِّد ارتباطهم بالله تعالى لكونِهم أئمّة، وللإمام الحسن العسكريّ (سلام الله عليه) معاجزُ وكراماتٌ كثيرةٌ سجَّلَتْها كتبُ التاريخ، ففي مثل هذا اليوم -الثالث من ربيع الآخر- كانت مدينةُ (جُرجان) الإيرانيّة التي تقع بين (شاهرود) و (بندر شاه) وتطلّ على بحر قزوين على موعدٍ معه، ووفاءً لما وعد به الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) أحد أصحابه، وإظهارًا لمعجزاته وكراماته، فقد حضر الإمام إلى جرجان من سامراء بطيّ الأرض.
وعن جعفر بن الشريف الجرجاني قال: حججتُ سنةً فدخلت على أبي محمّد بسُرّ مَنْ رأى, وقد كان أصحابنا حملوا معي شيئًا من المال, فأردت أن أسأل إلى من أدفعه؟ فقال قبل أن أقول ذلك: ادفع ما معك إلى المبارك خادمي.
قال: ففعلت وخرجت، وقلت: إنّ شيعتك بجرجان يُقرئونك السلام، قال: أو لست منصرفًا بعد فراغك من الحجّ؟ قلت: بلى, قال: فإنّك تصير إلى جرجان من يومك هذا إلى مائة وسبعين يومًا، وتدخلها يوم الجمعة لثلاث ليالٍ يمضين من ربيع الآخر في أوّل النهار, فأعلمهم أنّي أوافيهم في ذلك اليوم في آخر النهار, وامضِ راشدًا فإنّ الله سيسلّمك ويسلّم ما معك, فتقدّم على أهلك وولدك ويولد لولدك الشريف ابنٌ فسمِّه الصلت بن الشريف بن جعفر بن الشريف, وسيبلّغ الله به ويكون من أوليائنا.
فقلت: يا بن رسول الله إنّ إبراهيم بن إسماعيل الجرجاني هو من شيعتك وكثير المعروف إلى أوليائك، يخرج إليهم في السنة من ماله أكثر من مائة ألف درهم, وهو أحد المتقلّبين في نعم الله بجرجان, فقال: شكر الله لأبي إسحاق إبراهيم بن إسماعيل صنيعه إلى شيعتنا, وغفر له ذنوبه, ورزقه ذكرًا سويّاً قائلاً بالحقّ, فقل له: يقول لك الحسن بن عليّ: سمَّ ابنك أحمد.
فانصرفت من عنده وحججتُ, فسلّمني الله حتى وافيتُ جرجان في يوم الجمعة في أوّل النهار من شهر ربيع الآخر على ما ذكره, وجاءني أصحابي يهنّئونني, فوعدتهم أنّ الإمام وعدني أن يوافيكم في آخر هذا اليوم فتأهّبوا لما تحتاجون إليه, واغدوا في مسائلكم وحوائجكم كلّها.
فلمّا صلّوا الظهر والعصر اجتمعوا كلّهم في داري, فوالله ما شعرنا إلّا وقد وافانا أبو محمّد, فدخل إلينا ونحن مجتمعون, فسلّم هو أوّلاً علينا, فاستقبلناه وقبّلنا يده, ثم قال: إنّي كنت وعدتُ جعفر بن الشريف أن أوافيكم في آخر هذا اليوم, فصلّيت الظهر والعصر بسُرّ مَنْ رأى, وصرتُ إليكم لأُجدّد بكم عهدًا, وها أنا قد جئت الآن, فاجمعوا مسائلكم وحوائجكم كلّها.
فأوّل من ابتدأ المسألة النضر بن جابر, قال: يا بن رسول الله إنّ ابني جابراً اُصيب ببصره منذ شهر فادعُ الله أن يردّ إليه عينيه, قال: فهاته, فمسح بيده على عينيه فعاد بصيرًا, ثمّ تقدّم رجلٌ فرجل يسألونه حوائجهم وأجابهم إلى كلّ ما سألوه حتى قضى حوائج الجميع, ودعا لهم بخير, فانصرف من يومه ذلك.
ومدينة جرجان من المدن التي نبغ منها عددٌ كبييرٌ من علماء العلم والفقه والدين والفلسفة والفلك وكانت قديماً تُسمّى (أسترآباذ) أو (أسترآباد) -إحدى المدن الشهيرة في إيران- وتقع في شمالي إيران حالياً، وكانت جرجان مركز منطقة استرآباد. وإليها ينتسب الشريف الجرجاني والميرداماد الحسيني الفيلسوف والمير فندرسكي كذلك والأمين الأسترآبادي.
والإمام العسكري (عليه السلام)، هو أبو محمد الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
ولد في المدينة المنورة يوم 8 ربيع الثاني 232 هـ، وقيل 10 ربيع الثاني وهو الأغلب لدى جمهور العلماء.
انتقل الحسن العسكري (عليه السلام) مع أبيه الإمام علي الهادي (عليه السلام) إلى سامراء بعد أن استدعاه الخليفة المتوكل العباسي إليها. وعاش مع أبيه في سامراء 20 سنة حيث استلم بعدها الإمامة وله من العمر 22 سنة. وذلك بعد وفاة أبيه سنة 254 هـ. ووفقاً لروايات الشيعة استمرت إمامته إلى سنة 260 هـ، أي ست سنوات. عايش خلالها ضعف السلطة العباسية وسيطرة الأتراك على مقاليد الحكم وهذا الأمر لم يمنع من تزايد سياسة الضغط العباسي بحقه حيث تردد إلى سجونهم عدّة مرات وخضع للرقابة المشدّدة وأخيراً محاولة البطش به بعيداً عن أعين الناس والتي باءت بالفشل.
وبالرغم من كل ذلك فإن الحسن العسكري (عليه السلام) استطاع أن يجهض كل هذه المحاولات مما أكسبه احتراماً خاصاً لدى أتباع السلطة بحيث كانوا يتحولون من خلال قربهم له إلى أناس ثقات وموالين وحرصاء على سلامته. بل استطاع أن يفرض احترامه على الجميع مثل عبيد الله بن يحيى بن خاقان الوزير العباسي الذي ينسب إليه أنه قال بحقه: “لو زالت الخلافة عن بني العباس ما استحقها أحد من بني هاشم غيره لفضله وعفافه وهديه وصيانة نفسه وزهده وعبادته وجميل أخلاقه وصلاحه”.
أراد الإمام الحسن العسكري من خلال مواقفه الحذرة المحترسة في علاقته بالحكم أن يفوّت على الحكم العباسي مخططه القاضي بدمج أئمة أهل البيت وصهرهم في بوتقة الجهاز الحاكم وإخضاعهم للمراقبة الدائمة والإقامة الجبرية التي تهدف إلى عزلهم عن قواعدهم ومواليهم. فكان العسكري كوالده مكرهاً على مواصلة السلطة من خلال الحضور إلى بلاط الخليفة كل يوم اثنين وخميس. وقد استغل الحسن العسكري هذه السياسة لإيهام السلطة بعدم الخروج على سياستها. ليدفع عن أصحابه الضغط والملاحقات التي كانوا يتعرضون لها من قبل الدولة العباسية.
ولكن من دون أن يعطي السلطة الغطاء الشرعي الذي يكرّس شرعيتها ويبرّر سياستها، كما يظهر ذلك واضحاً من خلال موقفه من ثورة الزنج التي اندلعت نتيجة ظلم السلطة وانغماسها في حياة الترف. وبفعل الفقر الشديد في أوساط الطبقات المستضعفة، وكانت بزعامة رجل ادّعى الانتساب إلى أهل البيت، وقد أربكت هذه الثورة السلطة وكلفتها الكثير من الجهد للقضاء عليها، فكان موقفه تجاه هذه الثورة موقف الرفض ولكنه اثر السكوت وعدم إدانة تصرفاتها لكي لا تعتبر الإدانة تأييداً ضمنياً للدولة.
وفعلاً انشغلت السلطة عن مراقبته بإخماد ثورة الزنج. مما سمح له أن يمارس دوره الرسالي التوجيهي والإرشادي. فكان يشجع أصحابه على إصدار الكتب والرسائل بالموضوعات الدينية الحيوية، وكان يطلّع عليها وينقحها. كما تصدى للرد على كتب المشككين وإبطالها. ويُروى أنه اتصل بالفيلسوف الكندي الذي شرع بكتابة كتاب حول متناقضات القرآن. فأقنعه بخطأه. مما جعل الكندي يحرق الكتاب ويتوب.
وعمل على إمداد وتدعيم قواعده ومواليه بكل مقومات الصمود والوعي فكان يمدّهم بالمال اللازم لحل مشاكلهم، ويتتبع أخبارهم وأحوالهم النفسية والاجتماعية، ويزودهم بالتوجيهات والإرشادات الضرورية مما أدّى إلى تماسكهم والتفافهم حول نهج أهل البيت والتماسهم كافة الطرق للاتصال به رغم الرقابة الصارمة التي أحاطت به من قبل السلطة، ويُروى أن محمد بن علي السمري كان يحمل الرسائل والأسئلة والأموال في جرّة السمن بصفته بائعاً ويدخل بها على الحسن ليرجع بالأجوبة والتوجيهات وبذلك استطاع الحسن أن يكسر الطوق العباسي من حوله ويوصل أطروحة الإسلام الأصيل إلى قواعده الشعبية ويجهض محاولات السلطة ويسقط أهدافها.